عرض مشاركة واحدة

قديم 23-02-10, 11:13 AM

  رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
البارزانى
Guest

إحصائية العضو



رسالتي للجميع

افتراضي



 

الفصل الأول








النشأة والتطور








المبحث الأول








النشأة والتطور عالمياً ومحلياً






أولاً: النشأة عالمياً


ترجع نشأة الدفاع الجوي في العالم، إلى بدايات القرن العشرين، مواكبة لظهور المناطيد والطائرات، واشتراكها في معارك الحرب العالمية الأولى. وقد استخدمت ألمانيا المناطيد، في الإغارة على بريطانيا، حيث كانت تطير على ارتفاعات عالية، لا تصل إليها المقاتلات البريطانية، وأشهر هذه المناطيد ما عرف باسم زبلن Zeppelin-L 37، وكان سلاح ألمانيا الجوي في الحرب العالمية الأولى مُعدًّ لإرهاب الإنجليز، الذين كانوا يظنون في أثناء هجمات الألمان، بواسطة هذا المنطاد، أن الجحيم قد فتح عليهم أبوابه من السماء.


ويبلغ طول المنطاد حوالي 521 قدماً، ويطير بواسطة 18 بالوناً مليئة بالغاز، ويبلغ حجم غاز الهيدروجين، الذي يحمله المنطاد، نحو 950 ألف قدم مكعب، ويدفع المنطاد محرك، تبلغ قوته 210 أحصنة، ويحمل طاقماً مكوناً من 28 رجلاً.


وبدأت حلقات الصراع على السيطرة الجوية، ففي 7 يونيه 1915، استطاع الطيار "ريجي وونفورد"، من سلاح الجو الملكي البريطاني، أن يطارد المنطاد، ويسقطه فوق مدينة جنت GHENT في إحدى الجزر البريطانية. وبدأت الجيوش في تطوير بعض قطع المدفعية؛ لتصبح قادرة على التصدي للطائرات، وكان ظهور المدفعية المضادة للطائرات بعدة أعيرة، وأصبحت فرعاً حيوياً من أفرع سلاح المدفعية في الجيوش، ودخلت، إلى مسارح العمليات، أول منظومة دفاع جوي بسيطة، تضم المقاتلات والمدفعية.


وفي عام 1916، ظهر المدفع ثلاث بوصات، المضاد للطائرات، إلى حيز الوجود، لأول مرة، للتعامل مع المناطيد وطائرات الجيل الأول، ذات الأجنحة المزدوجة، والسرعات، التي لا تتجاوز 100 كم/ ساعة، وكانت تحلق على ارتفاعات منخفضة، حتى يتمكن الطيار من رؤية الأهداف المحددة له، وقصفها، حين لم تمتلك هذه الطائرات أي إمكانيات، أو أجهزة فنية، للملاحة والتصويب من ارتفاعات عالية.


1. التطور فيما بين الحربيين (1918 – 1939)
على الرغم من عدم ارتفاع فاعلية الغارات الجوية، في أثناء الحرب العالمية الأولى، فإن دخول الطائرات إلى ساحات القتال، أثار الخوف من ما قد يحدث في الحروب القادمة، ولهذا اتجه القادة العسكريون، إلى ضرورة تدعيم قوة نيران المدفعية المضادة للطائرات وتطويرها، للحد من فعالية الطائرات المغيرة، وتقليل تأثيرها.


وقد اتخذ هذا التطور اتجاهات متعددة، كان أهمها الآتي:


أ. الرجوع والإعادة واللهب الفوهي


كانت الآمال تتركز، أساساً، في البحث عن مدى أطول، وكانت أسهل السبل لذلك هي زيادة المادة القاذفة خلف الدانة، للعمل على إطلاق الدانة، بسرعة فوهية عالية، ولكن سرعان ما ظهرت لذلك آثار ضارة كبيرة، فاللهب الفوهي يكشف مكان المدفع، ويسهل مهاجمته، وكان السبيل إلى حل هذه المشكلة، هو تطوير مكونات المادة القاذفة، وأدى إلى ظهور "حاجز ضوء اللهب"، في معظم المدافع، التي تلا إنتاجها.


كذلك، ظهرت مشكلة قوة الرجوع، وزيادة طوله، وكان التغلب عليها أكثر صعوبة في تفاديها، وهنا سبقت ألمانيا العالم، عندما قامت شركة كروب الألمانية، بأبحاث ودراسات ناجحة، في هذا المجال، فاكتشفت مخفف الصدمة Muzzle Brake ، وطورت أجهزة الرجوع والإعادة.


