عرض مشاركة واحدة

قديم 25-08-10, 11:29 AM

  رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
الأدميرال
مشرف منتدى القوات البحرية

الصورة الرمزية الأدميرال

إحصائية العضو





الأدميرال غير متواجد حالياً

رسالتي للجميع

افتراضي



 

الضوء الأصفر الأميركي
من المحتم أن تجلب العملية العسكرية الإسرائيلية المفترضة رداً إيرانياً، سيبدو صعباً تقدير حجمه وحدته، وفي حال جاء كبيراً، وأسفر عن خسائر إسرائيلية كبيرة، فمن المؤكد أن يستجلب تدخلاً أمريكياً، سيوسع مدى الحرب القائمة، وهناك شك كبير فيما إذا كان "أوباما"، سيوافق على الخروج لعملية عسكرية قد تؤدي إلى تورط أمريكي إضافي، بعد التورط الصعب الذي يعاني منه في أفغانستان وباكستان والعراق.
  • فالولايات المتحدة تأخذ بالحسبان إمكانية أن تسفر تغطيتها للعملية العسكرية الإسرائيلية ضد إيران إلى فتح حساب دموي طويل المدى مع العالم الإسلامي كله، حتى من أولئك الذين لا يؤيدون إيران، لأنهم سيعتبرونها هجوماً غربياً على دولة إسلامية، ومن الصعب توقع نتائج هذا الحساب وآثاره المترتبة.

  • من شأن هذه العملية أن تحدث ارتفاعاً جنونياً في أسعار النفط العالمية، التي وصلت مستويات عليا غير مسبوقة، وتتسبب بأضرار كبيرة للاقتصاد العالمي، وقد تحدث انهياراً كارثياً لاقتصادات دول عديدة.

  • نشرت تسريبات صحفية حول مفاوضات غير مباشرة بين مسئولين أمريكيين ونظرائهم الإيرانيين، ما يدفع للقول أن واشنطن لن تتخذ قراراً بتنفيذ عملية عسكرية ضد طهران، قبل أن يثبت بالدليل القاطع أن كل الجهود والمحاولات لم تؤد في النهاية إلى وقف مشروعها النووي، ووصلت إلى طريق فاشل.

  • إن مراقبة التحولات في موقف الولايات المتحدة يشير إلى حرصها على الحل السياسي والدبلوماسي مع إيران، لاعتبارات إستراتيجية تتعلق بحاجتها لها في العراق من جهة، وتخوفها من دورها في إثارة الأزمات في المنطقة من جهة ثانية، وجاءت تصريحات الأميرال "مايك مولن" رئيس هيئة الأركان الأميركية المشتركة ليعزز هذا التوجه، حين قال أن توجيه ضربة عسكرية إلى إيران قد "يزعزع الاستقرار" في المنطقة، مؤكداً على أهمية الحل الدبلوماسي، وتأكيد وزير الدفاع "روبرت غيتس" أن العمل العسكري سيؤخر فقط التقدم النووي الإيراني بصورة مؤقتة.
هذه "الكوابح" الأمريكية دفعت بالبروفيسور "شالوم زكاي" الخبير الإسرائيلي الأكثر تخصصاً في الشؤون العربية والشرق أوسطية لطرح أسئلة برسم الإجابة مثل: هل ستوجه ضربة عسكرية إسرائيلية انفرادية لإيران؟ وهل سيتم الإيعاز للجيش الإسرائيلي لتنفيذها، وإذا تبين أن الإدارة الأمريكية لن تتخذ هذا القرار؟ وحينها ستكون في مواجهة أصعب القرارات القاسية في تاريخها(6).
هنا، قد لا تجد إسرائيل نفسها ملزمة بالإجابة عن تلك الأسئلة، فضلاً عن طرحها أصلاً، في ضوء تصريحات نائب الرئيس "جو بايدن"، التي أكدت أنها لا تلغي بتاتاً إمكانية غض طرفها عن لجوء تل أبيب للخيار العسكري، إن لم تنجح الخيارات الأخرى، فيما أكد الجنرال "ديفيد بترايوس" قائد القيادة الأميركية الوسطى، أن واشنطن وضعت خطة لضرب المنشآت النووية الإيرانية، في أول تصريح محدد وواضح لمسئول أميركي عن استعمال القوة في هذا النزاع.

