عرض مشاركة واحدة

قديم 17-07-09, 08:07 PM

  رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
الباسل
المديــر العـــام

الصورة الرمزية الباسل

إحصائية العضو





الباسل غير متواجد حالياً

رسالتي للجميع

افتراضي



 

2. الإرهاب

للإرهاب وتحليله تيارات ومواقف متعددة، لكن هذا التعدد لا يضير في فهم الظاهرة، بل يساعد في إدراكها بعمق أكبر، ثم معرفة مختلف المقاربات التي يجب الأخذ بها من أجل مجابهة هذا النوع من العنف بشكل متحرك ومستمر. وهنا لابد من طرح السؤال التالي: لماذا كان الصراع ضد الإرهاب ومازال حتى اليوم من المهمات الخاصة لوزارات الداخلية، وكل ما يتعلق بالبوليس وأجهزة الأمن والمخابرات على الأقل في البلدان التي حاولنا قراءة تعاملها مع هذه الظاهرة، مثل: ألمانيا، وأسبانيا، وفرنسا، وبريطانيا، والولايات المتحدة، علماً أنه كان في الماضي لاسيما في الولايات المتحدة عبارة عن مجال محتكر وبشكل كبير من قبل مجلس الأمن القومي، والمخابرات الأمريكية، وأحياناً بشكل هامشي من قِبَل وزارة العدل و FBI؟

تم تعريف الإرهاب في فرنسا من قِبل "الكتاب الأبيض" المُقدّم من الحكومة الفرنسية على أنه: "كل فعل يهدف للقتل أو لإحداث إصابة بالغة ضد المدنيين أو غير المقاتلين. وبالنظر لطبيعته أو للسياق الذي يُرتكب فيه هذا الفعل أيضاً، هو كل ما يؤدي لخوف السكان، أو إجبار الحكومة، أو منظمة دولية على التصرّف أو رفض التصرّف بشكل ما أو وفق هيئة معينة"(7). وبالاستناد إلى هذا التعريف تتخذ المواقف السياسية فيما يتعلق بالعنف السياسي العابر للقوميات، وهو في الواقع تعريف يتميز عن ذلك التعريف الذي يأخذ به القانون الجزائي، وفيه يعيد اتخاذ القرارات إلى العدالة(8)، فقد جاء في القانون الجزائي الفرنسي عن الإرهاب أنه: "تعدٍّ فردي أو جماعي (مقصود) يهدف لزعزعة النظام العام من خلال نشر الخوف والإرهاب"(9).

ورغم بعض التشابهات بين هذه التعريفات ونظيرتها في المملكة المتحدة، إلاّ أن التعريفات الفرنسية تختلف عن البريطانية التي صدرت في عام 1973م، وعرَّفت الإرهاب بأنه: "استخدام العنف بهدف بثِّ الرعب والخوف في جزء من الحياة العامة أو في كليتها"(10)، وأيضاً هذا التعريف البريطاني يتميز عن التعريف الذي جاء في Terrorism Act 2000، والذي يعتبر الإرهاب كفعل ينتج عن الأعمال التالية:

1. استخدام العنف، أو التهديد باستخدامه.
2. ضد كل شخص، أو ممارسة ضرر حقيقي ضد الأملاك، أو وضع حياة في خطر، أو خلق خطر حقيقي ضد الصحة العامة، أو تدمير نظام إلكتروني.
3. استخدام السلاح الناري، أو المتفجرات، حيث الهدف هو التأثير على الحكومة، أو إحداث خوف بين العامة أو في جزء منها.
4. أو فعل عنف يهدف إلى عرض قضية سياسية، أو دينية، أو أيديولجية(11).
ويعتقد الكثير من المراقبين من وجهة نظر تعريفية أن حالة الولايات المتحدة مهمة أيضاً ضمن هذا المجال؛ فالخطاب الرسمي لم يأخذ ولفترة طويلة سوى بتعريف واحد للإرهاب، وهو تعريف عالمي جاء تحت الرقم 22 (F 265) من القانون المدني في الولايات المتحدة، والذي يصرّح بأن: "مصطلح (الإرهاب الدولي) يعني الإرهاب الواقع على المواطنين أو إقليم في أكثر من بلد"، وهذا التعريف يختلف عن ذلك التعريف الذي جاء تحت الرقم 50 من القانون المدني نفسه، والذي يصرّح بأن الإرهاب الدولي يجمع النشاطات التي:


