عرض مشاركة واحدة

قديم 08-12-09, 07:35 PM

  رقم المشاركة : 12
معلومات العضو
المنتصر
مشرف عام

الصورة الرمزية المنتصر

إحصائية العضو





المنتصر غير متواجد حالياً

رسالتي للجميع

افتراضي



 

العلاقات الأمريكية مع دول الخليج العربي خلال حقبة الثمانينات:
أجبرت التطورات التي شهدتها منطقة الخليج العربي في النصف الثاني من سنة 1982، حيث استطاعت إيران استعادة أراضيها التي خسرتها في بداية الحرب، الولايات المتحدة على وضع الخليج في مقدمة أولويات الاستراتيجية الأمريكية.
إن هذا التحول الذي شهدته ساحة المعارك في الخليج صيف 1982 دفع بقادة المنطقة وخاصة العراقيين للوصول إلى قناعة تامة مفادها "أن هزيمة إيران عسكرياً أصبحت شبه مستحيلة"(1)، ومع ذلك فإن الولايات المتحدة الأمريكية لم تتحرك في ساحة الخليج حتى بداية 1983 وذلك بسبب انشغالها بالغزو الإسرائيلي للبنان. وقد جاء تحركها بسبب الضغط الذي مارسه اللوبي النفطي وكذلك اللوبي العربي (ويسمى أيضاً أرابست Arabists) داخل الإدارة الأمريكية.
ولقد راي اللوبي العربي الذي عادة ما يدافع عن الأنظمة العربية المحافظة في الوطن العربي، أن هزيمة العراق سوف تؤدي دون شك إلى زعزعة الاستقرار في الدول العربية الست الأخرى في الخليج، نتيجة للتدخل الذيم تمارسه إيران بشكل سافر ومباشر كما هو حاصل الآن. ولأن هؤلاء متأكدون أن نصراً عراقياً على إيران صعب المنال فإنهم طالبوا الإدارة الأمريكية بالضغط على إيران وإجبارها على الموافقة على وقف إطلاق النار. وقد تبنت الولايات المتحدة نتيجة لهذا الضغط وكذلك للحفاظ على مصالحها في المنطقة سياسة رسمية تتكئ على الحياد مع قليل من الدعم للعراق.
وكانت هناك مجموعة داخل المخابرات الأمريكية ترى أن السياسة الأمريكية الرسمية تجاه إيران والعراق سوف تدفع أكبر قوة في الخليج إلى الإرتماء في أحضان السوفييت. ولذلك انحازوا إلى وجهة نظر مؤداها أن على واشنطن تبني سياسة توفيقية مع طهران لإفشال أي كسب سوفيتي محتمل هناك خاصة وأن وجهة نظر كهذه تنطلق من القناعة التقليدية بأن الخطر الحقيقي يأتي من الإتحاد السوفيتي. وكان نتيجة هذا الاهتمام هو ولادة سياسة سرية متعاكسة مع السياسة الرسمية. وقد تمخضت هذه السياسة عن المبيعات الأمريكية الضخمة من السلاح لإيران بالرغم من إعلان أمريكا عن امتناعها عن بيع السلاح للدول المتحاربة(2). وعندما كشفت هذه السياسة خلقت ارتباكا للإدارة الأمريكية داخلية وخارجياً. ولا يزال الموقف الأمريكي الذي مد إيران بالأسلحة والعراق في الوقت نفسه بالأسرار العسكرية غامضاً… ولا تفسير له سوى أن هناك تناقضاً كبيراً في داخل الإدارة الأمريكية يمنع من إيجاد سياسة واحدة متناغمة في الخليج العربي.
ويتفق كثير من المحللين السياسيين على أن قرار الحكومة الأمريكية بحماية الناقلات الكويتية قد اتخذ ارتجالياً دون دراسة وافية للمضامين العسكرية لهذا القرار(3). وقد أعطت الإدارة الأمريكية تبريرات لقرارها بالتدخل لحماية الناقلات الكويتية وهي:
