عرض مشاركة واحدة

قديم 10-06-09, 10:38 PM

  رقم المشاركة : 10
معلومات العضو
المنتصر
مشرف عام

الصورة الرمزية المنتصر

إحصائية العضو





المنتصر غير متواجد حالياً

رسالتي للجميع

افتراضي



 

الدفاع الجوى والقدرة على الصمود والفاعلية


مفهوم الصمود.
لا يعني الصمود مجرد امتصاص الضربات المعادية. وإنما يعني قتالاً شرساً، وإيجابية مطلقة، وفاعلية مستمرة، تُكبِّد العدو خسائر كبيرة، وتمنعه من تنفيذ مهامه. في مقابل خسائر محتمَلة (ومقبولة) في منظومة الدفاع الجوي.
وعند التخطيط لأي عملية "هجوم جوي"، يأخذ المُخطِّط في حسبانه، بادئ ذي بدء، مشكلة التغلب على الدفاع الجوي المعادي. ولهذا، فهو يحشد مجموعة متنوعة من الأسلحة والمعدات، لتدميره، أو على الأقل، إسكاته.
وتشمل هذه المجموعة الآتي:
- الإعاقة الإلكترونية، بصورها المختلفة.
- الصواريخ الطوافة، كروز Cruise، وغيرها من صواريخ أرض/ أرض.
- أسلحة الاسكات Suppression Weapons.
- المقاتلات الاعتراضية، لحماية طائرات الهجوم، من مقاتلات الدفاع الجوي المعادي.
ويتلقّى الدفاع الجوي، عادة، الضربة الأولى. فإذا فشل في صدّها، فإن الطريق يصبح مفتوحاً، وآمناً، أمام موجات الهجوم الجوي التالية، التي تُوجَّه إلى أهم الأهداف الحيوية، العسكرية والمدنية.
أمّا إذا صمد الدفاع الجوي، واستطاع أن يُسقِط عدداً مؤثراً من الطائرات المعادية، فإن الموقف يتغير جذرياً. وقد يؤدي ذلك إلى تأجيل، أو تعديل خطة الهجوم الجوي التالي.
ومن المُسلَّم به، أن الدفاع الجوي، سوف يصاب بخسائر؛ فلا توجد حرب بلا خسائر. ولكن المهم هو الفاعلية في صدّ الهجوم، بأقلّ خسائر ممكِنة، وسرعة استعادة الموقف، وسدّ الثغرات، التي تحدث في الدفاع ( جدارالدفاع الجوي)، في أقل وقت ممكِن.

وهذا يعني، أن فاعلية تشكيل الدفاع الجوي، وقدرته على الصمود، تتحقق بالآتي:

- تقليل خسائر الوحدات، نتيجة القتال، إلى أقلّ حدّ ممكِن.
- سرعة استعادة الموقف، بعد كل معركة جوية (بين الدفاع الجوي والطائرات المهاجمة).

تقليل الخسائر.

ويتحقق بمجموعة متكاملة من الشروط، أهمها الآتي:

اختيار الأرض الملائمة.
عند وضْع خطة التمركز لوحدات الدفاع الجوي، ينبغي للمخطِّط انتخاب المَواقع، التي تحقق لتشكيل القتال أقصى زمن إنذار ممكِن من اقتراب العدوّ الجوي، وأكبر استفادة من إمكانات السلاح.

تماسك التجميع.

