عرض مشاركة واحدة

قديم 12-05-09, 02:15 PM

  رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
البارزانى
Guest

إحصائية العضو



رسالتي للجميع

افتراضي



 

الاستخبارات العربية:

يوجد في عدد من البلاد العربية جهازان رئيسيان للاستخبارات هما: الاستخبارات العسكرية والمخابرات العامة، وترتبط المخابرات العامة بأعلى سلطة سياسية في الدولة، وتهتم بجمع المعلومات السياسية والاقتصادية والنفسية عن العدو، كما تهتم بحماية أمن الدولة، ومكافحة التجسس، وتهتم الاستخبارات العسكرية غالباً بجمع المعلومات ذات الطابع العسكري، وحماية أمن القطاعات ومسارح العمليات، وترتبط برئيس الأركان العامة.

أهمية الأجهزة الاستخبارية

إن أجهزة الاستخبارات هي التي تمد القائد بالأسس التي يبني عليها قراراته. وكثيراً ما ترجع أهمية الأجهزة الاستخبارية إلى حاجة الدولة أو القائد إلى معرفة ما يخبئه له عدوه. وعبر العصور قلما تغيرت فنون التجسس الأساسية، كما بقي الجاسوس هو القاعدة لجمع المعلومات.
وإذا كان التجسس قديماً فإن جهاز الاستخبارات الحديث والمنظم والممول يعتبر ظاهرة فريدة في أيامنا الحاضرة.
وصف الكاتب هاتسون بولدوين أجهزة الاستخبارات الحديثة كما يلي:
"إن نظام الأجهزة الاستخبارية الصحيح عبارة عن منشآت ذات إمكانيات هائلة لكل من الخير والشر ويجب أن تستخدم الرجال والنساء وكل الوسائل فهي رقيقة وشرسة تتعامل مع الأبطال والخونة وهي ترشي وتغدر وتختطف وأحيانا تقتل، إنها تستغل أسمى وأدنى العواطف وتستخدم في الوقت نفسه الوطنية في أعظم معانيها والنزوات حتى أحط مداركها، وهي تبرر الوسائل التي تحقق أغراضها حتى القتل".

إن فن الاستخبارات (التجسس) قديم فالمصريون كان لهم نظام تجسس منذ حوالي خمسة آلاف عام وكانوا يعتبرون التجسس على أعدائهم فناً رفيعاً ولوناً من ألوان العلم الحربي. وفي عام (1937) قال ستالين في خطابه أمام اللجنة المركزية للحزب الشيوعي: "من أجل كسب إحدى المعارك يلزمنا عدد كبير من فيالق الجيش الأحمر، ولكن لكي يفوت العدو علينا النصر يكفي أن يكون لديه عدة جواسيس في رئاسة أركان الجيش أو إحدى الفرق. ولكي نبني جسراً كبيراً لأحد الخطوط الحديدية يلزمنا آلاف الرجال، ولكن تدميره لا يحتاج إلا لرجل واحد.

وقال ايزنهاور في حفل وضع حجر الأساس لمبنى الاستخبارات الجديد في الولايات المتحدة يوم 3 من نوفمبر سنة 1959م: "ليس هناك في سياسة الولايات المتحدة ما هو أهم من جمع المعلومات بواسطة الاستخبارات".

وجاء في تقرير لجنة الشيوخ الأمريكي الذي رفع لمجلس الشيوخ عن الأمن القومي يوم 14 يونيه عام 1960م: إن الاستخبارات هي الوسائل التي تنفذ بها السياسة القومية.
ومن هذا المنطلق يمكن القول إن الأجهزة الاستخبارية الحديثة تمثل خط الدفاع الأول في العصر الذري. إنها تؤكد من نفسها أنها العنصر الأساسي في المحافظة على السلم والهدوء لأنها هي التي تُمِدّ حكومتها بالمعرفة المسبقة عن نوايا العدو وعن استعداداته. ومنذ بداية القرن العشرين صار للأجهزة الاستخبارية شان هام وكبير، لا سيما بعد ظهور القطار والسيارة والطائرة، ثم تطورت الوسائل إلى حد استعمال التصوير الجوي والآلات الإلكترونية فضلاً عن استخدام الأقمار الاصطناعية التي تدور حالياً في الأجواء ناقلة كل حركة وكل همس. إن الأجهزة الاستخبارية هي التي تكشف عورة الأعداء وتكافح التجسس لذا اهتم بها المسلمون حتى لم يخل مكان من صاحب خبر وبريد حتى تعرف المسلمون على أخبار أعدائهم مما ساعد على تحقيق انتصاراتهم فيما بعد.

