عرض مشاركة واحدة

قديم 28-03-10, 09:54 PM

  رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
الباسل
المديــر العـــام

الصورة الرمزية الباسل

إحصائية العضو





الباسل غير متواجد حالياً

رسالتي للجميع

افتراضي



 

دور الجنرال كريتون أبرامز خلال الحرب العالمية الثانية

11. عندما غزا الألمان بولندا في بداية سبتمبر 1939م كان لديهم عشر فرق مدرعة لم تكن منظمة في جيش مدرع، تمكنت هذه الفرق من استثمار الفوز من خلال الخرق والتقدم بمعدل 40 ميل يومياً وحققت النصر في 18 يوماً، وفي بداية حملة الألمان على الجبهة الغربية عام 1940م نظموا فرق البانزر إلى فيالق مدرعة، ودفعوا بوحداتهم المدرعة عبر أجنحة خط ماجينز والتي اعتبرت أرضا غير مناسبة للدبابات ، وواصلوا قتال الإنجليزي في 11 يوما.

12. بعد نجاح الحرب الألمانية الخاطفة عام 1940م أخذت كل من بريطانيا والولايات المتحدة الأمريكية تشكلان الفرق المدرعة بسرعة فزادت بريطانيا فرقها من فرقتين إلى 11 فرقة إضافة إلى عدد من ألوية الدبابات المستقلة ، وشكلت الولايات المتحدة عام 1940م فرقتين مدرعتين ثم زادتها خلال الحرب إلى 16 فرقة كان كريتون أبرامز قائداً لإحدى هذه الفرق، وقد استخدم هذا القائد المدرعات معتمد على التفوق العددي الذي كانت تتمتع به المدرعات الأمريكية والتي تم حشدها وانتشارها على جبهة واسعة موزعة على التشكيلات المختلفة .

13. أثناء وجود الجنرال كريتون أبرامز على رأس قيادة كتيبته الجديدة ( الكتيبة المدرعة 37 ) تربع على زعامة الفرقة 4 المدرعة والجيش الثالث الأمريكي حيث اشتهر عنه بأنه قائد المدرعات العنيف، وعرف عنه أيضاً استغلاله لكافة المميزات التي تحت يديه مثل السرعة والمرونة التي توفرها له وحدته المدرعة حيث بها تمكن من هزيمة القوات الألمانية على الرغم من امتلاكها لدروع أقوى وطواقم أفضل مما لدى الأمريكيين خلال الحرب العالمية الثانية.

14. استخدم كريتون أبرامز أساليب مختلفة في تعبئة الدروع خلال الحرب العالمية الثانية، ويعتبر أهم درس تم الحصول عليه من هذا القائد هو استخدام الدبابات في جيش مستقل بدعم الإسناد الجوى لتحقيق الأهداف التعبويـة والاستراتيجية، وفيما يلي بعض من هذه الأساليب :
أ. معركة المناورة. استخدم هذا الأسلوب التعبوي كريتون أبرامز بكثافة وبنجاح فائق في المناطق المفتوحة، وفي هذه الطريقة من القتال يكون الهدف الأولى هو تدمير قوات العدو وليس كسب الأرض، وتجر فيها دبابات العدو إلى مواقع أسلحة مقاومة الدروع المحضرة جيداً، ثم تدمر بهجوم جانبي بأكبر عدد من الدبابات المتوفرة وتقوم القوة الجوية بالمشاركة في تدمير دروع العدو وحماية قوة المناورة الممثلة في القوة المدرعة.
ب. الالتفاف. استخدم كريتون أبرامز جزء من الدبابات لإسناد المشاة لأحداث اختراق، بينما يقوم الجزء الأكبر من الدبابات بالهجوم من أحد الجوانب أو الجانبين على مناطق العدو الخلفية أو دفاعاته العميقة، مع معاونة الطائرات لإنهاك العدو وحماية أجنحة قوة المناورة ولزيادة قوة نار المدفعية المساندة لقوة المناورة.
ﺠ. التفوق الساحق. استخدم هذا الأسلوب كريتون أبرامز في المراحل المتأخرة من الحرب العالمية الثانية، وذلك بالاستفادة من التفوق المطلق في عدد دبابات قوات كريتون أبرامز لسحق العدو الأقل عدداً والأفضل تدريباً.
د. الاختراق. حيث استخدام كريتون أبرامز الدبابات كجزء من قوة واجب تتقــدم المشــاة ومعهــا بعض الدبابـات كــرأس حربـــة باسناد المدفعيــــة وســـــلاح الجــــو، وتقوم الدبابات بضربة قوية على جناح العدو.