عندما تتشابك عِدَّة حلقات، يصير من الصعب فقدان إحداها. وينطبق ذلك على تجميع الدفاع الجوي. ويتحقق هذا التماسك نتيجة للآتي:
- تعاون بالنيران، بين الوحدات المُكوِّنة للتجميع.
- تكثيف حماية الأجناب.
- خلوّ التجميع من الثغرات، التي قد تنفُذ منها الطائرات المعادية.
- تراكم الدفاعات، على المستوى الرأسي (إن أمكَن).
وتتضح أهمية التعاون بالنيران، عندما يحاول العدوّ الجوي فتْح ثغرة في نطاق الحماية، فيركِّز هجوم طائراته في مَوقع أو اثنين من مَواقع التجميع. وفي هذه الحالة، يصبح من الضروري، أن يتلقّى الموقعان دعماً نيرانياً من المَواقع الأخرى، لمواجهة كثافة النيران المعادية.
وفي بعض الأحيان، عندما يُواجَه العدوّ الجوي بتجميع دفاع جوي قوي، ومتكامل، فإنه يُركِّز هجومه، في البداية، في المَواقع الموجودة في الأطراف. فإذا نجح في تدميرها، فإنه يواصل هجومه ضد المَواقع الأخرى، إلى أن يتبدّد تشكيل القتال. ولهذا، فإن تقوية أطراف التشكيل، من أهم العوامل، التي تحافظ على ثباته وتماسكه.
الدفاع ضد أسلحة الاسكات.
أسلحة الاسكات هو الاسم الذي يطلق على الأسلحة المُخصَّصة لتدمير، أو إسكات الدفاع الجوي. وتشمـل أنواعاً مختلفة من الصواريخ، التي تدخل في طائفة الأسلحة الذكية Smart Weapons؛ إذ إن لها قدرة على التصرف، طبقاً للموقف.
وتشمل أسلحة الاسكات الصواريخ المضادّة للإشعاع، مثل صواريخ: هارم HARM الأمريكي، وألارم ALARM الإنجليزي، وأرمات ARMAT الفرنسي، وغيرها. كما استُخدِمت الصواريخ الطوافة، من نوع توماهوك Tomahawk بأعداد كبيرة، في حرب الخليج، ضد مَواقع الدفاع الجوي العراقي. وأطلقت إسرائيل صواريخ لوتس، وزائيف، وجابرييل ـ 2، ضد مَواقع الصواريخ السورية، في سهل البقاع اللبناني، عام 1982.
ويُطلق أغلب أسلحة الاسكات من خارج مدى أسلحة الدفاع الجوي البرية. ولهذا، فإن الدفاع ضدها، يُعَدّ من أعقد المشاكل، التي ما زالت تواجِه الدفاع الجوي.
ومن الناحية العملية، فإن أفضل طريقة للتغلب على صواريخ كروز، هي توجيه ضربات وقائية ضد منصات إطلاقها. أمّا اعتراضها، في الجو، فما زال أمراً صعباً، نظراً إلى أنها تطير على ارتفاعات شديدة الانخفاض، علاوة على صِغَر مساحة سطحها العاكس للرادار. وهذا وذاك يؤديان إلى تعذُّر اكتشافها، رادارياً، واعتراضها في الجو. وتعمل وزارة الدفاع الأمريكية، حالياً، في برنامج لتجهيز المقاتلات F-14, F-15, F-18F22- بجهاز جديد، يحتوي على مجموعة مختلفة من المستشعرات، وتطوير صاروخ Aim-9 جو/ جو، حتى تتمكن هذه الطائرات من اعتراض صواريخ كروز، في المراحل الأولى من الطيران. ولكن هذا المشروع ما زال في بدايته. ولذا، فإن تدمير منصات الإطلاق، قبل الحرب، أو عند بدء العمليات، هو الحل الأمثل، حتى الآن.
أمّا الصواريخ المضادّة للإشعاع، فإن أفضل طريقة لمواجهتها، هي اعتراض الطائرات التي تحملها، بوساطة المقاتلات، قبْل أن تصِل إلى خط إطلاق هذه الصواريخ. إضافة إلى بعض الإجراءات السلبية، مثل قيام وحدة الدفاع الجوي بالاشتباك، من دون بث طاقة كهرومغناطيسية، والاكتفاء بوسائل التسديد الكهروبصرية. وقد ورد في أحد المراجع الروسية، أنه يمكِن تضليل الصواريخ المضادّة للإشعاع، باستخدام عدد كبير من الوسائط الإلكترونية، التي تعمل في نطاق تردّدي واحد. كما أعلنت شركة داسو Dassault الفرنسية، أنها تتعاون مع شركة بريطانية على إنتاج أجهزة خداعية إيجابية، تعرف باسم LAD، لتضليل الصواريخ المضادّة للإشعاع.

تغير المواقع باستمرار.
لا توجد هناك قوات جوية تهاجم هدفاً ما، ما لم يكْن لديها معلومات دقيقة عنه. ولهذا، فهي عادة ما تنفذ استطلاعاً جوياً أخيراً، قبْل الهجوم بفترة قصيرة، لتدقيق معلوماتها، وتعديل خططها، إذا اقتضى الأمر. وعلى الدفاع الجوي أن يَعُدّ هذا الاستطلاع النهائي إيذاناً بهجوم جوي وشيك، وأن يحاول تغيير شكل التجميع، بقدر الإمكان، خلال الوقت المتيسر.
وقد حدَث، إبان حرب الاستنزاف، على جبهة قناة السويس، أن كانت الطائرات الإسرائيلية، تنفذ استطلاعها الأخير، قبْل آخر ضوء، لتعقبه بالهجوم الفعلي، في أول ضوء من اليوم التالي، ونجحت مرَّة. ولكنها في المرّات التالية، كانت تهاجم مواقع هيكلية، يُدافَع عنها بوحدات قوية من المدفعيـة (م/ط)، التي كانت تنجح، أحياناً، في إسقاط بعض الطائرات المعادية، مقابل لا شيء، سوى بعض المعدات الهيكلية. وواظبت إسرائيل على هذا الأسلوب، إلى أن اكتشفت الخدعة، في النهاية.
أمّا في حرب تحرير الكويت، فقد واجهت طائرات التحالف مصاعب جمَّة، في مطاردة منصات صواريخ سكود Scud .وكان نجاح التحالف محدوداً في هذه المطاردات، لأن تلك المنصات، كانت تغيّر مواقعها بصفة مستمرة.

