الموضوع: أوقفو الحرب"
عرض مشاركة واحدة

قديم 17-07-09, 08:24 PM

  رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
الباسل
المديــر العـــام

الصورة الرمزية الباسل

إحصائية العضو





الباسل غير متواجد حالياً

رسالتي للجميع

افتراضي أوقفو الحرب"



 

أوقفو الحرب"

نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

كتاب أوقفو الحرب

تأليف :روبرت هنرى وجوزيف رتبلات
ربما تكون الدعوة إلى (وقف الحرب) في هذا العصر الذي يشهد عشرات، بل مئات الحروب على مستوى العالم درباً من الخيال الجانح أو المثالية المفرطة، ولكننا إذا اقتنعنا بأنه لا يوجد دليل علمي على أن الحرب هي بالضرورة جزء من السلوك البشري، وأنها تخضع كغيرها من الظواهر لقانون السببية الذي يحكم الكون، أدركنا أن القضاء على أسباب الحرب ودوافعها، سوف يؤدي حتماً إلى وقف الحرب، ومن ثم التخلُّص من آثارها المروّعة على الحرث والنسل.


وإذا كانت البشرية في حقبها الزمنية السابقة لم تستجب لمثل هذه الدعوة، وانطلقت خلف أهوائها تشعل الحروب وتخوض غمارها لأسباب واهية أو كاذبة ، وتعتبرها أسهل السبل وأسرعها إلى حل نزاعات المصالح، والموارد، والحقوق، والحدود، والدين، والعرق .. إلى غير ذلك من الأسباب؛ فإنها مطالبة اليوم بإعادة النظر وإجالة الفكر في شأن الحرب، في ظل ما ابتدعه الإنسان واخترعه من أسلحة تدمير شامل (نووية، وكيميائية، وبيولوجية)، وفي ظل تطويره المتلاحق للأسلحة التقليدية وتحسينه لقدراتها التدميرية لتصل إلى حدود غير مسبوقة من الخراب والتدمير؛ وفي ظل إقدام بعض الدول وخصوصاً ذات القدرة العسكرية العالية منها على تبديل مذاهبها العسكرية، أو توسيع دائرتها بما يجعل استخدام أسلحة التدمير الشامل فضلاً عما دونها من الأسلحة التقليدية شديدة التدمير أمراً محتملاً، بل وعادياً، في الحروب التي تخوضها ضد خصومها، وذلك لإحداث (الصدمة والرعب)، وتحقيق النصر في أقل مدى زمني ممكن، بغض النظر عما يحدثه هذا الاستخدام من آثار مروّعة، وتدمير هائل، وخسائر بشرية كبيرة بين المدنيين كما حدث في الحرب الأمريكية ضد العراق.

وفي ضوء هذه المقدمة تتضح لنا أهمية الكتاب الذي بين أيدينا: "أوقفوا الحرب" لمؤلفيْه: (روبرت هنري) و (جوزيف رتبلات)، تعريب: أمل محمود، الصادر في طبعته الدولية الأولى عن: شركة الحوار الثقافي، بيروت لبنان، عام 2005م، في (365) صفحة من القطع المتوسط.

عرض الكتاب:

يشتمل الكتاب على: (مقدمة) بقلم وزير الدفاع الأمريكي الأسبق (روبرت مكنمارا)، تليها (توطئة) بقلم المؤلفيْن يوضحان فيها ضرورة الحاجة إلى وقف الحرب، لما سببته في الماضي والحاضر من مآسي بشرية، ولما سوف تحدثه في المستقبل من أهوال تفوق قدرة البشر وتحملهم.
وما أن انتهى المؤلفان من توطئتهما حتى شرعا في عرض موضوعات الكتاب؛ وقد قسّماه إلى ثلاثة أجزاء رئيسة، تناولا في كل جزء منها عدداً من الموضوعات التي جاءت على النحو التالي:

الجزء الأول: (عن الحرب وأسلحتها)

