مسودة قانون لتجنيد الحريديم في الجيش يثير الجدل بإسرائيل (اخر مشاركة : الباسل - عددالردود : 0 - عددالزوار : 7 )           »          الفريق أول ركن شمس الدين الكباشي - عضو مجلس السيادة الانتقالي في السودان (اخر مشاركة : الباسل - عددالردود : 1 - عددالزوار : 15 )           »          مقال في "نيويورك تايمز": ترامب فوق القانون (اخر مشاركة : الباسل - عددالردود : 0 - عددالزوار : 12 )           »          الجنرال محمد إدريس ديبي - رئيس المجلس الانتقالي في تشاد (اخر مشاركة : الباسل - عددالردود : 5 - عددالزوار : 2407 )           »          الجيش الأحمر.. قصة منظمة زرعت الرعب في ألمانيا واغتالت شخصيات هامة (اخر مشاركة : الباسل - عددالردود : 0 - عددالزوار : 25 )           »          البنتاغون: إسرائيل ستشارك في تأمين الميناء المؤقت بغزة (اخر مشاركة : الباسل - عددالردود : 0 - عددالزوار : 28 )           »          جرائم الحرب (اخر مشاركة : الباسل - عددالردود : 0 - عددالزوار : 44 )           »          جرائم ضد الإنسانية (اخر مشاركة : الباسل - عددالردود : 0 - عددالزوار : 39 )           »          التطهير العرقي (اخر مشاركة : الباسل - عددالردود : 0 - عددالزوار : 39 )           »          تنظيم الدولة يتبنى هجوم موسكو وسط إدانات دولية ونفي أوكراني بالضلوع فيه (اخر مشاركة : الباسل - عددالردود : 2 - عددالزوار : 63 )           »          احتكاك عسكري بين روسيا وأميركا في القطب الشمالي (اخر مشاركة : الباسل - عددالردود : 0 - عددالزوار : 52 )           »          صحيفة روسية: الناتو مستعد للحرب ضد روسيا منذ 10 سنوات (اخر مشاركة : الباسل - عددالردود : 0 - عددالزوار : 44 )           »          ولاية ألاسكا.. تنازلت عنها الإمبراطورية الروسية واشترتها أميركا (اخر مشاركة : الباسل - عددالردود : 5 - عددالزوار : 60 )           »          حزب الله يستهدف موقع رادار ومنصتين للقبة الحديدية الإسرائيلية (اخر مشاركة : الباسل - عددالردود : 0 - عددالزوار : 48 )           »          بعد عامين من إنشائه.. ما هو حال قراصنة "جيش أوكرانيا الإلكتروني"؟ (اخر مشاركة : الباسل - عددالردود : 0 - عددالزوار : 44 )           »         



 
العودة   ..[ البســـالة ].. > جـناح التــاريخ العسكــري و القيادة > قسم المعارك والغزوات والفتوحات الإسلامية
التعليمـــات قائمة الأعضاء وسام التقويم البحث مشاركات اليوم اجعل كافة الأقسام مقروءة
 


معركة بلاط الشهداء

قسم المعارك والغزوات والفتوحات الإسلامية


إضافة رد
 
أدوات الموضوع

قديم 03-07-09, 06:41 PM

  رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
الباسل
المديــر العـــام

الصورة الرمزية الباسل

إحصائية العضو





الباسل غير متواجد حالياً

رسالتي للجميع

افتراضي معركة بلاط الشهداء



 

