عرض مشاركة واحدة

قديم 25-08-10, 11:25 AM

  رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
الأدميرال
مشرف منتدى القوات البحرية

الصورة الرمزية الأدميرال

إحصائية العضو





الأدميرال غير متواجد حالياً

رسالتي للجميع

افتراضي



 

الحرب الثنائية
رغم كلفة هذا الخيار، وصعوبة تحمل إسرائيل لتبعاته، إلا أن هناك استعداد له في أروقة الجيش وأجهزة الأمن، وجد ترجمته في دراسة "حرب مثلثة الجسور" الصادرة عن وزارة الدفاع في تل أبيب.
ويستهدف هذا السيناريو تدمير مواقع حزب الله أولاً بأول ثم احتلالها وهضمها، وتصحيح الأخطاء المميتة الناجمة عن شح تدريبات القوات الإسرائيلية المهاجمة وقلة خبرتها القتالية، خاصة في صفوف الاحتياط. وقدّرت مدة "الانتهاء من الحرب اللبنانية الجديدة بستة أسابيع" تبقى فيها القوات الإسرائيلية في الأماكن التي احتلتها، والممتدة على طول الحدود اللبنانية الشرقية مع سوريا، متوقّعة أن تكون "المرحلة الثانية هي الحرب الجوية على إيران، في حال اضطرت تل أبيب لخوضها منفردة لإزالة الخطر النووي، إذ سيتمكن سلاحا الجو والصواريخ الإيرانيان من تدمير واسع للمدن الإسرائيلية قبل القضاء عليهما، إذا ما تدخل الجيش الأمريكي متأخراً".

وبناء عليه، يمكن إعداد سيناريوهات للحرب المقبلة بنظر العديد من المراقبين الواقعة حتماً، ومنها:
  1. حرب ضد إيران، تمهد إسرائيل لها عبر القيام بضربة جوية تستهدف بعض المنشآت، ما سيدفع الأولى للرد بحيث ستتساقط صواريخها البعيدة المدى على تل أبيب، والقواعد الأميركية في بعض الدول العربية، وسيكون جنودها هدفاً يومياً للقوى العراقية المتحالفة مع طهران.

    وخطورة هذه الحرب تكمن في استحالة معرفة التداعيات التي ستأتي بها وحجم الرد الإيراني، فضلا عن المدى والوقت الذي قد تأخذه الحرب وتصبح المنطقة أسيرة حرب استنزاف تستمر لسنوات، وستزعزع أمنها. كما تخاف إسرائيل من أن تكون هذه الضربة أشبه بسياسة "جز العشب" الذي يعود لينبت مرة أخرى، حيث تقوم إيران بعدها بإعادة البرنامج النووي مرة أخرى، مع أخذ المزيد من الاحتياطات لحمايته من أي ضربة أخرى محتملة.
  2. عدم توجيه ضربة مباشرة ضد إيران، بل استئصال أطرافها الإقليميين وحزب الله تحديداً، بعد أن بات عبئاً ثقيلاً على إسرائيل، ولهذا يجب ضربه وتجريده بالكامل من سلاحه. وأهم مخاطر هذا السيناريو، إمكانية اختلاط الأوراق في سياق هذه الحرب حيث قد يصعب معرفة مساراتها وتأثيراتها ومدة استمرارها.
وربما يبدو مشروعاً الحديث عن تقدير الأضرار التي قد تنجم عن "رد فعل إيراني صاروخي تقليدي، برؤوس حربية عادية، ما بين 10-20% في المرافق الحيوية كالمصانع والمطارات والمرافئ والمؤسسات العسكرية والاقتصادية، وصولاً إلى 50% في صفوف السكان والمزروعات ومخازن التموين هذا في حال حملت "حشوات" كيماوية ، وستكون الخسائر بين 800-1500 قتيلاً، و4-7 آلاف مصاباً".

