عرض مشاركة واحدة

قديم 25-02-09, 06:55 PM

  رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
البارزانى
Guest

إحصائية العضو



رسالتي للجميع

افتراضي خريطة الطريق وتراجع الأمل



 

خريطة الطريق وتراجع الأمل

شهدت السنوات الماضية جهوداً دولية لوقف دائرة العنف الجاري بين الفلسطينيين والإسرائيليين والتوصُّل إلى تسوية سياسية بين الطرفين تمهيداً لتسوية تشمل دول المنطقة، بحيث ينتهي الصراع العربي الإسرائيلي. وتمثل خطة خريطة الطريق التي أعدّتها اللجنة الرباعية المشكلة من الولايات المتحدة الأمريكية، وروسيا، والاتحاد الأوروبي، والأمم المتحدة استناداً إلى خطاب الرئيس الأمريكي جورج بوش في يونيو 2002م حجر الزاوية في جهود تحريك عملية التسوية السياسية لهذا الصراع.
في هذا الإطار تسعى هذه المقالة إلى تتبع مسيرة التسوية منذ مؤتمر مدريد للسلام حتى الآن، ومواقف الأطراف المعنية من الخطة، ومضمون الخطة وفقاً لنصها المعدّل وما تفرضه من التزامات على مختلف الأطراف، وما تشمله الخطة من عناصر إيجابية وأخرى سلبية تؤثر على التسوية السلمية، ثم تتابع تنفيذ الخطة من الاندفاع في تطبيقها حتى تجميدها، وتراجع الأمل في تسوية القضية.

