عرض مشاركة واحدة

قديم 14-06-09, 09:23 AM

  رقم المشاركة : 12
معلومات العضو
المنتصر
مشرف عام

الصورة الرمزية المنتصر

إحصائية العضو





المنتصر غير متواجد حالياً

رسالتي للجميع

افتراضي التعاون العسكرى فى التسعينات



 

التعاون العسكري الإسرائيلي ـ الأمريكي خلال التسعينيات



اكتسبت مرحلة التسعينيات في التعاون الإسرائيلي- الأمريكي، أهمية خاصة، ارتباطا بواقع تأثيرها على مستقبل الترتيبات الأمنية بالشرق الأوسط، وحقيقة النمو المطرد غير المسبوق في العلاقات بين كلتا الدولتين على مختلف الأصعدة، والتي ساهم في تشكيلها طبيعة المتغيرات التي طرأت على البيئة الإقليمية والدولية، وأدت إلى انفراد الولايات المتحدة الأمريكية، بقمة النظام العالمي، وترتيب مستقبل الأوضاع في الشرق الأوسط، بصيغ خاصة بعد انحسار النفوذ الشيوعي، وتقلص تأثير ردود الفعل العربية على المصالح الأمريكية بالمنطقة، وخصوصاً مع انطلاق مسيرة التفاوض العربي ـ الإسرائيلي. وفي الوقت نفسه أكدت الولايات المتحدة الأمريكية هيمنتها على منابع البترول في الخليج العربي، عقب حرب تحرير الكويت بالوجود الفعلي، الذي كان أملاً لها، خططت له منذ عام 1957. ومن جهة أخرى، نجحت إسرائيل إلى حد بعيد في تصدير هواجسها الأمنية للقيادة الأمريكية والتي ساهمت بدورها في ترسيخ وضعيتها كحليف إستراتيجي رئيسي، لتحقيق أهداف المصالح الأمريكية في الشرق الأوسط، من منطلق وحدة المصالح في مجابهة العدائيات المشتركة لمصالح كل منها في المنطقة.

وانطلاقا من حرص إسرائيل على تنامي حجم الالتزام الأمريكي، بالحفاظ على أمنها القومي، فقد وضح سعيها المستمر لمحاولة تطوير المنظور الأمريكي تجاهها، باعتبارها "ركيزة وثروة إستراتيجية"، تتبوأ وضعًا مميزًا في إطار الإستراتيجية الأمريكية على مستوى دول المنطقة، مستغلة في ذلك قنوات ومحاور تأثيرها المختلفة، وتستهدف من وراء ذلك، الحصول على العديد من العوائد والإيجابيات التي تنحصر في:
1. الاشتراك المؤثر في الإستراتيجية الأمريكية بالمنطقة.
2. ضرورة النظرة المنفصلة، والمتميزة لإسرائيل في إطار الدعم الأمريكي للمنطقة، لكفالة استمرارية تفوقها النوعي العسكري، ومواجهة المخاطر، والتهديدات الحالية، والمتوقعة.
3. ضمان ركائز عناصر حماية الأمن القومي الإسرائيلي في أوقات الطوارئ.

التحرك الاسرائيلى.
وقد ارتكز التحرك الإسرائيلي الرامي إلى دفع الولايات المتحدة الأمريكية لتطوير علاقات التعاون الإستراتيجي، على استثمار مجموعة من العوامل، والظروف الإقليمية، والدولية المصاحبة، لترسيخ القناعة بأهمية، وحيوية استمرارية دور إسرائيل في دعم وحماية الإستراتيجية الأمريكية والغربية بشكل عام، والتي تقتصر في الآتي:
1. مواجهة تزايد خطر التيار الإسلامي، بزعامة إيران، والتي تسعى لتطوير إمكانياتها وقدراتها العسكرية بشكل يعرض المصالح الإسرائيلية، والغربية معا للخطر. وفي هذا تعطي إسرائيل نفسها مسؤولية تأمين مصالح الغرب في المنطقة.
2. الإيحاء بالتقاء مصالح إسرائيل الإستراتيجية، مع مصالح بعض الدول العربية، ارتباطا بالتهديد الإيراني لكل من دول الخليج العربي وإسرائيل. مما يعطي مؤشراً إيجابياً لاستقرار المنطقة فيما لو زاد النفوذ الإسرائيلي.
3. دعم الإستراتيجية الأمريكية، في مواجهة بعض النظم العربية ذات التوجهات المضادة للمصالح الغربية "العراق / ليبيا / سورية"، وفي هذا، فإن إسرائيل تعمل كأداة ردع متقدمة لدول الغرب في المنطقة.
4. العمل على الحد من امتلاك عدد من الدول العربية للصواريخ الباليستية، وللأسلحة البيولوجية، والكيماوية.

