عرض مشاركة واحدة

قديم 20-08-10, 10:57 AM

  رقم المشاركة : 9
معلومات العضو
الباسل
المديــر العـــام

الصورة الرمزية الباسل

إحصائية العضو





الباسل غير متواجد حالياً

رسالتي للجميع

افتراضي



 

الإعلام والحرب النفسية في النظام العالمي الجديد.
1- على ضوء مفهومنا للحرب النفسية المذكور في أعلاه يصبح الإعلام أحد أهم الأدوات الميسورة للحرب النفسية، حيث الاستخدام المنظم لوسائله ومواده للتأثير على قناعات الطرف المستهدف، دون تجاوز استخدامات القوة العسكرية والإمكانيات الاقتصادية والتحركات السياسية وغيرها، لكن الإعلام من ناحية أخرى يتميز عن كل تلك الأدوات كونه القاسم المشترك لها جميعا والناقل الأساس لأهدافها وتوجهاتها في التأثير على الطرف المستهدف لأنه :
آ) هو الذي ينقل أخبار العسكر وتفاصيل الحروب بصيغ تزيد المعنويات أو تضعفها.
ب) وهو الذي يقلل من قيمة انتصار عسكري حصل بالفعل، أو يزيد من وقع خسارة لم تكن كبيرة في الواقع بغية تكوين حالة إحباط مؤلمة.
ج) وهو الذي يهول أيضا من أثر الحصار الاقتصادي على بلد ما بهدف سحبه لتنفيذ أهداف محددة.
د) وهو الذي يضخم كذلك من القدرة الدبلوماسية لدولة معينة لإجبار الآخرين على السير مع توجهاتها المرسومة.
وإذا ما أضفنا إلى ذلك كله مهامه وطريقته في نقل الأفكار والأخبار والمعلومات، وحاجة الجمهور إليه في المتابعة والترويج وإشباع الحاجات، وكذلك قدرته وشموليته في التأثير، يكون الإعلام في هذه الحالة الأداة الأكثر فاعلية من بين أدوات ووسائل الحرب النفسية المتاحة في وقتنا الراهن خاصة مع تطور تقنيات التوصيل وسبل التأثير في نظام كوني شامل (النظام العالمي الجديد).
2- وإذا ما عدنا إلى موضوع الإعلام كأحد أدوات الحرب النفسية في النظام العالمي الجديد تبيين لنا بعض الحقائق ذات الصلة به أن وجوده أو بالمعنى الأدق غالبية وجوده الفاعل بات بيد واحدة (القطب الواحد)،إذ إن:
آ) غالبية الشركات العملاقة (متعددة الجنسيات) للصحافة والبث التلفازي والأقمار الصناعية الناقلة للبث الفضائي موجودة في اليد الأمريكية التي أنشأت النظام العالمي الجديد.
ب) أساس عمل شبكة المعلومات (الانترنيت) أمريكي ورأس مالها أمريكي ومراكزها عبر العالم أمريكية، والقدرة على مراقبتها والتحكم بها في يد أمريكية تسعى لتعميم النظام العالمي الجديد.
ج) 80 % من الأنباء العالمية التي تتداولها وكالات الأنباء في الدول النامية مصدرها الوكالات الأمريكية الغربية القادرة على الفبركة والصياغة حسب توجهات النظام العالمي الجديد .
د) خمس عشرة شركة إعلامية أمريكية غربية تتحكم في المواد والوسائل والمؤسسات والتقنيات الإعلامية، والإعلانية في العالم. وأن 75 % من إجمالي الإنتاج العالمي من البرامج التلفزيونية أمريكي. و 90 % من إجمالي الأخبار المصورة و 82 % من إنتاج المعدات الإعلانية والإليكترونية. و 90 % من المعلومات المخزنة في الحاسبات الإلكترونية جهد أمريكي.
هـ) رأس المال البالغ نحو (489) مليار دولار الذي يتحكم في سوق التقنية الإعلامية غالبيته أمريكي، يسعى أصحابه إلى استثماره للامتداد إلى السوق العالمي بدفع من النظام العالمي الجديد.
