عرض مشاركة واحدة

قديم 11-04-09, 09:32 AM

  رقم المشاركة : 4
معلومات العضو
البارزانى
Guest

إحصائية العضو



رسالتي للجميع

افتراضي



 

خامساً : آفاق تطور مدفعية الميدان وذخائرها


إن الاتجاهات الأساسية لتطوير نُظم المدفعية ذات السبطانات في دول حلف الناتو سوف تُتخذ - كما في الماضي - بناءً على مقتضيات نظريات خوض الأعمال القتالية الموضوعة والمزمع وضعها، وهنا لابد أن نذكّر في هذا السياق بتتالي تلك النظريات القتالية في المعركة الحديثة المشتركة التي سادت في العقود الثلاثة من النصف الثاني من القرن العشرين الماضي من المعركة "الجوية - البرية" التي طُبقت في حرب الخليج الثانية عام 1991م عند تحرير الكويت، إلى معركة "الصراع ضد الأنساق الثانية" والاحيتاطات التي سادت قبيل مطلع القرن الحادي والعشرين الحالي، إلى معركة "الحرب غير المتماثلة" التي خاضتها القوات الأمريكيه مع قوات التحالف في أفغانستان عام 2001م، إلى "المعركة للاتماسية" التي خاضتها قوات التحالف الدولي عام 2002م وانتهت باحتلال العراق الشقيق.
لكن أعمال تحديث سلاح المدفعية
Artilley Weapon تتجه بشكل عام نحو خمسة إتجاهات متلازمة، هي: القوة النارية، والحركية، والحيوية، والديمومة، والاستقلالية التكتيكية. ويُعطى التركيز أو الأولوية في التحديث إلى مسألة "زيادة القوة النارية"، حيث يرى الخبراء الأطلسيون أن زيادة ملحوظة في القوة النارية FirePower لسلاح المدفعية ذات السبطانات ستتحقق من خلال: زيادة مدى الرمي، وسرعة الرمي، ودقة الرمي. كما أن إمكانية الرمي لمسافات بعيدة قد تتحقق في المستقبل القريب عن طريق استخدام قذئف ذات أشكال (ايروديناميكية) أي (طيرانية) مُحسَّنة مزودة بمولدات غازية وقذائف صاروخية إيجابية، وتحسين الخصائص المدفعية (الباليسيتة) داخل السبطانات كزيادة طول السبطانة وحجم التلقيم ... إلخ.
لكن الاتجاه المستقبلي الأكثر نجاعةً وجدوى في زيارة مدى الرمي وهي: استخدام طرق القذف غير التقليدية، إذ إن مدى الرمي في عام 2015م من المدافع ذات السبطانات المحدثة سوف يصل إلى 30-40 كلم (وحتى 50 كلم بالنسبة لبعض أنواع المدافع)، وذلك حسب نوع القذيفة. أما الزيادة الملحوظة في سرعة الرمي فإنها سوف تتحقق - بصورة عامة - بنتيجة استخدام تكنولوجيا مواد القذف السائلة ( قد تصل سرعة الرمي القصوى إلى 12-16 قذيفة في الدقيقة)، إضافة إلى بقية الاتجاهات التي ذكرت آنفاً، كالحركية، والحيوية، والاستقلالية التكتيكية، والتي تحتاج إلى بحث مستفيض لا يتسع المجال لايراده في هذه المقالة المختصرة.
وفي كل حالة من هذه الحالات، فإن زيادة (رفع) المستوى التكنولوجي للمدفعية ذات السبطانات سوف تتم - بوجه عام - نتيجة صنع مدافع جديدة وتحديث النماذج الموجودة. ومن المعروف أن المدافع القذافة ذاتية الحركة من عيار 155 ملم طراز (م-109-901-
M) الأمريكي الصنع تشكل العمود الفقري لسلاح المدفعية ذات السبطانات في الجيش الأمريكي، وهذه المدافع موجودة في كافة التشكيلات البرية "الثقيلة"، أما المدافع من عيار 105 ملم فإنها موجودة في الفرق "الخفيفة"، والمدافع من عيار 2ر203 ملم موجودة في قوام كتائب المدفعية العائدة للفيالق البرية الأمريكية.
ومن أجل تحسين المستوى التكنولوجي وإطالة مدة الاستثمار في الخدمة، خصصت المدافع ذاتية الحركة من الأنواع المذكورة أعلاة، وفي مراحل مختلفة لمراحل تحديث وتجديد عدة. والمدافع ذاتية الحركة المحدثة من عيار 155 ملم طراز
M-109.A3 تدخل في تسليح القوات البرية لأغلب الدول الأعضاء في حلف الناتو منذ عام 1978م.
1. عملية تحديث المدفع طراز (م-109 أ10-2) :