تصعيد الاهداف الاسرئيلية.
واتخاذ إجراءات فعّالة للحد من خطورة استخدام تلك الأسلحة، في اتجاه المصالح الأمريكية، بما يعني أن إسرائيل تعمل كأداة ردع لصالح الغرب. وقد صعدت إسرائيل تأثيرها بتلك الأهداف والمهام للحصول على دور جديد، وخصوصا بعد انتفاء المبررات الإسرائيلية السابقة لمواجهة تحركات وأنشطة الاتحاد السوفيتي السابق، على مستوى المنطقة. بعد أن انتهت الحرب الباردة عملياً.
أولاً: المتغيرات التي أدت إلى تنامي التعاون العسكري الإسرائيلي ـ الأمريكي.
هناك العديد من التداعيات والمتغيرات التي أدت إلى تنامي، وتوطيد العلاقات العسكرية والإستراتيجية، بين إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية، نذكر منها:
1. التداعيات الإستراتيجية في منطقة الشرق الأوسط لانتهاء الحرب الباردة وانهيار الاتحاد السوفيتي.
فقد شهدت منطقة الشرق الأوسط، خلال عقد التسعينيات، العديد من التحولات الإستراتيجية ذات الأهمية البالغة، وتمثل هذه التحولات في واقع الأمر نتاجًا موضوعيًا للتغيرات الجذرية التي طرأت على المنظومة الإستراتيجية العالمية، والتي نجمت بدورها عن انهيار نظام القطبية الثنائية، وانتهاء الحرب الباردة، وانهيار الاتحاد السوفيتي. ومن الضروري هنا التأكيد على أن منطقة الشرق الأوسط، تعتبر من أكثر أقاليم العالم تأثرا بالتحولات الإستراتيجية في هيكل المنظومة الدولية، حيث ارتبطت المنطقة منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، بعلاقات تأثير متبادل مع النظام الدولي، بصورة كانت المنطقة فيها فاعلا مشاركا بدرجات متفاوتة في التفاعلات الحادثة في النظام الدولي، كما أن هذه التفاعلات ذاتها انعكست كأبرز ما يكون على منطقة الشرق الأوسط.

وخلال العقود الخمسة الماضية، أدى مناخ الحرب الباردة إلى تكييف صراعات الشرق الأوسط، وفق الصراع الكوني المركزي بين الشرق والغرب، وتركت هذه الوضعية انعكاسات على منظومة التفاعلات الإقليمية في المنطقة، ومن ثم، يصبح من الطبيعي أن يؤدي انتهاء الحرب الباردة إلى التأثير بقوة على الشرق الأوسط، وذلك من خلال ما أتاحته تحولات النظام الدولي للولايات المتحدة الأمريكية، والدول الصناعية المتقدمة، من آليات جديدة تسهل لها امتلاك قدرة متعاظمة على التحكم في التفاعلات الداخلية والخارجية للمنطقة، وإحداث تحول إستراتيجي موازٍ فيها، بما يجعلها أكثر توافقا مع جملة المعطيات الجديدة في المنظومة الدولية، طبقًا للمنظور الغربي.

2. قيمة ومكانة الشرق الأوسط في الإستراتيجية الأمريكية، بعد انتهاء الحرب الباردة، وانهيار الاتحاد السوفيتي.