تكريم الجنرال كريتون أبرامز

15. نتيجة لمهارات كريتون أبرامز وإمكانياته في الحرب العالمية الثانية ودورة الكبير في هزيمة القوات الألمانية قامت الحكومة الأمريكية بمنحه مرتين وسام الخدمة العسكريــــــة البارزة ( Distinguished Service Cross ) فـــي 20 ســبتـمبـر 1944م، ووسام الشرف ( Medal of Honor ) في 26 ديسمبر 1944م.

16. كتبت العديد من الصحف والجرائد عن شجاعة وعبقرية الجنرال كريتون أبرامز وذكرت بعضها عن الإمتيازات والقوة التي إشتهر بها وأخرى تكلمت عن فشلة في بعض المواقف سواء في حرب فيتنام أو الحرب الكورية نذكر منها ما كتب أحد الصحفيين الأمريكيين ويدعى ( Will Lang ) كتاباً أسمه ( Colonel Abe ) تناول فيه أقوال القادة الذين عمل كريتون أبرامز تحت أيديهم، حيث يقول عنه الجنرال باتون " من المفترض أن أكون أفضل قائد دبابة في الجيش الأمريكي ولكن عندي من ينافسني مهارة ويقصد الجنرال كريتون أبرامز "([1]).

الجنرال كريتون أبرامز في فترة مابعد الحرب العالمية الثانية

17. بعد الحرب العالمية الثانية تم تعيينه بهيئة أركان الجيش الأمريكي حيث إستمر من سنة 1945م إلى 1946م، ثم إنتقل ليكون رئيس لقسم الوسائل الدراسية في مدرسة المـــدرعــات الأمريـكـــي (Fort Knox) ثم إلتحــــق بكليــــة القــادة والأركـــــان الأمريكيــــــــــــــة( Fort Leavenworth ) الواقعة بولاية كنساس والتي تخرج منها عام 1949م.

18. بعد تخرج الجنرال كريتون أبرامز من كلية والقيادة والأركان الأمريكية تم تخفيض رتبته من عقيد إلى مقدم وذلك أثناء تسريح القوات الأمريكية بعد انتهاء الحـــرب مباشرةَ وتم تعيينه على رأس الكتيبة 63المدرعة من فرقة المشاة الأولى والموجودة في أوروبا خلال الفترة من 1949م إلى 1951م، علماً أنه تم إعادة ترقيته لاحقاً إلى رتبة عقيد.

19. عيّن الجنرال كريتون أبرامز قائد للواء 2 المدرع في الفترة من 1951م إلى 1952م في ألمانيا، وحيث كانت الوحدات التي تولى قيادتها على درجة عالية من الأهمية وذلك لتكليف هذا اللواء لمواجهة احتمال غزو الإتحاد السوفييتي لأوروبا الغربية أثناء فترة الحربالباردة، وفي نفس تـلك الفترة دخل الجنرال كريتون أبرامز كلية الحرب العليا الأمريكية لتكملة دراسته العسكرية حيث تخرج منها عام 1953م، إشتهـر كثيراً خلال مدة خدمته في ألمانيا حيث تكلمت عنه الصحف كثيراً وظهر على أغلفة مجلة التايمز ثلات مرات ( في 13 أكتوبر 1961م، 19يناير 1968م، 15 فبراير 1971م).

