عرض مشاركة واحدة

قديم 12-05-09, 01:38 PM

  رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
البارزانى
Guest

إحصائية العضو



رسالتي للجميع

افتراضي الدرع الصاروخي وسباق التسلح



 

لكل جسم آفة من جنسه حتى الحديد سطا عليه المبرد
لعل كلمات هذا البيت الشعري قد صورت صراع الأضداد أفضل تصوير، فمنذ أقدم عصور التاريخ وحتى اليوم بقي صراع السيف والترس، الهجوم والدفاع، المجانيق والقلاع، السلاح والسلاح المضاد. هو الصورة المتطورة باستمرار في صراع الاضداد. وإذاً فإن ما قام به الرئيس الامريكي الاسبق (رونالد ريغان) في إطلاق مشروع (حرب الفضاء أو حرب الكواكب 1983) وكذلك ما قام به الرئيس الامريكي (جورج بوش) من إجراء بإعلان انسحاب امريكا من معاهدة 1972 (أو معاهدة أي.بي. إم المتعلقة بالحد من الصواريخ الباليستية المضادة للصواريخ) وذلك يوم 13 كانون الاول - ديسمبر - 2001 ما هو في حقيقة الأمر أكثر من حلقتين في مسلسل تطوير الصراع بين الاسلحة المضادة، لأن هذا الاجراء الامريكي قد شكل نقطة الانطلاق لما عرف باسم (مشروع الدفاع الوطني الامريكي) لإقامة دفاع عالمي مضاد للصواريخ الباليستية.

وقد أعلن أن هدف هذا المشروع هو حماية أمريكا من (دول مارقة) تستطيع تهديد الأمن الأمريكي، فهل يعني ذلك زوال تهديد الدول المنافسة التي تمتلك قدرات حقيقية من أسلحة الدمار الشامل؟ أم إن مثل هذا الغطاء. ما هو إلا ستار لإخفاء حقيقة تحول جديد في سباق التسلح الفضائي؟


عسكرة الفضاء


كانت بداية استخدام الفضاء للاغراض العسكرية محدداً بمسيرة الحرب وتطويراتها خلال سنوات الحرب العالمية الاولى (1914-1918). ولم يكن عجباً ولا مباغتاً أن تقترن تلك البداية بالبحث عن السلاح المضاد للطائرات وكانت البندقية والرشاش أسلحة كافية للتعامل مع طائرات تلك الايام (البطيئة وذات القدرة المحدودة).

وجاء التطور المذهل بعد ذلك بعقد من الزمن، حيث شكلت الطائرة العمود الفقري للاعمال القتالية البرية والبحرية والجوية (بأنواعها المختلفة القاصفة والمطاردة وطائرات النقل الخ..) واستكملت عمليات (عسكرة الفضاء) أبعادها عندما استخدمت ألمانيا النازية ما عرف باسم (صواريخ ف 1) ثم (صواريخ ف 2- الباليستية) التي وصل مداها آنذاك حتى 300 كلم- وكانت تحمل متفجرات تقليدية وزنها طن تقريباً (975 كلغ). وتم استخدامها لضرب لندن وانفرس (بلجيكا) وفرنسا.

كذلك طور (الاتحاد السوفيتي السابق) منظومات متنوعة من الاسلحة الصاروخية. ورداً على ذلك - طورت المانيا النازية (سنة 1945) أول نموذج لصاروخ باليستي مضاد للصواريخ (آ-10) يتألف من مرحلتين ويصل مداه حتى 4800 كلم. فكان أول صاروخ مضاد للصواريخ وكان بداية الانطلاق لانتاج الصواريخ الباليستية المضادة للصواريخ.

وأظهرت الصناعات الحربية الامريكية تفوقاً في هذا المضمار منذ البداية ففي العام 1960 تمت تجربة الصاروخ الباليستي عابر القارات (نايك هيركلوس) الذي لحق به صاروخ (نايك زيوس) الباليستي المضاد للصواريخ.

