عرض مشاركة واحدة

قديم 28-03-09, 04:19 PM

  رقم المشاركة : 11
معلومات العضو
البارزانى
Guest

إحصائية العضو



رسالتي للجميع

افتراضي



 

أفغانستان من الداخل (الحلقة الحادية عشرة) ـ جامعة كابل تناضل للنهوض من تحت الركام
طالبان حرمت تعلم الكيمياء بزعم أنها سحر شيطاني
نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة
كابل: محمد الشافعي
في الوقت الذي تبذل فيه المساعي لإعادة الأمن والاستقرار الى ربوع افغانستان، بدأ الحديث عن وضع خطط لمساهمة المجتمع الدولي في إعادة إعمار وتنمية البلاد، وتتجسد صعوبة تلك المهمة في الحالة المتردية التي وصلت لها أكبر المؤسسات التعليمية الأفغانية وهي جامعة كابل وقد كانت واحدة من أبرز جامعات آسيا.
وكانت أفغانستان في الماضي تتفاخر بالجامعة بين دول المنطقة، لكن الحرب الأهلية دمرت أغلب منشآتها، ثم جاءت حكومة طالبان وفرضت قيوداً شديدة على مناهجها التعليمية، واعتبرت الكيمياء في عهد الحركة الاصولية رجس من الشيطان وسحر بين. فالكيمياء كانت حسب افكار الحركة الاصولية ليست بعلم وهي غواية شيطانية ومن أعمال السحر وكان منطلقهم الذي أسسوا عليه هذا القرار العجيب هو ان الكيميائيين يصنعون الخمر من العنب. ووجدت اكثر من ألفي طالبة انفسهن ملازمات للمنزل بعد ان وصلت طالبان الى السلطة عام 1996، بسبب منع تعليم البنات. وفي الماضي كانت الجامعة من أفضل المؤسسات الاكاديمية في المنطقة، وتحتل مكانا متقدما في تحديث أفغانستان في الستينات والسبعينات، وفي المعركة التي ماتزال تحتدم بين الحركات الاصولية والعلمانية في العالم.
حاليا تناضل الجامعة لإعادة بناء مؤسساتها التي انهار أغلبها في القتال الذي اندلع منذ التسعينات عندما وقعت أسيرة المعارك بين زعماء المجاهدين الأفغان. فلا توجد كهرباء تقريبا والتركيبات والأسلاك انتزعت من الجدران، وفقاقيع الماء تخرج من الانابيب المسدودة والمكتبة نهب بعض كتبها والبعض الآخر استخدم وقودا للتدفئة. وأكبر مرتب للاساتذة يعادل 100 دولارا شهريا، وفي كلية الشريعة التي زارتها «الشرق الاوسط» هناك حالة تحديث وطلاء لقاعات المحاضرات». وكان يعمل بالجامعة التي افتتحت عام 1932 بكلية الطب، نحو ألف محاضر وأستاذ يعملون بها في التدريس في شتى التخصصات، وارتبطت الجامعة بصلات وثيقة مع مؤسسات تعليمية حول العالم. وضمن خريجي الجامعة اساتذة ومجاهدون كبار مثل احمد شاه مسعود زعيم التحالف الشمالي الاسبق الذي اغتالته القاعدة قبل يومين من هجمات سبتمبر، والشيخ يونس قانوني رئيس البرلمان الحالي، وغلب الدين حكمتيار، وعبد الرسول سياف، وبرهان الدين رباني بن محمد يوسف، الذي درس الابتدائية في «فيض آباد»، ثم التحق بـ«مدرسة أبي حنيفة» بكابل، والتحق بعد تخرجه من المدرسة بجامعة «كابل» في كلية الشريعة عام 1960، وتخرج منها عام 1963، وعين مدرساً بها. حصل على منحة دراسية من الأزهر الشريف عام 1966، ودرس هناك الماجستير في العقيدة والفلسفة .
ومع احتدام الحرب الأهلية الأفغانية بين المجاهدين في كابل في بداية التسعينيات، أصبح الحرم الجامعي ساحة للقتال. وخاضت فصائل ما يعرف بالتحالف الشمالي حرب بين مباني الجامعة مما أدى لتدميرها تدميراً كاملاً.
كما نهبت المعامل والمكتبات وعنابر النوم في الجامعة. ولم تكد الجامعة تبدأ في إصلاح ما دمرته الحرب الأهلية حتى وصلت حركة طالبان للحكم، فمنعت النساء من الالتحاق بها وفرضت قيوداً متشددة على المناهج التعليم، وطرد منها بعض الأساتذة.
