عرض مشاركة واحدة

قديم 13-10-09, 01:15 PM

  رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
المنتصر
مشرف عام

الصورة الرمزية المنتصر

إحصائية العضو





المنتصر غير متواجد حالياً

رسالتي للجميع

افتراضي الشركات العسكرية الدولية الخاصة



 

الشركات العسكرية الدولية الخاصة



المقدمة.
تتناول هذه الدراسة الجوانب القانونية والسياسية للشركات العسكرية الدولية الخاصة لبيان مدي شرعية وجود هذه الشركات وشرعية المهام التي تقوم بها في فصولين، الفصل الأول أختص بالجوانب السياسية لهذه الشركات وتكون من ثلاثة مباحث، الأول لنشأة وتطور ظهور هذه الشركات وفي الثاني ذكرنا أسباب ظهور هذه الشركات وفي الثالث أوضحنا المهام التي توكل إلي تلك الشركات وقد تبين لنا أنها ذات المهام الموكلة إلي الجيوش النظامية وقوات الأمن والشرطة في الدول وأساليب وطرق عمل تلك الشركات التي تميزت بالسرعة والقسوة غير المبررة. والفصل الثاني بعنوان الجوانب القانونية للشركات العسكرية الدولية الخاصة وتكون من ثلاثة مباحث الأول عرضنا فيه لموقف كل من المؤيدين والمعارضين لوجود وعمل تلك الشركات، وفي الثاني تناولنا الجهود الوطنية والدولية بشأن تلك الشركات من جهود دول الدول والمنظمات الإقليمية والعالمية، وفي الثالث بينا التكييف القانوني لهذه الشركات في القانون الدولي.
الجوانب السياسية للشركات العسكرية الدولية الخاصة.
ظهر ت علي الصعيد الدولي بسرعة - رغم وجودها منذ زمن- ظاهرة الشركات العسكرية الدولية الخاصة التي تأخذ من القتل والحروب تجارة لها، وكانت مأساة العراق وما أثارته من مشاكل وأزمات سببا لظهور هذه الشركات علي السطح، مما استلزم دراستها وبيان الجوانب القانونية والسياسية لها، ونتناول في هذا الفصل الجوانب السياسية لهذه الشركات في مباحث ثلاثة الأول: لنشأة وتطور هذه الشركات والثاني لأسباب ظهور هذه الشركات والثالث لمهام وأساليب وطرق عملها.
نشأة وتطور الشركات العسكرية الدولية الخاصة.
ترك الاستعمار الغربي لدول العالم العربي والإسلامي في أفريقيا وآسيا خلفه ظاهرة بغيضة تسمى (المرتزقة) أو (mercenaries) عبارة عن مجموعات من العسكريين الغربيين المتقاعدين ممن يبيعون خدماتهم العسكرية للحكومات أو رؤساء دول وصلوا إلى الحكم بانقلابات عسكرية مدبرة وبغير رغبة شعوبهم، حتى أصبح من الطبيعي أن نشاهد حاكما من دول العالم الثالث يحرسه مرتزقة أجانب، أو حكومة ديكتاتورية تستأجر عملاء ومرتزقة أجانب لحمايتها بقوة السلاح من شعبها والتصدي لحركات المقاومة الوطنية..
وساعد على انتشار هذه الظاهرة في الربع الأخير من القرن الماضي الصراع بين القوى الدولية على ثروات العالم الإسلامي مع غياب وعجز الأمم المتحدة عن القيام بدورها في حفظ السلم والأمن الدوليين، وقد أنشئت أول شركة لذلك من طرف عضو سابق في الفرقة البريطانية الخاصة (جيم جونسون) وكان زبائنه في البداية من شخصيات سياسية وتجارية دولية، وكان العمل يقتصر على توفير الحماية وتدريب الحراسات الخاصة، وقد أدي التنافس بين الشركات الخاصة إلي تنشيط هذه المهنة وسرعان ما انتقل عمل هذه الشركات من الحماية الأمنية الخاصة إلى المشاركة في النزاعات والحروب كما حدث في انجولا وزائير ثم انتقلت الفكرة إلي أمريكا وبدأوا في تأسيس شركات أمن خاصة وكانت أهمها (كي بي أر) المملوكة من طرف (هليبورتون) من عام 1962م، ثم نوعت نشاطها من عام 1980م، وقد تطور هذا السوق وتلك التجارة من خلال إقامة علاقات بأجهزة المخابرات البريطانية والأميركية ووزارة الدفاع الأميركية.