مسيرة التسوية منذ مؤتمر مدريد للسلام
لم تحظ قضية من قضايا الصراع الإقليمي أو الدولي بتلك الكمية الهائلة من القرارات والمبادرات والرؤى والتصورات التي حظيت بها قضية الصراع العربي الإسرائيلي، وبخاصة ما يتعلق منه بالقضية الفلسطينية(1)، وعلى الرغم مما صادف ذلك من قبول ورفض وتأييد واستنكار، ظلت القضية تراوح مكانها وتزداد تعقيداً مع مرور السنوات، فلقد تعرضت مسيرة التسوية التي انطلقت في مؤتمر مدريد للسلام إلى التعثّر تارة والجمود تارة والتقلّب والتدهور تارات أخرى.
ففي الفترة من 1992 1996م واجهت العملية السلمية كافة المشكلات التي يمكن أن تواجهها عملية تفاوضية في صراع متعدد الأطراف ممتد زمنياً وتاريخياً، سواء تعلقت هذه المشكلات بالمسائل الإجرائية أو الجوانب الحقيقية للصراع.
وبعد تولي نيتنياهو رئاسة الوزارة في إسرائيل في منتصف 1996م حتى منتصف 1999م أصيبت عملية التسوية بالجمود، وركّزت كل محاولات تحريك المفاوضات على منع انهيارها، وليس على إجراء تقدم في مسار التسوية، حيث سيطرت صيغة الأرض مقابل الأرض بدلاً من الصيغة التي تقضي بالأرض مقابل السلام.
وما بين منتصف 1999م وبدايات عام 2001م سادت مسيرة التسوية تقلبات غير تقليدية نظراً لارتباط عملية التسوية بشكل مباشر بقضايا الحل النهائي على مسارات الصراع الثلاثة المرتبطة بالمشكلة الفلسطينية وهضبة الجولان وجنوب لبنان، وفي ظل مشكلات الحل النهائي وضغوط الرأي العام المتحفز ظهر أن أقصى ما كانت إسرائيل على استعداد لتقديمه في ظل حكومة باراك لم يكن كافياً أو منصفاً للفلسطينيين(2).
وفي عام 2001م حدث تحول أساسي للتوجهات الرسمية في إسرائيل ناحية اليمين المتطرف والمدعومة بقوة من المجتمع بتولي حكومة شارون الليكودية اليمينية الحكم في فبراير من العام نفسه، وارتبط التدهور بعودة هذا التيار المتطرف فدخلت التسوية في طريق مسدود، فلقد بدأ هذا العام 2001م في ظل تطورين شديدي الأهمية في دلالاتهما على توجيه الصراع، فلقد استمرت الانتفاضة الفلسطينية التي تفجرت في نهاية سبتمبر 2000م، ومحاولات الإدارة الأمريكية السابقة للتوصّل إلى إطار سلام معدل لما سبق طرحه في كامب ديفيد (يوليو 2000م)(3). فبالنسبة للانتفاضة، شهدت ساحة الصراع الفلسطيني الإسرائيلي حرب استنزاف ضارية استمرت ألف وخمسة أيام حفلت بالعمليات الاستشهادية الفلسطينية رداً على أعنف ممارسات إسرائيلية دموية ووحشية ضد الشعب الفلسيطيني، مما أدى إلى اتساع دائرة القتل المتبادل حتى وصل عدد الشهداء الفلسطينيين إلى (2200) شهيد، وقتلى إسرائيليين إلى أكثر من (800)(4)، وهو الأمر الذي صنع على أرض الواقع تطوراً بالغ الأهمية في دلالاته على تكبّد الجانبين خسائر جسيمة. أما المتغير الثاني المتعلق بمحاولات الإدارة الأمريكية السابقة للتوصّل إلى إطار سلام فقد باءت هي الأخرى بالفشل، الأمر الذي ألقى بظلاله على رؤية الإدارة الأمريكية الحالية للصراع، فلم تكن متحمسة من الأصل للتورط في القضية حتى جاءت أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001م، وبداية دوامة الحرب الأمريكية على الإرهاب والإصرار على التعامل عسكرياً مع العراق وما صاحب ذلك من رفض عربي ودولي لتصرف