وفيه تناول المؤلفان عبر أربعة فصول تصنيف الحرب وفقاً لاعتبارات عديدة، وأنواع الأسلحة التي استخدمت في الحروب السابقة، والأسلحة المتوقع استخدامها في حروب المستقبل.
ففي (الفصل الأول) : من هذا الجزء : (تنوُّع الحرب) أشار المؤلفان إلى التصنيفات المتبعة في تحديد المراد بالحرب، وانتهيا إلى أن وضع تعريف أو حدود ضيقة لما يمكن توصيفه ب (الحرب) يُعدّ أمراً غير مفيد، وذلك لتنوّع الحروب، وتعدُّد أسبابها، وتداخل أعمالها ونتائجها مع غيرها من الأنشطة التي يستخدم فيها العنف كالإرهاب وأكّدا في هذا الصدد على أنه بالرغم من تنوّع الحروب لتعدد أشكالها وأسبابها، إلاّ أن نتائجها تكاد تكون واحدة، وهي أنها تسفر دائماً عن ضحايا وإصابات بشرية عالية وخسائر مادية مدنية وعسكرية كبيرة.

في ( الفصل الثاني): ( الخطر النووي) يتعرَّض المؤلفان إلى (الأسلحة النووية) التي جرى استخدامها في مدينتي (هيروشيما ونجازاكي) اليابانيتين في شهر أغسطس من عام 1945م. ويلفت المؤلفان النظر إلى افتراض وهمي ساد لدى الكثير بأنه لم يعد هناك ما يدعو للقلق من الأسلحة النووية، وخصوصاً بعد أن انتهت الحرب الباردة، وذلك لكونها أسلحة للردع وليست للاستخدام الفعلي في الحروب.

وينقض المؤلفان هذا الافتراض، ويؤكدان على أن تلك الأسلحة "سوف تستخدم عاجلاً أو آجلاً، عمداً أو بدون عمد"، ويؤسسان رأيهما على عدة اعتبارات موضوعية أيّداها بشواهد تاريخية كادت أن تستخدم فيها الأسلحة النووية لحسم النزاع بين الدول التي تمتلك تلك الأسلحة. بيد أن أخطر ما أشار إليه المؤلفان في هذا الصدد هو أن الإدارة الأمريكية الحالية بقيادة الرئيس (جورج بوش) قد أعلنت صراحة عن مذهب عسكري جديد يعتبر الأسلحة النووية جزءاً قياسياً من الاستراتيجية العسكرية، وأنها يمكن أن "تُستعمل في النزاعات تماماً كأي مادة متفجرة أخرى، كما يمكن استخدام الأسلحة النووية في هجوم وقائي مانع"!.

تابع المؤلفان حديثهما عن مخاطر الأسلحة النووية، ثم تتبعا في هذا الفصل سباق التسلح النووي العالمي منذ البدايات أثناء الحرب العالمية الثانية من قِبل الحلفاء لمنع (هتلر) من استخدامه، والذي أدى إلى تكديس عشرات الآلاف من هذه الأسلحة لدى القوتين العظميين أثناء الحرب الباردة والتي انتهت عام 1989م، مما قلَّص من مخاطر استخدام ذلك السلاح ووقوع محرقة نووية تهدد الجنس البشري بأسره؛ وإن كان شبح استخدام ذلك السلاح مازال جاثماً لكون الرؤوس النووية في كلتا الدولتين وغيرهما مكدّسة بالآلاف، ولأن سياسات الدولة العظمى المهيمنة على العالم الآن (الولايات المتحدة الأمريكية) لا تمنع، بل تسمح باستخدام السلاح النووي في ضربة وقائية مانعة.

في (الفصل الثالث) من هذا القسم تعرَّض المؤلفان ل : (أسلحة الدمار الشامل الأخرى) التي تشمل : الأسلحة الكيميائية، والبيولوجية، والإشعاعية، وهي تسبب الدمار والوفاة والمرض للمجتمع البشري، إلى حدٍ يتعذّر معه البقاء على قيد الحياة.
ويستعرض المؤلفان الاستخدامات الأولى للحرب الكيميائية التي تعود إلى الحرب العالمية الأولى حيث استخدمها الألمان ضد البلجيك في أبريل من عام 1915م، كما أشارا إلى استخدام السلاح البيولوجي في الولايات المتحدة عام 2001م بعد هجمات 11 سبتمبر، حيث تسلَّم ساسة بارزون رسائل بريدية تحتوي على بذور (الجمرة الخبيثة)، ما أدى إلى إصابة (22) من المستلمين بالمرض، ووفاة أربعة منهم، وتم تعطيل الخدمات البريدية لفترة طويلة خوفاً من انتشار الميكروب.