ولكن التكلفة الكبيرة لإنتاج هذا الصاروخ ونقل الوسائط الضرورية لاستخدامه (الرادار والرصد والتوجيه والتشويش الالكتروني الخ) شكلت قناعة بضرورة البحث عن وسائط مضادة تتوافر لها تقانة أكثر تطوراً ومرونة أكبر على العمل والتدخل، وتكلفة أقل، ففي العام 1963؛ استبدل بنظام الدفاع الصاروخي القديم نظام جديد حمل اسم (نايك-إكس) وتمت تجربته بنجاح لاعتراض الصواريخ عابرة القارات (مينوتمان وبولاريس) مما دفع وزير الدفاع الامريكي آنذاك (مكنمارا) لاعتماد هذا النظام وتعميمه لحماية الولايات المتحدة من هجمات صاروخية محتملة تقوم بشنها (الصين).

وعندما تم التوقيع على معاهدة (سولت1) سنة 1972، تم نظرياً تجميد أبحاث الأسلحة الصاروخية (سنة 1982) عندما أطلق الرئيس الامريكي (رونالد ريغان) مشروع حرب الكواكب. وفي سنة 1993، رغم انتهاء عصر الحرب الباردة، فقد اعتمدت إدارة الرئيس (بيل كلينتون) مشروع (الدفاع المضاد للصواريخ الباليستية).

من المعروف أن الاتحاد السوفيتي- السابق قد ركز جهداً كبيراً في مشاريع حرب الفضاء واستطاعت (الوكالة الروسية لأنظمة التحكم) تحقيق إنجازات مثيرة في مجال منظومات الدفاع المضاد للصواريخ ؛ والاعتراض غير النووي للصواريخ الباليستية.

ولعل من أشهرها: (منظومة صواريخ الدفاع الجوي بعيدة المدى- مثل صاروخ س - 300 بي إم يو2 فيفوريت) وكذلك (صاروخ س- 300 بي- إم انتي 2500). أما في مجال منظومات الدفاع للصواريخ متوسطة المدى فنموذجها صاروخ (آ-د-ك- باك مي 2)، وفي مجال منظومات الدفاع الصاروخي ضد الصواريخ قصيرة المدى فنموذجها (صاروخ - آ-د. ك تور -م 1) والصاروخ المتحرك (تانغوسكا إم-1) وكل ذلك قد شكل منظومة متكاملة للدفاع الصاروخي الذي يعتمد على تطور وسائط الحرب الالكترونية وأجهزة الرصد والهجمات المباغتة بعيدة المدى، مروراً بمواجهة أعمال التسلل الجوي أو أعمال التهريب غير الشرعية بما في ذلك الاعمال الارهابية وتهريب المخدرات؛ ومنظمات تهريب الاسلحة غير المشروعة الخ).

وإلى جانب ذلك؛ يمكن التعرض للمحاولات الاوروبية من أجل مواكبة التحرك الامريكي والروسي في مجال عسكرة الفضاء. ولقد تمكنت أوروبا من امتلاك خبرة كافية وقدرة مناسبة في إنتاج الصواريخ الباليستية العسكرية، ولديها برنامج لتطوير قمر صناعي لمراقبة الصواريخ الباليستية يتم إنجازه (سنة 2010) على ما هو متوقع، ويمكن من خلاله تطوير القدرات المتوافرة حالياً للمنظومات الدفاعية.

وتعتمد اوروبا في دفاعها على الصاروخ (س.آ.م .بي) المضاد للصواريخ الباليستية من نوع (النجم -ستار-30) وهو قادر على اعتراض صاروخ مداه (600 كلم) وسرعة هجومه أقل من 200م في الثانية ؛ وعلى ارتفاع (30كم). أما عندما يتم إنجاز المشروع بعد عشر سنوات فسيجعل هذه المنظومة قادرة على اعتراض الصواريخ الباليستية على بعد 3 آلاف كيلو متر؛ وسرعة دخولها الأرض في حدود 3-5 آلاف متر في الثانية، ويتم اعتراضها على ارتفاع 70 حتى 300 كلم أي اعتراضها خارج الغلاف الجوي للأرض.