دور كريتون أبرامز فيالحرب الكورية

20. في 25 يونيو 1950م ووسط جو صيفي ماطر اجتازت قوات كوريا الجنوبية خط العرض 38 بعد قصف مدفعي عنيف امتد على طول الحدود واختلط هديره بهدير الرعد وتحركت آلة الحرب التي طال إعدادها لتنكيس الشمال بضربة واحدة وتحقيق حلم سينغمان ري باحتلال بيونغ يانغ خلال 3 أيام وانتقلت الإمبريالية الأمريكية وعملائها حسب تصريح وزير الخارجية السوفيتي أندريه جروميكو " من سياسة التأهب للعدوان إلى سياسة التدخل السافر "([2]) .

21. اهتز العالم لهذا النبأ ونظرت كافة الأوساط السياسية الدولية بعين القلق لهذا الصراع المسلح الذي اندلع في منطقة حساسة من مناطق المجابهة الباردة بين المعسكرين العملاقين وعلى مقربة من الحدود الشرقية لأكبر دولتين اشتراكيتين ولكن هذه الأوساط لم تفاجأ أبداً ببدء العمليات التي طالما أعلن القادة الأمريكيون وصنيعتهم سينغمان روي عن نيتهم بشنها وعن قدرتهم على "توحيد البلاد" بقوة السلاح خلال فترة محدودة ففي يونيو 1949م جمع جون موسيو السفير الأمريكي في سئول وزيري الدفاع والعدل في كوريا الجنوبية وطلب منهما "الاستعداد بفاعلية لأن المسيرة نحو الشمال تعتبر في مركز سياسة الولايات المتحدة الأمريكية في الجمهورية الكورية"، وفي 9 مايو 1950م أعلن جونسون رئيس الإدارة الأمريكية لمساعدة كوريا في لجنة الإعتمادات بمجلس النواب الأمريكي "أن مائة ألف من جنود كوريا الجنوبية وضباطه المزودين بالعتاد الأمريكي والذين دربتهم البعثة العسكرية الأمريكية قد فرغوا من استعداداتهم ويستطيعون أن يبدأوا الحرب في أي وقت.

22. بسبب خدمة كريتون أبرامز المميزة في أوروبا سواء خلال الحرب العالمية الثانية أو ما بعد الحرب خلال الحرب الباردة وكذلك لخبرته الدراسية وخاصة بعد إلتحاقه بكلية الحرب العليا وتخرجه منها تم ضمه إلى الحرب الكورية في الفترة الأخيرة من الحرب حيث شغل منصب رئيس الأركان للقوات الأمريكية في كوريا فيالفترة من 1953م إلى 1954م إلا إنه لم يحقق ذلك النجاح الذي كان يتمناه.

مشوار الجنرال كريتون أبرامز بعد الحرب الكورية

23. بعد عودته من كوريا شغل منصب رئيس هيئة أركان في مركز المدرعات الأمريكية والمتمركزة في ( Fort Knox ) خلال الفترة من 1954م إلى 1956م وبعدها بفترة تم ترقيته إلى مساعد جنرال وعيّن نائب رئـيس هيئة أركان المخازن الأمريكية حيث إستمر من 1956م إلى 1959م.

24. تولى الجنرال كريتون أبرامز لاحقاً منصب مساعد قائد الفرقة المدرعة 3 وذلك خلال الفترة من 1959م إلى 1960م، ثم تربع على قيادة الفرقة المدرعة 3 من تاريخ 1960م إلى 1962م ومنها تم ترقيته إلى رتبة جنرال أركان حرب ليتم تحويله إلى البنتاجون كنائب رئيس هيئة أركان العمليات الأمريكية ولمدة سنة واحدة من 1962م إلى 1963م، بعدها يتم ترقيته ليتولى مهمة أركانالفيلق V المتواجد في أوروبا برتبة الفريق الجنرال قائد الفيلق V إعتباراً من 1963م إلى 1964م.

