عرض مشاركة واحدة

قديم 16-09-09, 05:32 PM

  رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
البارزانى
Guest

إحصائية العضو



رسالتي للجميع

افتراضي



 

في الباب الثالث: "مشكلة الألغام في مصر":


كشف المؤلف النقاب عن حقيقة أن مصر أكبر دولة متضررة من الألغام في العالم، حيث يوجد في أراضيها حوالي (7ر22) مليون لغم وقذيفة لم تنفجر كانت القوات الألمانية والإنجليزية والإيطالية قد زرعتها خلال الحرب العالمية الثانية. وتنتشر هذه الألغام على امتداد (262) ألف هكتار في الصحراء الغربية، بالإضافة إلى حوالي (6) ملايين لغم في سيناء زرعتها القوات الإسرائيلية خلال الحروب المختلفة. وتمثل هذه الألغام إجمالاً خمس ألغام العالم. وهناك ألغام أخرى زرعتها القوات المسلحة المصرية لتأمين المناطق الحدودية.

ووفقاً للمؤلف فإن المشكلة بالغة التعقيد وذلك لاعتبارات عديدة أهمها: عدم قيام الدول التي زرعت الألغام بتزويد الجيش المصري بخرائط تفصيلية لحقول الألغام تلك، بل إن هناك ألغاماً ليست لها خرائط كتلك التي زرعتها إسرائيل بشكل عشوائي في سيناء قبيل انسحابها منها. ورغم أن كثيراً من الألغام التي في الصحراء الغربية من النوع المضاد للدبابات، إلا أن عوامل التعرية قد أدت إلى تغير مواقع هذه الألغام وجعلها قابلة للانفجار إذا وطئها الأفراد، وقد تسببت هذه الألغام في وقوع إعداد كبيرة من القتلى والجرحى والمعوقين.

ففي الفترة (1945-1997م) بلغ ضحايا الألغام في مصر ما يلي: عدد القتلى (690) وعدد المصابين (7611) وتتفاقم المشكلة بسبب ضعف الإمكانات الطبية في المناطق المنكوبة بالألغام.

وتعد الألغام عائقاً كبيراً من معوقات التنمية والإعمار، إذ إنها تسببت في تعطيل مشروعات تنموية واستثمارية حيوية في المناطق المتضررة من الألغام وبالذات في الصحراء الغربية كمشروعات استصلاح الأراضي، ومشروع توليد الكهرباء من منخفض القطارة.

كما تمثل الألغام خطراً جسيماً على المشروعات القومية العملاقة التي يجرى تنفيذها حالياً مثل: مشروع توشكى ومشروع شرق التفريعة ومشروع تنمية خليج السويس.
وتطرق المؤلف إلى الاستراتيجية المصرية لمكافحة الألغام موضحاً أنها تسير في خطين متوازيين الأول: هو السعي الحثيث للحصول على مساعدات خارجية فنية وتقنية وخاصة من الدول المسؤولة عن زرع الألغام في أراضيها والثاني: هو تنفيذ برنامج وطني لنزع وتفكيك الألغام الموجودة. وقد تمكنت القوات المسلحة المصرية في الفترة من (1981-1991م) من إزالة حوالى (11) مليون لغم بجهودها الذاتية. بيد أن نقص الإمكانات قد أدى إلى توقفها عن تنفيذ خططها الشاملة لإزالة الألغام باستثناء المناطق التي تسعى الدولة إلى تنفيذ مشروعات قومية كبرى بها.

وبعد ... فإن هذا الكتاب يعد أقوى مرجع عربي حتى الآن في موضوع الألغام البرية من حيث عمق التناول وشموله، فضلاً عن غناه بكم وفير من المعلومات والإحصاءات الموثوقة عن مخزون الألغام في العالم وعن المزروع منها بالفعل وعن آثارها الإنسانية والاقتصادية السلبية. ومن ثم فالكتاب يسد جانباً من نقص المعرفة بهذه الظاهرة الخطيرة التي تعد معوقاً لجهود التنمية والإعمار.

وتبقى ملاحظتان نقديتان على الكتاب في مجمله:
الأولى: هي محدودية القيمة العسكرية للألغام الأرضية وهو أمر قد أغفله المؤلف. فالفكر العسكري المعاصر يميل إلى التقليل من أهمية هذه الأسلحة في العمليات الحربية وذلك في ضوء اعتبارات عدة من بينها التقدم الكبير الذى أحرزته الدول الكبرى في وسائل تدمير حقول الألغام وفتح ثغرات بها. وأحدث الأمثلة هي حرب الولايات المتحدة الأمريكية والتحالف الأفغاني ضد قوات طالبان والتي هزت فيها طالبان رغم كثرة ما زرعته من ألغام أرضية.

الثانية: عدم كفاية الجهود الدولية سواء في وقف إنتاج وزرع الألغام أو في تطهير الحقول الموجودة بالفعل. فلم يقدم المؤلف مقترحات محددة في هذا الشأن، وإذا كان من السهل إجبار الدول الأعضاء في الأمم المتحدة على الامتثال لمعاهدة حظر الألغام البرية إلا أن هذا قد لا يكون سهلاً مع المجموعات العرقية وجماعات المتمردين، ومن ثم فلابد من ترتيبات دولية موازية لنزع فتيل التوتر في مناطق الصراعات العرقية والطائفية والجهودية والحروب الأهلية، ولابد من تفعيل الدبلوماسية الوقائية وإيجاد حلول وتسويات سلمية لهذه النزاعات. إذ إن صرف الاهتمام إلى حظر التسلح ونزع التسلح مع تجاهل أسبابه، إنما هو تعامل مع أعراض الداء مع تجاهل أسبابه

 

 


   

رد مع اقتباس