وفي الوقت الذي ستتمكن فيه المقاتلات الجوية والصواريخ الإسرائيلية من تدمير 40-50% من المفاعلات النووية ومواقع التخصيب ومستودعات تخزين الصواريخ ومواقع إطلاقها خلال 4-5 أيام، فإن إيران ستستمر بإطلاق الصواريخ بمعدل 20-30 صاروخاً بعيد المدى يومياً، ما سيبرّر عندئذ دخول الولايات المتحدة المعركة بشكل حاسم(3).
وفي ضوء هذا السيناريو "الكابوس" تستبعد الأوساط الإسرائيلية الإقدام على "فتح جبهتي حرب ضد حزب الله وإيران في وقت واحد كما كان مخططاً أحياناً، وأن المعركة مع لبنان ستكون منفردة، ولكن شديدة القسوة والتدمير، استعداداً "للحرب الأم" مع إيران.
معضلة حزب الله
فجأةً، من دون سابق إنذار، انشغل الجميع بالحديث عن الربيع الساخن المقبل على لبنان، ولا يكاد يخلو لقاء سياسي أو محادثة دبلوماسية من السؤال عن جدية احتمال الحرب الإسرائيلية خلال الأشهر المقبلة، وكان آخرها تصريحات الوزير الليكودي "يوسي بيليد"، قائد المنطقة الشمالية السابق.

وهو ما دفع بالمحللين السياسيين وخبراء شؤون الشرق الأوسط في مختلف مراكز الأبحاث والدراسات الإسرائيلية للإجابة عن السؤال التالي: "هل ستندلع حرب مع حزب الله مرة أخرى؟"
وعلى خلفية الإجابة تنقسم وجهات النظر إلى ثلاثة: الأولى تقول "نعم"، والثانية تقول "لا"، والثالثة تراهن على استمرار السيناريو الحالي، فيما تطرح المعطيات الجارية ذلك السؤال: إلى أين؟
وأياً كان ترجيح كفة الإجابة، فإن هناك إجماعاً في الأوساط السياسية والعسكرية والأمنية الإسرائيلية على أن وجود الحزب يشكل خطراً كبيراً مهدداً للأمن الإسرائيلي، مع الانقسام حول كيفية التعامل معه:
  1. الاتجاه الأول: يرى بضرورة اللجوء للخيار العسكري باعتباره الوسيلة الناجعة في القضاء على المخاطر، لكن تنفيذ هذا الخيار يصطدم بالعديد من العقبات ومنها:
    • الخسائر الكبيرة بسبب امتلاك الحزب قدرات عسكرية تستهدف العمق الإسرائيلي.
    • الدخول في مواجهة مع الرأي العام الدولي الذي أصبح أكثر رفضاً لعمليات إسرائيل العسكرية.
    • احتمالات إضعاف حلفاء واشنطن في لبنان.
  2. الاتجاه الثاني: يرجح اللجوء للخيار السياسي الدبلوماسي كونه الوسيلة المناسبة حالياً، عبر استخدام المؤسسات الدولية وتوظيفها في الحملة ضد الحزب، ودعم وتعزيز قدرة حلفاء أمريكا اللبنانيين، وهم الأكثر فعالية في إضعاف وزن حزب الله السياسي. لكن هذا الخيار يصطدم بالعديد من العقبات كعدم توفر المبررات والذرائع المقنعة لدفع المؤسسات الدولية باتجاه تشديد الضغوط على الحزب، لأن الوضع السياسي اللبناني يقوم على أساس خطوط طائفية تجعل من الصعب القضاء على شعبيته في أوساط سكان الجنوب.
  3. الاتجاه الثالث: يفضل استخدام معطيات "إدارة الأزمة"، بحيث يتم استخدام التهديد السياسي والعسكري كوسائل ضغط خارجية، مع ضرورة العمل على عزل الحزب عن حلفائه الخارجيين، واستخدام التفاهمات الدولية والإقليمية لحصر نمو قدراته ضمن أدنى حد ممكن.
نلاحظ هنا أن هذه الاتجاهات الإدراكية الثلاثة ما تزال تتميز بحركية الصعود والهبوط وفقاً لأداء ماكينة المؤسسة الإسرائيلية ومحتوى التصريحات السياسية، وبكلمات أخرى كلما ركز الإعلام الإسرائيلي على خطر حزب الله كلما كان الرأي العام فيه أكثر تأييداً للعمل العسكري.