ولعل أبلغ عبارة قيلت في الموقف الأمريكي من الضربة العسكرية الإسرائيلية المتوقعة ضد إيران، ما ذكره "ستيفن سيمون" من "مركز الإجراءات الوقائية" التابع لـ"مجلس العلاقات الخارجية" في دراسة المعنونة بـ"ضربة إسرائيلية محتملة لإيران"، حين قال: "إذا ظلت واشنطن متمسكة بموقفها الرافض لتوجيه الضربة، فإن تل أبيب تعتقد أن البيت الأبيض لابد وأن يعطيها "الضوء الأصفر" على الأقل، سواء توصل لاتفاق مع إيران، أو استنفذ الوسائل الدبلوماسية ولم يتوصل إلى حل" (7).
وربما ما يجعل إسرائيل تنأى بنفسها عن عملية انفرادية ضد إيران، أن الأخيرة تمتلك عدداً من الردود المتوقعة إذا ما هوجمت، وتحديداً الإطلاق المكثف لصواريخ "شهاب"، التي تغطي مداها كامل الأراضي الإسرائيلية، واستخدامها ضد مناطق ومدن سكانية كبيرة، وإمكانية اللجوء لاستهداف مفاعل "ديمونا"، إلى جانب تفعيل حلفائها في المنطقة، حزب الله في لبنان، وحماس في غزة، وفقاً لتقديرات الباحث العسكري "داني شوهام" في مجلة "نتيف" الصادرة عن الجيش الإسرائيلي.

الحرب الخفية
تساؤلات عديدة طرحتها عمليات الاغتيال والاختفاء الأخيرة التي استهدفت بعض العلماء والفنيين الإيرانيين ممن لهم صلة بالبرنامج النووي، تشير العديد من الشواهد والمعطيات إلى "الأصابع" الإسرائيلية والأمريكية، ما قد يفسر لجوء إسرائيل إلى إستراتيجية استنزاف إيران تدريجياً من الداخل، من خلال تفريغها من الكوادر البشرية المتخصصة في التكنولوجيا النووية من علماء وفنيين، عبر التصفية الجسدية، الاختطاف، والتهجير، وهو ما أسمته الـ"ديلي تلغراف" البريطانية بـ"الحرب الخفية"، و"صيد الرؤوس"، وتبدو تكاليفه أقل، وعوائده أضخم، وإن كانت أبطأ، ولا يبدو أن طهران وجدت طريقاً لصده حتى الآن.
علماً بأن ما ورد من صعوبات، "ألجمت" رغبة تل أبيب مؤقتاً في الإقدام على الخيار العسكري ضد إيران، وأجبرتها على البحث عن إستراتيجيات بديلة، فإن هناك سيناريوهات لها "إرهاصات" ميدانية، أهمها:
  1. المضي قدماً في مسلسل اختطاف واغتيال العلماء والخبراء الإيرانيين.
  2. افتعال واستثمار أي مناوشات داخلية، لاسيما العرقية، والعمل على توظيفها من الزاوية الأمنية.
  3. رفع وتيرة الماكينة الإعلامية نحو "تضخيم" التهديد الإيراني، لاستجلاب التعاطف الغربي.
  4. ممارسة المزيد من الضغوط على الاتحاد الأوروبي والبيت الأبيض للإبقاء على تصدر المسألة الإيرانية لأجندتها، وتخفيف الضغط عن تل أبيب للعودة إلى مسار المفاوضات مع الفلسطينيين.
أما بالنسبة للبنان، وإن كان الوضع يختلف بصورة كبيرة، كمية ونوعية، عن الوضع في إيران، فإن معالم الإستراتيجية الإسرائيلية تتضح في الجوانب التالية:
  • التأهب في أقصى درجاته لأي مواجهة محتملة مع حزب الله، وتفعيل شبكات التجسس واختراق الجبهة الداخلية، والتحليق المكثف لسلاح الجو، لتحضير "بنك أهداف" جاهز عند انطلاق صافرة الحرب، وعدم التردد لحظة واحدة عن النيل من رأس "ثقيل العيار" إذا ما لاح لها.
  • إرسال رسائل دبلوماسية وميدانية للجهات التي تزور لبنان مفادها التحذير من أن الضربة الإسرائيلية القادمة ستكون فتاكة ومدمرة، وهي تحمل وظيفة نفسية معنوية بالدرجة الأولى.
  • استغلال بعض المناوشات التي عاشتها الأجواء اللبنانية مع بعض الفصائل الفلسطينية حول ما بات يعرف بـ"أزمة السلاح الفلسطيني"، وإمكانية العودة بالساحة الداخلية إلى ظروف التوتير.
  • ما تقدم لا يلغي بتاتاً إمكانية اندلاع حرب ما، يهرب طرفاها الآن على الأقل من استحقاقاتها، ربما لأسباب لبنانية أو إسرائيلية، وربما إقليمية.
الخلاصة أن هذه السنة 2010 ستكون الفترة التي يحاول فيها الإسرائيليون افتعال أزمة، ويسعى الأمريكيون لتلافيها، فيما يبني الإيرانيون استعداداتهم لمواجهتها، وتتلاعب فيها باقي الأطراف المستفيدة لضمان عدم التوصل سريعاً إلى قرار ينهيها.
_______________