دور الجنرال كريتون أبرامز في حرب فيتنام

25. نتيجة للخسائر الأمريكية الضخمة في حرب فيتنام تم تعيينكريتون أبرامز نائب للجنرال ( William Westmoreland ) كقائد المساعدة للعمليات العسكرية في حرب فيتنام وذلكفي مايو 1967م، ثم تولى القيادة بدلاً من الجنرال Westmoreland فى 10 يونيو 1968م، إلا أن فترة خدمته في فيتنام لم تكن على درجة مميزة من الكفاءة، لذلك تناولته كلالصحف الامريكية والفيتنامية على سياسته وإدارتة للقوات الأمريكية والفتنامية الجنوبية.

26. حتى يستطيع إعادة السيطرة والإنتصار على قوات الشماليين الفيتناميين تفرعت تحت قيادتة بعض من القوات الأمريكية إلى مجموعات صغيرة ليتم تدريبها من بعض الفيتناميين الجنوبيين لحماية مدنهم وقراهم من هجمات الشماليين،وكانت إستراتيجيته ناجحة جداً لدرجة إستطاع تحقيق الجنوبيين نصر هائل على قوات الشماليينبمساعدة أمريكية عشية عيد الفصح .

27. بينما كان الجنرال كريتون أبرامز يغير مناتجاه المعركة في فيتنام، كانت الحرب في فيتنام تقابل بمعارضة من قبل معظم فئات الشعب الأمريكي،الأمر الذي أدى إلـــى تسارع الجهود الدبلوماسية لإنهاء هذه الحرب، وكنتيجة لذلك تناقصت القوات التي تحت إمرة كريتون أبرامز من ( 535000 ) جندي في ديسمبر 1968م إلى ( 140000 ) جندي في ديسمبر 1971م ثم إلى ( 30000 ) جندي في نهاية الحرب .

27. الإستراتيجية العسكرية الأمريكية في فيتنام . توجه إستراتيجية الولايات المتحدة الأمريكية في فيتنام لمختلف الصنوف في عمل القوات البرية والجوية والبحرية، فهي تعتمد على تجميع هذه الصنوف معاً معتمدة على عدة أساليب نذكر منها:
أ. وحدة ذات قدرة عالية من الكفاءة.
ب. تتبع المبادئ العامة في الحرب من القوة، الأمن، الاقتصاد بالقوة.
ﺠ. التنظيم الجيد.
د. التوقع والتنسيق والتخصص.

29. القيادة الإستراتيجية الأمريكية في فيتنام . يقوم وزير الدفاع بمساعدة ثلاثين من العقول العسكرية والمدنية ويمارس السلطة من خلال أمناء سر الجيش والبحرية والطيران وسلسلة القيادة العملياتية عبر رؤساء الأركان، وتعمل القيادة من مطار ثان سون نوت، ممثلة بالجنرال وليام تشيلد ويستمورلاند ومساعده للعمليات العسكرية الجنرال كريتون أبرامز والذي قد تولى القيادة فيما بعد في 12 أبريل 1968م بدلاً من الجنرال وليام تشيلد ويستمورلاند.