الولايات المتحدة منفردة في كافة القضايا، الأمر الذي أدى بالإدارة الأمريكية إلى تحسين صورتها على المستوى الدولي، أو تحييد بعض الدول المعارضة للحرب على العراق، ومن ثم جاء خطاب الرئيس الأمريكي في 24-6-2002م، ليؤكد التزام الولايات المتحدة بعملية السلام في الشرق الأوسط، وأنها على استعداد لبداية طريق طويل من أجل التوصل إلى حل للصراع العربي الإسرائيلي. ولما كان هذا الخطاب يمثّل أفكاراً عامة، فقد اجتمعت اللجنة الرباعية المكونة من الولايات المتحدة، وروسيا، والاتحاد الأوروبي، والأمم المتحدة، وصاغت تلك الأفكار في شكل خطة عرفت باسم: "خريطة الطريق" لكي يتم طرحها على الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي في 20 ديسمبر 2002م. بيد أن الولايات المتحدة قد أجّلت الإعلان عن تلك الخطة إلى ما بعد الانتهاء من الانتخابات الإسرائيلية المبكرة، وبعد أن يقوم الفلسطينيون بإجراء الإصلاحات المطلوبة منهم في السلطة الفلسطينية، وإلى أن تفرغ من حسم الملف العراقي، وبعد أن تسلم رئيس الوزراء الفلسطيني محمود عباس مهامه في 30-4-2003م، أعلن الرئيس بوش عن خريطة الطريق، وأوفد وزير خارجيته كولن باول في بداية مايو 2003م إلى الشرق الأوسط للحصول على موافقة الطرفين الإسرائيلي والفلسطيني على تلك الخطة، بعد إدخال تعديلات عليها(5).
مواقف مختلف الأطراف من خريطة الطريق
موقفالحكومة الإسرائيلية: بدا واضحاً أن الحكومة الإسرائيلية الحالية قد وصلت إلى استنتاج مؤداه استحالة تحقيق الأمن الذي وعدت به الناخب الإسرائيلي في ظل استمرار الاحتلال وجهود الموقف السياسي، الأمر الذي أدى بإسرائيل إلى قبول الخطة.
ومع هذا القبول يمكن القول بصفة عامة، إن إسرائيل تعتمد عادة في تعاملها مع أي مبادرات من شأنها أن تحرك عملية التسوية السلمية للصراع استراتيجية تقوم في مرحلتها الأولى على السعي لتأخير الإعلان أو طرح أي مبادرات من هذا النوع في محاولة منها لكسب الوقت، بهدف إجهاض أو طي تلك المبادرة نتيجة فقد الأطراف حماسها لها إذا ما تغيرت الظروف التي أدّت إلى تبنيها، وإما بهدف أن يسمح لها الوقت ببلورة استراتيجية ما للتخلص من تلك المبادرة بأقل الخسائر الممكنة، وفي حالة عدم نجاح المرحلة الأولى، فإنها تضطر لقبول المبادرة على أمل القضاء عليها مع مرور الوقت من خلال وضع العراقيل في طريق التطبيق وعدم الالتزام بتفاصيل الاتفاق. بتعبير آخر، فإنها تلجأ إلى سياسة حني الرأس حتى تمر العاصفة.
ففي محاولة إجهاض خطة خريطة الطريق أكّدت إسرائيل في 29-10-2002م أن الرد الإسرائيلي على خريطة الطريق حال طرحها سيكون إيجابياً ولكن بشرط إجراء تعديلات عليها، وبصفة عامة يمكن القول إن التحفظات الإسرائيلية على الخطة التي قيل إنها كانت عامة بلورتها إسرائيل في خمسة عشر تحفظاً تركّزت في النقاط التالية(6):
1 رفض الالتزام بمسألة الجداول الزمنية لتطبيقها، وطالبت في المقابل أن تكون الخطوات المطلوبة منها مربوطة بخطوات سابقة من جانب الفلسطينيين.
2 رفض بدء حل التنظيمات العسكرية الفلسطينية وجمع الأسلحة غير الشرعية في المرحلة الثانية من الخطة بعد انسحاب الجيش الإسرائيلي إلى حدود ما قبل اندلاع الانتفاضة في سبتمبر 2000م.