باحث فلسطيني

الهوامش
(1) صحيفة المنار المقدسية، 12 يناير/كانون الثاني 2010، للاطلاع إضغط هنا.
(2) الموقع الاستخباري الإسرائيلي "تيك ديبكا" أورد هذا التصريح، وسرب معلومات إضافية عن مداولات جرت مؤخراً بين نخبة من المسئولين الإسرائيليين والأمريكيين حول ما أسماه "مهلة" إسرائيلية للولايات المتحدة حتى حزيران القادم لاستنفاذ الجهود الدبلوماسية مع إيران، لمتابعة النص الكامل للتقرير إضغط هنا.
(
3) التقرير الإستراتيجي الإسرائيلي، عوديد عيران، معهد أبحاث الأمن القومي، جامعة تل أبيب، مايو 2009، ص65، وهو المركز الأكثر أهمية في إسرائيل، كون العاملين فيه من المقربين جداً من صناع القرار، ومعظمهم من الجنرالات المتقاعدين، وبالتالي يمتلكون نظرة ثاقبة تجاه الاستراتيجيات الإسرائيلية المتوقعة.
(
4) نظرية الأضلاع الأربعة، شائعة في الأوساط الاستخبارية الإسرائيلية منذ أكثر من عقد من الزمن، ومع بداية كل عام تصدر المؤسسة الأمنية تقديراتها السنوية بشأن التهديدات المحدقة بإسرائيل بادئة بالأضلاع المعادية الأربع وهي: إيران-سوريا-حزب الله-حماس، ولئن أضيف لها في العامين الأخيرين ضلع خامس يتمثل بالقاعدة ومنظماتها التابعة لها.
(
5) المرجع السابق، ص18.
(
6) تحليل منشور في أكتوبر /تشرين الأول 2008، حول انتشار بعض التقديرات عن مواجهة محتملة مع حزب الله، وتبدو الظروف اليوم متشابهة إلى حد كبير مع ما عالجه التحليل قبل عام ونصف، ولقراءة التحليل إضغط هنا.
(
7) تكتسب هذه الدراسة أهميتها من كون المركز الذي أصدرها يهتم بدراسة النزاعات العنيفة، خاصة التي تدور في دول ذات تأثير حيوي على مصالح الولايات المتحدة، ويقوم بها من خلال نخبة من الدارسين المتخصصين في هذا الشأن من نواب ومندوبي الحكومات والمنظمات الحكومية وغير الحكومية، وبإشراك منظمات المجتمع المدني المعنية،
المصدر: مركز الجزيرة للدراسات

 

 


   

رد مع اقتباس