30. هجوم الربيع الاستراتيجي . بنهاية عام 1967م وصلت الحرب المحدودة في فيتنام لذروتها وذلك من خلال ما يلي:
أ. دفعت الولايات المتحدة الأمريكية أفضل وحداتها العسكرية وأسلحتها وتجهيزاتها وضباطها وفنييها وبنت جيوشاً محلية جرارة واستقدمت وحدات من البلدان الحليفة، أما الثورة الجنوبية فانتقلت إلى مرحلة التصعيد بعد المؤتمر الاستثنائي الذي عقدته الجبهة وأقرت فيها برنامجاً سياسياً يعزز الوحدة الوطنية ويمد الثورة بمزيد من القوى البشرية والمادية والتقنية، وبمقابل ذلك تعمقت أزمة النظام الجنوبي الداخلية والسياسية وأصبح غير قادر على الإستفادة من الإمكانيات العسكرية المتوفرة لديه، أما القيادة الثورية فأصبحت قادرة على الحركة العسكرية باتجاهين، باستخدام الوحدات النظامية لضرب المراكز المعادية وتكثيف العمليات الفدائية في مناطق دلتا المكونغ وأصبح تحت سيطرتها مناطق واسعة وعشرات الآلاف من الشباب وبلغ عدد الأسلحة التي حصلت عليها من القوات المعادية 104 ألف قطعة من مختلف الأنواع، وفي الشمال تصاعدت الحملة الوطنية لمقاومة الغارات الأمريكية وتعزيز البناء الداخلي من تعبئة الشعب والجيش وتقوية القدرات الدفاعية الجوية وتطوير القوات المسلحة وتكثيف العمل السياسي وإحباط عمليات التخريب والحفاظ على الأمن الوطني والاشتراكي.
ب. عام 1968م قررت القيادة الأمريكية زيادة عدد قواتها من 487 إلى 525 ألف عسكري أمريكي، وبلغ مجموع القوات التي تحت تصرف القيادة الأمريكية بقيادة الجنرال وليام تشيلد ويستمورلاند ومساعدة للعمليات العسكرية الجنرال كريتون أبرامز مليون ومائتي ألف بين أمريكي وفيتنامي جنوبي وقوات حليفة، لكن كل هذه القوات كانت فاقدة المبادرة في معظم الجبهات الجنوبية، وحاول الجنرال الأمريكي كريتون أبرامز مساعد العمليات العسكرية التركيز على الطريق رقم 9 فأرسل خمسين ألف جندي لحمايته، وفي الأثناء صعد الثوار من هجماتهم في تلك المنطقة فأرسلت تعزيزات جديدة، وأوحت القيادة الفيتنامية عبر تحرك قواتها بأنها ستخوض معارك واسعة في تلك الجبهة، وفي نفس الوقت كانت التحضيرات الأخيرة للهجوم الثوري المضاد وهو الهجوم الاستراتيجي العظيم الذي أطلق عليه اسم هجوم ( التيت ) أو الربيع نسبة إلى رأس السنة القمرية الفيتنامية.
ﺠ. في ليلة 29-3 يناير 1968م بدأ هجوم الحركة الثورية الواسعة للفيتناميين والذي شمل هجمات عسكرية وانتفاضات شعبية مسلحة ضد ستين مدينة وعاصمة إقليمية ومركز حربي، وقد تم خلال هذا الهجوم إبادة وفرار وأسر 270 ألف جندي سايجوني بالإضافة إلى عشرين ألف جندي أمريكي وحليف بعضهم قتل والبعض الآخر أخرجوا من القتال وتدمير وإصابة 1800 طائرة متنوعة، و4 آلاف آلية منها 1300 دبابة ومدرعة، وتدمير والإستيلاء على كميات هائلة من التجهيزات والذخائر والوقود.