1 ـ مساعدة الكويت لمجابهة التخوفات على أمنه. مساعدة تحقق في الوقت نفسه تحذيراً من محاولات تهديد الدول الأخر في الخليج.
ونحن الآن نكاد نفسهم القرار في ضوء إتخاذ الإتحاد السوفيتي لقرار مماثل. إن سقوط الإتحاد السوفيتي الذي يكاد يبدو مفاجئاً لم يكن كذلك. إن هذا الإتفاق في السياستين يعني أن الإتحاد السوفيتي بالنسبة للأمريكان قد غدا تابعاً في طريقه المحتوم نحو تفتته وزيادة تبعية الدول الأعضاء فيه للولايات المتحدة الأمريكية التي أصبحت الآن تقود دول العالم جميعاً وتكاد ترأس هذه الدول عن طريق توجيه قرارات الأمم المتحدة، واتخاذ دور حاسم في تنفيذها.
2 ـ تضييق النفوذ العسكري السوفيتي في الخليج إلى أصغر مدى ممكن وكذلك الحد من نفوذهم(4).
ولكن المهتمين بشؤون المنطقة. رأوا أن هناك سببين آخرين لا يقلان أهمية عن الأسباب الرسمية، لعبا دوراً كبيراً في دفع الحكومة الأمريكية لاتخاذ قرار التدخل في الخليج وهما:
1 ـ استعادة ثقة الدول العربية في أعقاب إيران جيت.
2 ـ عدم رغبة الولايات المتحدة في رؤية العراق مهزوماً(5).
حيث أن العراق في عام 1986 ولأول مرة كان يعاني من حالة ضعف لم يعانيها طوال سنوات الحرب كادت تؤدي إلى سقوطه. وهناك تصريحات كثيرة من رجال الإدارة الأمريكيين تؤكد أن هذه النتيجة غير مقبولة بالنسبة للولايات المتحدة، على سبيل المثال جاء في التقرير المقدم من الكونغرس الأمريكي (لجنة التسلح).
أثناء نقاش استراتيجية الإدارة لإنهاء الحرب الإيرانية العراقية التالي:
إن الإدارة نادت بسياسة الحياد الصارم في الحرب الإيرانية العراقية… إن أدنى مطلب لهذه الاستراتيجة هو عدم رؤية العراق يسقط… لأنه لو حدث هذا فإن الأصوليين الإسلاميين سوف يسيطرون على العراق نفسه وهو ما سيشكل تهديداً يمكن أن يمتد ليشمل دول الخليج المعتدلة وربما ما هو أبعد من ذلك(6).
إن الهدف الرئيسي من الطلب الكويتي لحماية ناقلاته لم يكن إلا جلب الاهتمام العالمي إلى الحرب المنسية (العراق ـ إيران). لأن البواخر التي هوجمت قبل الطلب الكويتي لم تكن تتجاوز 1% وحتى الإمدادات النفطية لم تكن قد تأثرت كثيراً كما كان متوقعاً أن يحدث.
وقد نجحت الكويت في تحقيق هدفها، حيث أجبرت الولايات المتحدة على القضاء على ترددها في التدخل بالحرب الإيرانية العراقية عندما هددت (الكويت) بأنه في حالة رفض الولايات المتحدة طلبها فإنها مستعدة لإدخل الإتحاد السوفيتي في شؤون الخليج العربي.
ومن المفارقات العجيبة أن يأتي الطلب الكويتي في وقت كانت فيه الولايات المتحدة تسعى لتحسين صورتها أمام الدول العربية الخليجية بعد افتضاح أمر إيران جيت. ورغبتها (الولايات المتحدة) في إعادة تأكيد التزاماتها في المحافظة على أمن المنطقة.
وفي مقابلات أجريناها في شهر أغسطس 1989 مع مسؤولين في البنتاجون ووزارة الخارجية وبعض الأكاديميين(7) عما سوف تكون عليه السياسة الأمريكية في الخليج العربي في عهد التسعينات وفيما إذا كانت هناك رغبة في أن تقوم الولايات المتحدة بدور أكثر إيجابية تجاه تدعيم السلام والأمن في المنطقة؟