تحصين المَواقع.

أثبتت خبرة القتال أهمية تحصين مَواقع الدفاع الجوي، بشرْط أن يكون هذا التحصين قادراً على مواجَهة قوة تأثير الأسلحة المعادية. وبذلك تتحقق الوقاية لمعْظم معدات المَوقع، كما أن وجود أطقم القتال داخل مَواقع محصنة، يهيئ لهم بعض الأمان، واستطراداً، الثبات المطلوب لتنفيذ سلسلة الإجراءات المعقدة، المتعلقة بالاشتباك، وهي إجراءات غاية في الدقة والسرعة، وتحتاج إلى أعصاب ثابتة وهادئة. كما يساعد التحصين على تنفيذ عمليات الإصلاح، التي ينفذها المهندسون داخل المَوقع، عادة، تحت نيران مركَّزة من العدو.

مقاومة الإعاقة الإلكترونية.

تُعَدّ مقاومة الإعاقة الإلكترونية من أهم عوامل الصمود في الدفاع الجوي. وتتحقق بمجموعة من الإجراءات، تشمل الآتي:
- اختيار الأسلحة والمعدات الملائمة.
- إجراء المناورة الإلكترونية بمهارة، و السيطرة على عمليات البث في الأثير، والمحافظة على سِرِّية التردّدات، وخواصّ الإشعاع.
- تَفهُّم كامل لعناصر الحرب الإلكترونية، ومهام كل عنصر، وترابط بعضها ببعض.
- معرفة عميقة بمعدات الحرب الإلكترونية لدى العدو، وإمكاناته، وأساليبه في استخدامها، ومتابعة التطورات العالمية، في هذا المجال.
- تدريب الجنود، وإكسابهم القدرة على تنفيذ الإجراءات المضادّة للإعاقة الإلكترونية، وإمكان اكتشاف الهدف المعادي، من خلال الإعاقة. والاستفادة القصوى من أجهزة المحاكاة، للوصول إلى مستويات عالية. وينبغي أن يجرى هذا التدريب يومياً.
وعلى القائد، وجهاز التخطيط، أن يعملوا بالمبدأ القائل: إن أي جهاز رادار، يمكِن إعاقته. كما أن أي إعاقة، يمكِن مقاومتها Any Radar can be Jammed , any Jammer can be countered.

التأمين ضد أسلحة العدو البرية وطائراته العمودية.
يلجأ العدو، في كثير من الأحيان، إلى قصْف مَواقع الدفاع الجوي، بمدفعية الميدان، أو مهاجمتها بالمدرعات، وأحياناً، بغارة الطائرات العمودية عليها. ولهذا، يجب التخطيط لحماية هذه المَواقع من هذا التهديد، بالتنسيق والتعاون مع القوات البرية.

القيادة والسيطرة والاتصالات.

يؤدي تدمير مركز القيادة، أو انقطاع الاتصال مع الوحدات، إلى أن تتفكك منظومة الدفاع الجوي وتصبح القوات من دون سيطرة. ولمنع ذلك يجب:
- تحصين مراكز القيادة تحصيناً ملائماً، لمواجَهة أسلحة العدوّ.
- إنشاء مراكز العمليات البديلة، مجهَّزة بالمعدات، ومحتلة بأطقم بديلة، وقادرة على ممارسة القيادة، من الفور. مع وجود خطة شاملة لانتقال طاقم مركز القيادة الرئيسي، (أو ما تبقى منه)، في أسرع وقت، إلى المركز البديل. ويُفضَّل العمل من مراكز العمليات البديلة، أثناء تمارين مراكز القيادة.
- وجود وسيلة اتصال بديلة بين مراكز القيادة الرئيسية والبديلة والوحدات المرؤوسة، والجوار، والقيادة الأعلى. أي وجود وسائل اتصال بديلة، دائماً.
- وجود خطة إصلاح وطاقم مدرَّب، لاستعادة موقف منظومة الاتصال، في أسرع وقت ممكن.

