عرض مشاركة واحدة

قديم 20-08-10, 11:08 AM

  رقم المشاركة : 11
معلومات العضو
الباسل
المديــر العـــام

الصورة الرمزية الباسل

إحصائية العضو





الباسل غير متواجد حالياً

رسالتي للجميع

افتراضي



 

1. شرف الاختيار وأمانته : فالمسلم المجاهد يدرك بفطرته السليمة تكريم المولى سبحاته وتعالى له (باختياره) لأشرف مهمة وهي الجهاد في سبيل الله. نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلةوَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجْتَبَاكُمْنقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة، وهو كذلك يدرك مغزى هذا الاختيار وما ينطوي عليه من التزام، إذ إن هناك فرقاً كبيراً بين أن تقول لشخص ما: «مهمتك هي كذا»، وبين أن تقول له: «مهمتك كذا، وأنا اخترتك لأدائها»، إنه مما لاشك فيه أن الصيغة الثانية التي احتوت ـــ بالإضافة إلى تحديد المهمة ـــ على تقرير اختيار الشخص لأدائها، تنطوي على معاني الثقة والأمل والتكريم، وكلها من أعظم الحوافز المعنوية، كما يترتب على الاخيار التزام المكلف بأن يكون عند حسن الظن به، وأن يثبت عملياً أنه جدير بالثقة التي وُضعت فيه، وأهل للتكريم الذي ناله، وقادر على تحقيق الأمل المعقود عليه.

2. إحساس المجاهد بأنه جندي من جنود الله : إن المجاهد في سبيل الله، جندي من جنود الله، يحارب أعداء الله، وليس هناك أعظم من هذا الإحساس ولا أقوى في توفير الحوافز المعنوية والدوافع النفسية نحو الاستبسال في القتال في سبيل الله، إنه إحساس لا يقتصر أثره على المقاتل وحده، بل يجعل روح المقاتل ونفسه وقلبه مصادر إشعاع لكل عمل بطولي، وجمال نفسي، وجلال خلقي.

3. الثقة في نصرالله : وتبلغ الحوافز المعنوية والدوافع النفسية كمالها في نفس المقاتل بشعوره وثقته في معيّة الله لجنده الذين يقاتلون في سبيله، ويقومون على مبادئه، وثقته في وعده (جل وعلا) لهم بالنصر.
4. تنمية الإحساس بالخطر المحدق بالأمة : ( إِنْ تَنْصُرُواللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ) ، (إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ) ، (وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا المُرْسَلِين إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنْصُورُونَ وَإِنَّ جُنْدَنَا لَهُمُ الغَالِبُونَ) .

تُعنَى كل نظريات بناء الروح المعنوية للجيوش بالجمع بين أمرين يتم غرسهما معاً في نفس الجندي (ويُعتبران وجهين لعملة واحدة)، هما حب الوطن، وكراهية العدو، وبذلك تتكامل الحوافز التي تحركها كراهية العدو مع الحوافز التي يحرّكها حب الوطن، وأخطر ما تتعرّض له الأمم هو (الغفلة) عن الخطر المحدق بها من أعدائها، أو الاستهانة بهذا الخطر. وتهتم النظرية الإسلامية في بناء الروح المعنوية بهذا الجانب أشد الاهتمام فيوجّه القرآن الكريم الأمة إلى اتخاذ الحيطة والحذر وإلى الإعداد والاستعداد، وينبّه إلى العواقب الوخيمة للغفلة: ( يَاأَيُّهالَّذِينَ آمَنُوا خُذُوا حِذْرَكُمْ) ، (وَأَعِدُّوا لَهُم مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الخَيْلِ)، (وَدَّ الَّذينَ كَفَرُوا لَوْ تَغْفَلُونَ عَنْ أَسْلِحَتِكُمْ وَأَمْتِعَتِكُمْ فَيَمِيلُونَ عَلَيْكُمْ مَيْلَةً وَاحِدَةً).

5. تنمية الثقة في النفس والسلاح والقائد والأمة: إن ثقة المقاتل في نفسه من حيث كفاءته، وفي سلاحه، وقائده، وأمته، من أهم أركان الروح المعنوية، وتأتي هذه الثقة من عدة عوامل، هي: العلم، والتدريب، والانضباط، وكفاءة القائد، وقوة الأمة واستعدادها.