وجدنا معظمهم يتفق على أن الإدارة الجديدة وصلت إلى السلطة دون أن يكون لديها أي برنامج معد للخليج العربي، وأن أفضل ما يمكن أن توصف به السياسة الأمريكية الحالية تجاه الخليج هي سياسة "رد الفعل" Rcactive Policy Making، أو سياسة "إخماد النيران" Putting Out Fires. كلهم تقريباً يتفقون على أن الاستراتيجية الأمريكية وحتى نهاية فترة حكم بوش 1993 لن تحيد عن الخطوط العريضة التي رسمها شولتز في تقريره المقدم 1987 ويمكن أن نتصور تطبيق هذه الاستراتيجية كالتالي:
الإتحاد السوفيتي:
تغيرت نظرة الإدارة الأمريكية بالنسبة للإتحاد السوفيتي في منطقة الخليج العربي… حيث وصلت هذه الإدارة إلى قناعة مفادها أن الإتحاد السوفيتي لن يجازف أبداً بالإستيلاء على آبار النفط في الخليج. وتحولت السياسة الأمريكية من منع التوسع الجغرافي والأيديولوجي السوفيتي، هذه السياسة التي كانت الأساس منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية حتى نهاية عقد الثمانينات، إلى سياسة منع انتشار النفوذ السوفيتي. ورجال الخارجية والبنتاجون يرون أن مصالحهم لن تتأثر بإقامة الإتحاد السوفيتي لعلاقات ديبلوماسية مع دول الخليج المحافظة… لأنهم واثقون أن علاقاتهم بهذه الدول أقوى من أن تتأثر بمثل هذه العلاقات الديبلوماسية. خاصة وأنهم أيضاً واثقون من أن تكنولوجية الإتحاد السوفيتي لن تسطيع منافستهم ولن تجازف دول الخليج بتسليح نفسها من الإتحاد السوفيتي.
والسائد آنذاك في مدرسة الفكر السياسي الأمريكي هو "يجب علينا أن نجرب الإتحاد السوفيتي"، وأن منطقة الخليج معمل جيد لذلك… وحتى بالنسبة لموقفهم من العلاقات الإيرانية السوفيتية، خاصة بعد توقيع رفسنجاني للإتفاقية التجارية مع السوفييت، فإنهم يرون أنه لا خوف على إيران من السوفييت لأن الأصوليين الإيرانيين لن يسمحوا لموسكو بالتحرك والعمل لنشر المبادئ الماركسية أو حتى الحصول على موطئ قدم في تسيير شؤون البلاد. وما دام الوضع هكذا فلماذا يتدخل الأمريكان؟ وحتى بالنسبة للعراق فإن الساسة الأمريكان يرون أن العلاقات السوفيتية العراقية تحت ظل حكومة العراق الحالية لن تصل إلى مستوى أفضل من الذي وصلت إليه في عقد السبعينات… وأن العراق يسعى الآن لإعادة بناء نفسه ولن يستطيع أن يحصل على ممولين لمشاريعه إلا من دول الخليج المحافظة التي لا تود أن ترى الإتحاد السوفيتي في الخليج.
وبطبيعة الحال لن تجد بغداد تكنولوجية أفضل من تكنولوجية الغرب. كذلك دخول العراق في مجلس التعاون العربي الذي يضم في عضويته دول (الأردن ومصر واليمن الشمالي) وكل هذه الدول معروفة بعلاقاتها القوية مع أمريكا. إذن فلماذا يخشى الأمريكان الإتحاد السوفيتي؟ ولماذا يشغلون بالهم بمنطقة أصبحت كما يقولون شبه مضمونة إذا ما قيست بمناطق أخرى أكثر غلياناً؟ وأن مامهم الآن مشكلات داخلية أكثر أهمية يجب التركيز عليا مثل المخدرات… العجز في ميزان المدفوعات وكذلك مناطق أكثر توتراً مثل اليابان… الصين… الفلبين.
الهوامش:
1 ـ Hooglund Eric "Reagan's Iran, Factions Behind US Policy In the Gulf", Middle East Re- port, March- Appril, 1988, PP. 29- 31.