إن اللاعبين الأساسيين في هذا السوق الشركات الأميركية الكبرى خاصة شركات كي بي أر، بلاك ووتر، دين كورب وهي قادرة على تقديم عاملين على خطوط الجبهات الأمامية والخلفية، والجيش الأميركي هو الزبون الأهم في العالم لهذه الشركات، ففي حرب الخليج الثانية(1991م) قامت شركات اللوجستيك بتحصيل مبالغ مالية كبيرة نظير توظيفها ما يعادل(1%) من القوة العسكرية الأميركية ويحصلون يوميا علي ثلث موازنة الجيش الأميركي في العراق والبالغة 30 مليار دولار سنوياً، حيث يشغلون(10%) من القوة العسكرية الأميركية وتعد شركة (كي بي أر) الأكثر أهمية من بين شركات اللوجستيك في العراق حيث تشغل نحو 50 ألف مرتزق بعضهم للقتال لكن الأغلبية تعمل في الخدمات اللوجستية من طباخين وسواقيين وميكانيكيين والتموين ولدىها عقد مع "البنتاجون" يصل إلى(11) مليار دولار.
وقد تطورت هذه الشركات فنشأت شركات عسكرية (قطاع خاص) في الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا وإسرائيل وجنوب أفريقيا وغيرهم من الدول، تقدم خدماتها لمن يطلبها نظير المال، مثل قلب نظام حكم ما (تكرر هذا السيناريو كثيرًا في أفريقيا) أو حماية رئيس دولة أو القيام بحرب صغيرة من الباطن ضد دولة مجاورة، وربما حماية آبار بترولية أو مناجم ماس.
وقد اشتهرت مجموعات فردية كثيرة من هؤلاء المرتزقة كما اشتهرت شركات لهم تتولى القيام بهذه الأعمال القذرة مقابل المال مثل جماعة (مايك المجنون) التي يقودها عسكري يدعى (هوار) لعب دورًا في قلب عدة حكومات أفريقية منها انقلاب جزر سيشيل عام 1981م وجماعة (السترات السوداء) بقيادة الفرنسي بوب دينار الذي شارك عدة مرات في قلب نظام الحكم في جمهورية جزر القمر الإسلامية، ومجموعة (تيم سبايسر) التي لعبت دورًا في المحاولة الانقلابية الفاشلة في بابوا (غينيا الجديدة) وغيرها الكثير.
ظهرت في الفترة التي يطلق عليها البعض العولمة ويسميها البعض الآخر الأمركة ويقول عنها فريق النظام الدولي الجديد، أيا كانت التسمية فنحن في عصر ما بعد الحرب الباردة( )، شركات الحماية الأمنية أو شركات الأمن الخاصة سواء علي الصعيد الوطني أو الدولي بشقيه الإقليمي والعالمي، أي الشركات العسكرية الأمنية الخاصة، أو شركات الحماية الأمنية، أو شركات الأمن الخاصة أو الموظفون الأمنيين المتقاعدون أو المقاولون، أيا كانت تسميتهم فهي تخوض الحروب نيابة عن دول (الحروب بالوكالة) تحت زعم أن القطاع الخاص إذا كان شريكا في الأرباح فلا بد أن يكون أيضا شريكا في المخاطر، وأصبحت هذه الشركات من سمات وآليات العولمة وفرض الهيمنة ليس علي الدول فقط ولكن علي المجتمع الدولي والنظام العالمي وسوف نقوم بدراسة هذه الظاهرة من حيث النشأة والتطور والمهام والأهداف ونلقي الضوء علي ومهامها وأماكن عملها وأساليبها ومدي شرعيتها من حيث الوجود ومدي شرعية مهامها وأهدافها أي هل يمكن خصخصة العمل العسكري الحروب طبقا للقانون الدولي؟