3- إن العرض الموجز لمفردات الإعلام والحرب النفسية وعلاقتهما بالنظام العالمي الجديد يدفع إلى جملة استنتاجات أهمها:
آ) إن الدول النامية وبينها العربية والإسلامية ينبغي أن تعيد الكثير من حساباتها فيما يتعلق بالعلاقات وأساليب التعامل مع شعوبها، والغير وبما ينسجم ومعطيات النظام الدولي الجديد.
ب) إن تقنيات الاتصال التي تتطور بسرعة مطردة لا تسمح بالتوجه للتعامل معها على أساس المنع والتشويش كإجراءات وقائية. بل يتطلب الواقع التوجه بكل القدرات المتاحة لأعمال الوقاية، أو ما يسمى بالتحصين النفسي الذي يتأسس على :
أولا: المحافظة على النظام القيمي.
ثانيا: زيادة مستويات التحصيل العلمي والثقافة العامة لعموم المجتمع.
ثالثا: رفع مستوى المعنويات والروح الوطنية للمجتمع.
ج) إن النظام العالمي الجديد وبعد أن أمتلك زمام المبادرة لم يعد مهتما كما في السابق بالحروب العسكرية التقليدية " رغم عدم الاستغناء عنها نهائيا " لكلفتها العالية وكثرة الخسائر البشرية فيها، واستعاض عنها بالحرب النفسية، الأكثر تأثيرا، والأقل خسارة من الناحيتين المادية والبشرية، ووجد في الإعلام ووسائل الاتصال الحديثة الأداة الأكثر فاعلية.
الدول العربية والإسلامية والنظام العالمي الجديد.
1- يحمل التاريخ الحديث في ثناياه كثيراً من مؤشرات الاستغلال والتنافس تغيرت أشكال التعبير عنها وتنوعت مصادرها تبعاً للظروف المحيطة. فكان الأمر بعد الحرب العالمية الأولى استعماراً عسكرياً واقتصادياً وسياسياً مباشراً، تغيرت أنماطه بعد الحرب الثانية تبعاً لمجريات تلك الحروب، ومعطيات التطور الذي صاحبها، فكان استعماراً غير مباشر وتوزيعاً مبطناً لمناطق النفوذ دفع إلى تحالف غالبية الدول ذات المصالح وتكتلها في معسكرين ينحو الأول منحاً رأسمالياً، ويتجه الآخر اتجاهاً معاكساً نحو الاشتراكية انتهى سريعا مع بداية التسعينات تاركاً الساحة برمتها إلى المعسكر الأول متمثلا بالولايات المتحدة الأمريكية التي زادت من سرعتها لملء الفراغ، وكثفت من جهودها للتوسع في مناطق النفوذ بخطوات مدروسة سميت بالنظام العالمي الجديد لينسجم ومتغيرات هذا العصر والنظم السياسية والتطورات التقنية السائدة فيه.
2- ورغم ما تحقق لأمريكا من كسب في هذا المجال إلا أن الصورة مازالت معتمة وبعض أجزائها لم تكتمل بالطريقة التي أرادتها طرفاً واحداً، لأن العالم بطبيعته وعبر تاريخه الطويل لم يكن حكراً لأحد، وهذا يعني أن الصراع بينها من جهة وأطراف أخرى لا تتفق وتوجهاتها من جهة أخرى يمكن أن يطفو على السطح في الوقت الحاضر، أو المستقبل القريب، ومن بين تلك الأطراف سيكون العرب والمسلمين الذين سيستهدفون من قبل المعنيين بهذا النظاملعدة أسباب بينها :
آ) إن العديد من المعطيات تشير إلى أن مقاومة النظام الدولي الجديد ستكون في الوطن العربي وبقية الدول الإسلامية التي تدرك أن التركيز بات على وجودها واستمرار بقائها، وهو إدراك يثير المعنيين بذلك النظام ويدفعهم إلى المقاتلة بكل الوسائل المتاحة للحيلولة دون حدوثه.
ب) إن التطورات وشكل الصراع وطبيعة التوازنات في المنطقة العربية والإسلامية محسوبة في الاتجاه المعاكس لرغبة الأبناء ومصالحهم، وهذه حسابات سوف تجعل المعنيين بالنظام الدولي الجديد يتوقفون عند خطوط حمراء محددة لا يسمح بتجاوزها، ومن يخوض غمارها بصدق سيكون هدفاً مباشراً لهم.