تؤدي إلى أفعال عنفية، أوخطرة ضد الحياة الإنسانية، في عملية انتهاك لقوانين الجريمة في الولايات المتحدة، أو بلدان أخرى، أو تلك التي ستكون انتهاكاً لقوانين الجريمة إذا ارتكبت تحت حكم السلطة القضائية للولايات المتحدة أو في بلد آخر.
أو يظهر أنها ارتكبت بهدف: خلق الخوف والرعب بين السكان المدنيين، والتأثير على سياسة الحكومة بواسطة الخوف والإجبار، أو التأثير على عمل الحكومة من خلال الاغتيال أو أخذ الرهائن.
التي تقع كليَّاً خارج الولايات المتحدة، أو تجتاز الحدود الوطنية، وفق الوسائل التي يتم ارتكاب هذه الأفعال من خلالها(12).
ويختلف هذا التعريف بطبيعة الحال عن التعريف الذي جاء في الرقم (18 الفصل 231) من القانون المدني نفسه، ويرى في النقطة (3) أن الإرهاب الدولي يأتي (بشكل أساسي)، وليس (كلياً) كما في الرقم (50) خارج الولايات المتحدة. ويبيّن التحليل الأكثر عمقاً لاستخدام مصطلح (الإرهاب) من قِبل مختلف وكالات الإدارة الأمريكية بالإضافة إلى ما سبق وجود العديد من التعاريف، حيث أن CIA, FBI، ووزارة الدفاع، لا يستخدمون التعريف نفسه للإرهاب، فكل منهم لديه معاييره المختلفة، والتي تسمح له منذ عام 1979م بتبرير سياساته في التعامل بقضايا ضد الإرهاب؛ فمثلاً FBI، أو البوليس الفيدرالي يتحدث عن معيار الأهداف الاجتماعية، وليس فقط السياسية، أما CIA، ووزارة الدفاع فيتحدثان عن معيار الإصرار والترصّد، أو التخطيط المسبق، وهذا بعكس معيار FBI.


في الواقع، إن معيار CIA يسمح لها باستخدام جميع نشاطاتها ومصادرها من المعلومات من أعلى الهرم، وفيما يتعلق بأفعال العنف، ويسمح لوزارة الدفاع بتبرير العديد من المقاييس المستخدمة لديها على الصعيد الدولي، وذلك من أجل تخويف الدول التي (تدعم الإرهاب). ونضيف أن وزارة الدفاع تستند إلى معاييرها منذ عام 1984م، أي الدوافع الدينية التي تقف وراء مرتكبي العنف. وقد تم وضع هذه التعاريف في الولايات المتحدة وبشكل عام وما تزال تقيم اليوم سلسلة من التمييز بين (نظام العنف الإجرامي)، و (نظام ما يسمى العنف الإرهابي)، وبين (الإرهاب الداخلي)، و (الإرهاب الدولي)، وأخيراً بين (الاستخدام الحقيقي للعنف)، و (التهديد باستخدام العنف).

ويسمح التمييز الأول بفهم هذا الفعل في الولايات المتحدة بعكس الحالة الفرنسية، والأسبانية، والبريطانية، والألمانية أن الإرهاب لم يتم إنجازه أو إدخاله بشكل جزائي إلاّ في عام 1996م، وبفضل قانون (Antiterrorism and Effective Death Penalty). أما التمييز الثاني بين (الداخلي) و (الدولي)، فيشير إلى محاولة إعادة دمج العنف العابر للقارات ضمن المعايير التقليدية للأمن. والتمييز الثالث بين القيام بالفعل أو التهديد بقيامه وهذا ما يوجد أساساً في التعريف البريطاني للفعل الإرهابي الصادر عام 2000م يهدف إلى ربط الدور المركزي المعطى لأجهزة المخابرات مع الخطوة الاستباقية التي طالما رغبت فيها الولايات المتحدة.

وفق المعطيات السابقة، يظهر اليوم أنه من المهم العودة إلى عرض وتوضيح التهديد قبل وضع وتنظيم الرد على الإرهاب، ثم تحديد الدور الاستثنائي أو الخاص الذي يمكن إسناده إلى الجيش. وبالنظر إلى شكل وماهية التهديد الإرهابي في عالمنا اليوم، والحالة التي يصنّف ويرتّب ضمنها، فإن الأجهزة الأمنية المسؤولة عن الصراع ضد الإرهاب ليست متشابهة أو واحدة، بل متعددة ومختلفة في المهام والوظائف؛ فمثلاً في الحالات التي يمكن تتبعها في فرنسا، وأسبانيا، وألمانيا، وبريطانيا، نجد الإرهاب، وقبل كل شيء، هو إشكالية تابعة للأمن الداخلي ألقت أو أعادت هذا العنف إلى فئة الجريمة، وإلى أحضان البوليس، بينما في الولايات المتحدة، فإن الإرهاب، وقبل كل شيء، استُفيد منه كسلاح في السياسة الخارجية، لا بل تقنية خاصة في الصراع أو نموذج جديد في قيادة وإعلان الحرب. وقد تم إعطاء دور مركزي للأجهزة الأمنية على الصعيد العالمي من قِبل واشنطن ضمن هذه الحالة ، فيمكن رؤيته ومنذ عام 1984م أنه أصبح جزءاً من الإجابة والرد على الإرهاب ولأسباب انتقامية، أو ثأرية(13).