ينصب المجال الرئيسي لهذا التحول أساسًا، على نشوء الحاجة إلى البحث عن إطار إستراتيجي جديد للشرق الأوسط، بحيث ينطوي هذا الإطار الجديد على استبعاد تلك الجوانب، التي تجاوزتها التحولات العالمية، علاوة على تضمين هذا الإطار جميع الجوانب الجديدة التي طرأت في مرحلة ما بعد الحرب الباردة، والتي تمثلت في:
أ. تجاوز الإطار الإستراتيجي، الذي ساد إبان الحرب الباردة، والذي كان الشرق الأوسط يستمد أهميته فيه بفضل موقعه الإستراتيجي.
ب. ما تمثله منطقة الشرق الأوسط، في الأهمية الإستراتيجية والحيوية للاحتياجات المتزايدة لصادرات النفط بالمنطقة، لاسيما الوارد من الخليج العربي، وقد حكمت هذه الوضعية إلى حد كبير شبكة التفاعلات الإقليمية والدولية في الشرق الأوسط، وفقًا للصراع المركزي بين القوتين الأعظم. ويمكن تصنيف المنطقة إلى ثلاث مجموعات رئيسية، وفقا لمعيار الأهمية الإستراتيجية، وذلك على النحو التالي:
(1) المجموعة الأولى: الدول المالكة للموارد الأولية الإستراتيجية، لاسيما دول الخليج العربية.
(2) المجموعة الثانية: الدول ذات القدرة على تقديم الخدمات الإستراتيجية، وتتمثل أساسا في كل من إسرائيل، وتركيا، ومصر، والمملكة العربية السعودية.
(3) المجموعة الثالثة: دول ذات قيمة إستراتيجية سلبية، وتصنف هذه الدول باعتبارها دولا راديكالية، وهي العراق، وإيران، وليبيا، والسودان، وسورية.

وقد أدى انتهاء الحرب الباردة إلى انهيار الإطار الإستراتيجي القديم، الذي ظل يحكم العلاقات الإسرائيلية - الأمريكية منذ الخمسينيات، والذي كان يقوم على أساس أن إسرائيل تمثل أفضل وسيلة لحماية المصالح الإستراتيجية الأمريكية في الشرق الأوسط، في إطار المواجهة العالمية الكبرى ضد الاتحاد السوفيتي السابق، بما انطوى عليه ذلك من تصور وجود إمكانية لتوظيف إسرائيل كنقطة وثوب إستراتيجية على الاتحاد السوفيتي في حالة نشوب أي حرب معه. وكذلك توظيفها في إقامة سياج في المنطقة لمنع نفاذ الاتحاد السوفيتي خارج حدوده. واستطاع الجانبان من خلال هذه المدركات أن يبلورا تقويمًا مشتركًا للأخطار والتهديدات، وبالتالي، كان من الطبيعي أن ينهار هذا الإطار مع انهيار الاتحاد السوفيتي، وانتهاء الحرب الباردة.

3. تأثير انتهاء الحرب الباردة على الميزان الإستراتيجي في الشرق الأوسط.
كان من أبرز التأثيرات الرئيسية، التي ترتبت على انتهاء الحرب الباردة وانهيار الاتحاد السوفيتي ما يلي:
أ. اختفاء الحليف الإستراتيجي، وانعدام هامش المناورة الإستراتيجية أمام عدد من الدول العربية، فقد كان الاتحاد السوفيتي السابق حليفا إستراتيجيا لبعض الدول العربية، أثناء المواجهة بين الشرق والغرب، الأمر الذي أتاح فرصًا للحصول على التكنولوجيا العسكرية وصفقات السلاح، وأصبح الغرب يمتلك قدرة متعاظمة أكثر من ذي قبل على التحكم في الموازين الإستراتيجية والعسكرية في المنطقة، وقد ظهر تأثير ذلك بصفة أساسية على كل من سورية، وليبيا، والعراق، والجزائر، لاعتماد تلك الدول على التسليح السوفيتي.
ب. الانفراد الأمريكي بالهيمنة، حيث أتاح انهيار الاتحاد السوفيتي، انسحابه من ساحة المنافسة العالمية أمام الولايات المتحدة الأمريكية وباقي الدول الرأسمالية، وقد أدى ذلك - تلقائيا - إلى تمكين الولايات المتحدة الأمريكية من فرض قائمة اهتماماتها الأمنية، وامتلاك قدر أكبر على التحكم في حركة التدفقات التسلي حية على مستوى العالم.
ج. توطيد التعاون الإستراتيجي الإسرائيلي- الأمريكي، فقد أدى انتهاء الحرب الباردة إلى توفير قوة دفع إضافية، لعلاقات التعاون العسكري والإستراتيجي بين إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية.
د. إطلاق حرية الحركة أمام دول الجوار الجغرافي "تركيا وإيران"، حيث تسبب انتهاء الحرب الباردة وما أعقبها من تداعيات، في تعميق حالة الفراغ الإستراتيجي في منطقة الخليج العربي وآسيا الوسطي، وقد أتاح هذا مجالاً واسعًا لكل من تركيا وإيران للحركة السياسية، وممارسة النفوذ في هاتين المنطقتين.
وقد أدت هذه المتغيرات إجمالاً، إلى إضعاف الموقف العربي في الميزان الإستراتيجي في الشرق الأوسط، الأمر الذي يضعف المكانة النسبية للدول العربية في منظومة التفاعلات الإقليمية في المنطقة، ويجعلها أكثر قابلية للابتزاز والإرغام، في تعاملاتها مع كل من إسرائيل، وتركيا، وإيران، لاسيما خلال التعاملات المتعلقة بتسوية الصراع العربي ـ الإسرائيلي، والاتفاق على صيغ التعاون الإقليمي في المجالات الاقتصادية، والأمنية، والمائية...وغيرها.

