عرض مشاركة واحدة

قديم 08-12-09, 07:41 PM

  رقم المشاركة : 14
معلومات العضو
المنتصر
مشرف عام

الصورة الرمزية المنتصر

إحصائية العضو





المنتصر غير متواجد حالياً

رسالتي للجميع

افتراضي



 

مقدمات معكوسة.
انتهت الوقائع العسكرية مؤقتاً بين العراق وإيران بقرار إيراني دراماتيكي أعلنه آخر من يتوقع منه مثل هذا الإعلان وهو الخميني. وقد قوبل هذا القرار ليس في العراق فحسب ولكن في العالم العربي عامة والخليج خاصة بإبتهاج خالٍ من التحفظ. والأسو من ذلك أنه قد نظر إليه باعتباره انتصاراً حاسماً للعراق ضد إيران وقد فهم أصحاب هذا التصور مفهوماً خاصاً جداً لمعنى هذا الانتصار يتلخص في نقطتين:
1 ـ توقف تصدير الثورة الإيرانية بما يحدثه من بلبلة وعدم استقرار.
2 ـ عهد عراقي جديد تتوقف فيه مطامع العراق الإقليمية في الخليج كرد فعل (طبقاً لتصور ما لمنظمة قيم عربية أخلاقية لا علاقة لها بالمفاهيم العلمية للسياسة) للمساعدات الهائلة وغير المشروطة (إلا داخل منظومة القيم المشار إليها) التي قدمتها دول الخليج العربي للعراق تحت شعار التضامن العربي والدفاع عما أطلق عليه البوابة الشرقية للوطن العربي.
وبدون هذه المساعدات الهائلة والتي بلغت أرقاماً فلكية كما تردد في وسائل الإعلام المختلفة طبقاً لتصريحات مسؤولين على مستوى عالٍ، لم يكن متاحاً حصول العراق على مطلبه المتكرر في السنوات الأخيرة للحرب العراقية الإيرانية وهو وقف إطلاق النار وتحقيق السلام. ومن العجيب ما أشرنا إليه من النظر إلى تحقق هذا المطلب باعتباره انتصاراً، والواقع أنه كان وقفاً لمجزرة على الحدود الإيرانية العراقية وإنهاء لتدمير شبه كامل للبنية الأساسية للدولتين إنه إنقاذ لكلتا الدولتين ولكن فيما يبدو أنه إنقاذ للعرق أكثر منه لإيران ومن هنا تأتي أهمية المساعدات الخليجية للعراق.
فالإمكانيات السكانية والاقتصادية (وهي وقود أي حرب) لإيران كانت كفيلة بإنهاء هذه الحرب لصالح إيران لولا الدعم الخليجي للعراق الذي أطال في نفسه وكان من الممكن أن يطيل في هذا النفس إلى ما لا نهاية. وهذا هو السبب المباشر ليأس إيران الذي أدى إلى قرارها الدراماتيكي.
إن القرار الإيراني المشهور والذي أحدث دوياً ضخماً، كان واحدة من المقدمات التي أتت بنتائج معكوسة على كل المستويات فكما هو واضح أن الدعم الخليجي المستمر هو وراء هذا القرار والذي حدث على أرض واقع عسكري يتيح للعراق فرصة أفضل من إيران على اية مائدة مفاوضات. ولكن النتيجة كانت من ناحية التنكر لدول الخليج والعدوان الصارخ عليها سياسياً ثم عسكرياً، هذا من ناحية ومن ناحية أخرى التسليم المفاجئ بالمطالب الإيرانية وإدارة أرض الواقع العسكري المتميز للعراق لصالح إيران مما حول الحرب العراقية الإيرانية إلى كارثة عبثية لا معنى لها للعراق أو لإيران أو لدول الخليج على السواء.
إن المتأمل في عقد الثمانينات يحس بأن الوعي الخليجي والعراقي السياسي يتوجه نحو فهم المصالح المشتركة بين العراق العربي ودول الخليج العربي، كذلك كان يدل على تقارب أمريكي وغربي مع الخليج والعراق في ضوء فهم لتشابك مصالح الغرب مع مصالح الخليج، حتى لو عكر ذلك أحداثاً ذات طابع شاذ مثل مشكلة إيران جيت.
واستمر هذا التصور لوجود وعي سياسي عراقي وخليجي حتى انتهاء الوقائع العسكرية لحرب العراق/ إيران بالقرار الإيراني المشار إليه. هذه هي المقدمات التي كان من المتوقع أن تؤدي إلى علاقات قوية بين العراق ودول التعاون الخليجي. تقوم على أساس الاحترام مع حرارة العون الخليجي للعراق. كما كان من المتوقع أن يؤدي هذا الاحترام المتبادل وتسوية الخلافات إلى نواة خليجية لوحدة عربية تبدأ بهذه المجموعة بداية تكاد تشبه بداية المجموعة الأوروبية.
فوق ذلك كان من المتوقع أن يستغل هذا التضامن العراقي الخليجي العربي لوقف المطامع الإيرانية ومحاولة إجبار إيران على احترام المنطقة وإقامة علاقات جوار حقيقية تقوم على مبدأ الاحترام المتبادل وعدم التدخل في الشؤون الداخلية لأي من دول المنطقة وإقامة علاقات مرجعيتها احترام مواثيق الأمم المتحدة والقوانين والمواثيق الدولية.