وكانت حركة طالبان قد حظرت على النساء متابعة الدراسة بعيد استيلائها على السلطة عام 1996، وبين ليلة وضحاها وجدت حوالي 3500 امرأة كن مسجلات في جامعة كابل انفسهن مجبرات على ملازمة منازلهن، الى ان خرجت الحركة من كابل في 13 نوفمبر (تشرين الثاني) 2001. ومنذ ذلك الحين أصبحت الدراسة الدينية هي المحور الذي يدور حوله التعليم على حساب المواضيع الأخرى، ولكن في القرى التي لا تخضع للسيطرة المركزية، بإمكان التلاميذ تعلم القراءة والكتابة والرياضيات بالإضافة إلى الدين الإسلامي. وقد ألحقت الحرب الدمار بنظام التعليم المدرسي أيضاً في أفغانستان، ولم يعد باستطاعة سوى أعداد قليلة للغاية من الأفغان التطلع للانتساب إلى الجامعة. يذكر أن عدد طلاب كلية التربية بجامعة كابل كان يبلغ بضع مئات قبل نشوب الحرب الأهلية بين المجاهدين. وهبط عدد طلاب الجامعة وكانوا من الجنسين من 9000 قبل ربع قرن الى نحو 7 الاف حاليا، بينهم 1700 طالبة اليوم. وتضم جامعة كابل اليوم 14 كلية هي: العلوم وتشمل الفيزياء والكيمياء والرياضيات والفلك والجيولوجيا والبيولوجيا والكمبيوتر والهندسة وتشمل الميكانيكا والإلكترونيك والكهرباء والبناء والسياسة والتربية والطب العام والطب البيطري وطب الأسنان والآداب والاقتصاد والدراسات الإسلامية وغيرها.
ومع انهيار حكومة طالبان، يؤمل في أن تعود الحرية للمناخ التعليمي في جامعة كابل. فقد أصبح بإمكان النساء العودة للدراسة، لكنهن لن يتمكن من تحقيق أحلامهن إلا إذا سارع المجتمع الدولي بوضع الخطط لإنقاذ جامعة كابل العريقة. وألحقت الحرب الدمار بنظام التعليم المدرسي أيضاً في أفغانستان، ولم يعد باستطاعة سوى أعداد قليلة للغاية من الأفغان التطلع للانتساب إلى الجامعة.
وقد أغلقت الجامعة في منطقة علي اباد أبوابها عند بدء العمليات العسكرية التي تقودها الولايات المتحدة ضد أفغانستان، وقد زارتها «الشرق الاوسط» منذ عدة ايام، وكان الطلبة مازالوا في اجازة الشتاء، التي تنتهي بمنتصف شهر مارس (اذار)، ولاحظت «الشرق الاوسط» حالة من الفقر الشديد على المباني التعليمية، والتقت عددا من الطلاب وعميد كلية الشريعة في لقاء خاص البروفسور احمد كران.
وتعاني مباني الجامعة منذ سنوات من انقطاع المياه والكهرباء، وانعدام التجهيزات الأساسية. كما هاجرت أعداد ضخمة من الأساتذة والمحاضرين إلى دول أخرى.
وداخل الحرم الجامعي هناك كليات للشريعة والاداب والزراعة والعلوم والاقتصاد والحقوق والعلوم السياسية والفنون والطب، والكليات موزعة حول طريق طويل على جانبيه مناطق جرداء غير مزروعة . والتقت «الشرق الاوسط» الشقيقتين، مريم وايمان وهما من البشتون، ومريم طالبة في كلية الطب البيطري وتأمل في ايجاد وظيفة لها في معامل كلية الزراعة بعد التخرج، ولكنها تقول انها تحتاج الى خبرة كطبيبة بيطرية لمدة 3 الى 4 سنوات، اما شقيقتها ايمان، فخريجة ادارة أعمال فقالت لـ«الشرق الاوسط» انها تقدمت لوظيفة محاسبة في احدى مكاتب المنظمات غير الحكومية ولكنهم رفضوا اعطاءها الوظيفة بسبب ارتدائها البرقع، الذي استبدلته بالحجاب. اما احمد ضياء الطالب قسم العمارة بكلية الهندسة، ويبلغ من العمر 24 عاما، يقول ان فرص العمل متوفرة بموجب سوق العرض والطلب فهو يعمل حاليا في مجال المقاولات كمساعد مهندس تحت التمرين اثناء دراسته بالكلية». والتقت «الشرق الاوسط» ايضا الطالبتين من كلية الاداب نور الحياة وشاكرة من قسم اللغة البشتونية، وقالتا ان كليتهما بها اقسام لدراسة اللغات التركية والروسية والالمانية والداري والعربي والاسباني والانجليزية». وفي كلية الشريعة «فاكولته شرعيات ـ يوهنتون كابل» او كلية الشريعة بعلي اباد غرب كابل التقت «الشرق الاوسط» بعميدها البروفسور احمد كران، والكلية تخضع لعمليات ترميم شاملة، والبروفسور كران خريج من نفس الكلية قبل 43 عاما، ويتحدث العربية بطلاقة، بعد ان ذهب الى القاهرة حيث حصل على الماجستير والدكتوراه في الفقه المقارن من كلية الشريعة والقانون، وتحدث كثيرا عن ايامه الخوالي في مدينة البعوث الاسلامية ومنطقة العجوزة، وتذكر اساتذته مثل الشيخ العطار والاستاذ زهير والشاذلي والشيخ الدكتور سيد طنطاوي، ولديه ثمانية اولاد اكبرهم في الثلاثين من العمر يدرسون الاقتصاد والعلوم السياسية والمناهج العلمية، ولم تجذب دراسة الشريعة أيا منهم. وقال انه يفكر العودة مرة اخرى الى القاهرة في زيارة لانه اشتاق الى معالمها واصدقائه هناك».