يعد ظهور هذه الشركات بمثابة انقلابا في الشئون العسكرية فهذه الظاهرة سوف تحدث تغييرا هائلا في الطريقة التي سيتم بها تنفيذ الحروب مستقبلا ورغم وجود سوابق تاريخية إلا أن هذه الظاهرة لم نشهدها منذ حوالي (250) عاما، فلأول مرة في تاريخ الدولة القومية تتنازل الحكومات طواعية عن أحد أهم حقوقها وهو احتكار استخدام القوة بشكل شرعي وإعطائه لهذه الشركات وظاهرة البنادق المؤجرة أو خصخصة الحرب بدأت في التنامي بعد انتهاء الحرب الباردة وهي عبارة عن استبدال الجنود في أي مكان في العالم بمدنيين يملكون بنادق مؤجرة ولا يخضعون لأي من الإجراءات العقابية وفق المعايير العسكرية المعروفة والمتفق عليها على مستوى القانون الدولي.
وقد شهد عقد التسعينات نموا متزايدا لهذه الشركات وعرفت باسم (Private Security Firms) وعملت الحكومة الأمريكية علي إتاحة المجال أمام هذه الشركات لأنها من جهة تمنح الحكومة الأمريكية فرصة شن حروب فيما وراء البحار بدون الحاجة للحصول علي موافقة من الكونجرس الأمريكي، وبدون علم وسائل الإعلام ويستخدم البنتاجون حاليا حوالي(700.000) عنصر من هذه الشركات وتدر صناعة الخصخصة العسكرية ربحا سنويا يقدر(100) بليون دولار من عمليات عسكرية أمريكية في حوالي خمسين دولة، وهذه الشركات الخاصة تحكمت في شن الحروب إلى الدرجة التي يصعب على الجيش الأمريكي أن يشن حربا بدون الاستعانة بمجهودات هذه الشركات، ورغم حالة السرية التي تفرض علي تعاملات البنتاجون مع هذه الشركات إلا أن بعض التقارير الصحفية تشير إلي أن حوالي ثلث الميزانية التي خصصت للعمليات العسكرية في العراق والمتضمنة أيضا عمليات وسط آسيا وأفغانستان (87 بليون دولار) سيتم إنفاقها علي عقود مع الشركات الخاصة.
أن ظاهرة استخدام مقاتلين في الحروب مقابل أجر مادي دون أن يكونوا من جنود تلك الدول أي يتمتعون بجنسية الدولة التي يحاربون معها ومن أجلها، أمر معروف في التاريخ الإنساني على مر الدهور وكر العصور، فالرومان كانوا من أوائل الإمبراطوريات الاستعمارية التي استخدمتهم فقد استغلت البرابرة من الجرمان والسلاف والهون في حروبها.
وفي القرون الوسطي زادت هذه الظاهرة انتشارا وتحديداً في حرب المائة عام التي قادتها الشركات العسكرية وتعد من أشرس المعارك الحربية التي قاتدها هذه الشركات، وحاول ملك فرنسا (جان الثاني لوبون) القضاء علي هذه الشركات لتنامي دورها وقوتها ولكنها اتحدت فيما بينها وسحقت القوات الملكية في معركة بريني في العام 1362م.
ويري البعض أن بداية تلك الظاهرة يعود لأيام إمبراطور اليونان كوزينوفون الذي جند عشرة ألاف يوناني للمحاربة في بلاد فارس مقابل مال بينما يري البعض الأخر أن تاريخهم الحقيقي يبدأ قبل الثورة الفرنسية 1789م، ولكنها ظهرت بوضوح في الثلث الأخير من القرن الماضي خاصة في الدول الإفريقية التي تركها الاستعمار الفرنسي والبريطاني.
وبدأ التعاون بين شركات العسكرية والجيوش النظامية منذ حرب فيتنام وخصوصاً من قبل (السي آي إيه) ضمن برنامج سري عرف باسم (العمليات السوداء) فكان المرتزقة يرسلون لتنفيذ عمليات اغتيال وتخريب ضد مواقع وشخصيات فيتنامية لا تريد الحكومة الأمريكية التورط فيها مباشرة.
ونظرا لسلوك الجنود المرتزقة وممارساتهم غير المقبولة وغير المسئولة مما جعلهم عنصرا مرفوضا من المجتمعات بصورة عامة، فقد وجدت في كثير من المجتمعات واشتهرت المرتزقة بأدوار منافية لقيم المجتمعات الإنسانية مقابل أجر دون أن تكون لهم قضية يقاتلون أو يقتلون من أجلها، وغالبا ما يكون المرتزق من العسكريين المتقاعدين خاصة الذين سبق وعملوا رسميا كأفراد حماية لمسئولين في دولهم أو حماية الأثرياء والمصارف وغيرها والمرتزق عادة ما يكون محترفا حياة الجندية التي يكتسب منها قدرة قتالية وكفاءة عالية لا تتوفر لمن لا يعيش حياة الجندية بصورة دائمة ويستخدم المرتزقة من قبل أنظمة أو دول أو جيوش أو شخصيات لتنفيذ سياساتها وتحقيق غاياتها بوسائل يحددونها.
