مسودة قانون لتجنيد الحريديم في الجيش يثير الجدل بإسرائيل (اخر مشاركة : الباسل - عددالردود : 0 - عددالزوار : 16 )           »          الفريق أول ركن شمس الدين الكباشي - عضو مجلس السيادة الانتقالي في السودان (اخر مشاركة : الباسل - عددالردود : 1 - عددالزوار : 19 )           »          مقال في "نيويورك تايمز": ترامب فوق القانون (اخر مشاركة : الباسل - عددالردود : 0 - عددالزوار : 15 )           »          الجنرال محمد إدريس ديبي - رئيس المجلس الانتقالي في تشاد (اخر مشاركة : الباسل - عددالردود : 5 - عددالزوار : 2409 )           »          الجيش الأحمر.. قصة منظمة زرعت الرعب في ألمانيا واغتالت شخصيات هامة (اخر مشاركة : الباسل - عددالردود : 0 - عددالزوار : 25 )           »          البنتاغون: إسرائيل ستشارك في تأمين الميناء المؤقت بغزة (اخر مشاركة : الباسل - عددالردود : 0 - عددالزوار : 28 )           »          جرائم الحرب (اخر مشاركة : الباسل - عددالردود : 0 - عددالزوار : 45 )           »          جرائم ضد الإنسانية (اخر مشاركة : الباسل - عددالردود : 0 - عددالزوار : 40 )           »          التطهير العرقي (اخر مشاركة : الباسل - عددالردود : 0 - عددالزوار : 39 )           »          تنظيم الدولة يتبنى هجوم موسكو وسط إدانات دولية ونفي أوكراني بالضلوع فيه (اخر مشاركة : الباسل - عددالردود : 2 - عددالزوار : 63 )           »          احتكاك عسكري بين روسيا وأميركا في القطب الشمالي (اخر مشاركة : الباسل - عددالردود : 0 - عددالزوار : 52 )           »          صحيفة روسية: الناتو مستعد للحرب ضد روسيا منذ 10 سنوات (اخر مشاركة : الباسل - عددالردود : 0 - عددالزوار : 44 )           »          ولاية ألاسكا.. تنازلت عنها الإمبراطورية الروسية واشترتها أميركا (اخر مشاركة : الباسل - عددالردود : 5 - عددالزوار : 60 )           »          حزب الله يستهدف موقع رادار ومنصتين للقبة الحديدية الإسرائيلية (اخر مشاركة : الباسل - عددالردود : 0 - عددالزوار : 48 )           »          بعد عامين من إنشائه.. ما هو حال قراصنة "جيش أوكرانيا الإلكتروني"؟ (اخر مشاركة : الباسل - عددالردود : 0 - عددالزوار : 44 )           »         



 
العودة   ..[ البســـالة ].. > جـناح الدراســات والبـحوث والقانون > قســــــم الدراســـــات والتـقـاريــر
التعليمـــات قائمة الأعضاء وسام التقويم البحث مشاركات اليوم اجعل كافة الأقسام مقروءة
 


أسباب الانهيار المفاجئ للجيش العراقي

قســــــم الدراســـــات والتـقـاريــر


إضافة رد
 
أدوات الموضوع

قديم 25-02-09, 07:17 PM

  رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
البارزانى
Guest

إحصائية العضو



رسالتي للجميع

افتراضي أسباب الانهيار المفاجئ للجيش العراقي



 