أما الأسلحة الإشعاعية أو (القنابل القذرة) كما تسمّى، والتي تسبب الإصابة أو الوفاة نتيجة التعرُّض للإشعاع المنبعث منها، فلم يجر استخدامها حسب قول المؤلفين حتى الآن *وأن أول تفكير في استخدامها كان عام 1942م، وتم العدول عنه لأسباب فنية تكنولوجية لا لأسباب أخلاقية.

ويشير المؤلفان في سياق حديثهما عن الحرب الإشعاعية إلى صنف خاص من هذه الحرب يسمى (حرب تكنولوجية المعلومات) تستعمل فيها إشعاعات خاصة تسمّى: (الإشعاعات السيبيرية)، وهي إشعاعات لا تستهدف البشر، وإنما تستهدف أجهزة الحاسب الآلي في الدولة، حيث تصيبها بالشلل التام، وتعطلها عن العمل؛ ومعلوم مدى أهمية تلك الحاسبات في تنظيم شؤون الدولة الحديثة والاعتماد عليها في كافة الأنشطة. وتبقى الخطورة المضاعفة لهذا السلاح في أنه لا يوجد أي نظام مضاد قادر على تأمين الحماية الكاملة ضد اعتداء كهذا يمكن أن تقوم به جماعة إرهابية داخل أي دولة من الدول، ما يؤدي إلى أضرار واسعة الانتشار.

في (الفصل الرابع): (الأسلحة التقليدية) يتناول المؤلفان كافة الأسلحة التي استخدمها الإنسان في حروبه الطويلة بدءاً بالقوس والنشاب ومروراً بالبندقية والمدفع والقذائف، وصولاً إلى الطائرات المقاتلة والصواريخ. ويشيران إلى أن تلك الأسلحة التي قد يستهين بها البعض مقارنة بأسلحة الدمار الشامل قد تسببت في قتلى الحروب عبر التاريخ، واستدلا على ذلك بأن قتلى الحروب منذ العام 1939م وحتى عام 1994م قد بلغو مئة ألف قتيل وأكثر حصدت أرواحهم الأسلحة التقليدية، وأن خطورة تلك الأسلحة لم تعد تقتصر على المقاتلين في ساحات القتال فحسب، بل انتقلت مخاطرها إلى المدنيين في الجبهة الداخلية.
الجزء الثاني: (ما الذي يجعل اندلاع الحرب أكثر احتمالاً؟)

يتناول المؤلفان في هذا الجزء من كتابهما عبر ستة فصول الأسباب الدافعة إلى خوض الحرب، وهي كثيرة ومتعددة ومتداخلة مع بعضها البعض؛ ويخصص المؤلفان (الفصل الأول) للحديث عن: (أسباب الحروب ودور الأسلحة)، فيشيران إلى أن البحث في هذا الموضوع من الأمور المعقّدة التي تتطلب طرائق عدة لمعالجتها، فقد تكون هناك عوامل حاسمة وهامة لاندلاع حرب ما، ولكنها لا تكون كذلك بالنسبة لحرب أخرى؛ وقد تندلع الحروب لأسباب حديثة آنية، وقد تعود إلى أسباب تاريخية قديمة.
ويأتي (دور الأسلحة) على رأس قائمة عوامل اشتعال الحرب، فوفقاً لرؤية المؤلفيْن "أن الشرطين الوحيدين الضرورين لوقوع الحرب هما: توفّر الأسلحة، والأفراد الراغبون في استعمالها"، وهنالك علاقة تبادلية بين الحروب والأسلحة، حيث يؤدي امتلاك الأسلحة غالباً إلى وقوع حروب كان يمكن ألاّ تقع قبل امتلاك أحد طرفي الحرب لتلك الأسلحة، كما تؤدي اشتعال الحرب إلى كثرة الطلب على الأسلحة والسعي إلى امتلاكها.