لكن الإشكالية في إسرائيل تتمثل في ماهية سعيها لتحقيق أهدافها في القضاء على خطر حزب الله، ولكن كيف ومتى وبأي وسيلة وما هي احتمالات ذلك، وما هي الأضرار التي ستتعرض لها، وهل بالإمكان تفاديها في ظل الترتيبات الدفاعية الإسرائيلية التي ثبت عملياً عدم تمتعها بالمصداقية الكاملة.
علماً بأنه يمكن تصنيف معطيات الإدراك الإسرائيلي لحزب الله على أساس نوعين من الاعتبارات:
  1. عوامل الضعف: يقول الإسرائيليون أن الحزب عانى منذ 2006 من تراجع قدراته في:
    • عدم القدرة على حشد قدراته العسكرية بجانب الحدود الإسرائيلية، وتمركزها شمال الليطاني.
    • فقدانه لقائده العسكري عماد مغنية دون الثأر لمقتله حتى كتابة هذه السطور.
    • على الصعيد السياسي تمت هزيمته في الانتخابات النيابية الأخيرة.
  2. عوامل القوة: مصادر قوة الحزب ما تزال فاعلة بنظر الإسرائيليين، ومن أبرزها:
    • الدعم الإيراني والسوري له، وتأييد سكان الجنوب اللبناني.
    • امتلاكه تنظيماً عسكرياً شديد التماسك يتميز بالقدرة القتالية ومعرفة الأرض والسيطرة عليها.
وقبل ذلك وبعده، فإن رئيس الوزراء "بنيامين نتنياهو" يرى أن إشعال الحرب ضد حزب الله سيتيح له تحقيق المزيد من المنافع والمزايا السياسية والإستراتيجية في المنطقة، خصوصاً في ضوء ما يمثله الحزب من تحدي أمني إستراتيجي، مؤلف من أربعة أضلاع وفقاً لتوصيف الجنرال احتياط " يعقوب عميدرور" الرئيس السابق لشعبة الأبحاث في جهاز الاستخبارات العسكرية، والتي يقع حزب الله في صلبها(4).

عموماً، يقول العالمون ببواطن الأمور في المنطقة أن الحزب لن يكون الطرف البادئ بالحرب، بل إسرائيل، والذريعة الأكثر احتمالاً أن تسعى للقيام بـ"تركيب" المبررات كإجراء التفجيرات، والقيام بالاغتيالات، واستخدام "الأطراف الثالثة" سوريا وحماس وحزب الله كمتهمين لإطلاق الصواريخ ضدها، بما يكون كافياً لظهور الإسرائيليين بدور الضحية، وحزب الله بدور الجلاد، الذي لم يترك أمامهم خياراً سوى الرد العسكري دفاعاً عن النفس.
ولئن كانت المعطيات الميدانية تشير إلى أن الجبهة اللبنانية هادئة في المدى الإسرائيلي المنظور، فإن هناك احتمالات لا تلغيها تل أبيب من فرضياتها الأمنية الاستخبارية يتم ترتيبها وفقاً لما أوضحته مصادر دبلوماسية أوروبية وثيقة الإطلاع، حول حتمية الحرب مع حزب الله، نتيجة عوامل أساسية:
  1. حزب الله لم ينس الانتقام لاغتيال قائده العسكري عماد مغنية، وهناك إنذارات ساخنة تشير إلى أنه بصدد الثأر في أي فرصة سانحة.
  2. تعتقد بعض المستويات البحثية والدراسية في تل أبيب أن إيران قد تلجأ لـ"مشاغلة" إسرائيل المتربصة بها، عبر الإيعاز للحزب بالتحرش بجيشها على الحدود الشمالية.
  3. الكشف عن شبكات تجسس في لبنان لم ينته بعد، وإبداء الأوساط السياسية في بيروت وتل أبيب، أن الهدف منها تجميع "بنك معلومات" جديد خاصة أساسا بالحزب، تحضيراً للحرب الثالثة.
  4. خضوعه لتعليمات القيادة الإيرانية، وتضامنه معها، ما يشكل تهديداً أمنياً بالغ الخطورة، وأي مواجهة عسكرية مع إيران سيكون الحزب طرفا أساسياً فيها.
  5. امتلاكه ترسانة كبيرة من الأسلحة، غير خاضعة للدولة اللبنانية، وعدم تردده في استخدامها ضد إسرائيل، إذا ما اقتضت مصالح المحور الإيراني السوري ذلك، وفق التصور الإسرائيلي.
كما تعتقد تل أبيب أن الوصفة المثلى لعودة مأمولة لعلاقات دافئة مع واشنطن تتمثل بـ"افتعال" حرب جديدة، سواء مسقوفة ومحددة زماناً ومكاناً، أو مفتوحة دون جدول زمني، خصوصاً بعدما غادر "أوباما" سريعاً الموقع الملتبس وإعلانه السير على خطى سلفه "بوش"، وهو ما قد يبرر تسارع وتيرة أنباء التصعيد العسكري الإسرائيلي شمالاً، وتزاحم أنباء الحشود العسكرية، والتصعيد اللفظي الإسرائيلي، وارتفاع نبرة التهديدات بحرب جديدة.