بلاط الشهداء.. انكسار الشوكة الإسلامية على عتبات باريس


نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

في رمضان من العام 114 هـ حدثت معركة بلاط الشهداء بين جيش الأندلس الإسلامي وجيش أوروبي، بعد أن أصبح جيش المسلمين على مقربة من العاصمة الحالية لفرنسا باريس، وبلغ أحد أكثر المواقع توغلا في عمق الأراضي الأوروبية.
إنها معركة حاسمة غيرت وجه التاريخ الإسلامي، قادها عبد الرحمن الغافقي وهو من أشجع التابعين، فقد اتجه إلى فرنسا مع أضخم جيش يخرج تحت لواء الإسلام نحو قلب القارة الأوروبية، فاهتزت القارة للنصر الذي حققه المسلمون وإخضاعهم لنصف فرنسا الجنوبي خلال بضعة أشهر، فنادى القائد العسكري شارل مارتل إلى التأهب للوقوف في وجه الهول القادم من الشرق، واستجابت أوروبا لدعوة الداعي فخرج الأوروبيون في جيش عظيم، وبعد بضعة أيام من الحرب كانت الغلبة من نصيبهم، مما وضع حدا للمد الإسلامي في أوروبا.[1]
يعتبر كثير من المؤرخين الأوروبيين أن هذه المعركة أنقذت الوجود المسيحي في القارة الأوروبية، ولولاها لكانت علوم القرآن والحديث تدرّس في جامعات العواصم الأوروبية حاليا، ذلك أن انتصار المسلمين فيها كان سيفتح أمامهم الطريق نحو القسم الشمالي من القارة، بينما أطلقت المصادر الإسلامية على هذه المعركة اسم "بلاط الشهداء" لكثرة من سقطوا فيها من قتلى الجيش الإسلامي، يتقدّمهم القائد عبد الرحمن الغافقي.
ويربط البعض بين هذه المعركة وبين وصية منسوبة إلى الخليفة عثمان بن عفان وجهها إلى من كلفهم بالتوجه بفتوحاتهم نحو الغرب، تقول إن القسطنطينية تفتح من قبل الأندلس، وإنكم إن فتحتم ما أنتم بسبيله، فأنتم شركاء لمن يفتح القسطنطينية في الأجر.

ألاعيب السياسة بالدين.. أهواء اليمين الفرنسي
دارت المعركة الحاسمة بين نهاية شعبان وبداية رمضان 114 هـ، وبين شهري أكتوبر/تشرين الأول ونوفمبر/تشرين الثاني 732 م. ويقر المؤرخون الغربيون بشح المعطيات الموثوقة لديهم حول هذه المعركة، ويعودون في بحوثهم حولها إلى المصادر العربية
ولا تزال الساحة التي دارت فيها معركة بلاط الشهداء معلما تاريخيا يزوره الفرنسيون والسياح للاطلاع على فصول مما جرى فيها عام 732 للميلاد، وتجمع هذه الساحة بين معالم وآثار تدل على بعض الحقائق، ومنطلقات أخرى للتساؤل والاستفهام حول الجوانب الغامضة.
الطابع الديني لمعركة بلاط الشهداء باعتبارها دارت بين جيش المسلمين وجيش المسيحيين ليس محط إجماع، بل هناك دراسات متواترة تؤكد الطابع السياسي للمعركة أكثر مما تضفي عليها صبغة دينية، فالموروث التاريخي الذي تراكم على مدى قرون لم يعتبر المعركة نصرا دينيا للمسيحية على الإسلام، حيث لم تبدأ هذه الفكرة في البروز إلا في القرن الـ19 من الميلاد، وجرى تبنيها فعليا مع أطروحة الأمريكي "صامويل هانتنغتون" التي صدرت في تسعينيات القرن العشرين حول صدام الحضارات، ولاقت هوى في نفوس التيارات اليمينية الأوروبية.
نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

مدينة بواتييه موقع معركة بلاط الشهداء مزار للسياح الأوروبيين

ويعزز المشككون في الطابع الديني للمعركة موقفهم بطبيعة شخصية شارل مارتل الذي لم تكن تربطه صلة طيبة بالكنيسة وباباواتها، بل كان بالنسبة للبعض أحد ناهبي الكنيسة وسراق ممتلكاتها.
وبينما يبالغ الفرنسيون في تعظيم شأن المعركة مقدمين أنفسهم بمثابة منقذي المسيحية في أوروبا وسبب توقف الزحف الإسلامي عليها، ينبّه باحثون أمثال المؤرخ السوري شاكر مصطفى، إلى أن الذي أوقف الفتح الإسلامي لم يكن الفرنجة، بل الحشد المسيحي الذي وحّد روما وباريس وغيرها من العواصم الأوروبية.
ويتساءل البعض عن سر البزوغ المفاجئ لمعركة بلاط الشهداء في المصادر الغربية، حيث كانت إلى غاية القرن الـ19 حدثا شبه مجهول لدى المؤرخين والباحثين، ويزداد التساؤل دلالة حين يربطه البعض باحتمال استعانة الفرنسيين بهذه المعركة التي "انتصروا" فيها، لإخفاء آثار معركة أخرى جرت غير بعيد عن "بواتيي" وهزموا فيها بشكل مذل أمام الإنجليز عام 1356 للميلاد، وذلك في إطار الحرب المعروفة باسم "حرب المائة سنة".
نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