ج) تتبنى العديد من الدول العربية والإسلامية وغالبية شعوبها آراء ومواقف في القضية الفلسطينية - بؤرة الصراع الساخن في المنطقة - تتعارض مع الوجود الصهيـوني، واتجاهات النظام العالمي الجديد في تجسيده على أرض الواقع، وهي آراء يحارب الصهاينة والمعنيين بذلك النظام صفا واحداً لإسكاتها.
3- وإذا ما أضفنا مواقف الشعوب العربية والإسلامية إلى ما ورد أعلاه نستنتج أنها جميعاً مؤشرات لا تدع مجالا للشك في أن المعنيين بهذا النظام سوف لن يكونوا مكتوفي الأيدي أمام احتمالات الضرر الذي يمكن أن يصيبهم وحلفائهم انطلاقاً من الأرض العربية والإسلامية، وإذا ما قللنا من احتمالات استخدام الخيار العسكري الشامل للتعامل مع هذه الحقيقة في وقتنا الراهن على أقل تقدير لاعتبارات يتعلق بعضها بسيناريو احتلال العراق للكويت ونتائج حرب الخليج الثانية التي تركت نقاط عدة في عقول أهل المنطقة لا تود أمريكا خوض غماره (الخيار العسكري المباشر) قبل حصول النهاية ومحو الكثير من الآثار المترسبة لتلك النقاط في الذاكرة الشعبية العربية القريبة. ويتعلق بعضها بعدم رغبة معظم الأنظمة السياسية في المنطقة العربية والإسلامية في قبول قوات أجنبية هجومية على أراضيها قد تستفز شعوبها بمستويات يصعب السيطرة عليها. ويتعلق بعضها الآخر بظهور أصوات على مستوى الغرب القوي بالضد من سياسة التفرد في النظام الجديد، وظهورها يدفع إلى التريث في استخدام القوة العسكرية للتدخل المباشر في الوقت الحاضر على أقل تقدير. هذا وعندما لم يحبذ خيار الاستخدام المباشر للقوة في المنطقة العربية والإسلامية، أو عندما يعتقد أن استخدامه سيتسبب في آثار سلبية محتملة تفوق مقاديرها العوائد الإيجابية المحتملة، فلابد والحالة هذه أن يفكر المعنيون بالنظام المذكور بوسائل وأسلحة أخرى لا تقل تأثيراتها المطلوبة عن الصدام المسلح إن لم تزد عليه، بينما السلاح النفسي الأكثر احتمالاً وملاءمة مع بدايات قرن جديد وفلسفة سياسية جديدة (النظام العالمي الجديد) سيكون فيه الاستعمار الفكري النفسي هو الصيغة السائدة،وبأقل التكاليف.
الأهداف المتوقعة للحرب النفسية في المنطقة.
1- من خلال استعراضنا لطبيعة الصراع الناجم عن النظام الدولي الجديد، وإلقاء الضوء على توجهات المعنيين به، ودور المجتمعات العربية والإسلامية في بعض جوانبه وكما ورد، فإن الأهداف (المحتملة) والتي يمكن أن تؤمن الغاية المتوخاة للمعنيين بهذا النظام ستكون على الأغلب :
آ) الوجود النفسي لقادة الأمة:
تمثل شخصية القائد في مجتمعاتنا التي يحكم فيها الفرد حكما مطلقا في كثير من الأحيان أهمية كبيرة للتأثير من خلاله على الجمهور في مجتمعه، وبذا ستضع القوى الفاعلة في النظام العالمي الجديد مسألة التعامل مع وجوده النفسي كرمز للقيادة والتقليد هدفاً رئيسياً من خلال التوجه إلى أفكاره وآرائه وأساليبه القيادية بالنقد والتحريف، وتشويه الحقائق لمن لا يكون مرغوبا من قبلهم، في محاولة للفصل بينه وبين جماهيره جهد الإمكان. وبالدعم والتورية والتعزيز لمن يمثل فلسفتهم في محاولة لزيادة أواصر العلاقة معه بقصد الإيهام والتسويف والاستسلام.