وعلى الرغم من أن استخدام أبسط الأسلحة يتسبب في سقوط القتلى والمصابين، إلاّ أن الدول تحرص على اقتناء الأسلحة التي تكون أكثر فتكاً بالخصم. ونظراً لأن الدول المصنّعة للأسلحة قليلة، فإن أغلب دول العالم تلجأ إلى استيراد الأسلحة من الخارج لتمنح جيوشها الهيبة والقدرة على صيانة أمن البلاد، وهو ما يضفي على قادة تلك الدول مصداقية وتأييداً من شعوبها الحريصة على أمنها واستقرارها.

وقد تستغل الدول الصانعة للأسلحة ورقة تزويد غيرها من الدول بالأسلحة للضغط عليها سياسياً واقتصادياً. وقد تلجأ الدول المصنِّعة أو تجار الأسلحة إلى إشعال فتيل الحرب واستمرارها لتتضاعف مكاسبهم من توريد السلاح لأحد طرفي الصراع أو كليهما معاً.

في (الفصل الثاني) طرح المؤلفان سبباً ثانياً رئيساً من أسباب الحرب، وهو: (الأنظمة السياسية والقادة)، فمعظم أسباب الحروب سياسية تقريباً، وغالباً ما تشتعل إما بسبب النظام السائد، أو وفقاً لأداء القادة أنفسهم، ويذهب المؤلفان إلى أن أغلب الحروب الماضية ارتبطت بمسألة الهوية الوطنية للأمة أو للدولة القومية، التي تطلَّب وجودها الحفاظ على سيادتها من خلال المؤسسة العسكرية التي تحمي أمن الدولة ضد الاعتداءات التي قد تشنها دولة أخرى عليها، ولهذا، أصبحت لدول العالم أجمع جيوش على استعداد تام لخوض الحرب باستثناء ايسلندا وكوستاريكا . وقد أصبح هذا العامل في الوقت الحاضر ضعيف التأثير في ظل العلاقات الدولية السلمية بين كثير من دول العالم؛ وفي ظل انتشار العولمة وتداخل المصالح الاقتصادية بين دول العالم، وفي ظل ضعف الدولة القومية الحديثة عن خوض حرب ضد دولة أخرى لما قد يجرّه ذلك عليها من تحديات كبرى تتعدى حدود الدولة المُعتَدى عليها.

وعلى العكس من انخفاض معدل الحروب بين الدول، ارتفع معدل الحروب داخل الدولة الواحدة، وذلك بهدف انفصال بعض الجماعات العرقية أو الدينية عن الدولة القومية، لشعورها بالتمييز ضدها من قِبل النظام السياسي للدولة وعجزه عن تلبية مطامح تلك الجماعات ومطالبها. كذلك يؤدي انهيار الأنظمة الاستبدادية، وضعف الحكومة، وانتشار الفساد والبيروقراطية في النظام الحاكم إلى اشتعال الحروب داخل الدولة؛ ويتوقع المؤلفان أن تكون هذه الأسباب الثلاثة هي الأكثر أهمية بالنسبة للحروب المستقبلية.
أما عن دور القادة في إشعال الحروب، فيستشهد المؤلفان بشخصية (هتلر) وممارساته السياسية التي كانت سبباً لاندلاع الحرب العالمية الثانية.

ويشير المؤلفان في هذا الصدد إلى أهمية الدور الذي يؤديه المستشارون المحيطون بالقادة، وتقديراتهم السياسية والعسكرية، فضلاً عن حنكتهم وحكمتهم وطباعهم الشخصية التي تؤثر حتماً فيما يشيرون به على قادتهم.

وبمثل ما تكون أهداف القادة من خوض الحرب أهدافاً وطنية أو قومية، فإنها قد تكون أهدافاً شخصية مصلحية. وكما يبرز (دور القادة السياسيين) في خوض الحروب واستمراريتها، كذلك يبرز دور الحكماء والعقلاء منهم في تلاشي تلك الحروب وحقن الدماء المُراقة فيها عندما يمارسون أدوارهم القيادية بمزيد من الحكمة والوعي السياسي، ومن ثم يستطيعون تحقيق أهدافهم المشروعة سلمياً.