عبد الرحمن الغافقي قائد معركة بلاط الشهداء وشهيدها

عبد الرحمن الغافقي.. رحلة الجهاد من دمشق إلى الأندلس
تتحدث المصادر التاريخية عن أصول قائد هذه المعركة عبد الرحمن الغافقي، باعتباره يمنيّا من قبيلة عك، وأنه دخل المدينة المنورة وأخذ الحديث عن عبد الله بن عمر، والتقى بجيل التابعين الذين يعتبر واحدا منهم، لكن شخصيته انطبعت بقدر كبير من الحكمة والزهد والورع، إلى جانب حزمة من خصال الشجاعة والبطولة والجرأة والقتال في الصفوف الأمامية وطلب الشهادة، كما اكتسب خبرة ومعرفة عسكرية استراتيجية، من خلال تتبعه لأخبار الحملات العسكرية لعهد الرسول ﷺ والصحابة الأولين.
ويقال إن اسم الغافقي جاء نسبة إلى غافق، وهي قبيلة من الأزد، وموطنها الأصلي مدينة اللُّحية الساحلية الواقعة شمالي مدينة الحُديدة من أرض اليمن. وهي أيضا -أي غافق- بطن من عك، القبيلة الباسلة المشهورة، ولذلك نسب إليها.
انتقل الغافقي إلى دمشق في عهد الخليفة سليمان بن عبد الملك، وسرعان ما تقلد المراتب العليا بها، لكن تعطشه للجهاد حمله إلى الأندلس، حيث لفت الأنظار لحنكته العسكرية، فأسندت إليه مراكز قيادية.
نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

بعد فتح أكثر من نصف فرنسا، توجه الغافقي نحو بواتييه حيث معركة بلاط الشهداء

هزيمة تولوز.. قائد جديد بإجماع الجند
قام الخليفة عمر بن عبد العزيز بتعيين السمح بن مالك الخولاني واليا على الأندلس، وفصل هذا الإقليم الحيوي عن ولاية إفريقية ليجعله تحت إمرته المباشرة في دمشق، ونقل الخولاني العاصمة من إشبيلية إلى قرطبة، ولما بحث عن قائد عسكري وجد هناك إجماعا على عبد الرحمن الغافقي، كما يشرح الأكاديمي المغربي المتخصص، المقرئ الإدريسي أبو زيد.
اصطحب والي الأندلس عبد الرحمن الغافقي في حملته العسكرية على فرنسا، وهناك سطع نجمه بقوة عندما انهزم المسلمون في تولوز وتمكن من جمع شتاتهم وإعادة تنظيم صفوفهم، وتميّز الغافقي باعتماده تكتيك التراجع بدل المواجهة حين يبدو له الخصم متفوقا بشكل كبير من الناحية العسكرية، وهو ما يندرج ضمن التخطيط العسكري الاستراتيجي، وعندما استشهد الوالي السمح بن مالك الخولاني قرب تولوز اختاره الجند قائدا لهم وأقره الخليفة، ليحكم الأندلس مدة شهرين أعاد فيها الاستقرار والتماسك إلى جيشها، ولم يمنعه ذلك من قبول عزله وعمل بإخلاص تحت إمرة سبعة ولاة تعاقبوا على الأندلس بعد ذلك، قبل أن يعيّن من جديد وبشكل دائم هذه المرة، واليا على الاندلس.
فقد اتجه جيش المسلمين نحو قلب أوروبا للمرة الأولى في الفترة ما بين 719-721 م، بقيادة والي الأندلس السمح بن مالك الخولاني، ويشير ابن الفرضي في كتابه "تاريخ العلماء والرواة بالأندلس" إلى أنَّ الخولاني استولى على أربونة ثم مضى متقدما حتى وصل إلى مدينة طولوشة (تولوز)، وهي المعركة التي استشهد فيها، وتوقفت الحملة على إثر استشهاده.
نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

الحملة التي قادها عنبسة بن سحيم الكلبي في 724م و725م أدت إلى فتح بلاد الغالة (فرنسا)