ب) طبيعة الفكر الإسلامي الحنيف:
بعد انتهاء الشيوعية كفلسفة لإدارة المجتمعات البشرية، أُعلن في الغرب وبأكثر من مناسبة أن الخطر الماثل للعيان لما بعد الشيوعية سيكون الإسلام الذي يحاول كثير من دعاته إثبات ملاءمته لكل شعوب العالم، وبذا سيكون الاتجاه المعاكس لهذه المحاولة خطوات لتشويه بعض تطبيقات الإسلام في مجريات الحياة من خلال التشجيع غير المباشر للتطرف والمغالاة، وتعميق الطائفية، ودعم التيارات القومية التي تعطي في مجملها صورة مشوهة للإسلام والمسلمين في آن معا.
ج) عزل المجتمع العربي عن الإسلامي:
المجتمعات العربية عمق استراتيجي للإسلام، والعكس صحيح أيضا إذ تشكل غالبية بلاد المسلمين عمقا للعرب، حيث تتقارب بينهم المشاعر والتطلعات والأهداف للعيش حياة أفضل قيميا، والتقائهم المفترض سيشكل قوة غير مرغوب فيها وفق النظام العالمي الجديد، وبذا ستتركز الجهود لتكوين أهداف مختلفة وتطلعات مختلفة لهم، ونقاط خلاف متعددة بينهم حتى تصل القناعات إلى مستوى التفرد بالرأي من أجل سلامة البقاء الذاتي.
د) إرباك أداء الإنسان العربي والإسلامي:
الإنسان أينما وجد فهو عماد النظام وأساس نجاح تجربته، وأداؤه المخلص الكفء معيار لتطور النظام وتقدمه، وإذا ما كان الأمر كذلك سيكون موضوع كفاءة العمل والرغبة بالإنجاز وجدية التعامل مع المهام والواجبات الوطنية للإنسان العربي المسلم اتجاهاً محسوباً للسلاح النفسي المعادي الذي سيتوجه إلى التشجيع غير المباشر للشعور بالنقص والاعتقاد بعدم الكفاءة وقلة الثقة بالنفس بين المواطنين لخلق فرص إحباط وخواء نفسي تبعدهم عن المساهمة في بناء الوطن الجديد وممارسة دورهم في الحكم، وتكوين المجتمع الصحيح.
هـ) تجهيل المجتمع العربي والإسلامي:
المتعلمون على وجه العموم أكثر قدرة لفهم مسئوليتهم الوطنية، وأكثر كفاءة لإدارة شؤون أنفسهم والآخرين، وأوسع مجالاً لإدراك غاية الآخرين وأهدافهم المبيتة بين السطور، وأحسن أداء في الدفاع عـن وطنهم ومكتسباتهم وهذه معطيات أدخلتها الأطراف المقابلة في حساباتها منذ أول تعامل لهم مع العرب والمسلمين، ومازالوا على هذا النهج سائرين، وبذلك سيستمرون بالتركيز على أمور تبعدهم - المتعلمين - جهد الإمكان عن اهتماماتهم الوطنية وفق برامج تزيد من احتمالات الجهل بالقضايا الأساسية المهمة، ومحاولة إلهائهم جهد الإمكان بأخرى بعيدة نسبيا، كذلك ستحاول على وفق برامج أخرى زرع بعض الأفكار والاهتمامات الغربية كبديل للأخرى الإسلامية، بالإضافة إلى التشجيع على هجرة العقول من المنطقة.
و) إثارة التوتر وعدم الاستقرار في المنطقة:
الضغط مفهوم يعبر عن الأحداث البيئية والنفسية التي يفسرها الفرد على أنها تهديداً أو تحديا لكيانه الشخصي، تؤدي الزيادة في مستوياتها مع الفشل في التعامل معها إلى إضعاف وظائف الإنسان وإرهاقه وكذا شعوره بالقلق والخوف وفقدان الثقة بالنفس، وهي حالة تستثير في محصلتها النهائية سلوكاً غير اعتيادي وأداءً بمستوى متدن في عموم المواقف الحياتية، وهذا ما سيلجأ إليه الطرف المقابل في محاولاته للضغط على مجتمع المنطقة سياسياً واقتصادياً عن طريق الإعلام والفضائيات وبرامجها الموجهة ذات الطابع التشويهي وبوسائل متعددة، وحجج مختلفة.