وكان الاختيار في فرنسا، وأسبانيا، وألمانيا إعطاء دور كبير للبوليس والأجهزة الأمنية مع دور هامشي للجيش. وفي بريطانيا كان الوضع مختلفاً بعض الشيء، فقد تمت مقارنة الإرهاب بأعمال إجرامية، بمعنى أنها من اختصاص القانون الجزائي، ولكن رغم ذلك تم استخدام الجيش، وبشكل خاص جيش المشاة، في لعب دور هام في مكافحة الإرهاب، وتوقيف الأفراد في أيرلندا الشمالية. وهذه الاختلافات التي يمكن مراقبتها من جانب بين فرنسا، وأسبانيا، وألمانيا، و بشكل أقل في بريطانيا، وبين الولايات المتحدة، تعود لعلاقة مختلفة مع العنف السياسي العابر للقوميات، وهو عنف تمت تسميته في أواسط التسعينيات ب "الإرهاب المعولم"، وفيما بعد وبشكل فيه الكثير من الخطأ سُمّي ب "الإرهاب الإسلامي".

ثانياً: الاختلاف والاتفاق حول (الإرهاب المعولم)

لفهم هذا الوضع ما بين اختلاف واتفاق، لابد من العودة قليلاً إلى الوراء؛ فالحديث عن "الإرهاب المعولم" لم يأت بشكل مفاجئ ضمن خطاب الإرهاب، فقد تم قطع طريق طويلة للوصول إليه، هذه الطريق قسّمها المتابعون لقضايا الإرهاب إلى زمنين في الولايات المتحدة، وأوروبا رغم الاختلاف القائم في الظروف على ضفتي المحيط الأطلسي :

في الزمن الأول: ارتسم الخطاب فوق قاعدة أيديولوجية مع ربط قوي بين أفعال العنف التي تقوم بها المنظمات والحركات الاستقلالية-الانفصالية (وهو إرهاب له طابع إقليمي)، والمجموعة اليسارية المتطرفة ومعها الاتحاد السوفيتي وحلفاؤه، ففي الحالة الأولى هناك مطالب تتعلق بالاستقلال، وفي الثانية معارضة أيديولوجية تقوم بها مجموعات لجأت إلى خطاب ماركسي وجدت هذه الحالة أثناء الصراع الأيديولوجي السوفيتي-الأمريكي الكبير . أما الأمثلة عليها فهي كثيرة منها: مجموعات IRA, ETA، وهي مجموعات معارضة للرأسمالية، ومعارضة لمجتمع الاستهلاك، ومجموعة Bande Baader في ألمانيا، والكتائب الحمراء في إيطاليا، هؤلاء جميعهم اتهموا بتلقي المساندة من الاتحاد السوفيتي، وبخاصة في المرحلة ما بين 1970، و 1980م.

في الزمن الثاني: وقد بدأ مع سنوات الثمانينيات وتعمّق بعد سقوط جدار برلين، فإن التحليلات حول الإرهاب تضع النشاطات التي تقوم بها مجموعات متطرفة مستخدمة الإسلام كغطاء لها، ضمن خانة النشاطات ذات الأهداف السياسية، كما هو حال تنظيم (القاعدة)، مع العلم أنه في أوروبا وفي فرنسا بشكل خاص وجدت مجموعات صغيرة تقوم بالنشاط نفسه قبل (القاعدة).

1. الإرهاب مشكلة أمنية داخلية

عرفت فرنسا وألمانيا العنف السياسي على أرضيهما، وكان الرد على هذا العنف يستند إلى القوى البوليسية، حيث تم وضع التنظيمات والمجموعات الممارسة للعنف تحت المراقبة الصارمة، وقد لعبت الأجهزة الأمنية دوراً كبيراً في هذه القضايا. إذن كان هناك أولوية للأجهزة الأمنية والبوليسية على قوات الجيش، ومن هذا المنطلق طلبت فرنسا وألمانيا تعاوناً بوليسياً دولياً، وتطويراً لتقنيات الصراع ضد العنف السياسي، وقد استفادت إدارة الرئيس (بوش الابن) كثيراً من هذا التعريف بعد أحداث 11 سبتمبر. إذن باستطاعتنا أن نقول بغياب دور الجيش في ألمانيا، وبتهميشه في فرنسا في حالات الصراع ضد العنف السياسي.