6. التحصين المعنوي ضد شدائد الحرب : تظهر قيمة الروح المعنوية في أوضح صورها في المواقف التي تتصف بالشدة والعنف، وتنطوي على ضغوط نفسية قاسية، وقد أثبت التاريخ أن اللحظات الفاصلة بين الهزيمة والنصر تقررها قدرة أحد الجانبين على الصمود والثبات في مواجهة تلك المواقف أكثر من الجانب الآخر، لذلك تعنى الجيوش بما يسمى أساليب (التطعيم ضد المعركة)، التي تستهدف إشعار المقاتل أن الحرب ليست نزهة، وإنها معاناة قاسية شرسة تتطلب قدراً كبيراً من الثبات والصبر والتوازن النفسي، وقد أوضحنا كيف أن الإسلام عني بهذا الموضوع أشد العناية.

7. التعبئة المعنوية قبل القتال وخلاله : المعركة هي الاختيار الحقيقي الذي تظهر فيه كفاءة الجيش مادياً ومعنوياً، ومن الناحية المعنوية فإن اللحظات التي تسبق المعركة تمتلئ بما لا يُحصى من العوامل والموثرات التي تعتمل في صدر الجندي، لذلك فإن الجيوش تحرص على اتخاذ التدابير التي تستهدف التعبئة المعنوية لرجالها في تلك اللحظات الدقيقة، كما تحرص أيضاً على أن تكون معنوياتهم خلال القتال تحت ملاحظاتها ورعايتها بكل أساليب الوقاية والعلاج.

وقد أمر الله تبارك وتعالى نبيه صلى الله عليه وسلم بتحريض المؤمنين على القتال في سبيل الله، فقال: ( يَا أَيُّها النَّبِي حَرِّضْ المُؤْمِنينَ عَلَى القِتَالِ إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِئَةٌ يَغْلِبُوا أَلْفَاً مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا بَأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَفْقَهُونَ) ، ويجب على القائد أن ينصح جنده ويذكّرهم بالله ويحرّضهم على القتال، وهذا ما يرشد إليه قول الرسول صلى الله عليه وسلم وفعله في غزوة بدر بعد أن جهَّز صلى الله عليه وسلم جيشه للمعركة وإصدار تعليماته التكتيكية، اتجه إلي ربه بالدعاء حتى أنزل الله تعالى قوله: «وَإِنَّ جُنْدنَا لَهُم الغَالِبُونَ»، فخرج النبي صلى الله عليه وسلم إلى رجاله، وقال لهم: «والذي نفس محمد بيده، لا يقاتلهم اليوم رجل، فيقتل صابراً محتسباً مقبلاً غير مدبر، إلاّ أدخله الله الجنة».

وقد ألهب هذا الحديث حماسة المسلمين للقتال، وزاد في قوتهم المعنوية، حتى أن (عمير بن الحمام) حين سمع حديث النبي صلى الله عليه وسلم ـــ وكانت في يده بعض التمرات يأكلها ـــ قال: «ما بيني وبين أن أدخل الجنة إلاّ أن يقتلني هؤلاء؟»، وقذف التمرات من يده وأخذ سيفه، ومازال يقاتل حتى استشهد ].

وقبل معركة (أُحد)، خطب الرسول صلى الله عليه وسلم فقال: «أوصيكم بما أوصاني به الله في كتابه من العمل بطاعته، والتناهي عن محارمه .. إن جهاد العدو شديد كريه، قليل من يصبر عليه، إلاّ من عزم الله رشده، فإن الله مع من أطاعه، وإن الشيطان مع من عصاه .. افتتحوا أعمالكم بالصبر على الجهاد، والتمسوا بذلك ما وعدكم الله، وعليكم بالذي أمركم به، فإني حريص على رشدكم».

المعروفة في العلم العسكري أن (القتال هو الذي يرفع روح القتال)، وتلجأ الجيوش إلى اتباع هذا المبدأ، وخصوصاً مع الجنود الذين يرتادون ميدان المعركة لأول مرة، فيكلفونهم ببعض الأعمال القتالية البسيطة التي تكون فرصة النجاح فيها أكثر من غيرها، وذلك لكي يزيلوا من نفوسهم عوامل الرهبة والخوف والتردد ويغرسوا فيهم الثقة في قدرتهم القتالية.