4. تأثير حرب الخليج الثانية على النظرية العسكرية الإسرائيلية، والتعاون الإستراتيجي الإسرائيلي ـ الأمريكي .

أدّت حرب الخليج الثانية 1990/1991، إلى إبراز عدد من الفجوات في النظرية العسكرية لإسرائيل، حيث أوضحت أن الجيش الإسرائيلي، لا يمتلك قدرة ملائمة مضادة للتهديدات الصاروخية، لاسيما التهديدات القادمة من مئات الكيلومترات، وبدأ هذا النقص واضحاً في ظل أعمال القصف الصاروخي العراقي للعمق الإسرائيلي، الأمر الذي أدى إلى الانكشاف الإستراتيجي الإسرائيلي، بما فيه من تجمعات سكانية كثيفة أمام مثل هذه النوعية من الهجمات. وازداد الإدراك الإسرائيلي لخطورة مثل هذا التهديد، في ضوء ما تلمسه المصادر الإسرائيلية من اتساع نطاق التهديد الإستراتيجي الصاروخي، الناتج عن ازدياد عدد دول المنطقة الساعية إلى امتلاك صواريخ متوسطة المدى، ذات قدرة على إصابة أهداف إستراتيجية إسرائيلية.

كما أدت حرب الخليج الثانية، إلى نتائج أثّرت تأثيراً مباشراً على توازن سباق التسلح القائم قبل اندلاعها، ذلك أن الولايات المتحدة الأمريكية استجابت إلى مطالب إسرائيل، وقامت بإرسال نظام الصواريخ المضاد للصواريخ "باتريوت" Patriot ، المتقدم، للدفاع عن إسرائيل ضد الصواريخ العراقية. كما استجابت كذلك إلى رغبتها في الاشتراك في برنامج مبادرة الدفاع الإستراتيجي، حتى تؤكد للعالم بصفة عامة، ولدول النسق الإقليمي بصفة خاصة، أنها قفزت لمصاف الدول العظمى في مجالات التعاون.

كما كشفت حرب الخليج الثانية، لمخططي الإستراتيجية الأمريكية، ضرورة إنشاء مخازن طوارئ، ومناطق للتواجد المسبق لاستخدامها كقواعد انطلاق داخل منطقة الشرق الأوسط، ففي الوقت الذي رفضت فيه كل من مصر، والسعودية الفكرة الأمريكية في إنشاء هذه المخازن وتلك المناطق، ورفضت دولة الإمارات العربية المتحدة فكرة إنشاء مركز قيادة متقدم، قبلت كل من إسرائيل وتركيا هذين العرضين.

5. مؤتمر مدريد والإستراتيجية الأمريكية في منطقة الشرق الأوسط.
يمكن اعتبار مؤتمر السلام في الشرق الأوسط، الذي عقد في مدينة مدريد في 30 أكتوبر 1991 كإفراز لحرب الخليج الثانية، نموذجا للتفاعل بين الموقف الدولي والموقف الإقليمي، على الصعيد العربي والإسرائيلي، ذلك التفاعل الذي أفضى إلى بدء العملية التفاوضية الثنائية، والمتعددة الأطراف، بين إسرائيل والدول العربية، وممثلي الشعب الفلسطيني، المتمثلة في السلطة الوطنية الفلسطينية، حيث مارست الولايات المتحدة الأمريكية دورها كقوة عظمى وحيدة في النظام العالمي الجديد، وقد تحددت الإستراتيجية الأمريكية قبل، وخلال المؤتمر، وبعده في ثلاثة محاور أساسية هي:
أ. تأمين المصالح الغربية والأمريكية في المنطقة العربية خاصة منطقة الخليج لضمان تدفق البترول.
ب. إعادة صياغة هياكل ومضمون الاستقرار في المنطقة، على ضوء المعطيات الجديدة في الوضع العالمي، ومواجهة آثار انهيار القطبية الثنائية.
ج. تأمين وجود إسرائيل، والتوصل إلى تسوية الصراع العربي ـ الإسرائيلي، والقضية الفلسطينية، وذلك بعد انتهاء دور الاتحاد السوفيتي.