سرعة استعادة الموقف.
تهدف الإجراءات السابقة إلى المحافظة على فاعلية تشكيل الدفاع الجوي، وإسقاط أكبر عدد من الطائرات المعادية، وتقليل خسائرنا إلى أقلّ حدّ ممكِن. ومع ذلك، فمن المؤكد، أن قواتنا ستتكبد بعض الخسائر، في الأرواح والأسلحة والمعدات والمَواقع.
ومن الأمور التي يعرفها العسكريون، الذين خاضوا الحروب الحديثة، أو درسوها، أن الفاصل الزمني بين كل هجمة جوية وأخرى، خاصة في جبهة القتال، ربما لا يزيد على نصف ساعة. ومن ثَمَّ، فإن مبادرة القيادة إلى دفع الرجال والاحتياجات اللازمة، لاستعادة الموقف خلال هذه الفترة المتاحة، تصبح أمراً حتمياً، حتى يتمكن التشكيل من صدّ الهجمة الجوية التالية، وهو أقرب ما يكون من مستواه الأول. ومن الخطأ، أن تنتظر قيادة التشكيل إلى حين انتهاء الهجوم، وحصْر الخسائر بوساطة الوحدات، وحساب الذخائر المستهلكة، وكتابة التقارير، وما إلى ذلك من الإجراءات الرتيبة. وبعدها، تبدأ القيادة في تجهيز الاحتياجات، ودفْعها من المستودعات، ومن ورش الإصلاح، إلى المَوقع المطلوب، بعد انقضاء ساعات، يكون فيها الموقف قد ازداد سوءاً. وربما لا تصل هذه الاحتياجات على الإطلاق، بسبب ظروف القتال.
والصحيح هو أن تُخطِّط القيادة لعمليات استعادة الموقف مسبقاً، أي قبْل بدء العمليات، بناءً على ما لدى القيادة من معلومات، دقيقة وشاملة وعميقة، عن العدوّ، وأسلحته، وأساليبه، وكل ما سبق ذكْره في هذه الدراسة عن العدو الجوي. إضافة إلى معرفة تفصيلية بنقاط الضعف في تشكيل الدفاع الجوي، وفي أسلحته، وأكثرها تعرضاً للقصف (مثال: كتائب الاجناب ، وهوائيات الرادار). وعلى القيادة أن تُعِد أطقم الإصلاح والاحتياجات اللازمة، كمّاً ونوعاً، وتُحدِّد المناطق الملائمة لتمركز هذه المجموعات، لتدفع إليها عند رفْع حالات الاستعداد القتالي للقوات.
ويجب، عند اختيار مناطق تمركز مجموعات استعادة الموقف، مراعاة عدَّة عوامل، تشمل الطرق المتاحة، ومدى تأمينها، ودرجة إشغالها، أثناء العمليات. كما يجب أن تُجهَّز بوسائل الاتصال، ووسائل النقل اللازمة. ومن الطبيعي، أن هذا التقدير المُسبق، لن يكون مطابقاً تماماً للموقف. ومع ذلك، فسيكون من السهل دفْع الاحتياجات القليلة الباقية، لدى ظهور الحاجة إليها، أثناء متابعة القتال.
فإذا نجحت القيادة في استعادة الموقف، بسرعة وكفاءة، فإن التشكيل سيواجِه العدوّ، في الهجوم التالي، وهو أقوى، نسبياً، مما كان عليه في الهجوم الأول. لأن العدوّ، في الهجوم التالي، لن يستطيع في الغالب، أن يستعيض ما خسره من الطيارين والطائرات، خلال الفترة نفسها.
وقد اتُّبع هذا الأسلوب في حرب أكتوبر 1973، وكان ذلك أحد أسباب صمود تشكيل الدفاع الجوي، في جبهة قناة السويس، حتى أَطلقت عليه وسائل الإعلام اسم "حائط الصواريخ". ولم تنجح إسرائيل في إحداث ثغرة في هذا التجميع، إلاّ بوساطة الوحدات المدرعة.
وقد عُرِف عن القائد الألماني الشهير، إرفين روميل Erwin Rommel، سرعة استعادته للموقف، ومقابلة خصْمه بعدد من المدرعات أكبر مما كان يتصور. وكان ذلك واحداً من أهم أسباب قوّته.
وخلاصة القول، إن النجاح في استعادة الموقف، يعتمد على التخطيط الدقيق والتحضير الجيّد، والتصور المسبق لأبعاد المعركة المقبِلة، ودراسة مسرح العمليات، ومحاور الإمداد والإخلاء، والإمكانات المحلية، والاحتفاظ بأعداد احتياطية من الوحدات، والأسلحة والذخائر، وقطع الغيار، والرجال، تتلاءم مع معدلات الاستهلاك الكبيرة في الحرب الحديثة.

يتبع....

 

 


المنتصر

يقول احد القادة القدماء وهويخاطب جنوده . ( اذا لم تكونوا مستعدين للقتال من أجل ما تروه عزيزاً عليكم , فسوف يأخذه أحد ما عاجلا أو اَجلا , واذا كنتم تفضلوا السلام على الحرية فسوف تخسرونهما معاً , واذا كنتم تفضلوا الراحة والرخاء والسلام على العدل والحرية فسوف تخسروهما جميعا ) .

   

رد مع اقتباس