ومجموع هذه التوقعات يدفع إلى توقع آخر إنعدام حاجة المنطقة للاستعانة بالقوى الكبرى والتواجد الخارجي لحل مشكلاتها سواء بدعوة منها لهذه القوى أو بتصرفات غير مسؤولة تعطي هذه القوى حجة للتدخل في حسم عدم الاستقرار وتهديد المصالح الدولية البالغة الحساسية التي توجد تحت رعاية حكومات الخليج جميعا. خاصة والوضع الدولي يومذاك كان يعيش انفراجه مباشرة في ظل إنهاء الحرب الباردة ودعوة جورباتشوف إلى نظام عالمي جديد يؤدي إلى دور أكبر وحاسم للأمم المتحدة وإلى أن تقوم العلاقات الدولية على الاحترام المتبادل وعدم إجبار القوى الكبرى لغيرها على الانصياع لإرادة القدرة العسكرية لهذه الدول الكبرى.
وماذا حدث؟
النتائج معكوسة تماماً بمجموعة متوالية من الأحداث السياسية والتي بلغت ذروتها بأسوأ نكسة أصابت التضامن العربي وباتت تهدد هذا الوجود العربي ذاته، إنه احتلال العراق للكويت مع احتمالات واسعة لتهديد باقي دول الخليج بنفس المصير.
لقد بدأ العراق كما هو معروف في تهديد دول الخليج وابتزازها ونحن في غنى عن ذكر التفاصيل التي يعرفها الجميع ونشرت في وثائق متعددة. كذلك بدأت تلح مطامعه الإقليمية في الكويت وبدأ في تشكيل محاور عربية ظاهرها التضامن العربي وباطنها مواجهة دول الخليج التي ساندته في حربه مع إيران. وقد تصدعت هذه المواقف إلى حد حملها إلى السخونة والخشونة وخلق جو من عم الاستقرار في المنطقة يهدد المصالح العالمية التي تعيش وتتحرك بنفط المنطقة. لم يستطع أحد من حمامات السلام العربية حل ما خلقه العراق من مشكلات بسبب تصلب العراق ومبالغته في الابتزاز وكذلك صلابة الكويت أمام هذا الابتزاز. لم يعد من سبيل أمام صدام حسين إلا الحرب.
والحرب في مثل هذه المنطقة تستفز العالم كله وخاصة أن أرض المعركة المتوقعة تحتوي على أكبر احتياطي نفط مؤكد في العالم كما أنها أكبر قوة مصدرة للنفط المهم جداً إلى الصناعة الغربية وأصبح من المفهوم أن مثل هذه الحرب تعد مغامرة كبرى لا يقدم عليها حتى أكثر الناس جهلاً بالسياسة، ولكنها قامت. كيف؟
كيف بدأت الحرب؟
يعد بدء الحرب من أكثر الأمور غموضاً، فقد كثرت الإشاعات حول دور السفيرة الأمريكية كلاسبي في بغداد حتى أنها مثلت لاستجوابها أمام إحدى لجان الكونجرس فيما بعد. ناهيك في تلك الظلال السوداء حول الدور الامريكي غير الواضح والمشبوه كما ظهر في الاتهامات التي أثيرت من جانب الرئيس الحالي كلينتون وروس بيرو المرشح المستقل في الانتخابات الأخيرة (التي فاز فيها كلينتون)، ضد دور الرئيس بوش في حرب الخليج وخاصة الوثائق المتعلقة باحتلال العراق للكويت وتطور الأحداث بعد ذلك. ولا يمكن إعفاء الدول الغربية الحليفة لأمريكا من لعب دور خطير غير مباشر في تشجيع الحوافز التوسيعة عند صدام حسين عندما أمدته هذه الدول في الخفاء بكل أنواع الأسلحة والتكنولوجيا. وفي مثل هذا الموقف الذي تطور إلى تدمير للآلة العسكرية العراقية واحتمالات تقسيم العراق هل يمكن تجاهل احتمالات إسرائيلية في حفز العراق على القيام بما قام به؟ ونحن نعرف أن لإسرائيل عملاءها في كل مكان في العالم وقدرتها على توجيه دفة السياسة الغربية لصالح إسرائيل. أخيراً هل كان صدام حسين وحده في الجانب العربي الذي يبتز الخليج ويتمنى الاستيلاء على موارد نفطه؟
إن التحالفات العربية مع العراق والتي أيدت احتلال العراق للكويت تكشف أيضاً عن أصابع عربية.
إن مثل هذه الاحتمالات المتعددة في ظل عام بالغ التعقيد لا تنفي تشابك هذه الأيدي جميعاً في إعطاء الضوء الأخضر لصدام حسين لاحتلال الكويت، مع اختلاف في مصالح كل طرف ومكاسب من حرب متوقعة في المنطقة بين العراق والكويت وخلفها دول التعاون الخليجي وتحالفات لا أول لها ولا آخر عربية وغير عربية.

 

 


المنتصر

يقول احد القادة القدماء وهويخاطب جنوده . ( اذا لم تكونوا مستعدين للقتال من أجل ما تروه عزيزاً عليكم , فسوف يأخذه أحد ما عاجلا أو اَجلا , واذا كنتم تفضلوا السلام على الحرية فسوف تخسرونهما معاً , واذا كنتم تفضلوا الراحة والرخاء والسلام على العدل والحرية فسوف تخسروهما جميعا ) .

   

رد مع اقتباس