عرض مشاركة واحدة

قديم 23-02-10, 03:53 PM

  رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
البارزانى
Guest

إحصائية العضو



رسالتي للجميع

افتراضي تطور تسليح واستخدام العموديات المقاتلة



 

تُعتبر الطائرات العمودية بمثابة السلاح الذي تتّحد فيه أو من خلاله عدة مهام للقوات الجوية، أو البحرية، أو البرية، إضافة إلى الدفاع الجوي، وهي من بين الأسلحة الأكثر تأقلماً مع الأدوار القتالية التكتيكية، والمعطيات المتغيرة في ساحات المعارك الميدانية. وإذا كان ينظر في السابق إلى سلاح العموديات كأداة فعّالة، لكن مكمّلة في محيط دفاعي أو هجومي مكثَّف، فإن التطورات المتلاحقة لهذا السلاح والإضافات النوعية تجعل منه أداة رئيسة للحسم أحياناً في المواجهات المباشرة، أو لتوفير الظروف المساعدة على تحقيق نصر عسكري.
على ضوء تحوُّل مناطق الأزمات وتزايد عمليات التدخُّل لاحتواء أو إدارة النزاعات الإقليمية، فإن الطائرة العمودية بطرازاتها المختلفة ووسائط النشر المتنوعة لم تعد تلعب دوراً مكمِّلاً فحسب في مجالات السيطرة والتحكُّم ، وتلافي التهديدات، والانخراط المباشر في العمليات القتالية، بل أصبحت عنصراً مركزياً في سيناريوهات الحسم والدعم اللوجستي.
وقد يكون تجاوز حقبة الحرب الباردة عاملاً إضافياً في تطوّر تسليح واستخدام الطائرات العمودية، نظراً لتعددية الأخطار من جهة، وللقدرة العالية على التأقلم مع الوضعيات القتالية التي يتمتع بها هذا السلاح من جهة ثانية.
وكانت الولايات المتحدة قد قامت بتسليح الطائرات العمودية أثناء الحرب العالمية الثانية؛ ففي عام 1942م، تم تحميل المدفع عيار (20) مم على الطائرة (R-5) ، وبنهاية الخمسينيات وبداية الستينيات من القرن الماضي، استخدم الجيش الأمريكي الطائرة (H-34)، كقاعدة لإطلاق الصواريخ جو-أرض، ومنها المقذوف Bullpup.
وتُعتبر فرنسا من الدول الرائدة في استخدام الطائرات العمودية لقتال الدبابات؛ ففي حرب الجزائر ( 1954 1962 1954 1962 م)، سلَّحت الطائرات (ALOUETTE II) بالصواريخ (SS-10/11) لحماية القوات، ورأت فرنسا في إطار اشتراكها في حلف شمال الأطلسي (الناتو) أن الحل الوحيد لمواجهة الأعداد المتزايدة من الدبابات الشرقية هو الحصول على طائرات عمودية خفيفة، مسلّحة بصواريخ مضادة للدروع، مثل الصواريخ (SS-10)، الموجهة بالسلك، من الطائرة (SA-315)، ثم أعقب ذلك تطوير هذا الصاروخ إلى الصاروخ (SS-11) لمواجهة دبابات القتال الرئيسة.
واستخدم الجيش الأمريكي الفكر الفرنسي نفسه في تحميل الصواريخ على الطائرة (UH-1)، ثم استخدم الصاروخ (TOW) على الطائرة (UH-1S) في حرب فيتنام عام 1962م، وبعد ذلك، تم تحميل الصاروخ نفسه على الطائرة (UH-1G-COBRA)، ثم الطائرة (UH-1Q)، فالطائرة (UH-1W).
وإبّان فترة الحرب الباردة، طوّرت عموديات الهجوم لتلبّي الطلب الغربي على مواجهة احتمال اختراق المدرعات السوفيتية المتوقع عبر أوروبا الوسطى، وكانت النتيجة طائرة ثقيلة ذات ثمن باهظ نسبياً مجهّزة بأسلحة موجهة متعددة مضادة للدروع، وبمستشعرات للنهار والليل.