منذ مطلع التسعينيات من القرن المنصرم، بدأت المرحلة الأخيرة للتحديث الجذري والعميق لهذا الطراز، وأسفرت عن تزويد هذا النوع من المدافع بنظام قيادة النيران الذي يؤمن الربط الطبوغرافي المستقل ذاتياً، والاستقبال الآلي للمعطيات عن الهدف من مركز قيادة النيران أو من وسائط الاستطلاع، والحساب السريع والدقيق لقيم الرمي، وتوجيه المدفع بناءً على القيم المحسوبة.
وهذا الطراز المحدث للمدفع المذكور يتمثل في المدفع عيار 155 ملم ذاتي الحركة طراز
CGM-1090A.6 أو يسمى (بابلادين) Baladin، والمدى الأفقى للرمي بهذا المدفع حتى 40كم - بالقذائف الإيجابية الصاروخية وحتى 30 كم - بالقذائف العادية.
أما تلك المدافع الأخرى - مثل المدفع عيار 105 ملم المقطور و 105 ملم ذاتي الحركة و 2ر203 ملم المقطور وذاتي الحركة - فإنها لا تعتبر مدافع واعدة (مستقبلية)، ولا يخطط لصنع الجديد منها حتى الآن، حيث يتوقع ألا يتم التحديث لمدافع الميدان المقطورة إلا عن طريق بعض التحديث للمدافع 105 ملم- قذاف مقطور طراز
M-119 و M-102، وللمدافع 155 ملم-قذاف مقطور طراز M-198، باتجاه زيادة المدى وسرعة الرمي.
2. عملية صنع مدفعية ميدان جديدة مستقبلية:
إن مدفع الميدان الواعد (المستقبلي) الذي سيدخل ميدان تسليح القوات البرية لدول حلف الناتو في مطلع هذا القرن الجديد الحالي (في غضون 2005-2010م) هو من طراز
AC (كروسادير) Crosadir، وهذا النظام يتألف من المدفع القذاف عيار 155 ملم ذاتي الحركة، وآلية النقل والتلقيم المدرعة. والمدى الأفقي لرمي هذا المدفع الجديد بالقذائف المعدلة طراز XM-982 قد تصل إلى 48 كلم. ووفق اعتقاد قيادة حلف الناتو، فإن هذا المدفع المستقبلي سيكون الواسطة الأساسية للتأثير الناري في قوام مجموعات (منظومات) الاستطلاع النارية العاملة في التشكيلات المشتركة البرية الأمريكية والأطلسية (اللواء- الفرقة).
3. تحديث وتطوير ذخائر مدفعية الميدان:
يعتبر تحديث ذخائر المدفعية أحد الطرق والأساليب الأساسية لتحسين الإمكانات القتالية لمدفعية الميدان، ولذلك فإن الجهود الكبرى لخبراء حلف الناتو سوف تتركز على صنع قذائف للمدافع والهاونات (المورتر)، التي تؤمِّن التأثير على العدو على عمق تراتيبه القتالية وبنسبة استهلاك مقبولة، حيث لاتزال الاتجاهات الأساسية لتطوير ذخائر المدفعية اتجاهات تقليدية في الوقت الحاضر، أي زيادة قوة الفعل (التأثير) ضد الهدف وزيادة مدى الرمي ودقتة.
ومن أجل تحقيق الزيادة الكافية لفعالية رمي المدفعية من مرابص الرمي المستورة على أهداف مدرعة ومصفحة، يجري العمل في الولايات المتحدة ودول حلف الناتو الصناعية على صنع وتحديث ذخائر المدفعية ذات الدقة العالية. وحتى منتصف عقد التسعينيات لم يكن في حوزة القوات البرية الأمريكية سوى القذيفة طراز "كوبر هيد" ذات الدقة العالية.
ويجري العمل في الوقت الحاضر على صنع قذائف ذات دقة عالية من الجيل الثاني والجيل الثالث، لتطبيق مبدأ "اطلق وانس" المعروف، حيث يتوقع أن يصل احتمال نسبة إصابة الأهداف بالقذائف المستقبلية ذات الدقة العالية حتى 7ر0-9ر0، ولبلوغ هذه المعدلات لابد من زيادة كبيرة في ضمانة ودقة اكتشاف الهدف وملاحقته والتسديد عليه في ظروف التشويشات الطبيعية والاصطناعية (المنظمة). وخير اتجاه مستقبلي لحل هذه المشكلة هو استخدام رؤوس التوجيه الذاتي المركبة (المختلفة). ومن أجل تدمير الأهداف المدرعة الخفيفة - بما في ذلك قواعد الإطلاق ذاتية الحركة - يجري تصميم وصنع العناصر القتالية من نوع "سادارم" لتعبئتها في قذائف المواقع من عيار 155 ملم (بمعدل عنصرين قتالين في القذيفة الواحدة). والمقصود بكلمة "عنصر قتالي" هنا، هو الرأس الحربي شديد الانفجار.
خاتمة