حصن لودون.. إصابة قائد الحملة على عتبات باريس
بحسب كتاب "من معارك المسلمين في رمضان" لعبد العزيز العبيدي فإنه وبعد وفاة الخولاني عاد أمل المسلمين في مواصلة فتح بلاد الغالة (فرنسا) من جديد، وذلك عبر حملة جديدة قادها عنبسة بن سحيم الكلبي في سنتي 724-725 م (107 هـ)، حين عبر بجيوشه جبال البرانس، وواصل سيره مستغلا عدم اعتراض أي مقاومة لطريقه، حتى أدرك نهر السين الفرنسي الشهير.
واصل المسلمون تقدمهم حتى وصلوا إلى مدينة ليون التي يسميها العرب حصن لودون، لتقف الجيوش على بُعد ثلاثين كيلومترا فقط من باريس جنوبا، وعلى بعد نحو 300 كيلومتر شمال جبال البرانس، وهناك أصيب عنبسة بن سحيم بجروح كانت سبب وفاته أثناء الحملة، لتكون النقطة التي وطأتها خيول جيشه هي آخر ما وصل إليه المسلمون في فرنسا.[12]
بعد توالي تعيين الولاة في الأندلس، لم يجد الخليفة الأموي هشام بن عبد الملك خيارا أفضل من عبد الرحمن الغافقي لإعادة الأندلس إلى استقرارها الذي افتقدته لبضعة أعوام، وذلك لما اجتمع فيه من خصال الصرامة واللين في الوقت نفسه، مما جعله محط إجماع، فكان رجل جهاد وقتال، ورجل حضارة وإعمار في الوقت نفسه، حيث بنى المساجد والطرق والجسور، كما أفلح في تخفيف التوتر بين القبائل القيسية وتلك اليمنية، وأدخل الأندلس عهدا جديدا من تاريخها توحدت فيه كلمة العرب بقيسيهم ويمنيهم والأمازيغ المغاربيين.


سقوط الجنوب.. فزع زعماء أوروبا من الزحف الإسلامي
بعد توحيده للصفوف داخليا، راح عبد الرحمن الغافقي يحضّر لغزو فرنسا لما يربو عن العامين، حيث دعا جموع المقاتلين من مختلف أنحاء الخلافة الإسلامية فقدموا عليه في قرطبة، فجمع أعظم جيش إسلامي على الإطلاق يوجه نحو بلاد الغال، فرنسا حاليا.
انطلق الزحف أوائل العام 113 هـ، حيث اتجه الجيش الإسلامي شمالا وعبر جبال البرانس الواقعة في الحدود الحالية بين فرنسا وإسبانيا، وسرعان ما افتتح الحصاد الإسلامي بالاستيلاء على مدن آرل في الساحل الجنوبي لفرنسا ثم ليون ثم بيزنسون، ليكتمل فتح الشطر الجنوبي من فرنسا بدخول مدينة سانس، ومنها انعطف غربا نحو مدينة بواتيي التي ستدور فيها معركة بلاط الشهداء.
كان النصف الجنوبي من فرنسا عبارة عن مجموعة من المقاطعات أو "الدوقيات"، وكانت مدينة بواتيي تقع في مقاطعة أكيتين، كما يشرح أستاذ التاريخ المغربي محمد المغراوي، فقام حاكمها أود بالاستنجاد بالفرنجة لصد الهجوم الإسلامي، وتحديدا رئيس بلاطها والمتحكم في أمورها لكونه كان الأقرب الى الملك شارل الذي صار يلقب باسم مارتل (المطرقة)، بعد تمكنه من وقف الزحف الإسلامي.
اجتمعت لشارل مارتل جموع غفيرة من المقاتلين، لسمعته العسكرية وثقة الفرنسيين الكبيرة به، كما كانت أوروبا وزعماؤها المسيحيون قد فزعوا من الزحف الإسلامي المتواصل، وأرسلوا صيحات صليبية تدعو للحشد والقتال، ليصل تعداد القوات المسيحية إلى حوالي 400 ألف مقاتل بتمويل ودعم من بابا الفاتيكان والكنائس الأوروبية، وهوما دفع الغافقي إلى القيام بتراجع تكتيكي بنحو 200 كيلومتر إلى الجنوب من باريس، في منطقة بلاط الشهداء.
نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