وقد ارتفعت وتيرة القلق الإسرائيلية مؤخراً في ضوء ما كشفت عنه مجلة "جينز" البريطانية، المتخصصة في شؤون الدفاع والتسلح، حول تصويب حزب الله نحو كل مدينة إسرائيلية أكثر من مائتي صاروخ ذات قدرات تدميرية هائلة، ونشره صواريخ أرض- أرض متطورة من نوع M600 على الأراضي اللبنانية، تصل لمناطق واسعة في إسرائيل، قادرة على الإصابة الدقيقة للأهداف وإحداث دمار كبير، لأن الرأس الحربي يزن 500 كجم.
ووفقاً لما يسرب بين الحين والآخر في المحافل البحثية، فإن أي حرب مقبلة مع الحزب ستختلف جذرياً عن الحروب السابقة، مشددة على عدم خوض حرب استنزاف طويلة تتعرض خلالها، وطوال أسابيع، المدن والمنشآت الإسرائيلية لآلاف الصواريخ والقذائف، بل إن أي حرب جديدة ستكون كاسحة ومدمرة للغاية، تشمل غارات جوية وضربات صاروخية وقصفا بحرياً وهجمات برية مركزة على جبهات عدة، ولعل الحرب الأخيرة على غزة صورة مصغرة عما يمكن أن يتعرض له لبنان.

ولعل شكل الحرب المقبلة شغل جملة من الجنرالات الكبار في إسرائيل، وعلى رأسهم "غيورا آيلاند" رئيس مجلس الأمن القومي السابق، و"يوسي كوبرفاسر" الرئيس السابق لشعبة الأبحاث في جهاز الاستخبارات العسكرية "أمان"، اللذان أدارا نقاشاً حول فرضيتين تناولتا الإجابة عن طبيعة وشكل حرب لبنان الثالثة (5).
وأجمعا على أن نتائج الحرب القادمة لن تكون بالضرورة أفضل من سابقتها، ما يجعلهما يجمعان ومعهما جملة من الباحثين المرموقين مثل: "أفراييم عنبار، عمانوئيل سيكيل، مردخاي كيدار، ايتان جلبواع" على أن إسرائيل فشلت خلال الحرب الثانية 2006، وربما يتكرر ذات الفشل في الحرب الثالثة، لأنها قاتلت العدو غير الصحيح، وحاربت حزب الله، بدلا من محاربة لبنان الدولة.

بمعنى أكثر وضوحاً، فهم يشيرون إلى أن الزمن الذي كان يقضي فيه سكان بيروت، أوقاتاً ممتعة على شاطئ البحر، والذهاب للمقاهي خلال أيام وليالي الحرب، في حين يقضي سكان مدينة حيفا لياليهم في الملاجئ، لن يعود أبداً، وهذه رسالة الحرب اللبنانية الإسرائيلية الثالثة.

 

 


   

رد مع اقتباس