د. شهدت سايجون والمنطقة المحيطة أكبر حركة تنسيق بين الوحدات المسلحة والقوى السياسية الشعبية شن الفدائيون خلالها هجمات صاعقة ضد القصر الجمهوري والسفارة الأمريكية ومقر قيادة الجيش والإذاعة والقيادة البحرية والمظلية والشرطة والمطار ومخازن الذخيرة والوقود، وقامت القوى الشعبية بالتحرك والإنتفاضة بحيث تمكن من إقامة سلطتها الثورية على أنقاض الإدارة الرجعية عبر لجان الإدارة الذاتية وأنشأت وحدات الدفاع الذاتي في الأحياء، وتمكن الثوار من احتلال خمسة طوابق من السفارة الأمريكية من أصل سبعة بعد تحطيم التحصينات والحواجز، وفي قيادة الجيش دمر الثوار ثلاثين مدرعة وأصابوا 400 عسكري وفي المطار دمرت وأعطبت خمسين طائرة وقطعت حركة المرور الجوية والبرية والاتصالات عن العاصمة وتوقفت الإذاعة عن البث وعزلت سايجون عن الخارج.
ﻫ. بعد قيام الثوار بكل تلك الهجمات تم الإعلان عن قيام تحالف القوة الوطنية والديمقراطية والسلمية في المدينة وأنشأت اللجنة الثورية الشعبية لإدارة المدينة.
و. الآثار العسكرية لهجوم الربيع . بعد الهجوم الأخير ( التيت ) قام رئيس الأركان هويلر مع بعثة عسكرية بالذهاب إلى سايجون وعاد ليبلغ الرئيس أن الوضع سيء وبأن المبادرة بيد الفيتكونغ وأن قائد القوات الأمريكية في فيتنام بحاجة إلى 206 آلاف جندي إضافي، وقد تم نقل الجنرال ويستمورلاند قائد القوات الأمريكية بعد هذا الهجوم ( التيت ) وتعين مكانه الجنرال كريتون أبرامز والذي قام بتغيير سياسة سلفه واتبع سياسة التنظيف والاحتفاظ بالمناطق المحيطة بالمدن الكبرى والقواعد الرئيسية، وهذه السياسة تقضي بالتقليل من العمليات البرية والاعتماد على العمليات الجوية والبحرية والمدفعية المكثفة واستخدام الأسلحة الكيماوية، ومن أبرز العمليات التي شنها الجنرال كريتون أبرامز بعد تولية منصب القيادة في فيتنام عملية النصر الكامل والنصر المؤكد والنصر الأعظم وكينتاكي ويلاوير والتي أسفرت عن تكبيد القوات خسائر بشرية بلغت 84 ألف قتيل ومصاب وأسير.
ز. نتائج هجوم الربيع . صعدت الخلافات بين الإتجاهين في الإدارة الأمريكية، فالأركان المشتركة طلبت بقصف مركز على قلب هانوي وهايغونغ وإعلان التعبئة العامة رداً على الهجوم، وأيدها في ذلك بروان وزير القوى الجوية بينما وزارة الدفاع بما فيهم قائد القوات الأمريكية في فيتنام كانت تنادي بالحد من القصف على الشمال والمدن وإرسال القوات إلى الجنوب وأيده وزير الخارجية، أما وجهة النظر الثانية عززتها تقارير اللجنة المختصة التي طالبت بإعطـاء فرصة للفيتناميين الجنوبيين للدفاع عن أنفسهم، وتقارير المخابرات الأمريكية أكدت أنه رغم زيادة القوات الأمريكية التي تحت قيادة الجنرال كريتون أبرامز وتصعيد الموقف فإن العدو قادر على المواجهة.
ح. الآثار السياسية لهجوم الربيع . حاولت الإدارة الأمريكية إقناع الرأي العام الأمريكي بفشل الأهداف الحقيقية للهجوم الفيتنامي وادعى جونسون خلال المؤتمر الصحفي بأن الهجوم كان متوقعاً وأن الإجراءات الكفيلة بإيقافه كانت فاشلة، ونشطت الأجهزة الإعلامية للترويج لمقولة أن الفيتناميين فشلوا في الانتفاضة الشاملة المسلحة لاستلام السلطة في كل الجنوب وتكبدوا خسائر فادحه، وتحدث وزير الخارجية كيسنجر عن الهزيمة الساحقة للفيتناميين في هجوم التيت واعترف بأن عظمة الهجوم والتضحية جعلت منه نصراً سيكولوجيا أما التقارير حول فشل الهجوم فلم تمنع الأزمة داخل الإدارة الأمريكية ولم تمكن الوزير مكنمارا عن التخلي عن موقعه حيث