3 رفض إعطاء مهمة مراقبة تطبيق الخطة إلى اللجنة الرباعية، خصوصاً فيما يتعلق بمراقبة النشاط الأمني الفلسطيني والإصلاحات الأمنية في السلطة الوطنية الفلسطينية، وطالبت بأن تقوم الولايات المتحدة فقط بهذه المهمة.
4 معارضة ذكر مبادرة السلام العربية (السعودية) حتى لا تستند إلى اتفاقات أوسلو لتبرير تأجيل المباحثات حول المستوطنات والقدس إلى المرحلة النهائية.
5 معارضة تركيز الخطة على الموضوع السياسي بدلاً من أن ترتكز على الموضوع الأمني.
6 رفض النص الوارد في الخطة حول حق اللاجئين في العودة، والذي ينص على حل متفق عليه وعادل ومنصف وواقعي لحقوق اللاجئين في إطار الحل النهائي.
7 المطالبة باستبدال الفقرة الخاصة بإقامة الدولة الفلسطينية المؤقتة ذات طابع سيادي، بالنص على قيود واضحة على هذه السيادة، أي أن تكون منزوعة السلاح وغير ذلك مما يعطل فكرة ومضمون إقامة دولة مستقلة.
8 رفض البند الداعي إلى التفكيك الفوري للمواقع الاستيطانية غيرالقانونية التي أُقيمت في عهد شارون، والعمل على استبدالها بعبارة: " تعهد حكومة شارون بفرض القانون بالنسبة للمواقع"، كما ترفض أيضاً تجميد البناء في المستوطنات التي تأتي تلبية لتزايد متطلبات الزيادة السكانية فيها.
9 رفض العودة إلى أوضاع ما قبل 28 سبتمبر 2000م حتى لا تحرم من ثمار ما قامت به من إجراءات عقابية ضد الفلسطينيين.
وعندما وجدت إسرائيل إصراراً من الإدارة الأمريكية على تطبيق الخطة أخذاً ببعض الملاحظات الإسرائيلية وعدم الأخذ بالبعض الآخر، أخذت في تطبيق المرحلة التالية من استراتيجيتها إزاء أي مبادرة للتسوية، وهي حني الرأس حتى تمر العاصفة مع وضع العراقيل أمام تنفيذها، ففي أعقاب الإعلان عن قبول التشكيل الوزاري الفلسطيني الجديد الذي شكّله محمود عباس في 23-4-2003م، أعلنت الولايات المتحدة خريطة الطريق في 30-4-2003م فقبلتها إسرائيل ولكنها بدأت في وضع العراقيل، حيث طالب شارون بأولوية وقف ما يسميه الإرهاب الفلسطيني بكل الوسائل الممكنة لإثبات مصداقية وزارة محمود عباس إزاء قضية الإصلاحات التي تنشدها الخريطة قبل أي حديث عن الاستحقاقات الإسرائيلية التي يتعيّن الوفاء بها، وطالب شارون بإعلان فلسطيني صريح بالتخلّي عن حق العودة منذ المرحلة الأولى لتطبيق الخطة، ثم ذهب إلى ضرورة أن يعترف الفلسطينيون بشكل لا لبس فيه بحق إسرائيل في الوجود كدولة يهودية، وعارضت الحكومة الإسرائيلة ككل فكرة إعلان الدولة الفلسطينية في المرحلة الثانية من الخطة، وتم عرض مشروع بديل لها يدور حول أن الأردن هو فلسطين مع ترك المنطقة من النهر إلى البحر للإسرائيليين؛ وفي الداخل الإسرائيلي رددت كل الأحزاب الدينية والملتصقة باليمين الإسرائيلي بما في ذلك بعض المشاركين في الحكومة الخطاب التقليدي حول رفض قيام الدولة الفلسطينية بخريطة الطريق أو بدونها، ورفضها إخلاء المستوطنات(7). لذلك كله لم يكن مفاجئاً ما تعرّضت له مسيرة التسوية في نهاية يوليو الماضي من توقف.
الموقف الفلسطيني: بدا واضحاً أن الطرف الفلسطيني بات مستعداً للدخول في مفاوضات جديدة مع إسرائيل من أجل تحرير أرضه المحتلة في عدوان يونيو 1967م، وقد استفادت السلطة الوطنية كثيراً من تجربة مواجهة قوات الاحتلال خلال تداعيات انتفاضة الأقصى، ووصلت السلطة الوطنية إلى استنتاج مؤداه أن رسالتها قد وصلت تماماً إلى الحكومة الإسرائيلية، وتأكدت من استحالة فرض الهزيمة على الشعب الفلسطيني، كما وصلت إلى استنتاج آخر مؤداه أن أشكالاً معنية من المقاومة أصبحت تحقق خسائر أكثر من مكاسبها، لذلك رأت السلطة الفلسطينية أن الرد الإيجابي على خريطة الطريق رغم التحفظ العام عليها كونها تبدأ بالتزامات من الطرف الضعيف (الفلسطيني) في مرحلتيها الأولى والثانية سيساعد على فضح حقيقة الموقف الإسرائيلي الرافض لأي تسوية سلام مع الشعب الفلسطيني وقيادته الشرعية، ورغم ذلك الرد الإيجابي أبدى الفلسطينيون بعض الملاحظات على خريطة الطريق، تمثلت في: ضرورة إعطاء المراقبة للجنة الرباعية في كل المجالات، والانسحاب من المدن، ورفض الاغتيالات، ووقف التحريض ضد الفلسطينيين قيادة وشعباً في وسائل الإعلام وكتب التدريس، والتصريحات الإسرائيلية الداخلية والخارجية، ووقف الحصار في الشؤون الفلسطينية الداخلية، والكف عن التصرف في أموال السلطة الوطنية الفلسطينية المحتجزة في إسرائيل، وتحرير هذه الأموال بالكامل، والانسحاب من الأراضي المحتلة، وإلغاء الحصار والإغلاقات الخاصة بالطرق، ووقف الاستيطان بكل أشكاله، وإلغاء مشاريع نهب الأراضي الفلسطينية من خلال بناء الجدار الأمني الفاصل(8).