أسباب الانهيار المفاجئ للجيش العراقي
نتيجة المواجهة العسكرية بين العراق والولايات المتحدة كانت معروفة سلفاً ولا تحتاج إلى إجهاد الذهن، لكن سرعة انهيار الدفاعات العراقية، وفرار القيادة والجيش وقوات النخبة "الحرس الجمهوري والحرس الخاص"، هي الأمر الذي يستحق التمعن واستخلاص العبر. ففي تاريخ الحروب المعاصرة شواهد مشابهة للانهيار السريع لدفاعات بعض الدول، لكن حجم الخسائر المنخفض في صفوف القوات الغازية هو المستغرب والمثير للتساؤلات، فعندما اجتاحت القوات الألمانية فرنسا - خلال شهر واحد - تكبدت خسائر فادحة في الرجال والعتاد، وعندما اجتاحت اسرائيل، لبنان عام 1982م لم تتمكن من ذلك إلا بعد أكثر من شهرين سقط خلالهما 600 قتيل إسرائيلي، مع الفارق الكبير بين مساحة لبنان ومساحة العراق وحجم القوات المدافعة عن لبنان مقارنة بحجم وسلاح الجيش العراقي. وفي رأيي أن لذلك التداعي أو الانهيار السريع أسباب عدة، ليست كلها عسكرية، من أهمها:

1- العوامل السياسية
خاض العراق الحرب وظهره إلى الحائط، فهو محاط بدول إما أنها تقاطعه سياسياً، أو في أفضل الظروف تتنصل من تهمة التعاون معه أو الدفاع عنه، كذلك أخفق العراق - منذ مغامرة غزو الكويت الفاشلة - في إغراء أي من القوى العالمية الفاعلة بالارتباط معه في حلف دفاعي قوي يحول دون تحرش الولايات المتحدة به، وجاءت هذه الحرب والدول العربية جميعاً في أسوأ الظروف السياسية من حيث القدرة على المناورة وممارسة الضغوط الدبلوماسية واستثمار علاقاتها الدولية للتأثير في مجريات الأمور، وهي الظروف المأسوية التي نتجت عن اجتياح العراق للكويت واضطرار دول المنطقة إلى الاستعانة بالولايات المتحدة لإخراجه منها، وما تلى ذلك من العجز العربي عن إخراج الولايات المتحدة من المنطقة، فإذا بالقواعد الأمريكية تنبت في الصحراء وعلى المرافئ واحد تلو الآخر في صمت وهدوء. أما النظام العالمي فقد أصبح ذا قطب أحادي مسيطر هو الولايات المتحدة، وليس هناك من يجرؤ (أو حتى يحدث نفسه خلسة بتحديها عسكرياً)، ولذلك دخل العراق الحرب وظهره إلى الحائط، ليس له نصير أو حليف، بل إن أصدق أصدقائه يطالبونه وينصحونه بالرضوخ لمطالب الولايات المتحدة التعسفية والانحناء للعاصفة والاستمرار في تقديم التنازلات السيادية واحداً تلو الآخر، عسى ولعل أن تخجل الولايات المتحدة من نفسها فتتراجع عن صلفها وغطرستها وتتركه وشأنه، ولكن هيهات أن يكون ذلك وإسرائيل موجودة لإذكاء نار الفتنة وحشد كل طاقاتها لدفع الولايات المتحدة إلى تحطيم العراق. كما كان النظام العراقي يعاني من قوة ونفوذ المعارضة الوطنية لنظام صدام حسين، تلك المعارضة التي احتضنتها الولايات المتحدة وعملت على تنظيمها وتمويلها وتمكينها من تكوين آليات الرأي العام العالمي والمنظمات الإنسانية ضد العراق، ومسخ صورة النظام والمبالغة في تصويره بأنه نظام استبدادي قمعي يرأسه دكتاتور دموي يتطلع العراقيون إلى التخلص منه، وأن الوقوف إلى جانبه جريمة أخلاقية في حق الإنسانية. إضافة إلى سجل العراق في استخدام الأسلحة المحرمة دولياً ضد إيران ثم ضد الأكراد، (وقد تم ذلك بمباركة الولايات المتحدة وعلمها)، ولكن عندما أرادت الولايات المتحدة إسقاط النظام اتخذت من هذه الجريمة التي تمت بتواطؤ منها، قميص عثمان للمطالبة بسقوط صدام حسين.
2- عوامل تتعلق بطبيعة النظام الحاكم
عندما وصل حزب البعث إلى الحكم في العراق عام 1968م أسس نظام حكم حزبي، لكن حملات التطهير المتتالية التي نفذها صدام حسين حولت النظام في المرحلة الأولى إلى نظام عشائري، تولى المناصب الرئيسة فيه أقارب صدام من منطقة تكريت، ثم لم يلبث النظام أن تحول بعد حملة تطهير جديدة إلى نظام عائلي يتولى مقاليد الأمور فيه أعضاء من عائلة صدام القريبة "إخوانه غير الأشقاء وأبناء عمومته".
ولما كبر أبناؤه، جعل صدام حكم العراق حكراً شخصياً على نفسه وأبنائه بمعاونة عدد محدود من المنفذين المخلصين الذين لا يخامره شك في ولائهم، والذين يعلم تماماً أنهم مجرد أفراد لا حول لهم ولا قوة، وأنه هو شخصياً مصدر قوتهم ونفوذهم، ولذلك فإن مصلحتهم تقتضي منهم الإخلاص له للبقاء في أماكنهم، وعدم إعطائه الفرصة للشك فيهم، وبدأ في تأهيل أبنائه لخلافته، وهو أمر أحدث بعض الانشقاقات حتى داخل أسرته القريبة، مما تطلب إبعاد من تحوم حوله الشكوك، وبذلك أضعف النظام نفسه بنفسه.