عين بدلاً منه كليفور كوزير للدفاع وفي داخل الحزب الديمقراطي انضم روبرت كيندي للمعارضة وقرر خوض الانتخابات الرئاسية، وأمام هذه الوضع دعا الرئيس جونسون مجلس العقلاء وكانت النتيجة نصيحة للرئيس من القائد الميداني في فيتنام كريتون أبرامز بعدم تصعيد الحرب، وتم بناء على هذه النصيحة عقد مؤتمر صحفي للرئيس جونسون أعلن فيه عن تحديد القصف لشمال فيتنام بالمناطق الواقعة جنوبي خط العرض 20 فقط، ودعا الفيتناميين إلى مائدة المفاوضات، وكانت تلك أول خطوة في مسيرة المفاوضات.
ط. عند تولي الجنرال كريتون أبرامز القيادة في فيتنام وتسلم كليفور وزارة الدفاع أمر بإرسال 30 ألف جندي ودعوة مائة ألف من قوات الاحتياط للإنضمام إلى قوات الجنرال كريتون أبرامز في فيتنام، مع أن التقارير التي أمامه تتحدث عن عزيمة الفيتكونغ التي لم تهتز نتيجة لهجوم الربيع في المدن وعن تحركهم داخل الأرياف ولم يكن أمام الجنرال كريتون أبرامز سوى التحرك في الجبهتين الضعيفتين وهما:
(1) توجيه القصف الجوي ضد المحافظات في المنطقة المسموح بها والاستمرار في تدمير خطوط المواصلات.
(2) العمل على تكثيف الإجراءات بتحقيق سياسة التنظيف والاحتفاظ حول المدن الرئيسية والقواعد الرئيسية.
ي. لم تمنع الثوار الخطوات التي اتخذها الجنرال كريتون أبرامز من تشديد حزامهم الصلب حول المواقع والمراكز الأمريكية مما دفع القيادة الأمريكية بقيادة كريتون أبرامز باتخاذ قرارها لإخلاء القاعدة الشهيرة ( جي سانه ) في كوانغ تري ومع ذلك قام الثوار بمهاجمة القاعدة واحتلوها، كما قاموا بالمزيد من الهجمات على قواعد العدو، واستمر النضال السياسي داخل المدن ومحيطها وازداد النفوذ السياسي والعسكري للجبهة وتمكنت من الضرب في المدن الرئيسية ومراكز قوة العدو وخاضت معارك واسعة ضد جبهات العدو وألحقت بقوات كريتون أبرامز خسائر عسكرية وبشرية ومادية كبيرة.
ك. من الناحية السياسية استمر النضال الشعبي في المدن ووجد شبكة إدارية للتنسيق مع العمل العسكري، وساهم بفعالية بتمزيق الإدارات الرجعية وتشتيت القوات المحلية وبلغ المد الوطني ذروته السياسية بإعلان التحالف للقوى الوطنية والديمقراطيـة والسلمية بهدف الإطاحة بالأمريكيين ونظام تيو – كاوكي وإقامة السلطة الشعبية في جنوب مستقل ديمقراطي ومزدهر والعمل لتوحيد الوطن كله.
ل. وهكذا دق المسمار الأخير في نعش الحرب المحدودة وأشهر انتصار الفيتناميين على خطة توسيع الحرب البرية جنوباً والجوية شمالاً وتفوقوا على الأسلحة التكنولوجية وعبقرية الجنرال كريتون أبرامز.

 

 


الباسل

يتولى القادة العسكريون مهمة الدفاع عن الوطن ، ففي أوقات الحرب تقع على عاتقهم مسؤولية إحراز النصر المؤزر أو التسبب في الهزيمة ، وفي أوقات السلم يتحمّلون عبء إنجاز المهام العسكرية المختلفة ، ولذا يتعيّن على هؤلاء القادة تطوير الجوانب القيادية لديهم من خلال الانضباط والدراسة والتزوّد بالمعارف المختلفة بشكل منتظم ، واستغلال كافة الفرص المتاحة ، ولاسيما أن الحياة العسكرية اليومية حبلى بالفرص أمام القادة الذين يسعون لتطوير أنفسهم وتنمية مهاراتهم القيادية والفكرية

   

رد مع اقتباس