في (الفصل الثالث) : (الثقافة والعرف)، ودورهما في إشعال الحروب، يشير المؤلفان إلى أن الاختلافات الثقافية، والعرقية والدينية والأيديولوجية بين الشعوب والجماعات، تلعب دوراً كبيراً ومؤثراً في اندلاع الحروب واستمراريتها، فكلما كانت المواريث والتقاليد التي تكوّن ثقافة شعب أو أمة ما تحضّ على الشجاعة والبطولة والقتال، كان سلوك ذلك الشعب أكثر ميلاً للعنف.
أما الاختلافات العرقية ودورها في اندلاع الحرب، فتعود إلى الشعور بالتميّز على الآخر بسبب اللون، أو الدين، أو الثقافة، أو السياسة، أو اللغة، وهو لا يكوِّن شعوراً عدائياً أو إرادة شريرة كما يقول المؤلفان ضد الآخر إلاّ عندما يقترن بحرمان أفراد مجموعة من المجموعات العرقية من حقوقها، بالمقارنة مع المجموعات الأخرى، كشعور الأقليات غير البيضاء في المجتمعات الأوروبية والمجتمع الأمريكي.

ويعدّد المؤلفان العوامل التي رسّخت العداء بين العرقيات المختلفة في القرن العشرين، ومن أبرزها أن الاستعمار قد رسم حدوداً دولية للدول دون أن يأخذ في الاعتبار اختلاف الثقافات والقبائل في تلك المناطق، ومن أمثلة ذلك ما حدث من تقسيم دولي في القارة الأفريقية، وما حدث من تقسيم في أوروبا بعد الحرب العالمية الثانية، بما نشأ عنه من أوروبا الشرقية والغربية، والذي تجسّد في التقسيم الاعتباطي لألمانيا.

وتُعدّ الاختلافات الدينية مظهراً من مظاهر العرقية، ويعتمد عليه أحياناً كوقود يغذّي مؤسسة الحرب، كالحروب الصليبية التي اعتمدت على الدين كمحرّك رئيس وقوي للجيوش النصرانية من أجل السيطرة على الأماكن المقدسة، واستمرت لأكثر من (300) سنة مخلِّفة وراءها رصيداً ثرياً من المآسي والأهوال البشرية؛ وبدافع من الدين أيضاً اشتعلت الحروب في إسبانيا لتنصير المسلمين واليهود أو إخراجهم أو قتلهم.

ويشير المؤلفان إلى أن النظم العلمانية واللادينية المعاصرة تلجأ إلى الدين عندما تتعرّض حكوماتها إلى خوض الحرب، نظراً لما للدين من تأثير كبير على المقاتلين وقبولهم للتضحية، وأوردا نماذج ذلك في بريطانيا وألمانيا أثناء الحرب العالمية الثانية.
كذلك تلجأ الأنظمة والحكومات إلى الأهداف الأيديولوجية السياسية للدولة لاستغلالها في إشعال الحروب وإقناع الشعوب بخوضها، كتحريض الشعوب على الحرب من أجل نيل الاستقلال؛ أو مواجهة خصوم أيديولوجيين كالصراع بين الشيوعية والرأسمالية خلال مرحلة الحرب الباردة أو تحقيق الكبرياء الوطنية؛ أو الرغبة في الانتقام والأخذ بالثأر حفاظاً على هيبة الدولة، أو ترابط الجماعة؛ أو رفع الشعور بالظلم والاضطهاد.

في (الفصل الرابع) يتناول المؤلفان سبباً آخر من أسباب الحروب وهو: (الموارد: الأرض والبيئة)، حيث تؤكد المصادر التاريخية على أن أكثر الحروب التي اشتعل أوارها في القرون الماضية كانت بسبب السيطرة على أراضي الغير وسلب ممتلكاتهم؛ وكذلك كانت الحروب الاستعمارية في القرن (19) تهدف إلى الحصول على المواد الخام الأولية كالذهب والتوابل والأيدي العاملة من أجل التصنيع، والبحث عن أسواق خارجية لتصريف منتجاتها الصناعية.