أوروبا تخلد ذكر شارل مارتل قائد جيش الفرنجة الذي انتصر على المسلمين في معركة بلاط الشهداء

ضعف الاستخبارات وطول المعركة.. مفاجأة الشمال الأوروبي
يسجّل الأكاديمي المغربي المقرئ الإدريسي أبو زيد نقطة ضعف في استراتيجية عبد الرحمن الغافقي، تتمثل برأيه في الضعف الاستخباراتي الذي أدى إلى سوء تقدير عدد وعدة جيش شارل مارتل. بينما يؤكد أكاديمي آخر -هو زين العابدين الحسيني- أن مارتل كان يتمتع في المقابل بقوة استخباراتية تجعله على اطلاع دائم بتفاصيل الجيش الإسلامي.
كان اختلال ميزان القوى باديا منذ البداية، فقد كان الجيش الإسلامي منهكا بالمعارك التي خاضها طيلة رحلته التي بدأت من أقصى الجنوب الفرنسي، كما كان مثقلا بالغنائم التي تشغل بال الجند وتلزمهم بحمايتها، بينما كان جيش شارل مارتل على أهبة القتال، معززا صفوفه بمقاتلي قبائل الفايكينغ الشرسين القادمين من الشمال الأوروبي، كما كانت أرض المعركة المنبسطة والمفتوحة، في غير مصلحة جيش المسلمين الصغير عدديا مقارنة بجيش الفرنسيين.
دامت المعركة ما بين 7 إلى 10 أيام، حيث تختلف تقديرات المصادر، وهو ما يفوق طاقة ونمط القتال لدى الجيش الإسلامي بقيادات يمنية في الغالب، حيث كانت العادة أن تحسم المعارك بشكل سريع إما نصرا أو هزيمة، وكان الجيش المسلم متقدما في الأيام الثلاثة الأولى من المعركة، لكن عدده وعدته لم يسمحا له بمواصلة الصمود.
وسرعان ما اكتشف الفرنسيون ثغرة في صفوف الجيش الإسلامي، تتمثل في كون جزء من مقاتليه -خاصة منهم الأمازيغ- كانوا يصطحبون معهم زوجاتهم وأبناءهم، بناء على خطة الغافقي الذي كان يعتزم توطينهم في البلاد الفرنسية، فقاموا باستهداف مخيم المدنيين ومخازن الغنائم في خلفية الجيش الإسلامي، وهو ما باغت المسلمين وأدى إلى انسحاب بعضهم من مواقعهم لحماية أسرهم وغنائمهم، وأثناء انشغال الغافقي بمحاولة جمع الشتات وتوحيد الصفوف، أتاه سهم من جانب الأعداء أنهى حياته ومسيرته.
بعد مباغتتهم من طرف العدو من الجهة الخلفية واستشهاد قائدهم، بات الهم الأول لجيش المسلمين هو الانسحاب، وهو ما جرى تنفيذه ليلا، من خلال ترك خيامهم مضاءة والمغادرة بما استطاعوا حمله، تجنبا لحدوث مذبحة في حقهم، ليفاجأ جيش الفرنسيين في صباح اليوم الموالي بخلوّ معسكر المسلمين، واكتفوا بنهب مخلفاتهم دون ملاحقتهم، خشية أن يكون هناك كمين ينتظرهم من جانب المسلمين.
نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

كان ارتباط عثمان بن أبي نسعة أمير منطقة نفار بصهره الدوق الفرنجي أودو سببا في هزيمة المسلمين