وفي أسبانيا وبريطانيا لعب الجيش دوراً مهماً في الصراع ضد العنف السياسي، ففي الثمانينيات تعرّضت البلدان لتجارب (الإرهاب الانفصالي) الذي يدعو لتمزيق التراب الوطني؛ وفي أسبانيا ربما يكون الجيش ابتعد قليلاً عن الدخول في الصراع القوي ضد الإرهاب، وهذا يعود لأسباب تاريخية، حيث توجد نظرة ارتياب تجاه الجيش منذ عهد الدكتاتور (فرانكو)، ولكن (الحرس المدني) وهو قوة بوليسية لها طابع الجيش لعب دوراً مهماً في هذا الصراع، وبالتعاون مع القوة البوليسية المستقلة في مكافحة العنف السياسي، علماً أن البوليس المستقل هو تحت إمرة وزير الداخلية.

وفي بريطانيا، دخل جيش المشاة بشكل قوي في الصراع ضد العنف في أيرلندا الشمالية، وقد أُعطيت له سلطات كبيرة وبخاصة فيما يتعلق بتوقيف الجماعات والأفراد، ولكن تم الحدّ منها فيما بعد، كما أنها لم تكن موجودة على الأراضي البريطانية الأخرى. ومن يعرف بريطانيا جيداً يعرف أن هذه الصلاحيات التي أُعطيت للجيش تتناقض بشكل كبير مع التقليد السياسي الليبرالي البريطاني، والذي ينظر دائماً بعين الريبة لأي دور للجيش وتدخله في الأرض الوطنية. بشكل عام، فإن الإرهاب في الدول التي ذكرناها سابقا: فرنسا، وأسبانيا، وبريطانيا، وألمانيا تم إدراكه والتعامل معه ضمن مفهوم الإشكالية الأمنية الداخلية، مع مراعاة العمل على مراقبة منابعه ومصادره من قِبل الأجهزة الأمنية، ولكن مع أحداث 11 سبتمبر 2001م توقّف التعامل مع الإرهاب على أنه مشكلة أمنية داخلية، وهذا ما سنراه من موقف الولايات المتحدة الأمريكية.

تعامل الأمريكيون منذ زمن طويل مع الإرهاب على أنه مشكلة خارجية، وقد رأينا سابقاً تمييزهم (الإرهاب الداخلي) عن (الإرهاب الدولي)، ثم إعطاءهم الأولوية للإرهاب الدولي، وبقي هذا الوضع قائماً حتى منتصف التسعينيات. وأيضاً كانت الولايات المتحدة ترى في الإرهاب أنه ظاهرة من العنف تتطور بشكل أساسي في أوروبا، وأمريكا اللاتينية، والشرق الأوسط، حتى أنها ربطت بين الإرهاب وبين دول بعينها، بالإضافة إلى ذلك تم التفكير بالإرهاب مبكراً ضمن المفاهيم والعمل الاستراتيجي، ولكن من غير إعطاء دور محوري أو هام للجيش. إذن سوف ننتظر حتى التسعينيات وحتى تصل الاعتداءات إلى الأرض الأمريكية، وهنا ستبدأ مقاربة جديدة لهذه الظاهرة، والتي سيتم ربطها هذه المرة بمجموعات (إرهابية) تأخذ صفة أو وضعية الشبكات، ومع مطلع عام 1996م ضمّت الولايات المتحدة على قائمة الإرهاب التي تصدرها بحق دول داعمة له قائمة المنظمات الإرهابية، وفي الوقت نفسه بدأ دور الجيش يكبر ضمن مفهوم إعطاء دور حماية الأراضي الوطنية، خصوصاً بعد الاعتداء في عام 1993م على (مركز التجارة العالمي)، وفي 1995م على مبنى فيدرالي في ولاية (أوكلاهوما)، وأكثر من ذلك بعد الاعتداء بالغاز داخل نفق المترو في طوكيو عام 1996م.

المصدر : مجلة كلية الملك خالد العسكرية

 

 


الباسل

يتولى القادة العسكريون مهمة الدفاع عن الوطن ، ففي أوقات الحرب تقع على عاتقهم مسؤولية إحراز النصر المؤزر أو التسبب في الهزيمة ، وفي أوقات السلم يتحمّلون عبء إنجاز المهام العسكرية المختلفة ، ولذا يتعيّن على هؤلاء القادة تطوير الجوانب القيادية لديهم من خلال الانضباط والدراسة والتزوّد بالمعارف المختلفة بشكل منتظم ، واستغلال كافة الفرص المتاحة ، ولاسيما أن الحياة العسكرية اليومية حبلى بالفرص أمام القادة الذين يسعون لتطوير أنفسهم وتنمية مهاراتهم القيادية والفكرية

   

رد مع اقتباس