وقد انحسر دور هذه الطبقة المحاربة نتيجة تنامي دور الدولة القومية وتنامي المشاعر الوطنية التي ربطت المواطنةوالجندية بمدى انتماء الفرد أو الجندي بدولته من خلال الالتحاق بالجيش الوطني كتعبير عن انتمائه والتزامه بقضايا دولته، لكن أخذ هذه الدور يتنامى مرة أخرى في عصر العولمة مع انحسار التشريعات الوطنية التي تحظر على الفرد أو المواطن الانضواء في مؤسسات أو شركات تمتهن العمل العسكري لغايات الربح المادي بل زاد الطلب على هذا النوع من المحاربين من قبل مؤسسات ومنظمات منها بعض المنظمات التابعة للأمم المتحدة) ودول نظرا لاعتبارات مختلفة أبرزها الحرفية والكفاءة التي يتمتعون بها وسرعة تعبئتهم لأداء المهام التي تطلب منهم دون الدخول بإجراءات بيروقراطية وإجرائية التي تأخذ وقتاً طويلاً حتى يتم تجنيد قوة محاربة.
كان لتداعيات عصر العولمة أعظم الأثر فى التغيير الذي طال العلاقات الدولية وتنامي دور الشركات متعددة الجنسية بحيث أصبحت لهذه المؤسسات الضخمة والمندمجة دوراً كبيراً في رسم بعض السياسات الخاصة لبعض الأطراف على حساب القواعد السائدة في الدولة القومية فالأخيرة لم تعد تتحكم وسائل الإنتاج في هذا العصر حيث أصبح للقطاع الخاص دورا رياديا في توجيه الدول حتى لو اقتضى الأمر تغييب الدولة ومؤسساتها مقابل مصالح فئات مختلفة ومن هذه الشركات أخذت دوراً قيادياً في توجيه مصالح الدول القومية المتعلقة بتوفير الأمن والحماية وهي تعبير للمزاوجة بين القطاعين العام والخاص حيث يوكل الأول للثانية بعض المهام التي تدخل في صميم عمله ليقوم بها.
ومع زيادة الصراعات الدولية علي الصعيد الدولي والإقليمي والوطني فقد انتشرت ظاهرة الشركات العسكرية الخاصة للقيام بوظائف جديدة كانت من قبل تدخل ضمن مهام الجيوش الوطنية كتأمين إمداد القوات المحاربة بالمؤن والسلاح والقتال أيضا كما جرى في حروب أهلية في بعض الدول الأفريقية وفي يوغسلافيا السابقة وأفغانستان وفي العراق حاليا.
ومن ذلك في 7/3/2004 جرى في زيمبابوي القبض على طائرة كانت تحمل سبعين من المرتزقة متجهين إلى غينيا الاستوائية لتدبير انقلاب مسلح، لأن تلك الدولة الصغيرة النامية هي ثالث أكبر منتج للبترول في جنوب الصحراء بعد نيجيريا وأنجولا. وفي 25/8/4002 اعتقلت سلطات جنوب أفريقيا مارك نجل مارغريت تاتشر رئيس وزراء بريطانيا الأسبق لعلاقته بتلك المحاولة الانقلابية تمهيداً لمحاكمته في جنوب إفريقيا فعلت ذلك تطبيقا لقانون صدر قبل سنوات قانوناً بتحريم وتجريم أعمال الارتزاق من هذا النوع.
وفي معظم الحالات يكون المرتزقة عسكريون سابقون يتم استئجارهم لتنفيذ مهام سرية لا تريد دولهم وشركاتهم تحمل مسؤوليتها علنا ومن أشهر الوقائع محاولة التخلص من باتريس لومومبا زعيم الكونغو وحادث الطائرة الذي مات فيه داج همرشولد أشهر وأفعل أمين عام للأمم المتحدة. لكن ما كان يجري على استحياء في سنوات الستينات اتسعت أبعاده تماماً بعد نهاية الحرب الباردة وانكشاف العالم الثالث أمام أكبر موجة لنهب موارده بالسياسة أحيانا وبالقوة الصريحة أحيانا وبالمرتزقة بين وقت وآخر أو بمزيج من الثلاثة في بعض الحالات.
