الموضوع: الأمن القومي
عرض مشاركة واحدة

قديم 15-09-09, 01:32 PM

  رقم المشاركة : 4
معلومات العضو
البارزانى
Guest

إحصائية العضو



رسالتي للجميع

افتراضي



 

مفهوم الأمن القومي

تتباين الدول من حيث الإمكانيات وتختلف مصالحها وبفعل هذا التباين والاختلاف أصبح الصراع حالة قائمة ولهذا يتم اللجوء إلى القوة كوسيلة نهائية لحسم الصراع إذا تعذرت تسويته بالطرق الأخرى . وتسعى الدول لبناء القوة لتوفير الضمان لردع مصادر التهديد واستمرار القدرة على تحقيق المصالح الإستراتيجية ، وبالتالي تصبح العلاقة طردية بين قدرة الدولة والإمكانية في تحقيق مصالحها .. ومن هنا برز مفهوم الأمن التقليدي .. " حماية مصالح الدولة الوطنية والقومية من التهديدات الخارجية التي تحول دون تحقيقها باستخدام القوة كوسيلة نهائية لاستئصال مصادر التهديد وضمان استمرارية تحقيق تلك المصالح " .

ولذلك كان يفهم امن الدولة على انه أمنها العسكري فقط . وهنا لابد من معرفة أن الأمن القومي هو مفهوم أوسع بكثير من كونه يعالج انفتاح القوات المسلحة واستخدامها ، فقد عرّف " ارنولد ولفرز " الأمن القومي بأنه (قيمة) وقد فسر ذلك بقوله : " أن الأمن القومي من الناحية الموضوعية يقيس غياب التهديدات بالنسبة للقيم المتحققة ، أما من الناحية الذاتية فان الأمن القومي هو غياب الخوف من مهاجمة تلك القيم " ومن هنا يتضح بأن الأمن القومي هو ليس شيئاً مرادفاً للحصانة العسكرية بمفردها بل يتضمن إدارة وتنسيق واستخدام الجهود الوطنية الجماعية متمثلة بوسائل القوة الوطنية والاقتصادية والعسكرية الملموسة ولهذا لابد من القول : أن الأمن القومي هو مسألة طويلة الأمد تضع إدارة الأمن خرج نطاق المجالات الضيقة لكل العسكريين أو العلماء أو البيروقراطيين ، وهذا بطبيعة الحال يتطلب إتباع أسلوب موحد لصنع القرار في هذا المجال ، فان أجراء تحليل مختصر يبين دور وعلاقة وسائل القوة الرئيسية والأمن القومي سوف يساعد على وضع المعايير التي تتم بموجبها مناقشة خبراء الدفاع .

والأمن القومي في المفهوم الحديث يتصف بالشمول وهو ليس مسألة حدود وحسب ، ولا قضية إقامة ترسانة من السلاح وليس تدريباً عسكرياً شاقاً .. انه يتطلب هذه الأمور وغيرها ولكنه يتخطاها ويمس أمورا أخرى ذات طبيعة اقتصادية واجتماعية فهو قضية مجتمعية تشمل الكيان الاجتماعي بجوانبه وعلاقاته المختلفة .. والأمن بذلك هو امن الدولة ومن فيها ويغطي كل مظاهر الحياة وقد اتسع كثيراً ليشمل تحقيق وحماية جميع أهداف السياسة الخارجية للدولة . وهذا الاتساع والشمول أدى إلى تعدد المعاني المعطاة لمفهوم الأمن القومي ، " فكاوفمان" يرى أن الأمن القومي هو مفهوم نسبي يعني أن تكون الدولة في وضع قادرة فيه على القتال والدفاع عن وجودها ضد العدوان ، أي أنها تمتلك القدرة المادية والبشرية التي تجعل شعبها يشعر بالتحرر من الخوف بما يضمن مركزها الدولي ومساهمتها في تحقيق الأمن العالمي . ويذهب "مكنمارا" في كتابه (جوهر الأمن) ابعد من ذلك عندما يؤكد : بأن الأمن هو التنمية وبدون تنمية لا يمكن أن يوجد امن . وبالقدر الذي تعالج التنمية مظاهر التخلف وتسهم في القضاء عليه فهي تعني التقدم الاقتصادي والاجتماعي والسياسي أنها تعني مستوىً معقولاً للمعيشة أو ما هو معقول في المراحل الأولى للتنمية يصبح غير معقول في أية مرحلة تالية وكلما تقدمت التنمية تقدم الأمن .

أما " هارتمان" فيرى أن مفهوم الأمن هو صيانة مصالح الدولة الحيوية أي تأمين كيان الدولة ضد الأخطار التي تتهددها داخلياً وخارجياً وتأمين مصالحها وتهيئة الظروف المناسبة لتحقيق أهدافها وغاياتها القومية . أي أن الأمن لا يعني رغبة الدولة في البقاء بل ورغبتها كذلك في العيش بدون خطر التهديدات الخارجية لمصالحها التي تعتبر حيوية وبالتالي فمفهوم الأمن لا يرتبط بالمحافظة على الحاضر فحسب بل بتأمين وضمان المستقبل أيضا .

ويعرف الكاتب المصري أمين هويدي الأمن القومي : " استخدام كل الوسائل المتاحة لمواجهة التهديدات الحالية والمستقبلية وتحقيق أهدافنا الكبرى مع مراعاة المتغيرات الدولية " .

ويرى بعض علماء الاجتماع : " أن الأمن القومي هو قدرة الدولة على حماية قيمتها الداخلية من التهديدات الخارجية والداخلية بغض النظر عن نوعية تلك التهديدات "
ويعرف الدكتور محمود محمد خليل الأمن القومي : " مجموعة الخطوط والسياسات التي تضعها القيادة السياسية والإجراءات العملية التي تتخذها لحماية قيم الدولة الحيوية من التهديدات ، أيا" كان مصدرها " .

بعد التطرق إلى وجهات نظر الآخرين في تعريفهم للأمن القومي ينبغي التعرف على وجهة النظر الإسلامية حيث يقول صاحبها : " أن الأمن القومي الإسلامي هو الحفاظ على النظام الإسلامي من السقوط وتأمين مسيرته نحو أهداف مرسومة من قبل ووفق أفاق ثلاثة .. الأول:الجانب المادي المتمثل في الهيكلية السياسية،الثاني:القيم الحضارية والفكرية التي يحملها النظام ، والثالث : الأهداف القريبة والبعيدة التي يسعى النظام باتجاهها0
ونعتقد أن التعريف الذي يتضمن جميع دلالات مفهوم امن الدولة الإسلامية هو " الإجراءات التي تتخذها الأمة لردع التحديات الخارجية واحتواء التهديدات الداخلية بما يضمن التحرر من الخوف وتأمين التنمية الشاملة ويتيح للقيادة الإسلامية حرية الحركة لتطبيق الأحكام الشرعية الإلهية " .

 

 


   

رد مع اقتباس