6. الانعكاسات الإستراتيجية لعملية تسوية الصراع العربي ـ الإسرائيلي.
تؤكد المصادر الإستراتيجية، على أن عملية تسوية الصراع العربي - الإسرائيلي سوف تكون لها انعكاسات إستراتيجية بارزة، حيث يفترض أن تفضي هذه العملية إلى قيام إسرائيل بتقديم تنازلات جغرافية في الضفة الغربية، وقطاع غزة، وهضبة الجولان السورية. وبصرف النظر عن حجم وطبيعة هذه التنازلات، والصيغة النهائية المحتملة للتسوية، فإن الدلالة الأكثر أهمية على الإطلاق لهذه العملية، في المفهوم الأمني الإسرائيلي، تتمثل أساساً فيما يمكن أن تفضي إليه التنازلات الإقليمية، من تآكل في العمق الإستراتيجي الإسرائيلي، لاسيما في شمال وشرق إسرائيل.

7. محاولات ضبط التسلح في الشرق الأوسط.
يُعد الحد من التسلح، واحدًا من أهم الآليات التي تسعى الولايات المتحدة الأمريكية، والمنظومة الرأسمالية العالمية من خلالها، إلى إعادة هيكلة التوازنات العسكرية، والتحكم فيها في منطقة الشرق الأوسط، وواقع الأمر، أن تلك الجهود قد واجهت منذ بداية حرب الخليج الثانية، إشكالية المفاضلة بين المناهج الشاملة، والمناهج الانتقالية للحد من التسلح في المنطقة. وعموماً، فإن التزام الولايات المتحدة الأمريكية في ضبط التسلح في منطقة الشرق الأوسط، انصبَّ أساساً على الحفاظ على التفوق العسكري الكمي والنوعي لإسرائيل في مواجهة الدول العربية.