ز) استهداف العقل الفاعل للشباب:
الشباب غاية الأمة ووسيلتها وقوتها الضاربة في الدفاع عن إنجازاتها، فصحتهم البدنية والنفسية وسلامة تفكيرهم تعزيز لتلك القوة وهي الجوانب التي سيحاول الطرف الآخر تأمين الخرق المناسب في بعض أركانها لتحوير تكوينها بوسائل عدة بينها على سبيل المثال نشر تعاطي المخدرات التي تهيئ متعاطيها لتقبل الغزو الفكري السلبي بعيداً عن الإحساس بالمواطنة ومسئولياتها الجسام، ونشر الفساد بطرق منها بث البرامج ذات الطابع الاجتماعي الموجه بأسلوب يسئ إلى القيم الاجتماعية والدينية السائدة، وغيرها..
ح) دعم فاعلية التطرف الديني السياسي:
واجهت بعض مناطق العالم بشكل عام والوطن العربي والإسلامي على وجه الخصوص أحداث وتحديات ليست قليلة بدأت مع نهاية الستينات واستمرت حتى وقتنا الراهن فكونت إحساساً بفشل بعض الأيديولوجيات السائدة والنظم السياسية القائمة في حل مشاكل الإنسان وتلبية طموحاته، وهو فراغ نفسي دفع كثير من المتألمين إلى محاولة ملئه بالتوجه إلى الدين بشكل مغالى فيه طلباً للخلاص والحلول البديلة، وكاستجابة لذلك قوي الدين السياسي عملاً وتنظيماً، بمستويات حاول الغرب استغلالها بدعم بعض أطرافه غير الرصينة دعما مباشرا بغية توجيه تطرفه على وفق حسابات تؤمن مصالحهم (الغرب) وقد حققوا نجاحاً ملموساً في أماكن عدة من المنطقة، وهذا أمر يشجع على الدفع باتجاه تركيز الدعاية والبرامج الثقافية والمعلوماتية والدينية الخاصة بقصد التشويه المنظم للحقائق، وبما يخدم الجانب المعاكس لمعطيات الدين الإسلامي.
ط) تدمير النظام القيمي:
تعيش العديد من المجتمعات وبينها العربية والإسلامية نوعاً معقولا من التجانس والاستقرار النسبي في ضوء نظمها القيمية وضوابطها الاجتماعية، فهناك على سبيل المثال الصدق والأمانة والإيثار والتكافل والشعور بالمواطنة وصيانة المال العام والإخلاص في العمل … الخ من القيم والمعايير التي يؤدي خرقها إلى اضطراب المجتمع وضعف قدرته على الصمود والتحدي، وهذا هدف لا يغيب عن بال الأطراف الأخرى ومخططي الحرب النفسية من خلال البرامج الموجهة في هذا المجال .
ي) تعميم مشاعر الإحباط في المجتمع:
فشل الإنسان في إشباع حاجاته الضرورية - بيولوجية كانت أم نفسية - وتكرار ذلك الفشل يؤدي إلى الشعور بالإحباط وهي حالة نفسية تستثير العدوان الذي عادة ما يوجه داخل الإنسان حيث الرغبة في إيذاء الذات والعزلة والاكتئاب، أو نحو الخارج أي إلى الآخرين أشخاصاً كانوا أو مؤسسات ودوائر حكومية؛ حيث الميل إلى التخريب المادي المباشر مثل التجاوز على الممتلكات العامة وغيرها من أعمال متنوعة. والتخريب النفسي غير المباشر مثل عدم الإخلاص في العمل وتجنب تحمل المسئولية ووضع العراقيل أمام تقدم الآخرين. وغيرها من فعاليات تغري البعض لوضعها أهدافاً لحربهم النفسية الموجهة للمنطقة.
الخلاصة.