2 ـ في عام 1985، كان هناك تخمين كبير عن الصراع الدائر ين مراكز القوى في داخل إيران لخلافة الخميني، وأصبحت احتمالية تغيير النظام الإيراني واردة بالنسبة لبعض المسؤولين الأمريكان، وهكذا دفعت المخابرات المركزية الأمريكية مذكرة إلى وزارة الخارجية وإلى مجلس الأمن القومي تخبرهم بالخلاف الدائر حول خلافة الخميني، وأن السياسة القائمة على عزل إيران وحظر تصدير الأسلحة إليها تترك للإتحاد السوفيتي الفرصة للسيطرة على الأحداث. واقترحت المذكرة بأن تسمح الولايات المتحدة للدول الصديقة ببيع الأسلحة إلى إيران بكميات لا تؤثر كثيراً على مجرى الحرب الإيرانية العراقية. هذه الأسلحة سوق تمنع إيران من الإرتماء كلية في أحضان موسكو. وكذلك اقترحت المذكرة بأن تسحب الولايات المتحدة جزءاً من قواتها البحرية المتواجدة في الخليج العربية وإصدار تصريح ودي لتقريب جانب المعتدلين في إيران. وكجزء من عملية الصراع في إيران، قام المتطرفون في عام 1986 بتسريب أخبار صفقات السلاح بين إيران والولايات المتحدة، وقد برر المسؤولون الأمريكان مبيعات السلاح لإيران بالتالي:
(1 ) إعادة العلاقات مع دولة ذات أهمية استراتيجية عالية في الخليج.
(2 ) محاولة إنهاء الحرب الإيرانية العراقية بشكل مشرف.
(3 ) التخلص من ضمان الدولة للإرهاب في المنطقة.
(4 ) ضمان الإفراج عن الرهائن الأمريكان المحتجزين في بيروت.
Alxegard, “Deception at Home and Abroad: Implications of The Irans Arms Scandal US Forign Pollicy”. Arab Affairs, No 20, Spring 87, P. 8.
3 ـ “War in the Pcrsian Gulf, The US Takes Sides", Staff Report to the Committee on Foreign Relations, US Sanate, November 1987, P. 38.
4 ـ US Under Secrctary Armacosy, “US Policy in the Persian Gulf and Kuwaiti Reflagging". US Department of State, Current Policy, No 978, Hune 87.
5 ـ Murphy "Intrtnational Shipping and Iran- Iraq War", US Department of Statc, Current Pollicy, No 958, 19 May 87.
6 ـ “National Security Policy Implications of US Operations in The Persian Gulf"< Report of The Defence Policy Panel and Investigations Subcommittee of The Committee on Armed Services, US House of Representatives, July 1987, p. 25.
7 ـ الشخصيات التي قمنا بمقابلتها هي:
Gordo Gray, country Officer for Kuwait and the United Arab Emirates, Department of State, washington- D.C. Dr. Phebe Marr, Instiute for National strategic sudies. National Defense Universtiy, washington, D.C.

 

 


المنتصر

يقول احد القادة القدماء وهويخاطب جنوده . ( اذا لم تكونوا مستعدين للقتال من أجل ما تروه عزيزاً عليكم , فسوف يأخذه أحد ما عاجلا أو اَجلا , واذا كنتم تفضلوا السلام على الحرية فسوف تخسرونهما معاً , واذا كنتم تفضلوا الراحة والرخاء والسلام على العدل والحرية فسوف تخسروهما جميعا ) .

   

رد مع اقتباس