واقتضت متطلبات الأمن تفريغ الجهاز الحكومي من الكفاءات العراقية المؤهلة القادرة على تسيير أمور الدولة بشكل سليم، ولم يبق في الجهاز إلا المؤلفة جيوبهم والمتملقون المنافقون الذين لا هم لهم سوى إرضاء الرؤساء، ولا جرأة لهم على الإشارة إلى مواطن الخلل والخطأ، ولا غيرة لهم على مصالح العراق، فقويت شوكة صدام وبطانته، وأصبحت أفكاره وتوجيهاته أوامر مقدسة يتسابق الناس على تنفيذها لأنها السبيل الوحيد للترقي في الدرجات الوظيفية والحزبية التي يكافأ من يصل إليها بمستوى معيشي راقٍ وبنفوذ يمكنه من إهانة الآخرين وتسخريهم واستعبادهم بلا رقيب أو حسيب، وترتب على ذلك أن الشعب العراقي أجبر على نسيان مصالحه وتطلعاته وانشغل بتحقيق آمال ورغبات وأحلام القائد (الملهم) صدام حسين، وتحول صدام إلى كابوس سرى لكل مواطن مستضعف لا يعيش النعيم الذي تعيشه الطبقة المقربة، وما انطبق على الجهاز الحكومي انطبق على القوات المسلحة، إذ تم تفريغها من كل ضابط كفء مؤهل، من خلال التقارير الكيدية التي يسطرها ضعاف النفوس للبقاء في مراكزهم والتخلص من المنافسين.
ولذلك كانت معظم فئات الشعب العراقي وقومياته وطوائفه لا ترى لها مصلحة مباشرة في بقائه، فهو نظام تحتكر خبراته ومنافعه قلة محدودة من عائلة صدام وأقربائه وأعوانه، وهي ترى في رحيله فرصة أفضل في الحياة وفي المشاركة السياسية وفي توزيع أكثر عدلاً لثروات العراق، والتاريخ يذكرنا بأن طبيعة النظام عامل حاسم في تحديد موقف الشعوب من الغزاة؛ فعندما اجتاحت جيوش هتلر فرنسا كانت هناك مقاومة فرنسية سرية مخلصة، لأن كل مواطن فرنسي أحس أنه فقد جزءاً هاماً من كيانه وحريته، أما عندما غزت دول الحلفاء ألمانيا فإننا لم نر مقاومة ألمانية، بل أذعن الشعب الألماني بهدوء لمصيره وتعاون مع الغزاة لبناء ألمانيا جديدة، ووجدها أفضل بكثير من الرايخ المزعوم الذي لم يكن له يد ولا دور في تصريف شؤونه.
3- عوامل شعبية
كما ابتُلي العراق بنظام حكم تسلطي ظالم جهول، ابتلي أيضاً بمجموعة انتهازية وصولية من أبنائه الذين لديهم استعداد ودوافع شتى للتعاون مع أعداء العراق لإسقاط النظام دون حساب للعواقب، بعضهم ممن هجر العراق قبل عشرين عاماً - قبل بدء رحلة المعاناة والعذاب - وعاش في أحضان الولايات المتحدة، وتشبع بأفكارها، وارتبط مع غلاة اليمينيين المتطرفين بعلاقات عمل ومصالح، وعندما وصلوا إلى سدة الحكم في هذه الإدارة الأمريكية رأى الحملة على العراق فرصة للتغيير بالقوة والعودة إلى العراق في ظل الدبابات الأمريكية، والإفادة من علاقاته للحصول على منصب أو زعامة أو مزايا تجارية، على الرغم من أن بعضهم معروف بفساد الذمة المالية وصدرت بحقة أحكام قضائية، بل إن الولايات المتحدة علقت دعمها المالي له لفترات معينة لشكوكها في أوجه صرف المخصصات، ولكن الرغبة في الإطاحة بصدام تدعوها الآن إلى غض الطرف، بل والضغط من أجل إسقاط الأحكام القضائية الصادرة ضده. وبعضهم من كبار الرتب العسكرية الهاربة الموتورة، التي رأت في إسقاط النظام بحراب الأمريكيين فرصة للثأر والانتقام من الظلم الذي لحق بها، فقاموا بأدوار التحريض على الغزو والإرشاد إلى نقاط الضعف والاتصال بزملائهم في الداخل للترويج للتخلي عن النظام والدفاع عن العراق، بل إن هناك عراقيين جندوا كمرتزقة ودربوا في دول شرق أوروبا على يد القوات الخاصة الأمريكية - وفي المجر على وجه الخصوص - يؤهلون للعودة وتكوين نواة جيش العراق الحر. وهناك بعض الطوائف الدينية التي تعرضت لقمع النظام واضطهاده فآثرت سقوطه بيد الأجانب ووقفت مما يجري موقف المتفرج.