1) الحرب النفسية وكما موضح في العرض أعلاه شاملة في أهدافها متداخلة في أساليبها ووسائلها، مركزية في التخطيط لتنفيذ خطواتها، وهذه المبادئ يمكن تطبيقها أيضاً على أساليب التعامل التي تنتهجها الأجهزة المعنية في المجتمعات المستهدفة. فالتخريب الفكري والقيمي الذي يمكن أن يضعه الطرف المقابل هدفاً لحربه النفسية على سبيل المثال يحتاج الرد عليه أو تجنب حدوثه عدة خطوات تبدأ أولاً بتحديد أشكاله ومن ثم قياس شدته واتجاهاته ووصف الأدوات والوسائل المستخدمة لتنفيذه، وهي جهود تعتمد بالدرجة الأولى على الرصد والتحليل والمتابعة بأسلوب البحث العلمي الذي يأخذ فيه علم النفس والاجتماع الحصة الأكبر بين علوم أخرى ذات صلة بالسلوك البشري وتعديلاته المقننة مثل الإعلام والتربية وغيرها. وهذا تصور يعين على تحديد حاجة المنطقة العربية والإسلامية أولاً إلى تنظيمات تخصصية فعالة، تأخذ على عاتقها واجب التحليل العلمي للصراع ورصد اتجاهات الحرب النفسية المعادية والعمل على مقاومتها.
2) أن يركز القادة العرب والمسلمون جهدهم للمساعدة في دفع المجتمع العربي والإسلامي لأن يخطو إلى الأمام خطوات سريعة تنسجم والتطور الحضاري السائد في العالم وتسهم في تقليص الهوة الموجودة بينه من جهة والمجتمعات المتقدمة من جهة أخرى، سعيا لتكوين فهم مشترك مع تلك المجتمعات تساعد على تسهيل التعامل معها بعيدا عن التآمر والشك والخوف والتوجس
3) أن تسعى الجهات والمراجع الدينية لتقديم الإسلام بروحه الأصيلة دينا للود والتسامح والتعاون، وتذليل الصعاب وسهولة التعامل مع الآخرين من خلال النشر والبرامج المعدة للفضائيات والأفلام السينمائية وغيرها من وسائل متعددة.
4) تخصيص جهد أكبر في مجال نشر الوعي الديني خارج المنطقة العربية والإسلامية، أي في الدول الغربية وأمريكا، ومحاولة تكثيف الدعم والإسناد للمسلمين المهاجرين إلى تلك الدول ليكونوا أداة تعريف جيدة بمبادئ الدين الإسلامي من ناحية وصلة تفاهم مع الديانات الأخرى من ناحية ثانية.
5) على البعض من المسلمين المقتدرين تغيير أساليب دعمهم المالي آخذين بنظر الاعتبار معالم العصر الحالي وذلك بتخصيص قدر من تبرعاتهم لنشر الوعي الإسلامي وتعميم الثقافة، ودعم التعليم الديني والعلمي، وفتح المدارس والمؤسسات العلمية ومراكز البحوث الإسلامية داخل المنطقة وفي بلاد الغرب.
6) أن يخصص جهد أكثر في وسائل الإعلام والتربية المحلية لتعزيز القيم والمعايير والتقاليد العربية والإسلامية التي تساعد على تحصين الإنسان المسلم في المنطقة من تأثيرات المد الأجنبي غير الملائم.
7) أن تتخلص الدول العربية والإسلامية وقادتها من موضوع التعامل على أساس الفعل ورد الفعل مع الأحداث والتوجهات المقابلة، وفي مجال الحرب النفسية الذي تتفوق به الدول الكبرى على سبيل المثال لا ينبغي التعامل على أساس المنع والتحريم المباشر الذي يصعب السيطرة عليه تقنيا، وبدلا عنه ينبغي التركيز على البناء النفسي القوي لأفراد المجتمع وتقوية فاعلية الضمير الإسلامي الكفيل بالتحريم الذاتي الأكثر ضمانا في الحماية من أنواع التحريم الأخرى الخارجية التي تأتي من قبل الدولة على وجه الخصوص.