ب. السرعة الفوهية للمقذوف


عندما اتجه التطور لزيادة السرعة الفوهية للمقذوف، لم يكن هذا يهدف، إلى زيادة المدى فحسب، بل كذلك إنتاج الدانة المخفضة، التي تطلق من مواسير ذات عيار أكبر، وبالتالي عبوة قاذفة أكبر، بحيث عندما تغادر ماسورة المدفع، تسقط القطع، التي أكملت عيارها داخل الماسورة، فتزداد سرعتها مع خفض مقاومة الهواء لها، فتزداد المسافة، التي تقطعها.
كذلك صنع الألمان الماسورة المخروطية، التي تنضغط بداخلها الدانة، كلما تحركت للأمام، مما يزيد من سرعتها الفوهية.


ج. تطوير الطابات


في خلال الحرب العالمية الأولى، واجهت الدول مشاكل كثيرة، بالنسبة إلى الطابات، وحتى عام 1918، كانت الطابات اختراقية "بالبارود"، ولذلك كانت غير دقيقة. وخلال العشرينيات والثلاثينيات، حاول كثير من الدول، تطوير هذه الطابات.
ففي عام 1938، تحققت عدة نجاحات، في هذا المجال، وكان السويسريون هم الأسبق، حتى أن الإنجليز استخدموا طابات سويسرية، من طراز "تافادو"، في مدفعيتهم المضادة للطائرات.


د. استخدام الحاسبات


كان تحديد ارتفاع الطائرات المغيرة، وسرعتها، في الحرب العالمية الأولى، يتم بالوسائل الصوتية، والمراقبين الجويين. وكانت بيانات الأهداف، التي تضبط على المدافع تقديرية، تعتمد على خبرة الطاقم، مما كان يستدعى التصحيح في أثناء الاشتباك، بما يمثله ذلك من صعوبة، واستنفاذ للوقت، خاصة أنه لم يكن بالإمكان التكهن بما إذا كان الهدف سيقوم بالانقضاض أم بالمناورة، وعليه، كان من الضروري التوصل إلى وسيلة سريعة ودقيقة، للحصول على كل البيانات اللازمة، وربطها بسرعة على أدوات تنشين المدافع.


وظهر أول حاسب في تاريخ المدفعية المضادة للطائرات، وأطلق عليه "بريديكتور" Predictor، ومعناه اللفظي المتنبئ. وكانت هذه الحاسبات ميكانيكية، تدار يدوياً، محدودة الإمكانيات، ولكنها كانت تمثل تطوراً كبيراً، في مجال الدفاع الجوي، كما أن البريديكتور فتح المجال، في اتجاه الوسائل الكهربية والإلكترونية، لحل عدد أكبر من المسائل في وقت أقل.
وكانت تلك بدايات علم الحاسب الحديث، ومع ذلك لم تدخل الحاسبات الإلكترونية عالم المدفعية المضادة للطائرات، إلا في الثلاثينيات، حين أنتجت الولايات المتحدة الأمريكية نظاماً لنقل البيانات، من البريديكتور، إلى المدافع، مما يحقق إعطاء المدفع زوايا الارتفاع والاتجاه آلياً. وكانت الفكرة مثيرة على رغم عدم تعميمها آنذاك، ولم تعمم إلا بعد أن بدأت الحرب العالمية الثانية، ببضع سنوات.


2. التطور خلال الحرب العالمية الثانية


أ. إعلان الحرب ومعركة الدفاع الجوي عن الجزر البريطانية (1935 – 1940)
على رغم مرور أكثر من نصف قرن، على انتهاء الحرب العالمية الثانية، فإن كثيراً من المحللين العسكريين يعتبرون أن معركة بريطانيا، والتي سماها الألمان عملية "أسد البحر"، من أضخم وأطول المعارك، التي خاضتها القوات الجوية، وقوات الدفاع الجوي، حتى يومنا هذا، بل أكثر من هذا كان لها تأثيرها الكبير والحاسم، على سير العمليات الحربية، وتحولها لصالح الحلفاء.


وخرجت بريطانيا من الحرب العالمية الثانية، باعتبارها الدولة الرائدة في العالم، في مجال الدفاع الجوي، حيث تمكنت، في الأربعينيات من هذا القرن، من حشد وسائل الدفاع الجوي، المعروفة في ذلك الوقت، وتنظيم التعاون بينها، وإدارة أعمال قتالها بفاعلية عالية، وذلك، من خلال مركز قيادة رئيسي، وأربعة مراكز قطاعات فرعية، فيما شكل نموذجاً رائعاً لأول منظومة دفاع جوي، عرفها العالم.
وقد استطاعت هذه المنظومة التصدي، بنجاح، للقوة الجوية الألمانية، التي تتفوق عليها تفوقاً كبيراً، وتمنعها من أن تحقق أهدافها، واضطرت القيادة الألمانية، إلى إلغاء عملية أسد البحر، ونجت بريطانيا من الاجتياح البري، والبحري النازي، والتي لم تسلم منه معظم الأراضي الأوروبية.


ب. منظومة الدفاع الجوي البريطانية

 

 


   

رد مع اقتباس