وتعمل هذه الشركات حاليا بحراسة رؤساء الدول القادمين عبر الانقلابات في دول العالم الثالث والتي عادة ما تكون مدبرة من الخارج، أو حماية حكوماتها وحماية آبار النفط ومناجم الماس في أفريقيا، وحتى القيام بانقلابات علي أنظمة الحكم التي ترفض الهيمنة كما حدث في جزر القمر بقيادة المرتزق الفرنسي بوب دينار، وفي دول أخرى مثل غينيا وجزر سيشل وغيرها من الدول.
يضاف إلى ما سبق وظائف جديدة خاصة بعد تنامي عمل الشركات الأمنية الخاصة على نطاق واسع في عصر العولمة لتشمل تقديم خدمات تدريب القوات وتقديم الاستشارات العسكرية لقوات الجيش والشرطة في البلدان التي يعملون فيها إضافة لبعض الوظائف التي تنجزها أجهزتها الأمنية الخاصة بها منها تقديم الدعم اللوجستي للانتشار العسكري وصيانة نظم الأسلحة وحماية المباني والمنشآت وحماية الأشخاص وتدريب قوات الجيش والشرطة وجمع المعلومات العسكرية وتحليلها واحتجاز واستجواب السجناء وفي بعض الحالات المشاركة في القتال وولاء هذه الشركات للمال وللشخص الذي يدفع أكثر مما دفعها إلى بالتورط بأعمال خطف مقابل الحصول فدية مالية.
وفي عصر العولمة تطورت المهام الموكلة لهذه الشركات بشكل لا سابق له في تاريخهم أو تاريخ الجيوش النظامية عامة والجيش الأمريكي والبريطاني خاصة، حيث توكل إليهم مهام حراسة مشاريع ما يسمى إعادة و أعمار العراق، وحماية الشخصيات المهمة كالحاكم المدني بول بريمر ومسئولين أمريكيين آخرين وحماية قوافل الإمدادات التي تمر في مناطق تقع تحت سيطرة المقاومة العراقية، وحماية العديد من المؤسسات الحكومية العراقية الحساسة ومقر الحكومة وقوات الاحتلال التي تعرف بالمنطقة الخضراء.
وتحاول الولايات المتحدة أن تصور للعالم أن أفراد هذه الشركات مقاولون أو متعاقدون تقتصر مهامهم على أعمال الحراسة وتأمين حماية المنشآت، ولكن الحقيقة عكس ذلك تماما فالواقع أن هؤلاء يمارسون مهام قتالية ضد المقاومة العراقية إضافة إلى ارتكابهم جرائم ضد المدنيين العراقيين، وحاليا يوجد آلاف الشركات التي توفر المرتزقة في العالم ويوجد في العراق حاليا أكثر من خمسين شركة وأغلبها أمريكية إضافة إلى شركات بريطانية وإسرائيلية و جنوب أفريقية أيضا، ومن هذه الشركات من تمتلك أسطول طائرات هيلكوبتروتعقد هذه الشركات اتفاقيات مع بعض العشائر المحلية بالعراق.
وتشير الإحصائيات إلى وجود أكثر من 20 ألف مرتزق في العراق عام 2004 أصبحوا(100) ألف عام 2006م كما أن وجودهم الآن أصبح واضحاً وهم يتجولون في عربات مدرعة وكثير منهم مدججون بأسلحة للقتال بالغة التقدم وقد شكلت بعض الشركات العسكرية قوات للرد السريع ووحدات مخابرات خاصة بها تصدر يومياً تقاريرها الاستخباراتية التي تعتمد فيها على خريطة تواجدها في المناطق الساخنة وهذه في حقيقتها مهام تناط بالجيوش النظامية وليس بالشركات العسكرية وعناصرها مما يزيل الحدود بين ما هو مدني وما هو حربي في عمل هذه الشركات وهناك محاولات أميركية لتنظيم أكبر جيش خاص في العالم يضم هؤلاء وفرق إنقاذ خاصة ووحدات استخباراتية.
وعمل هذه الشركات مع قوات الاحتلال في العراق مستور بالتعتيم الإعلامي من حيث المهام والعدد الحقيقي لخسائرها في العراق وأفراد هذه الشركات لا يرتدون الزى العسكري مما يجعلهم خارج الإحصائيات الرسمية التي يتولى البنتاغون الإعلان عنها وتحتل الشركات العسكرية الخاصة المرتبة الثالثة في القوات التي تدعم الجهود العسكرية الأمريكية والبريطانية في العراق ويبلغ الأجر اليومي الذي يتلقاه الفرد الواحد(1500) دولار يومياً.