وهكذا عندما اندلعت هذه الحرب، كان أعداء العراق داخل حدوده أضعاف عدد أعدائه المتربصين به من الجنوب والشمال والسماء والماء، وكان ذلك التآكل في شعبية النظام والتفسخ الذي اعترى علاقته بمواطنيه أحد أسباب الانهيار السريع، الذي دفع عديداً من المدن للاستسلام طوعاً ودون مقاومة عندما تأكد لها أن النظام في بغداد فقد سيطرته وتراخت قبضته المحكمة عن الإمساك بخيوط القوة في العراق.
أما المواطن العراقي البسيط المغلوب على أمره، فإنه وبعد عشرين عاماً من الحياة في ظل الحروب المتعاقبة التي فقد فيها العراقيون حوالي المليون بين قتيل ومعوق ومفقود، وأصبحت بعدها كل أسرة في العراق تندب أباً أو أخاً أو ابناً؛ أقول إن هذا المواطن غير المسيس قد ضاق ذرعاً بهذا النظام المغامر وأصبح يتمنى زواله حتى ينقشع الحصار وتتوقف الحروب ويعود إلى ممارسة حياته الطبيعية، التي يرى جميع الشعوب المحيطة به تعيشها، فسقوط النظام يعني لحظة الخلاص من ضغوط ظالمة. ولذلك، فإن ذلك المواطن المسكين المهزوم في أعماق نفسه لم ير في دخول القوات الأمريكية سوى حرب بين نظامين "نظام صدام حسين" و "النظام العالمي الجديد برئاسة الولايات المتحدة العازمة على التغيير بقوة النار"، وكان يرى في صمود صدام استمراراً للحصار والمعاناة والفقر والقهر؛ أما الانتصار الأمريكي فإنه يعني خلع صدام عن كاهل العراقيين وفك الحصار وإتاحة الفرصة لإعادة بناء العراق من جديد، ولذلك لم يقف إلى جانب صدام في حربة سوى الطغمة المستفيدة، أما المغلوبون على أمرهم فقد بادروا إلى الفرار عند أول فرصة سانحة.
4- الصفقات السرية
قبل أن تبدأ الحرب، قامت الولايات المتحدة من خلال كبار الضباط العراقيين المنضمين للمعارضة العراقية بالاتصال بكبار القادة في الجيش العراقي، وتخييرهم بين الفناء تحت نيران الطيران خلال المواجهات، أو التوقف عن القتال والاستسلام دون مقاومة، والحصول على مكافآت مالية ووعود بالمشاركة في عراق ما بعد صدام حسين، وقد امتنع جميع من تم الاتصال بهم عن الاستجابة، وقاموا بإبلاغ الاستخبارات العراقية بفحوى العروض التي تلقوها ومصدرها، ولكن بعد أن أصبحت القوات الأمريكية تحاصر بغداد واكتشف القادة العسكريون ضعف النظام وقرب سقوطه، جدد الأمريكيون اتصالاتهم ووعودهم بقادة الفيالق والفرق، ويقال إن هذه المرة كانت الاستجابة شبه جماعية وفورية، فقد اتضح أن عديداً من فرق الجيش النظامي العراقي (وليس الحرس الجمهوري) جرى تحييدها بوسائل أولية، منها أن بعض قادة ألوية الجيش العراقي وافق على عدم زجّ جنوده بالمعارك مقابل مبالغ مالية من قيادة "التحالف" أو مقابل وعود بمناصب عسكرية رفيعة ودور في النظام الذي يجري الإعداد له في مرحلة ما بعد صدام حسين، وكانت فرقة المدرعات العاشرة في منطقة العمارة من هذه النماذج، فهي فرقة مجهزة بنحو 250 دبابة، وقد خرجت من المعركة من دون إطلاق رصاصة واحدة، وجاء في بيان مقتضب للقيادة الوسطى الأمريكية إن فرقة من مشاة البحرية الأمريكية دخلت مقر الفرقة العاشرة من دون أي قتال، وأفاد مراسل صحافي من منطقة العمارة أن دبابات الفرقة العراقية كانت متوقفة في طوابير ومدافعها موجهة إلى الخلف أو نحو الأرض، ولم يكن هناك أي جنود فيها أو قربها، ولم يتم أسر أي من عناصرها، وكانت الحالة نفسها بالنسبة إلى جنود الفيلق الخامس، إذ لم تعثر قوات "التحالف" على أي أثر لهم عند وصولها إلى مواقعهم في منطقة الموصل. ويعتقد المراقبون أن فرق الجيش العراقي، بغالبيتها، لم تقاتل بل آثر قادتها البقاء مع جنودهم ليشكلوا نواة الجيش العراقي في مرحلة ما بعد صدام.