ولتدمير دبابة القتال الرئيسة، استخدمت في البداية الذخيرة شديدة الانفجار بواسطة المدافع، مثل مدفع (البازوكا)، الذي كانت تحمله الطائرة العمودية الأمريكية (BELL H-13) عام 1950م، ومع تطوّر دروع الدبابات من حيث السُمك والتقنية، كان التطور في نظام توجيه المقذوفات، بحيث يتم مهاجمة الدبابة من أعلى، حيث توجد أضعف منطقة تدريع في الدبابة.
وقدَّمت حرب أكتوبر 1973م في الشرق الأوسط للطائرات العمودية المسلحة الشروط المثلى للعمل في ظروف جوية مناسبة للعمل ضد حشود الدبابات والمركبات المدرعة المنتشرة فوق أرض صحراوية مكشوفة، وبرز دور هذه الطائرات في حرب (فوكلاند) (2 أبريل 14 يونيو 1982م)، لتنفيذ مهام الإسناد الجوي لأعمال قتال القوات البحرية الملكية البريطانية، حيث قامت هذه الطائرات بالعديد من المهام، مثل: الاستطلاع والإنذار والحراسة، ونقل القوات والإمدادات بين قطع الأسطول، والإعاقة اللاسلكية، ومهاجمة الأهداف الأرضية والبحرية.
وفي أثناء الحرب العراقية الإيرانية، تمكّنت العموديات المسلحة من المشاركة بفاعلية في كسر حدّة الهجمات المدرعة الكثيفة لكلا الجانبين ومنعها من المناورة والاندفاع في العمق.
وتعاظم دور الطائرات العمودية في عمليات عاصفة الصحراء، فقد أظهرت قدراتها على القيام بالعديد من المهام، واعتبرت من أهم العوامل التي ساعدت على تنفيذ مبدأ المعركة البر-جوية بنجاح، إذ قامت بتنفيذ عمليات الإبرار في عمق الجبهة العراقية والاستطلاع الجوي، بالإضافة إلى مهام السيطرة والحرب الإلكترونية، وقد أظهرت الطائرات الأمريكية (Apache) قدرة قتالية عالية في مهاجمتها لمواقع الرادار العراقية، مما أدى إلى فتح ثغرة في الحقل الراداري، ساعدت على انطلاق حوالي (100) طائرة أمريكية قاذفة-مقاتلة دون أن تكتشف، ودمّرت أهدافها في بغداد والمدن العراقية، كما تم استخدام الطائرات العمودية في تنفيذ مهام القتال البحري ضد القوات البحرية، حيث قامت (4) طائرات طراز (Lynx)، المزوّدة بصواريخ (Sea Skua) بإغراق وشلّ قدرة تشكيل بحري عراقي.
وفي الحرب الأمريكية الأخيرة على أفغانستان والعراق، اشتهرت الطائرة العمودية الأمريكية (Apache AH-64) بصفة خاصة، وظهرت العموديات الهجومية المتخصصة التي تتمتع بهياكل نحيلة وقمرات بمقاعد ترادفية (Tandem)، ونشأت الحاجة إلى تصميم نموذج ذي سرعة عالية، بتسليح ثقيل لقمع النيران الأرضية، ومواكبة العموديات الأبطأ، التي كانت تنقل جنوداً وإمدادات، وكان على هذه الطائرة مواجهة التطوّر المستمر في المدرعات من حيث خفة الحركة، والتدريع، والتسليح.
ومع استخدام معدّات إدارة النيران والمقذوفات الحديثة، يمكن للطائرات العمودية أن تعيد تشكيل المعارك، كما ظهر ذلك في عدد من الحروب منخفضة الحدّة، حيث تتطوّر العموديات الهجومية باستمرار، وتقدم الولايات المتحدة أقوى هذه العموديات، وهما (كوبرا)، و (أباتشي)، وكذلك تقدّم روسيا (مي 28)، و (كاموف 50)، بينما تقدّم أوروبا (تايجر)، و (أجوستا)، وتقدم دولة جنوب أفريقيا (رويفالك)، وهناك عموديات أخرى يمكن تسليحها بصواريخ مضادة للدروع وتعمل ضمن نظم قتالية تستخدم الليزر والرادار.

 

 


 

   

رد مع اقتباس