عرض مشاركة واحدة

قديم 17-04-09, 10:07 AM

  رقم المشاركة : 4
معلومات العضو
الباسل
المديــر العـــام

الصورة الرمزية الباسل

إحصائية العضو





الباسل غير متواجد حالياً

رسالتي للجميع

افتراضي



 

طاعة الأوامر الأعلى

نظراً لأن ضباط الأركان المتهمين بجرائم الحرب قد يتذرعوا بحجة طاعة الأوامر الأعلى، فقد أُجيزت القوانين المتعلقة بتلك المسألة، فجميع قوانين العالم تقر شرعية طاعة الأوامر العسكرية، ولكن يفترض في الأوامر العسكرية أن تكون قانونية، ويتحمل الجندي بنفسه مسؤولية عدم طاعتها.

وبالعودة إلى مثال الهجوم الجوي على مدينة "دريزدن" الألمانية، لنفترض أن ضابط أركان القوات الجوية في وقتنا الراهن قد وضع خطة لعملية تستهدف معنويات السكان المدنيين، ولكن تلك العملية أحدثت خسائر جسيمة في صفوف المدنيين وألحقت أضراراً بالممتلكات لا تتناسب مع الأهداف العسكرية المتوقعة، مما تسبب في توجيه تهمة ارتكاب جريمة الحرب، فهل يتذرع أولئك الأركان بطاعة الأوامر الأعلى؟ إذا كان ضابط الأركان يعلم أن القصف الجوي يستهدف السكان المدنيين في المقام الأول كجزء من حملة ترويع لإضعاف روحهم المعنوية فإنه لا يمكنه اتخاذ طاعة الأوامر ذريعة لعمله.

لقد كان قتل السكان المدنيين عمداً ممنوعاً قبل الحرب العالمية الثانية، ولكن من المؤسف أن القصف الجوي على وجه التحديد لم يكن منصوصاً عليه في اتفاقية دولية.

وفي العشرينيات من القرن العشرين، اجتمعت لجنة قانونية عالمية في لاهاي وأعلنت منع القصف الجوي الذي يستهدف ترويع السكان المدنيين أو تدمير وإتلاف الممتلكات غير العسكرية أو جرح غير العسكريين، ولكن لم تتبن الدول مسودة لاهاي عن الحرب الجوية، كما لم يصبح مشروع قرار عصبة الأمم المتحدة عام 1938م عن تحريم القصف الجوي للسكان المدنيين ملزماً قانونياً.

وفي الوقت الراهن أصبح المنع القانوني على مثل هذه الهجمات الجوية أكثر وضوحاً، حيث ينص البروتوكول الأول من اتفاقيات جنيف على أنه: "لا ينبغي أن يكون السكان المدنيون هدفاً للهجوم"، و "منع الأعمال والتهديدات التي تستهدف في المقام الأول نشر الرعب بين السكان المدنيين"، كما يمنع البروتوكول المشار إليه الهجمات التي لا تميز بين العسكريين والمدنيين، بما في ذلك القصف الذي يستهدف أهدافاً عسكرية داخل مدن مأهولة بالسكان.

وعلى النقيض من ذلك، إذا كان ضباط الأركان يعتقدون أن الهجوم على مدينة دريزدن الألمانية كان شرعياً لأنه استهدف المنشآت العسكرية في المدينة والسكك الحديدية، ولكن الغارة اعتبرت غير شرعية لاحقاً، لأن القصف لم يتناسب مع ما أحدثه الهجوم، ففي هذه الحالة يمكن التذرّع بحجة طاعة الأوامر الأعلى، لأن عدم شرعية الهجوم لم تكن واضحة لضباط الأركان في بداية الأمر.

يتضح مما سبق أن الخطر الفاصل بين الأعمال الممنوعة والمباحة يتداخل في النزاعات المسلحة، فما هو غير مقبول في أوقات السلم قد يكون مباحاً في أوقات الحرب، وإنما تتحدد شرعية العمل بالظروف المحيطة به. يظهر ذلك بجلاء فيما ينطوي عليه القانون العسكري في تناقضات: فالعسكريون يدربون الجنود على الطاعة العمياء للأوامر العسكرية، وتنص الأنظمة العسكرية على ذلك، وعلى النقيض من ذلك فإن الأنظمة ذاتها تعاقب الجنود الذين يطيعون أوامر غير شرعية، متوقعة منهم أن يكونوا عقلانيين عند الحكم على الأمور، كما يمنع القانون العسكري قتل المدنيين، ولكنه يسمح بإطلاق النيران على جنود العدو الذين يهاجمون مواقع القوات الصديقة أو يحاولون اختراقها.

ولكن ما هي الخيارات القانونية المتاحة لصد هذا الهجوم إذا كانت قوات العدو تستخدم المدنيين كدروع بشرية لتغطية الهجوم؟ وهل يكون تنفيذ ضابط الأركان للأمر أو توزيعه قانونياً؟ للإجابة على هذه الأسئلة يدرس القضاة والمحامون طرق الحل البديلة أمام القائد ومنها: التشبث بالموقع، أو الانسحاب، أو الاشتباك بالقناصة بدلاً عن إطلاق النيران الأتوماتيكية، أو استخدام الغازات المسيلة للدموع ويجرون موازنة بين الخيارات المختلفة وقانون الحرب حتى يتوصلوا إلى نتيجة قانونية. ولكن الضباط الميدانيين وأركانهم نادراً ما يتلقوا تدريباً قانونياً يمكنهم من الحكم على الأمور، فضلاً عن أن التوتّر والإرهاق والاضطراب المصاحب للعمليات العسكرية لا يتيح فرصة لتحديد شرعية الأمر أو عدمه.

وخلاصة القول إن ضابط الأركان عليه تنفيذ الأمر ما لم تكن عدم شرعيته واضحة للعيان، وينبغي أن يكون القانون الحاكم لمسؤولية ضباط الأركان عن جرائم الحرب مراعياً للبيئة الحقيقية للعمليات والأعمال التي يمكن لضابط الأركان القيام بها فعليا

المصدر : مجلة كلية الملك خالد العسكرية

 

 


الباسل

يتولى القادة العسكريون مهمة الدفاع عن الوطن ، ففي أوقات الحرب تقع على عاتقهم مسؤولية إحراز النصر المؤزر أو التسبب في الهزيمة ، وفي أوقات السلم يتحمّلون عبء إنجاز المهام العسكرية المختلفة ، ولذا يتعيّن على هؤلاء القادة تطوير الجوانب القيادية لديهم من خلال الانضباط والدراسة والتزوّد بالمعارف المختلفة بشكل منتظم ، واستغلال كافة الفرص المتاحة ، ولاسيما أن الحياة العسكرية اليومية حبلى بالفرص أمام القادة الذين يسعون لتطوير أنفسهم وتنمية مهاراتهم القيادية والفكرية

   

رد مع اقتباس