5- عوامل عسكرية
وهي السبب المباشر في هذا الانهيار الخاطف، وأهمها الآتي:
أ - بدائية منظومة القيادة والسيطرة وتدخل الرئيس في الخطط العسكرية، فمنذ أن تعرضت منظومة القيادة والسيطرة العراقية للانهيار خلال حرب تحرير الكويت، لم يتمكن العراق - بسبب الحصار - من إعادة بنائها، وأيضاً بسبب هروب كثير من المهندسين والفنيين إلى خارج العراق بحثاً عن حياة أفضل، ولم يول الجيش العراقي هذا الأمر أهمية كبرى وعوض النقص في المنظومة بالبدائل المدنية والهواتف الجوالة والفاكس والخطوط الهاتفية، ولم يطور سوى شبكة الاتصالات فجعلها من الألياف البصرية. ولكن القدرة على تبادل المعلومات مع القوات والسيطرة على تحركاتها، كانت شبه معدومة بعد الضربة الجوية في الأيام الثلاثة الأولى، وأفلحت الاحتياطات العراقية في تقسيم العراق إلى أربع مناطق في إبقاء المقاومة مستمرة في كل منطقة بالجهد الذاتي وفي غياب كامل من المعلومات الاستخباراتية عن العدو، بل إن القوات الخاصة الأمريكية وتمكنت من التسلل إلى بغداد قبل بدء الحرب تمكنت من اختراق شبكة الألياف البصرية والتنصت عليها، ولذلك كان الأمريكيون على معرفة تامة بمضمون الرسائل المتبادلة بين قيادات النظام ويعرفون الأوامر الصادرة إلى الوحدات العراقية، فيعدون أنفسهم للتعامل معها بقسوة وضراوة لجعلها أمثولة للوحدات الأخرى لإحباطها وإجبارها على الاستسلام أو الفرار.
كذلك كان استمرار الدفاع عن العراق مرتبطاً في أذهان الجنود بالخوف من صدام وقصي وعلي حسن المجيد وباقي الرموز المعروفة بوحشيتها في التعامل مع التخاذل أو الهرب، ولذلك فلم يكن الدافع للقتال وطنياً بقدر ما هو الخوف من العواقب فيما لو صمد صدام، وهكذا فإن المعركة كانت دفاعاً عن الوجود في ظل صدام، فإذا سقط صدام تصدعت على الفور أسباب الاستمرار في الصمود، ولذلك ما أن تسربت أخبار عن مقتل الرئيس صدام حسين حتى بادرت القطاعات الكبرى المدافعة عن بغداد إما إلى الاستسلام أو عقد الصفقات مع الغزاة أو ترك مواقعها والهرب.
أيضاً كان الخوف الذي يسيطر على كبار القادة من الرئيس يجعلهم يذعنون لرغباته، ويضعون خططهم على أساس إعطاء الأولوية القصوى لإرضائه وكسب ثقته، وليس استناداً إلى أساسيات العمل العسكري ومتطلبات تقدير الموقف. وكان القادة العسكريون العراقيون يجبنون عن مصارحة صدام بضحالة فكرة العسكري وجهله بعلوم الحرب وبفداحة الثمن الذي سيدفعه الجيش العراقي جراء الانسياق وراء تحقيق توجيهاته وأحلامه، وكانوا يتملقونه باستحسان الخطوط الرئيسة التي يطرحها عليهم ثم يتسابقون في العمل على تنفيذها وهم يعلمون أنها ستؤدي إلى خسائر كارثية.
ب - تأثير الحصار الاقتصادي والعسكري، إذ أدى ذلك إلى تخفيض معدلات التدريب لتفادي استهلاك المعدات، وأيضاً جعل الجيش العراقي متخلفاً عن التطور في تقنيات السلاح، بل اضطر إلى الاعتماد على النفس لإنتاج أسلحة كانت تقنياتها قديمة وخرجت من الخدمة في معظم جيوش المنطقة، فكان العراق يتصدى لأسلحة القرن الحادي والعشرين بأنظمة دفاعية دخلت الخدمة في السبعينيات من القرن الماضي، بل ودبابات من الستينيات، أي مضى على دخولها الخدمة ما يزيد على أربعين عاماً، ولذلك لم تكن نداً لما في الجيش الأمريكي؛ وقد انعكس ذلك على خسائر الجانبين خلال المواجهات، إذ كانت خسائر الدبابات العراقية خلال المواجهات أضعاف أضعاف الدبابات الأمريكية، وأما الدبابات الأمريكية، فإنها دمرت بالمدفعية المضادة والقذائف الصاروخية وليس بنيران الدبابات العراقية. كذلك عجز العراق عن تأمين نظام دفاع جوي قادر على إزعاج الطيران الأمريكي على الأقل، وفي ذروة أيام القصف كان لا يزال يخبئ صواريخ سام بين المزارع.