تعرفنا من خلال هذه المقالة على عموميات عن المدفعية، والمقصود بها، عبر فكرة موجزة عن الاستخدام القتالي لمدفعية الميدان؛ ثم استعرضنا بعض المواصفات الفنية (التقنية) لبعض طرازات مدفعية الميدان من النوعين: المقطور وذاتي الحركة. وننوه هنا بأن أكثر الدول باتت تميل إلى اقتناء النوع الثاني (ذاتي الحركة)، وهذا ما يلاحظ واضحاً في تسليح القوات البرية الإسرائيلية المعادية. ثم أحصينا أنواع قذائف مدفعية الميدان التقليدية وذات الدقة العالية، كي نصل في النهاية إلى دراسة الاتجاهات المستقبلية لتطوير مدفعية الميدان وذخائرها المتنوعة. ووفق حسابات متعددة، فإن الثقل النيراني (الذي يعبر عن قوة النيران في التشكيلات البرية) لأسلحة الرمي غير المباشر، والتي هي مدفعية الميدان والهاونات، تأتي في المرتبة الثانية وتشكل حوالي الثلث، وهو ما يعني توفر عنصر المعاونة النيرانية المباشرة الفعالة، والمعاونة النيرانية الرئيسة داخل التشكيل الواحد، وهي متنوعة الأمدية، بحيث تتراوح من 3 كلم إلى أكثر من 40 كلم
المراجع:


مجموعة من الباحثين العرب السوريين، كتاب: (الاستراتيجية السياسية العسكرية)، الجزء الأول، الطبعة الأولى، دار طلاس للدراسات والترجمة والنشر، دمشق، عام 1991م، الجمهورية العربية السورية، ص 268-273.
2- مركز الدراسات العسكرية، كتاب: (الميزان العسكري 1995-1996م)، المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية، لندن، ترجمة وطبع: مركز الدراسات العسكرية، دمشق عام 1997م، سورية، ص 1104-1111.
3- سليم حداد، كتاب: (أسلحة الدقة العالية في جيوش الناتو)، مترجم عن الروسية، مركز الدراسات العسكرية، دمشق، سورية، عام 2001م، الجمهورية العربية السورية، ص 300-304.
4- العميد الركن غازي الجابي، كتاب: (الأسلحة العالية الدقة، آفاق تطورها)، مترجم عن الروسية، مركز الدراسات العسكرية، دمشق، عام 1991م، الجمهورية العربية السورية، ص 17-19.
5- اللواء الركن (م) حسام سويلم، كتاب: (إسرائيل ونظرية جديدة للحرب)، مؤسسة دار الأهرام، القاهرة، جمهورية مصر العربية، المدفعية وراجمات الصواريخ، عام 1998م، ص 188-189.
6- العميد الركن (م) إبراهيم كاخيا، دراسة: (القوة العربية الشاملة، ودورها في بناء الردع العربي)، مجلة كلية الملك خالد العسكرية، العدد (68)، عام 2004م، المملكة العربية السعودية، ص 78-79.
7- المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية، كتاب: (الميزان العسكري 2005-2006م)، باللغة الانجليزية
The MilitaryBalance 2005-2006. London, 2005. England. Poige 181-215.
8- اللواء الركن الجوي- محمد سمير العطائي، كتاب: (أداء بعض الأنظمة في حرب الخليج الثانية)، مترجم عن الانجليزية، طبع ونشر: مركز الدراسات العسكرية، عام 1992م، دمشق الجمهورية العربية السورية، ص 202 - 204.

 

 


   

رد مع اقتباس