8) وختاما علينا التأكيد أن الحرب النفسية باتت سلاحا فعالا تلجأ إليه أو تمارسه العديد من الدول والنظم السياسية في وقتنا الراهن بغية التأثير على المجتمعات المستهدفة، صديقة كانت أم عدوة، باتجاه إيجاد تقبل للأفكار وتكوين قناعات تؤمن مصالحها. وهي - أي الحرب النفسية - استخدام مستمر للعديد من الفعاليات وفق معطيات علم النفس التطبيقية قطعت فيه بعض الدول الكبرى أشواطاً بعيدة المدى حتى عدّ البعض استخداماتها تمهيداً لسيادة نوع جديد من أنواع الاستعمار يستعبد الناس فكرياً ونفسياً، والحرب النفسية بهذا المستوى أصبحت تخصصاً علمياً دقيقاً وسلاحاً سرياً شاملاً لا نملك نحن العرب والمسلمين إلا القليل من مفرداته، التي لا يجازف الغرب بتزويدنا أو حتى بيعنا بأثمان باهظة شيئاً منها ونحن الموجودين على رأس قائمة أهدافه الحالية والمستقبلية، وعلى هذا الأساس لم يبق أمامنا سوى جهودنا الذاتية التي ينبغي أن نبدأ بها أولاً وكلما كـأن ذلك ممكنا، حتى لا نجد أنفسنا يوماً وقد توقفنا آخر الركب ندفع ثمن عجزنا من أموالنا وأهـدافنا وطموحاتنا دون أن نجد من يمد لنا يده أو حتى يدفعنا إلى الأمام. والبداية عملية لابد أن تتأسس على إمكانات معقولة توضع في تنظيمات مناسبة قادرة على رصد وتحليل اتجاهات الحرب النفسية المقابلة، تأخذ في اعتبارها محاولة الاطلاع على جهود الغير وسبر غور البحث العلمي الذي يساعد كثيراً في التوصل إلى نهج عملي يقي المجتمع العربي والإسلامي من أية توجهات غير مناسبة.
المراجع:
(1) السيد سعيد، محمد، مجلة العربي الكويتية، العدد 494 يناير 2000 ص73.
(2) الشيخ، رأفت، تطور التعليم في ليبيا في العصور الحديثة، دار التنمية للنشر والتوزيع.
(3) العظم، صادق جلال ( 1996 ) ما هي العولمة، ورقة بحث مقدمة للمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم، تونس، 1996م.
(4) حنوش، زكي : مستقبل حقوق الإنسان والشعوب في ظل النظام العالمي الجديد، الفكر العربي العدد 90 خريف 1997، ص231.
(5) التحصين النفسي يعني إكساب الإنسان الفرد، والجماعة قدر ة على فهم وإدراك ما يحيط بهما من اتجاهات خارجية بمستوى يكونون فيه قادرين على مقاومة تأثيراتها المحتملة. ويعني من جانب آخر التغذية الفكرية للإنسان الفرد والجماعة بكم من المعرفة والإيمان اللازمين لإبعادهم عن التأثيرات المحتملة لنوايا الآخرين الموجهة.
(6) محسن، محمد : دعاية المقاومة في مواجهة الدعاية الإسرائيلية، الفكر العربي العدد 89 صيف 1997 ص222.
(7) العبيدي، سعد ( 1990 ) الحرب النفسية في الميدان، بحث غير منشور، 1990م.
(8) حسن زعرور : اتجاهات الشركات متعددة الجنسيات في ظل ثورة التكنولوجيا والإعلام، الفكر العربي العدد 89، صيف 1997، ص201.
(9) أحمد رشتي، جيهان: الأسس العلمية لنظريات الإعلام، دار الفكر العربي (ب، ت).

 

 


الباسل

يتولى القادة العسكريون مهمة الدفاع عن الوطن ، ففي أوقات الحرب تقع على عاتقهم مسؤولية إحراز النصر المؤزر أو التسبب في الهزيمة ، وفي أوقات السلم يتحمّلون عبء إنجاز المهام العسكرية المختلفة ، ولذا يتعيّن على هؤلاء القادة تطوير الجوانب القيادية لديهم من خلال الانضباط والدراسة والتزوّد بالمعارف المختلفة بشكل منتظم ، واستغلال كافة الفرص المتاحة ، ولاسيما أن الحياة العسكرية اليومية حبلى بالفرص أمام القادة الذين يسعون لتطوير أنفسهم وتنمية مهاراتهم القيادية والفكرية

   

رد مع اقتباس