أهمية المعلومات الاستخبارية

إن كلمة معلومات تعني مجموعة المعارف المتعلقة بالعدو وبلاده فهي الأساس الذي تبني عليه الخطط ولذا تؤكد جميع الأنظمة العسكرية أن علينا ألاّ نثق إلا بالمعلومات الأكيدة وأن نتمسك دائماً بالحذر التام. إن المعرفة تحمل في طياتها القوة، ولذلك يمكن للمعرفة السرية أن تصبح قوة سرية، إن جهازاً سرياً للاستخبارات عنده معلومات من مصادر خفية يمكن له أن يساهم بقسط كبير في عملية رسم السياسة أو في العمليات السياسية في البلاد الأخرى. إن المعلومات هي عين القيادة وأذنها إذ بها توضع الخطط السليمة. وكان الرسول صلى الله عليه وسلم يهتم بمعرفة خبر الأقوام المعادية.

وكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يحرص على الوصول إلى المعلومات من الوافدين، وكان يطلب من قادته إطلاعه على تفاصيل المعلومات عن العدو وعن الأرض التي يقاتلون عليها. كتب إلى (سعد بن أبي وقاص) قبل القادسية يقول: "اكتب لنا أين بلغ جمعهم، ومن يلي مصادماتكم، فإنه قد منعني من بعض ما أردت الكتاب به قلة علمي بما هجمتم عليه، والذي استقر عليه أمر عدوكم، فصف لنا منازل المسلمين والبلد الذي بينكم وبين المدائن صفة كأني أنظر إليها، واجعلني من أمركم على الجلية".

هكذا كان عمر حريصاً على تفاصيل ودقائق المعلومات عن جيشه، وعن جيش عدوه وعن طبيعة الأرض فكان يصدر قراراته العسكرية على هدى وبصيرة. و كتب المفكر الصيني القديم (صن تزو): "إذا عرفت العدو وعرفت نفسك، فليس هناك ما يدعو إلى أن تخاف نتائج مئة معركة، وإذا عرفت نفسك ولم تعرف العدو فإنك تقاسي من هزيمة مقابل كل انتصار، وإذا لم تعرف نفسك ولم تعرف العدو فإنك أحمق وسوف تواجه الهزيمة في كل معركة".

إن أفضل المعلومات للكتائب والوحدات المقاتلة هي المعلومات التي تصل إليها قبل الهجوم على العدو، وهي أكثر فائدة من خريطة كاملة لجميع مواقع العدو تنشر بعد الهجوم. إن مواجهة العدو تتطلب إعدادا خاصاً، وهذا الإعداد يقوم أساساً على حجم المعلومات التي تكون تحت بصر وفكر القائد، وحجم المعلومات يتوقف على حجم الجهد الذي يبذل في جمعها، فبمقدار حجم المعلومات وصدقها تكون دراسة القائد للموقف وتقديره ووضع خططه، ولهذا اهتم الرسول صلى الله عليه وسلم من خلال اهتمامه بالمعلومات باختيار الشخص الموثوق به لجمعها.

ويشترط أن تكون المعلومات بالغة الدقة، وأن تصل في وقت مبكر بقدر الإمكان، لتسع الفرصة للتأكد من صحتها واستكمال معالمها، ثم تصنيفها وتحليلها واستنباط ركائز الخطة العامة للعمل، إذ إن أمن الأمة يتوقف على مدى المعرفة التي تتوافر لديها، وتوافر المعرفة المبكرة ضرورة لتجنب المفاجأة، ولمباشرة وضع الخطط على أسس سليمة.

إن الاستخبارات السوفيتية تقول: "إن المعلومات هي عين القيادة وأذنها ولا يمكن القيام بخطوة دون معلومات".
ولا تزال كتب التاريخ تشدد على الإشارة إلى (رئيس أركان نابليون الماريشال لويس ألكسندر برتييه) الذي كان لا يخوض المعارك إلا بعد جمع المعلومات الكافية عن جيوش الأعداء.
ويتضح أن للمعلومات العسكرية التي تجمعها الاستخبارات أثناء الحروب أهمية كبيرة، وأثرا كبيراً على سير المعارك. ويمكننا القول بإيجاز إن المعرفة في لغة الاستخبارات تحقق غرضين:
*الأول: تستعمل لغرض وقائي، أو دفاعي، لأنها تنذرنا مسبقاً بما قد تدبره الدول الأخرى للإضرار بالمصالح الوطنية.
*الثاني: أنها تصلح للاستعمال الايجابي لأنها تمهد الطريق لسياستنا الخارجية أو استراتيجيتنا العظمى.

 

 


   

رد مع اقتباس