كما ذكرت صحيفة الوطن السعودية أن ثلاثة شركات عسكرية خاصة تنفذ مهمات التدخل المسلح قد أغلقت أبوابها في بغداد ورحلت نهائيا عن العراق علي إثر تكبدها خسائر مادية وبشرية فادحة بفعل هجمات المقاومة العراقية ونقلت الصحيفة عن مصدر عراقي موثوق قوله أن هذه الشركات هي (كومبانيا الرومانية و اكزكيوتيف أوت كومس جنوب الإفريقية وساند لين البريطانية) ليرتفع بذلك عدد الشركات العسكرية التي تغلق أبوابها بالعراق إلى خمس شركات منذ نوفمبر عام 2003م ويرجع سبب مغادرة هذه الشركات لتدهور الوضع الأمنى وقلة العوائد والأرباح مقارنة بالمخاطر العالية وتكاليف التامين الباهظة.
وعلى الرغم من ذلك إلا انه حسب تقديرات غربية فان جيوش هذه الشركات بات الآن اكبر جيش اجتبى بالعراق بعد القوات الأمريكية وأصبح يفوق مجموع كافة القوات الأجنبية الأخرى غير الأمريكية بالعراق، وقد كشفت صحيفة "نيويورك تيمز" الأمريكية عن أن الولايات المتحدة تعتمد الآن على الشركات العسكرية لتنفيذ مهام حيوية بالعراق بصورة هائلة تفوق ما فعلته في أي حرب أخرى على مدى التاريخ العسكري الأمريكي كله. وأضافت أن البنتاجون يعتمد الآن على هذه الشركات لتوفير من تطلق عليهم الصحيفة (بجنود الظل) لتنفيذ أعمال حيوية كانت تكلف بها الجيش الأمريكي سابقا، وأشارت الصحيفة إلى أن هؤلاء من جميع أنحاء العالم فمنهم جنود كوماندوز عملوا سابقا في القوات البحرية في نورث كارولينا ومنهم عسكريون من نيبال وجنود خدموا نظام الفصل العنصري البائد في جنوب أفريقيا وقد أتوا بالآلاف إلى العراق وهناك العشرات من شركات الأمن الخاصة التي أقامت معارض لسلعتها في بغداد والأكثر أجرا بين هؤلاء هم الذين خدموا في وحدات القوات الخاصة المرموقة في العالم.
وتنفذ الشركات العسكرية عمليات قتالية أسوة بالجيوش النظامية على الرغم من إصرار قوات الاحتلال على عدم مسؤوليتها القانونية عن الأعمال الإجرامية التي يقوم بها أفرادها، وإن كان ثمة محاكم يفترض أن يقدموا إليها، فيجب أن تكون في موطنهم الأصلي وليس في العراق أماكن ارتكاب الجرائم، وبدأت الشركات العسكرية الدولية تعرض خدماتها على الحكومات في الدول المحتلة مباشرة للمساعدة في حفظ الأمن الداخلي وقد اتفقت الحكومة البريطانية مع إحدى هذه الشركات لحماية سفارتها في بغداد مقابل(15) مليون جنيه إسترليني.
وقد بدأت الخطوات العملية لخصخصة حرب العراق بدلا من القوات البريطانية والأمريكية تتم من خلال استبدال جنود الاحتلال الأمريكي والبريطاني بما تطلق عليهم الولايات المتحدة موظفي شركات الحماية الأمنية أو المتعاقدين الأمنيين مما يدل علي أن عملية انسحاب القوات الأمريكية والبريطانية قد بدأت في العراق وبلغت نسبة القوات البريطانية النظامية في العراق إلى قوات المرتزقة هي(1 إلى 6) حيث يبلغ إجمالي عدد أفراد هذه الشركات(41) ألف.

 

 


 

المنتصر

يقول احد القادة القدماء وهويخاطب جنوده . ( اذا لم تكونوا مستعدين للقتال من أجل ما تروه عزيزاً عليكم , فسوف يأخذه أحد ما عاجلا أو اَجلا , واذا كنتم تفضلوا السلام على الحرية فسوف تخسرونهما معاً , واذا كنتم تفضلوا الراحة والرخاء والسلام على العدل والحرية فسوف تخسروهما جميعا ) .

   

رد مع اقتباس