عرض مشاركة واحدة

قديم 27-09-09, 02:52 PM

  رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
البارزانى
Guest

إحصائية العضو



رسالتي للجميع

افتراضي



 

التدخل الانساني في ظل سيادة منطق المصلحة:
لتجاوز الإشكال المطروح آنفا، يقترح بعض صناع القرار وضع عدد من المقاييس التي يعتبر استيفائها ضروريا لمباشرة عملية التدخل. وفي هذا الصدد، يرى Colin Powell وزير خارجية الو.م.أ. وجوب الحصول على رد إيجابي لستة أسئلة قبل تقديم الالتزام بالتدخل ومن ذلك:
-هل الهدف السياسي للتدخل مهم ومحدد بوضوح؟
- -هل تم استنفاذ جميع الطرق الأخرى؟
-ما هي التكاليف المتوقعة للتدخل؟
-هل تمت دراسة الفوائد والمخاطر بعناية؟
-وإذا تمت معالجة الوضع باستخدام القوة، فإلى أين ستؤول الأوضاع؟

ولكن مثل هذه المقترحات تجعل من نطاق عمل الطرف الثالث محدودا جدا ومرتبطا بمصالح الو.م.أ.. ومع ذلك، يجب الإقرار بأنه لا يمكن مطالبة الو.م.أ. بالتحرك بشكل انفرادي أو المشاركة في أي عمل جماعي تقوم به الأطراف الثالثة. لذا قدم الرئيس الأمريكي الأسبق، بيل كلينتون، مقاربة بديلة تقوم على ضرورة الاستيفاء بـ 8 معايير قبل التصويت لصالح أي مشروع قرار أممي يدعو إلى استخدام القوة لمعالجة نزاع داخلي، بحيث ترتفع هذه المعايير إلى 14 عندما يتوقع من الو.م.أ. أن تشارك في العمل الأممي، وإلى 17 إذا ما كانت المشاركة الأمريكية تنطوي على استخدام القوة العسكرية.

ومع أهمية الو.م.أ. كقوة عظمى في أي مسعى تقوم به الأطراف الثالثة، إلا أن Oudraat يقترح معايير عامة تقوم كمرجعية لأي شكل من أشكال البنى التدخلية، ويستمد هذا الطرح من نظريات الحرب العادلة التي سادت في القرن التاسع عشر، والتي يكون التدخل في ظلها قانونيا في الحالات التالية:
-وجود سلطة شرعية لها صلاحية الحرب؟ (الأمم المتحدة أو المنظمات الإقليمية)
-وجود قضية عادلة – هل يعتبر مبرر التدخل مشروعا؟ (الاعتبارات الإنسانية: وقف أعمال الإبادة).
-النوايا الحسنة – ما هي الدوافع الكامنة وراء الحرب؟ (يجب تقديم دليل واضح للحؤول دون استعمال الأوضاع الإنسانية كذريعة للتدخل بشكل عشوائي).
-الملاذ الأخير – هل تم استنفاذ جميع الوسائل الأخرى؟ (يجب إصدار تحذيرات للأطراف التي تقف وراء أعمال العنف الإثنية).
-الإعلان الصريح؟ يجب الامتناع عن المباغتة.
-التناسبية – هل يتناسب قرار الحرب مع مستوى الضرر؟
-توافر آمال معقولة بالنجاح.

ورغم شمولية هذه الضوابط إلا أنها تلقى معارضة من طرف الدول التي ترفض أي تدخل خارج الإطار الأممي. لكن وحسب Glennon، فإنه وإلى حين إيجاد آليات لحماية الضوابط أو القواعد القانونية التي تتم صياغتها من الاستخدام السيئ بواسطة الأقوياء، فإن تجسيد العدالة في العالم لا يمكن أن يتم إلا بشكل ظرفي، فتحقيق العدالة يأتي في المقام الأول، وهي الجزء الصعب من المهمة، أما مراجعة القانون فيتبع لاحقا. ولا شك أن أهم تحدّ يواجه البحث في هذا الإطار هو إشكالية التوفيق بين متطلبات التدخل الإنساني وسيادة الدول.

وفي هذا الصدد، صدر تقرير عن الأمم المتحدة عام 1996، تعرض إلى مجموعة توصيات تهدف إلى تحسين إدارة المنظمات الدولية للنزاعات الإثنية، وتقوم على "الواقعية الإنسانية"، والتي تعني وجوب توفر إرادة لدى أطراف المجموعة الدولية للتدخل، وضرورة توفير إمكانيات للرد بسرعة على التجاوزات الخطيرة لحقوق الإنسان مثل أعمال الإبادة، ويبدو ذلك إقرارا لمرجعية الفصل 6.5 من الميثاق -والذي تم التعرض إليه – الذي يلقي جانبا، الشرط المتعلق بضرورة الحصول على قبول من الدولة المعنية قبل مباشرة أي تدخل، والمتضمن في الفصل السادس من الميثاق.

ورغم أن ذلك يمس بسيادة الدول المعنية، إلا أنه يرتكز على واقع أن الدول التي تشهد مثل هذه التجاوزات، عادة ما ينتفي فيها شكل من أشكال الاستقرار الذي يسمح لقيام سلطة شرعية تحتكر استخدام القوة والقهر المادي، لذا ينتفي مبرر الرجوع إلى حكومة الدولة المعنية للحصول على ترخيص بالتدخل. وفضلا عن ذلك يمكن إيجاد حالات حيث تكون مثل هذه السلطة مسؤولة عن عمليات تقتيل منظمة في حق أقلية إثنية معينة وحالات كهذه تبرر دعوة الأمين العام السابق للأمم المتحدة، بطرس غالي، في أجندته من أجل السلام إلى ضرورة إعادة النظر في المفهوم التقليدي للسيادة.

وبناء على ذلك، يبدو أن النظام الدولي القائم على السيادة المطلقة لا يتيح فرصا مناسبة للتعامل مع العنف الإثني الداخلي، فما هي الخيارات المتاحة أمام الأطراف الثالثة؟ يمكن إيجاد تصورين مهمين بهذا الشأن في أدبيات النزاعات الإثنية؛ الأول يقضي بفصل الأمة عن الدولة، ويعود هذا الطرح إلى Gidon Gotliep؛ أما الثاني فيقضي باعتبار السيادة مسؤولية وليس حقا مكتسبا، ويتزعم هذا الطرح Francis Deng وآخرون.

 

 


   

رد مع اقتباس