ومن المعروف أن القوات المحاربة التي تقتضي ظروف الحرب أن تبقى في مواقع دفاعية لمدة طويلة يصبها ما يطلق العسكريون عليه: «مرض الخنادق»، وأهم مظاهره: الملل، والضجر، والتراخي، وهبوط المعنويات والانضباط، لذلك تلجأ قيادتها إلى تكليفها بأعمال قتالية محدودة تستهدف رفع المعنويات، ومن أمثلة هذه الأعمال: دوريات الاستطلاع، ودوريات القتال، والكمائن، والإغارات، وقد طبّق الرسول صلى الله عليه وسلم هذا المبدأ خير ما يكون التطبيق كما يبدو من الأمثلة الآتية:

1. في خلال الفترة من شهر رمضان من السنة الأولى للهجرة إلى شهر رجب من السنة الثانية للهجرة (عشرة أشهر) بعث النبي صلى الله عليه وسلم ثماني سرايا وغزوات تراوح عدد الرجال القائمين بها ما بين الاثني عشر والمئتين، وينطبق عليها وصف دوريات الاستطلاع، ودوريات القتال، والإغارات، وقاد النبي صلى الله عليه وسلم بنفسه أربع منها. وقد حققت هذه السرايا والغزوات ــ إضافة إلى الأهداف العسكرية أو السياسية ــ هدفاً معنوياً هو ثقة المسلمين في قدرتهم على الدفاع عن أنفسهم تجاه المشركين من قريش والقبائل المجاورة وأهل المدينة، وثقتهم كذلك في قدرتهم على الدفاع عن عقيدتهم عند الحاجة، هذا فضلاً عن أنها حققت نوعاً من التطعيم ضد المعركة.

2. كان المسلمون بعد غزوة (أُحد) في موقف معنوي شديد الدقة والحرج، فقد أصبحوا بين قريش باستخفافها واستهزائها، والمنافقين بحقدهم وقبيح كلامهم، واليهود بشماتتهم وسخريتهم، وتعرّضت هيبة الإسلام والمسلمين للتدهور، غير أن الرسول صلى الله عليه وسلم قرّر أن يستعيد للإسلام هيبته، وللمسلمين معنوياتهم، فأمر ـــ في اليوم التالي مباشرة من أُحد ــ بخروج المسلمين في إثر العدو حتي وصلوا إلى (حمراء الأسد)، حيث أقاموا ثلاثة أيام ينتظرون قريشاً ليثبتوا لهم أنهم عازمون على قتالهم أشد العزم، وكانوا يوقدون في تلك الأيام خمسمئة نار حتي تُرى من مكان بعيد، وذهب صوت معسكرهم ونيرانهم في كل ناحية، فكان ذلك داعياً إلى إرهاب قريش وإلى القضاء على أقل تفكير لديها في العودة لضرب المسلمين، ولما لم تأتِ قريش، وتأكّد النبي صلى الله عليه وسلم أنها لن تعود رجع بأصحابه إلى المدينة وقد استعاد كثيراً من الهيبة والقوة، وهنا تبرز أهمية الروح المعنوية وهي مطلب مهم للجيوش في كافة العصور والأزمان ?

المراجع

1. حامد زهران، علم النفس الاجتماعي.
2. عباس محمود عوض. محاضرات في علم النفس ومدارسه الحديثة.
3. مصطفى فهمي، علم النفس الإكلينيكي.
4. بسيم الرفاعي، الصحة النفسية.
5. هــ.ج الزنك، الحقيقة والوهم في علم النفس، ترجمة: فدوى حنفي، ورؤوف نظمي.
6. سلسلة عن الحرب النفسية، من إصدارات الشؤون العامة (البحرين).
7. العديد من النشرات المطروحة على الإنترنت.

 

 


الباسل

يتولى القادة العسكريون مهمة الدفاع عن الوطن ، ففي أوقات الحرب تقع على عاتقهم مسؤولية إحراز النصر المؤزر أو التسبب في الهزيمة ، وفي أوقات السلم يتحمّلون عبء إنجاز المهام العسكرية المختلفة ، ولذا يتعيّن على هؤلاء القادة تطوير الجوانب القيادية لديهم من خلال الانضباط والدراسة والتزوّد بالمعارف المختلفة بشكل منتظم ، واستغلال كافة الفرص المتاحة ، ولاسيما أن الحياة العسكرية اليومية حبلى بالفرص أمام القادة الذين يسعون لتطوير أنفسهم وتنمية مهاراتهم القيادية والفكرية

   

رد مع اقتباس