بعد الدار وخيانة الأمراء.. عوامل الهزيمة
يفسّر المختصون هذه الهزيمة بمجموعة من العناصر، أهمها بعد القواعد الخلفية للجيش الإسلامي التي كانت لحظة المواجهة في بلاط الشهداء تبعد بأكثر من ألف كيلومتر، وبالتالي انقطعت خطوط الدعم والإمداد، إلى جانب الطبيعة المنبسطة لساحة المواجهة، والحشد الكبير الذي كان في انتظارهم فيها من جانب الأعداء، حيث كان حجم الجيش الفرنسي يعادل قرابة عشرة أضعاف نظيره الإسلامي، وزاد من صعوبة الأمر الفترة الماطرة والباردة التي جرت فيها المعركة وما نتج عنها من وحل، وهو ما لم يكن في صالح جيش الغافقي.
ويضيف المختصون عوامل أخرى مثل عدم تجانس الجيش الإسلامي، حيث كان فيه عنصران مختلفان وإن لم يكن بينهما أي خلاف أو شقاق، وهما العنصر العربي والعنصر الأمازيغي، وداخل المعسكر العربي كانت هناك حساسيات وخلافات، خاصة بين المكونين القيسي واليمنيـ وفي الوقت الذي يصر فيه بعض الكتاب الغربيون على أن الحرص على الغنائم هو سبب انهزام المسلمين، تأتي طريقة الانسحاب التي شهدت تخلي المقاتلين المسلمين عن غنائمهم لتدحض ذلك.
هناك عنصر إضافي للهزيمة يقدمه المختص المغربي المقرئ الإدريسي أبو زيد، وهو حدوث بعض الخيانات في صفوف الجيش الإسلامي، ويذكر كمثال لذلك شخصا اسمه عثمان بن أبي نسعة الذي صاهر الأمير أودو الذي كان حاكما للجنوب الفرنسي، وهو ما جعله يعمل لغير مصلحة الجيش الإسلامي. فقد كان عبد الرحمن الغافقي قد كتب إلى أبي نسعة بوصفه أميرا لمنطقة نفار، كي يشاغل العدو بمناوشات عسكرية، فردّ عليه يراجعه في أمره ويقول إنه يرتبط بعهد مع صهره الدوق أودو ولا يستطيع نقضه، وهو ما دفع الغافقي إلى إرسال كتيبة تعاقبه، ولم تتأخر في قتله.
نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

لكثرة الفتوحات، أصبحت الغنائم عائقا في حركة الجيش الإسلامي مما جعل ذلك سببا في خسارته المعركة

استراحة محارب.. حملات تثبيت موازين القوى
كانت آثار الهزيمة في بلاط الشهداء مهولة على المسلمين، وبقيت آثارها النفسية بالخصوص جاثمة على قلوبهم، كما كان لها انعكاس إيجابي كبير على المسيحية في أوروبا، وهو ما يفسّر الاحتفاء الغربي الكبير بهذا الحدث التاريخي.
ويؤكد المؤرخ الفرنسي "فيليب سيناك"، أن البعد العسكري للمعركة شكل سبب شهرتها ورسوخها في الأذهان الغربية، حيث كانت المعركة بداية لاهتمام الكنيسة بشخصية شارل مارتل، وأصبح البابا يراسله ويخاطبه عبارة "ابني العزيز".
رغم مقتل القائد الإسلامي الذي نظم أكبر حملة عسكرية في بلاد الفرنجة، وبالرغم من سقوط نحو 25 ألف قتيل آخر، فإن معركة بلاط الشهداء لم تكن المواجهة الأخيرة ولا منعطفا فوريا، حيث واجهت البلاد الفرنسية -حاليا- حملات جديدة بداية من العام 735 م، وبقي ميزان القوى مستقرا لسنوات أخرى، حيث لم تبدأ محاولات استرجاع الأراضي الأوروبية الخاضعة لحكم المسلمين إلا في عهد حفيد شارل مارتل، المعروف باسم شارلمان.

المصادر : الجزيرة نت -
يونس مسكين

 

 


 

الباسل

يتولى القادة العسكريون مهمة الدفاع عن الوطن ، ففي أوقات الحرب تقع على عاتقهم مسؤولية إحراز النصر المؤزر أو التسبب في الهزيمة ، وفي أوقات السلم يتحمّلون عبء إنجاز المهام العسكرية المختلفة ، ولذا يتعيّن على هؤلاء القادة تطوير الجوانب القيادية لديهم من خلال الانضباط والدراسة والتزوّد بالمعارف المختلفة بشكل منتظم ، واستغلال كافة الفرص المتاحة ، ولاسيما أن الحياة العسكرية اليومية حبلى بالفرص أمام القادة الذين يسعون لتطوير أنفسهم وتنمية مهاراتهم القيادية والفكرية

   

رد مع اقتباس

إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
معركة, الشهداء, بلاط

أدوات الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 02:32 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
 

شبكـة الوان الويب لخدمات المـواقع