8. محاور التعاون العسكري الإسرائيلي ـ الأمريكي خلال عقد التسعينيات.
أكَّدت إسرائيل في تعاونها العسكري مع الولايات المتحدة الأمريكية، بشكل عام، على أهمية تلبية مجموعة من الاحتياجات الرئيسية العسكرية، حتى تتمكن من الاضطلاع بدور فعَّال في إطار إستراتيجيتها بالمنطقة، أو لدعم فعاليات أمنها القومي، وبصفة خاصة في المحاور الرئيسية الآتية:
أ. التخطيط المشترك لمواجهة الأزمات والطوارئ، تحت إشراف شعبتي التخطيط في الجيشين الإسرائيلي والأمريكي، ودعم شبكات الإنذار المبكر الإسرائيلي، أثناء أوقات الطوارئ من خلال ربطها بشبكات الإنذار المبكر الذي توفره الأقمار الصناعية العسكرية الأمريكية.
ب. انضمام إسرائيل لشبكة مخازن الطوارئ الأمريكية، لصالح دعم فاعليات عمليات القوات الأمريكية بالمنطقة، واستخدام إسرائيل للمخزون الأمريكي، في أوقات الطوارئ، مع المساهمة في تصنيع بعض نوعيات الأسلحة والمعدات الأمريكية بمخازن الطوارئ، دعما لبعض قطاعات الصناعات العسكرية الإسرائيلية. ويصل حجم مخزون الطوارئ الأمريكي في إسرائيل منذ عام 1992حوالي 700 مليون دولار.
ج. تطوير القدرات العسكرية لضمان التفوق النوعي للتسليح، من خلال الحصول علي صفقات عسكرية متميزة، من الولايات المتحدة الأمريكية، وإتاحة الفرصة للتخطيط المشترك لرفع القدرة الإنتاجية النوعية لقطاعات الصناعات الحربية.
د. زيادة فعالية التعاون والتنسيق المشترك، في قطاع الاستخبارات، من خلال مكافحة الإرهاب، وتبادل المعلومات، والمعدات المتطورة، وصور الأقمار الصناعية لدعم الإنذار المبكر لإسرائيل.
هـ. التعاون في قطاع البحوث، والتطوير من خلال دعم الروابط، والتعاون بين القوات المسلحة للجانبين، في مجال تحديث التكنولوجيا العسكرية والمشروعات المشتركة في قطاع مواجهة الصواريخ الباليستية "الصاروخ حيتس، مدفع البلازما، سلاح الليزر".
و. المشاورات والزيارات العسكرية المتبادلة بين القادة العسكريين للدولتين، والاجتماعات المتعددة للمجموعات السياسية العسكرية المشتركة GPMGومجموعة التخطيط للمساعدات الأمنية المشتركة GSAPG، والمنصوص عليها باتفاقية التعاون الإستراتيج الموقعة بين الدولتين في 4 مارس 1988.
ز. التدريبات والمناورات العسكرية المشتركة، "تدريبين بحريين سنويا، تدريبين جويين سنويا، تدريب برى، بحري، جوي مشترك كل عامين".
ح. التخطيط المشترك خلال أوقات الطوارئ.
ط. زيادة مبيعات الصناعات العسكرية الإسرائيلية للجيش الأمريكي.
ي. الحصول على تكنولوجيا عسكرية متقدمة.
ك. ثبات المساعدات العسكرية الأمريكية.
وعلى الرغم من تقنين إسرائيل، خلال الفترة السابقة لأسس تعاونها الإستراتيجي مع الولايات المتحدة الأمريكية، وحصولها بالفعل على العديد من أوجه الدعم، والتطوير العسكري الأمريكي، بشكل لا يتاح على الإطلاق لأي من دول المنطقة، إلا أنه يلاحظ اهتمامها المتزايد للحصول على المزيد من الدعم، خلال فترة الرئيس الأمريكي بيل كلينتون، مع استمرارية مواجهتها لبعض الاتجاهات الأمريكية التي ترى تراجع الأهمية الإستراتيجية الإسرائيلية للأمن القومي الأمريكي، خاصة في ظل انهيار وتفكك الاتحاد السوفيتي السابق، وتقويض فعاليات الجبهة الشرقية، بعد هزيمة العراق، فضلا عن التوجه السلمي في منطقة الشرق الأوسط.

وقد نجح رئيس الوزراء الإسرائيلي، السابق شيمون بيريز، خلال زيارته الرسمية إلى أمريكا في 28 أبريل 1996، من توقيع اتفاق عسكري وأمني، يدفع إلى تعميق مجالات التعاون الإستراتيجي بين الجانبين، ويحافظ على التفوق النوعي لإسرائيل، مقارنة بباقي دول المنطقة. وقد دعمت زيارة كل من "بنيامين نتانياهو Benjamin Netanyahu، وإيهود باراكEhudBarak "، هذا الاتفاق، إضافة إلى عقد بعض الاتفاقيات الأخرى في مجال الإنذار المبكر، ودعم القدرات المضادة للصواريخ بأنواعها.
وقد أدت الاتفاقيات إلى دعم جهود الجانبين، لتطوير منظومة دفاع ميداني متكامل، ضد الصواريخ الباليستية القصيرة والمتوسطة المدى "إنذار/ اعتراض".

9. السياسة العسكرية الأمريكية في الشرق الأوسط.

كانت السياسة الأمريكية في الشرق الأوسط، بمثابة امتداد لسياستها العسكرية في مرحلة ما بعد الحرب الباردة، حيث اعتبرت نفسها صاحبة المسؤولية الأولى في إعادة ترتيب أوضاع الأمن والسلم في المنطقة، وقد حظي الشرق الأوسط بأسبقية واضحة في السياسة الأمريكية، انطلاقاً من أن الولايات المتحدة الأمريكية، تنظر إلى المنطقة باعتبارها مشبعة بشتى أشكال التوتر، وعدم الاستقرار، الناتجة عن تعدد الصراعات الاجتماعية الممتدة، واختلاف الأيديولوجيات السياسية للنظم الحاكمة، علاوة على تنامي مصادر متجددة للتعصب والصراع المسلح، يأتي في مقدمتها الأشكال المختلفة للتفاوت في معدلات التطور الاقتصادي فيما بين دول المنطقة، فضلاً عن العجز للوصول إلى تسويات شاملة للنزاعات المشتعلة في المنطقة. وفي هذا الإطار حددت السياسة الأمريكية أهدافها خلال التسعينيات في منطقة الشرق الأوسط فيما يلي:

أ. ضمان أمن إسرائيل، والحفاظ على تفوقها العسكري النوعي، في مواجهة الدول العربية.
ب. ردع واحتواء النظم الراديكالية في المنطقة.
ج. استمرار تدفق واردات النفط من المنطقة وإبقاء خطوط الملاحة مفتوحة أمام حركة التجارة الدولية.
د. صيانة أمن الدول الخليجية الصديقة للولايات المتحدة الأمريكية.

وتعكس تلك الأهداف، استمرارية ملحوظة في الخطوط العريضة للسياسات العسكرية الأمريكية في الشرق الأوسط، إلا أن هذه الأهداف قد شهدت تطوراً نوعياً، يتفق مع المستجدات الناتجة عن تحولات النظام الدولي. فالاهتمام الأمريكي بضمان أمن إسرائيل، والحفاظ على تفوقها النوعي، جاء في أطر انتخابات الرئاسة الأمريكية، التي دائماً ما يتبارى المرشحون خلالها في إظهار الدعم والتأييد لإسرائيل، كما جاء ذلك في المسعى الأمريكي الرامي إلى نفي ما تردد عن تآكل القيمة الإستراتيجية لإسرائيل. ومن ثم، فإن الصور الرئيسية التي اتخذها الالتزام الأمريكي بضمان أمن إسرائيل، والحفاظ على تفوقها النوعي خلال فترة التسعينيات، في تكثيف واردات الأسلحة الأمريكية المتطورة إلى إسرائيل، وإدخال التعاون التسليحي والعسكري الإسرائيلي ـ الأمريكي إلى مستويات نوعية متقدمة.
كما تعكس أيضاً أهداف السياسة الأمريكية في الشرق الأوسط، الاهتمام الأمريكي بردع واحتواء النظم الراديكالية، فقد نتج بفعل ما تمثله تلك الدول "العراق/ سورية/ ليبيا/ السودان/ إيران" من تهديدات للسياسة الأمريكية في المنطقة، وقد تزايد الإدراك الأمريكي لخطورة التهديد الذي تمثله تلك الدول للسياسة الأمريكية، في أعقاب المواقف التي اتخذتها بعض تلك الدول حيال قضايا تسوية الصراع العربي ـ الإسرائيلي، وأمن الخليج، والحد من التسلح، والأصولية الإسلامية، إضافة إلى ضمان تدفق واردات النفط، وصيانة أمن الدول المنتجة له.
وعلى أية حال، فإن السياسة العسكرية الأمريكية، اعتمدت في تلك الأهداف على مجموعة محددة من الأدوات، والآليات التي تتمثل في:

أ. عقد العديد من المعاهدات، والاتفاقيات الأمنية المختلفة.
ب. إمدادات السلاح لدول المنطقة، وارتباط ذلك بتوجهات تلك الدول، وعلاقاتها بإسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية.
ج. إجراء التدريبات العسكرية المشتركة.
د. التلويح باستخدام القوة العسكرية من وقت لآخر.
هـ. الوجود العسكري الأمريكي المباشر في بعض دول المنطقة.

وعلى هذا الأساس، فإن المعاهدات والاتفاقات الأمنية المختلفة، مع دول المنطقة، كانت بمثابة الأداة الأولى من أدوات السياسة العسكرية الأمريكية، وقد تمثلت التطورات البارزة التي حدثت في هذا المجال، خلال حقبة التسعينيات في التوقيع على ثلاثة بروتوكولات أساسية للتعاون الإستراتيجي بين إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية.

 

 


المنتصر

يقول احد القادة القدماء وهويخاطب جنوده . ( اذا لم تكونوا مستعدين للقتال من أجل ما تروه عزيزاً عليكم , فسوف يأخذه أحد ما عاجلا أو اَجلا , واذا كنتم تفضلوا السلام على الحرية فسوف تخسرونهما معاً , واذا كنتم تفضلوا الراحة والرخاء والسلام على العدل والحرية فسوف تخسروهما جميعا ) .

   

رد مع اقتباس