وفي الكلية التي يتخرج منها الملالي، أي الذين يحصلون على لقب مولوي ومللا، مثل الشيخ قاسم حليمي كبير خبراء وزارة العدل الافغانية الذي عمل من قبل مدير تشريفات المللا عمر، قدمني الى عميد كلية الشريعة، وفي الكلية عدة اقسام للدراسات الاسلامية مثل الفقه واصوله، والعقيدة، والفلسفة والثقافة والدراسات الاسلامية، وكانت في الماضي اقسام اكثر الغي عدد منها بعد اغلاق الجامعة». ونفى ان يكون في الكلية دراسة مختلطة بين الذكور والاناث، وهناك قسم خاص للطالبات، واغلب الخريجات يعملن مدرسات للعلوم الاسلامية، ويجدن فرص عمل بسهولة».
ومسجل في كلية الشريعة هذا العام، بحسب العميد كران 525 طالبا منهم 300 من الذكور و225 من الاناث. ومعظم الخريجات يجدن فرصا افضل كمدرسات للعلوم الاسلامية». وتخرج الكلية ايضا قضاة شرعيين ومدرسين ومحامين. اما الراغبون في لقب مللا ومولوي فلهم منهج خاص يدرسونه بحسب البروفسور كران، يركز على الاحاديث والعلوم الشرعية والصرف والنحو والمنطق والعقيدة. وحسب البروفسور كران فالمولوي هو منصب ديني اعلى من الجهة الشرعية ويحق له الفتوى ويجب ان يكون حاصلا على الليسانس او البكالوريوس، وكل مللا لا يصير مولوي، واغلب الملالي او المتخرجين من كلية الشريعة يعملون في سلك القضاء. والمللا يقرأ منهجا شرعيا خاصا في التفسير والاحاديث والعقيدة والصرف والنحو واصول الفقه ثم يصير مولويا بعد ذلك، وكلاهما يتخرج من كلية الشريعة». واوضح البروفسور كران ان هناك اقبالا من الطلاب على كلية الشريعة لان الخريجين يعملون في القضاء وله كادر خاص من المرتبات المميزة». وهناك شروط للالتحاق بكلية الشريعة مثل حفظ اجزاء معينة من القرآن الكريم قبل الانخراط في السلك التعليمي. وقال البروفسور كران: قبل اغلاق الجامعة بسبب الحرب الاهلية كان لدينا مدرسون عرب يدرسون لغة الضاد للافغان، وكانت اللغة العربية من اهم المواد لدينا لانها كانت ومازالت لغة القران الكريم، والعام الماضي كان لدينا مدرسون من مصر، واللغة العربية في الماضي كانت من اصل المواد، وكانت الاسئلة توجه للطلاب بالعربي وكنا نشترط ان تكون الاجوبة كذلك باللغة العربية، ولكن حدث في افغانستان ثورات وانقلابات في عهد الشيوعيين، بعد ذلك ادت الى اضمحلال التعليم». واوضح ان كثيرا من الاساتذة فروا من كلية الشريعة الى باكستان بعهد طالبان لانها كانت تريد تدريس المناهج الفقهية الاصولية الخاصة بها». وقال البروفسور كران انه عانى الامرين بعهد حكم الشيوعيين في افغانستان ثم في عهد طالبان مما اضطره الى الهجرة الى باكستان المجاورة والانخراط في العمل الجهادي والاغاثي في بيشاور. وتعرفت «الشرق الاوسط» في مكتبه على الدكتور عبد الرزاق ورداك وهو ايضا خريج الازهر عام 1977، ومتخصص في اصول الفقه، وعلى احد المعيدين الجدد أختر محمد، الذي يامل في منحة دراسية من احدى الجامعات الاسلامية في السعودية مثل ام القرى في مكة المكرمة او الجامعة الاسلامية بالمدينة المنورة. وضمن الكادر التعليمي للكلية عدد من خريجي الجامعات السعودية». وفي الوقت الذي يعمل مسؤولو جامعة كابل على تحديث نظمها التعليمية ينشغل الشارع الافغاني والصحف المحلية بتهديدات طالبان عقب حرق عناصرها لعدد من المدارس الابتدائية، وكانت الحكومة الأفغانية قد وصفت الشهر الماضي تعهد طالبان بفتح مدارس في أفغانستان بأنه «سخيف»، مشيرة إلى أن هذه حجة لنقل «مدارس الكراهية» من باكستان إلى أفغانستان.

 

 


   

رد مع اقتباس