يظهر أن قضية (الدروع الصاروخية المضادة للصواريخ) لا تشكل أكثر من محور واحد من محاور الدفاع المضاد لاسلحة الفضاء، الذي أصبح يضم مجموعة متنوعة وكبيرة من المنظومات التي تشمل: الاقمار الصناعية؛ والأسلحة الصاروخية؛ والمضادات الأرضية بكل أنواعها (بما في ذلك المدفعية ووسائط الحرب الالكترونية والوسائط الحرارية الخ) والذي تشارك فيه أيضا شبكات المعلوماتية (الانترنت).

ويمكن، بإيجاز شديد، التوقف عند أشهر الدروع الصاروخية التي أصبحت جزءاً من مشاريع عسكرة الفضاء ومن ذلك:
أولاً- طورت أمريكا نظاماً صاروخيا مضاداً للصواريخ (يشمل باتريوت وباك 3).

ثانياً- طورت أمريكا لمصلحة اسرائيل منظومة دفاعية مضادة للصواريخ قصيرة المدى مما يتم اطلاقه عبر الحدود مع لبنان (وأطلق على هذه المنظومة اسم ثيل).

ثالثاً- طورت اسرائيل بدعم امريكي (بالتمويل والتقانة) منظومة صاروخية للتعامل مع الصواريخ قصيرة المدى (أطلق عليها اسم صواريخ السهم- آرو).

رابعاً- طورت روسيا نظاماً متكاملاً للدفاع المضاد للصواريخ (أطلقت عليه اسم انتي 2500).

خامساً- طورت روسيا نظاماً متكاملاً مضاداً للصواريخ (من عائلة س-300).

سادساً- تعمل الصين والهند على تطوير نظام صاروخي مضاد للصواريخ.

سابعاً- اتفقت فرنسا وبريطانيا وايطاليا على تطوير نظام صاروخي مضاد للصواريخ.

يبقى من الضروري التعرض لاستخدام الفضاء الخارجي استخداماً مزدوجاً (للأغراض المدنية والعسكرية) ونموذج ذلك الواضح الأقمار الصناعية وشبكات المعلوماتية وهو ما يتطابق مع استخدام كل انواع التقانة في الحياة المدنية والعسكرية سواء بسواء. ويعني ذلك ببساطة أن وسائط الحرب قد اقتحمت كل أبعاد الكرة الأرضية بداية من أعماق البحار والمحيطات، مروراً بسطح الكرة الأرضية (اليابس والمائية) ونهاية بالفضاء الخارجي القريب منه والبعيد.

ويصبح من الطبيعي أن يكون للعمل التجاري دوره أيضا في عسكرة الفضاء؛ كمثل دوره في (ثورة التقانة والاتصالات) ونموذج ذلك قصة تعرُّض مركبة الفضاء الامريكية (كولومبيا) للاحتراق والدمار (في اليوم الأول من شباط -فبراير - 2003)- وقتل روادها السبعة؛ ومنهم الإسرائيلي الطيار إيلان رامون، فقد أفادت الصناعة الفضائية الروسية من هذا الحادث لتؤكد أن سفينتها الفضائية (سيوز) ستبقى هي الأفضل ولا غنى عنها لإرسال فرق المحطات الفضائية الدولية واعادتهم الى الأرض.

وعلى هذا الاساس صرح رئيس الممثلية الفضائية الاوروبية في موسكو (الين فوريه) أن الوكالة تنوي ارسال جهاز فضائي بوساطة صاروخ حامل روسي الى كوكب الزهرة. وأن تنفيذ مشروع (فينوس اكسبريس) سيتم البدء به قريباً، بالاعتماد على التقانة الروسية الاوروبية ويظهر أنه بات من المحال وضع حد لانتشار التقانة التي قد تكون مفيدة لكل من يطمح لاستخدام التقانة للسلم والحرب على السواء.

 

 


 

   

رد مع اقتباس