موقف الدول العربية: بدا أن العالم العربي قد تمكن أخيراً من بلورة موقف واضح ومتماسك تجاه ملف الصراع مع إسرائيل، ومن هنا تم تبني مبادرة سمو ولي العهد السعودي الأمير عبدالله بن عبدالعزيز، وتحويلها إلى مبادرة عربية تنهض على مبدأ الأرض مقابل السلام، وتقضي بتطبيع العلاقات مع إسرائيل في حال انسحابها من جميع الأراضي العربية التي تم احتلالها في عدوان يونيو 1967م، فجاءت مواقف معظم الدول العربية مرحبة بخطة خريطة الطريق، فمصر رأت فيها نقاطاً إيجابية وأخرى بحاجة إلى إيضاح، ثم تطابق الموقف المصري مع الموقف الأمريكي خصوصاً بعد إعلان الأخير عن عدم إجراء تعديلات وأن الخريطة معدة للتطبيق وليس للتفاوض والأمر نفسه بالنسبة للأردن الذي رأى فيها تقدماً كبيراً على مشاريع السلام التي سبقتها، فيما رأت سوريا أن الخريطة شأن فلسطيني وأن ما يهم سوريا هو تحقيق السلام على جميع المسارات(9).
مضمون خطة خريطة الطريق
بدا واضحاً أن الإدارة الأمريكية قد عدلت عن موقف الإحجام عن التدخّل في صراع الشرق الأوسط، وقررت الانغماس فيه على نحو مكثف لتسويته على نحو شامل، وهو ما تبلور في كلمة الرئيس الأمريكي التي ألقاها في 24 يونيو 2002م، والتي دعا فيها إلى إقامة دولة فلسطينية مستقلة، تعيش جنباً إلى جنب مع إسرائيل في أمن وسلام، وهو ما جعلها تعمل على التأكيد على تطبيق خطة خريطة الطريق آخذة في الاعتبار بعض ملاحظات الجانبين الإسرائيلي والفلسطيني عليها.
وخريطة الطريق هي خطة مرحلية تستهدف تحقيق تقدم من خلال خطوات تبادلية من قبل الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي في المجالات السياسية والأمنية والاقتصادية والإنسانية، وبناء المؤسسات تحت رعاية اللجنة الرباعية، وهدفها الأساسي التوصّل لتسوية نهائية وشاملة للصراع العربي الإسرائيلي بحلول عام 2005م، وتقدم الخطة مدى زمني يتسم بطابع عملي للتنفيذ، حيث تستند الخطة إلى الأداء من خلال ما يقدمه كل طرف من جهود في تنفيذ التزاماته. وسوف تؤدي المفاوضات في النهاية إلى ظهور دولة فلسطينية مستقلة وينتهي الاحتلال الإسرائيلي الذي بدأ عام 1967م، وذلك بناء على مبدأ الأرض مقابل السلام، وعلى أساس مؤتمر مدريد، وقرارات مجلس الأمن أرقام 242، 397، والاتفاقات التي توصّل إليها الطرفان في الماضي، وتشمل الخطة المراحل التالية(10):
في المرحلة الأولى من الخطة تطور اللجنة الرباعية خطة عمل مفصلة للتشاور مع الأطراف، ويتم اعتمادها في صورة شاملة، وتعين حكومة فلسطينية جديدة وهو ما تم أيضاً مع تعيين المجلس التشريعي للجنة مكلفة بصياغة مسودة دستور فلسطيني للدولة وتنشئ السلطة الفلسطينية لجنة انتخابات مستقلة، ويراجع المجلس التشريعي عملها ويعدل قانون الانتخابات، كما على السلطة الفلسطينية القبول بحق إسرائيل بالعيش بسلام وأمن، والوقف الفوري للانتفاضة المسلحة وكافة أشكال العنف ضد الفلسطينيين. وبالتنسيق مع اللجنة الرباعية يتم تنفيذ الخطة الأمريكية لإعادة البناء والتدريب واستئناف التعاون الأمني مع مجلس خارجي للإشراف يتكون من الولايات المتحدة ومصر والأردن، على أن تدمج أجهزة الأمن الفلسطينية ويعاد تدريبها، ويتم التعاون الأمني بين الطرفين ، وفي المقابل فإن على إسرائيل تسهيل سفر المسؤولين الفلسطينيين لاجتماعات المجلس التشريعي، وتوقف الحكومة الإسرائيلية الأعمال التي تقوض الثقة بما يشمل الهجمات على المناطق المدنية وهدم البيوت، ومصادرة الممتلكات، ونقل كافة الأموال المحتجزة إلى وزارة المالية الفلسطينية، وتفكك الحكومة المستوطنات التي تم إنشاؤها منذ قيام الحكومة الإسرائيلية الحالية.