ج - الغياب غير المبرر للقوات الجوية العراقية عن المشاركة في الحرب وتركها لباقي فروع القوات المسلحة تحت رحمة القوات الجوية الأمريكية والبريطانية، إذ إنه عند بدء القتال كان لدي العراق حوالي 100 طائرة مقاتلة و 200 طائرة عمودية ونقل، وقد وجد الأمريكيون 50 منها في قاعدة الاسكندرية (جنوب بغداد) و 15 في السعدية (غرب العراق) وإحدى وخمسين في قاعدة سرية غرب العراق أيضاً، وكان بإمكان تلك الطائرات القيام بعمليات انتحارية أو حتى إزعاجية، واستنزاف الجهد الجوي الأمريكي في منازلتها وإسقاطها، بل ربما أدى دخول قوات جوية عراقية في الحرب إلى إرباك الغزاة وجعلهم يشتبكون مع بعضهم البعض خطأً، وسقوط طائرات بنيران صديقة، لكن بقاء السماء مفتوحة وتحت سيطرة القوات الأمريكية، سهل عملية إبادة فرق الحرس الجمهوري بمجرد خروجها من تحصيناتها.
د - محدودية أعداد الأسلحة الحديثة المضادة للدبابات، والتي ادخرها العراقيون لمعركة بغداد فانتهت المعركة قبل استخدامها وغنمتها القوات الأمريكية فيما بعد، وحاول العراق التصدي بدباباته القديمة للدبابات الأمريكية الحديثة، فكانت النتائج كارثية، وكانت طبيعة القتال في حرب العراق هي قتال المدرعات، وكان دور المشأة هامشياً، ومع ذلك فإن المشاة العراقيين - بالتعاون مع المتطوعين العرب - سببوا إزعاجاً وقلقاً، وأنزلا بالقوات الأمريكية أفدح الخسائر بالمدفعية المحمولة على عربات الجيب، وكذلك بقذائف الأر.بي.جي.
ه - التخبط في الخطة العراقية، فبعد أن أدرك العراقيون أن دباباتهم كانت تدمر بالقصف الجوي - حتى وهي في خنادقها - حاولوا إخراجها للاشتباك مع المدرعات الأمريكية والتخلي عن خطتهم الأولى التي تقتضي انتظار قدوم الغزاة ثم الدخول معهم في قتال متلاحم يحيّد قدرات الطيران، فعرضوها لنيران الطيران المباشرة، وفقدوا أعداداً كبيرة منها جعلت فرق الحرس الجمهوري فرقاً هيكلية لا توجد إلا على خرائط العمليات خلال ثلاثة أيام فقط (هي الخامس عشر والسادس عشر والسابع عشر من بدء القتال)، وأدت خسائر الدبابات العراقية بأعداد كبيرة في الاشتباكات التي دارت حول المطار يوم الاثنين 7 إبريل على وجه الخصوص إلى تدهور الروح المعنوية لأطقم الدبابات العراقية الذين أدركوا أن الخروج لمواجهة المدرعات الأمريكية معناه الفناء أمام مدافعها الضخمة أو بصواريخ الطائرات العمودية قبل الاشتباك معها، ولذلك ارتفعت وتيرة ومعدلات الهروب خلال الأيام التي تلت ذلك.
و - إساءة تقدير العراقيين لمقدرة الأمريكيين على استخدام الاستطلاع الجوي والمصادر الاستخبارتية البشرية في تحديد مواقع المسؤولين والقوات والعتاد العراقي وتدميره بالقصف الجوي والقنابل الدقيقة التوجيه، مما أفقد العراقيين قدراً كبيراً من استعداداتهم قبل وصول القوات الأمريكية إلى مشارف بغداد، فقد استطاع الطيران تدمير ما يزيد على 60% من المدرعات العراقية وهي في خنادقها ومواقع انتشارها المموهة.
ز - إهمال الاستفادة من الموانع الطبيعية
- كالأنهار والمضائق - وترك الجسور والطرق مفتوحة أمام الغزاة دون أية إجراءات لتعطيل تقدم الطوابير المدرعة والاكتفاء بالهجمات الانتحارية الفردية الإزعاجية التي لم تحدث أي تأثير عسكري يذكر، بل إن ميناء أم قصر - المدخل الرئيس للإمدادات - ترك دون أن يدمر أو يلغم كما يجب، بل إن الحشد كان يتم على مرأى من العراقيين في الموانئ الخليجية، ولم يحاولوا تلغيم الخطوط الملاحية البحرية كما فعلوا خلال حربهم مع إيران، مع العلم أن هذه الإمكانية كانت متوفرة ومتاحة لهم، وقد عزى بعض كبار القادة - الذين وقعوا في الأسر - ذلك إلى إصرار الرئيس صدام حسين على استدراج الأمريكيين إلى أسوار بغداد ثم تكبيدهم خسائر فادحة تجبرهم على الانسحاب، وللحفاظ على الجسور لتبقى للعراقيين.
ح - تعدد منظومات الدفاع عن العراق وتشتيت الإمكانات المؤثرة الفعالة (القذائف المضادة للدروع والصواريخ المضادة للطيران المحمولة على الكتف) الشحيحة أصلاً بفعل الحصار ونضوب الموارد الإمدادية المحلية وتوزيعها بشكل غير متكافئ بين الجيش والحرس الجمهوري والحرس الخاص وفدائيي صدام ومليشيات البعث وجيش القدس، إضافة إلى انعدام الثقة بين هذه التنظيمات وغياب التنسيق بينها، إذ كان كل منها يقاتل بأسلوب قبلي عشائري بدائي في تكتيكاته وإمكاناته النارية، مما جعله يتعرض للانهيار الفوري عند مواجهة قوات عصرية قادرة على تدميره بأسلوب العمليات المشتركة التي تشارك فيها القوات الخاصة والمدرعات والطائرات العمودية المسلحة جنباً إلى جنب وينزل بالآخرين خسائر جسيمة، دون أن ينالها إلا القليل من الخسائر.
ولذلك نستطيع القول إن القوة الرئيسة الحقيقية التي كان يمكنها القتال هي الحرس الجمهوري والحرس الخاص، وهذه القوة تعرّض قسط كبير منها للإبادة قبل الاشتباك مع الغزاة بفعل القصف الجوي، وما تبقى هرب أو استسلم قبل أن يخوض القتال، لأنه كان يعرف ما ينتظره، فقنع من الغنيمة بالإياب، ولم يبق فيه سوى فرقتي "عدنان" و "نبوخذ نصر" المرابطتين في محافظة صلاح الدين.
ولذا فإننا يجب أن نفسر هذه الفرحة العارمة التي رأيناها تجتاح المدن العراقية في إطارها الصحيح، فهي ليست ترحيباً بجنود "العم سام" بقدر ما هي فرحة شعب أعزل "عجزت قيادته عن حمايته"، فرحته وابتهاجه بتوقف القصف الجوي، وأمله في إيقاف الحصار المفروض عليه، وتطلعه إلى العيش بسلام بلا حروب وصراعات، وفرحة جيش يخوض حرباً غير متكافئة تزهق أرواح أبنائه وتسيل أنهار الدماء وتسقط في كل يوم من أيامها قوافل الشهداء بلا أمل في النصر أو حتى الهدنة، ويرى في الهزيمة السريعة فرصة الحياة والنجاة الوحيدة أمامه، خصوصاً وأن الغزاة لن يتعرضوا لأرضه أو ممتلكاته أو عرضه وحرماته، وإنما قدموا لإحداث تغيير سياسي قد يصب في مصلحته، وأيضاً فإن ما نراه هو ابتهاج طبقة المتعلمين والسياسيين بانتهاء حكم النظام الفردي المتسلط، والخلاص من طبقة (التكارتة) - نسبة إلى مدينة تكريت مسقط رأس الرئيس العراقي - المسيطرة على مقدرات البلاد، ولذلك فإن رموز النظام عندما اشتدت وطأة الحرب عليهم، بادروا إلى الهرب، فهم يعرفون مشاعر الناس تجاههم، ويوقنون أن المصير الذي ينتظرهم على أيدي مواطنيهم لن يقل قسوة عن ذلك الذي يتوعدهم به الأمريكيون

 

 


 

   

رد مع اقتباس

إضافة رد

أدوات الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 04:16 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
 

شبكـة الوان الويب لخدمات المـواقع