وفي المرحلة الثانية تستمر الإصلاحات الفلسطينية لضمان صلاحيات ومسؤوليات المجلس التشريعي، وتُوزع اللجنة المستقلة مسودة الدستور الفلسطيني، وتنسحب قوات جيش الدفاع الإسرائيلي بشكل متسارع من المناطق المحتلة في 28 سبتمبر 2000م، وينتهي الانسحاب قبل إجراء الانتخابات الفلسطينية، وتسهّل الحكومة الإسرائيلية المساعدة من قبل لجنة العمل الخاصة بالانتخابات، وتعيد فتح غرفة التجارة في القدس وباقي المؤسسات الاقتصادية الفلسطينية، وتسعى للتوصّل لاتفاقية أمنية بناءً على خطة "تينيت" وبما يشمل آلية أمنية فاعلة لوقف العنف والإرهاب والتحريض، ويجري الفلسطينيون انتخابات حرة وعادلة للمجلس التشريعي الفلسطيني. وتشترط الخطة أن تحظى بدعم اللجنة الرباعية وحكمها، وعلى أن تبدأ المرحلة الثانية بعد الانتخابات وتنتهي مع إمكانية إنشاء دولة فلسطينية ذات حدود مؤقتة في نهاية عام 2003م. وتدعو هذه المرحلة إلى عقد مؤتمر دولي هدفه إنشاء دولة فلسطينية بحدود مؤقتة، وإعادة الروابط الأخرى مع إسرائيل، وخصوصاً الروابط العربية، وإحياء مفاوضات متعددة الأطراف وحول القضايا الإقليمية.
أما في المرحلة الثالثة الأخيرة 2004 2005م، فالتقدم خلالها بناء على حكم اللجنة الرباعية، وعلى أن يعقد المؤتمر الدولي الثاني بالاتفاق مع الأطراف في بداية 2004م، لإقرار الاتفاق على الدولة ذات الحدود المؤقتة لإطلاق مفاوضات بين إسرائيل وفلسطين نحو حل نهائي ووضع دائم عام 2005م، وبما يشمل القدس، والحدود، واللاجئين، والمستوطنات، والتقدم نحو تسوية شاملة في الشرق الأوسط بين إسرائيل ولبنان وسوريا، على أن يستمر التعاون الأمني بشكل مستمر وفعّال على أساس الاتفاقيات الأمنية.
خريطة الطريق والتسوية
يرى فريق من المحللين أن خطة خريطة الطريق هي الخطة الأفضل لقضية فلسطين، على اعتبار أنها تختلف عن اتفاقيات أوسلو في أمرين(11): الأول: أن لخريطة الطريق مرجعية دولية ممثلة في الأمم المتحدة وروسيا والاتحاد الأروربي والولايات المتحدة الأمريكية، وهذه هي المرة الأولى التي توافق إسرائيل على مرجعية دولية، فقد كانت دائماً ضد تدويل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، فأوسلو التي وقعت مع حزب العمل كان الدور الروسي فيها ثانوياً ولا دور فيها للأمم المتحدة. والثاني: أن تنفيذ الاتفاق سوف يتم وفق جدول زمني تعلن فيه الدولة الفلسطينية في نهاية عام 2005م، كما أن الخريطة تضمنت الاتفاق على طاقم مراقبة أمريكي لإظهار تأكيد واهتمام الرئيس الأمريكي بتنفيذ الحل السلمي، كما تم رفض طلب إسرائيل باستبعاد قضية اللاجئين من خريطة الطريق، وأجبرت إسرائيل على مبدأ القبول بالهدنة وليس كما تريد جمع السلاح واعتقال المقاومين.
وهناك من يرى أن هذه الخطة هي الأكثر اقتراباً من هدف تحرير الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967م بشكل كامل، مع أن الفلسطينيين لم يحصلوا على الصيغة التي أرادوها، وهي إنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي المحتلة عام 1967م بما فيها القدس الشرقية، إلاّ أن الصياغة التي تم الأخذ بها لا تختلف من حيث الجوهر، وهي إنهاء الاحتلال الذي بدأ عام 1967م بناءً على مبدأ الأرض مقابل السلام، ومرجعية مؤتمر مدريد، وقرارات مجلس الأمن 242، 238، 1397، والاتفاقات التي توصلت إليها الأطراف المعنية من قبل، ومبادرة سمو ولي العهد السعودي التي تبنتها القمة العربية المنعقدة في بيروت. كما أن خريطة الطريق تتيح إعلان دولة فلسطينية بحدود مؤقتة في المرحلة الثانية قبل الدخول في مفاوضات الوضع النهائي الأكثر صعوبة، والتي تبدأ في المرحلة الثالثة. ومعنى ذلك أنه إذا فشلت المفاوضات بسبب القدس أو اللاجئين مثلاً يكون الفلسطينيون قد انتزعوا اعترافاً دولياً بدولتهم المستقلة التي تنص الخطة على إعلانها في مؤتمر دولي، ويصبح في إمكانهم والحال كذلك السعي بدعم عربي ومن قوى دولية عدة للحصول على عضوية الأمم المتحدة، بحيث يعتبر أي إجراء إسرائيلي ضدهم اعتداء على دولة عضو في المنظمة الدولية(12).
ويذهب فريق آخر إلى أن خطة خريطة الطريق قد تضمنت عدداً من العناصر السلبية التي تهدد مسيرة التسوية التي تنشدها الخطة، ومن هذه العناصر(13):
1 عدم مراعاة الخطة لضرورة إدماج الحركات الفلسطينية المعارضة مثل: حماس والجهاد في عملية التسوية،

 

 


 

   

رد مع اقتباس