وكما كانت الأرض سبباً لاشتعال الحروب في الماضي، فإنها ماتزال كذلك في الحاضر، وظلت المواد الخام أيضاً وخصوصاً النفط من العوامل الرئيسة لاشتعال الحروب المعاصرة.
من طرف آخر، تقف المياه والمحاصيل الزراعية والموارد الطبيعية وتلوث البيئة كعوامل هامة لإشعال الحروب تضاف إلى ما سبق؛ وسوف تزداد أهميتها في المستقبل المنظور نظراً لتدهور البيئة ونضوب الموارد الطبيعية وكثرة عدد السكان، وخصوصاً في الدول الفقيرة.

ويحذّر المؤلفان من أن هذه الخلافات قد تتحول في المستقبل المنظور إلى حروب ضروس في ظل تلوث البيئة وتدهورها الواسع الانتشار.
ينتقل المؤلفان في (الفصل السادس) إلى الحديث عن: (العوامل الاقتصادية: العولمة والفقر) ودورهما في إشعال الحروب، فيشيران إلى أن العولمة قد ساهمت في ازدياد العوامل التي تقود إلى الحرب.

ويخلص المؤلفان إلى القول: "إنه برغم انعدام احتمال أن تشكّل العولمة سبباً مباشراً للحرب، فقد تؤدي التغييرات التي تحملها معها إلى استفحال كثير من العوامل التي تجعل النزاع العنيف داخل الدول وبينها أكثر احتمالاً".

أما عن علاقة الفقر بالحرب واعتباره سبباً من أسبابها، فهناك اتجاهان مختلفان أوردهما المؤلفان لهذا الأمر، الأول: يرى أن الإحباطات الناتجة عن الفقر، والتي تكون حادة خصوصاً عندما تُقام مقارنة مع الآخرين بإمكانها أن تحفّز العدوانية وتسهل على القادة تحريض أتباعهم على الحرب وإقناعهم بأنها سوف تكون لصالحهم حتماً. الثاني: يرى أن زيادة الفقر والحرمان يجعل الأشخاص عرضة للاستسلام وعدم القدرة على المقاومة، ومن ثم يزيد الفقر من احتمال عدم حدوث الحرب.

ويلفت المؤلفان إلى أن الطرح السابق قد لا ينطبق على الحروب الدولية، حيث يتطلب خوض الحرب إمكانات مالية عالية يصعب على الدول الفقيرة توفيرها، ولكنه لا يمنع من حدوث الحروب الداخلية بين أبناء الدولة الواحدة، خصوصاً عندما تستأثر فئة من المجتمع بالثروة، أو يتداخل مع الفقر عامل الاختلاف العرقي أو الديني، أو اللغوي.

ويتناول (الفصل السادس والأخير) من هذا الجزء : (الحرب والطبيعة البشرية) سبباً متداولاً من أسباب اندلاع الحرب، هو (نزعة العدوانية داخل الإنسان)،، حيث يرى البعض أن هذه النزعة هي التي تدفع الإنسان إلى حيازة الأسلحة للدفاع عن نفسه، وهو افتراض يرفضه المؤلفان.

ويفرّق المؤلفان في هذا الصدد بين عدوانية الأفراد وعدوانية الأمم، فالأولى لا تؤثر بشكل مباشر إلاّ في الحروب الداخلية فقط، أما تأثيرها في الحروب الخارجية فيكون معدوماً، حيث يكون التأثير الكامل لعدوانية الأمم. وتلعب (مؤسسة الحرب) دوراً بارزاً في تكوين النزعة العدوانية وتأجيجها لدى المنتسبين إليها، حيث تجعل من ممارسة العنف ضد الآخرين واجباً وطنياً، وتصور الحرب كمسرح للفضائل الرجولية من شجاعة وثبات من خلال إبراز المنتصرين في صورة الأبطال في الوقت الذي تخفي فيه الآثار السلبية للحرب من قتل وإصابة وإعاقة. وتعتمد المؤسسة العسكرية في أداء دورها على (المجتمع العسكري الصناعي العلمي)، وهو مجموعة المؤسسات الصناعية والعلمية التي تدعم الجيش، لما له من نفوذ اقتصادي وسياسي وروحي على العاملين فيه، ولما للقواعد الضابطة للمجتمع العسكري من تأثير على سلوك منسوبيه.

ويختتم المؤلفان هذا الفصل بالحديث عن دور العلماء النظريين والتطبيقيين في اندلاع الحرب، وذلك لما بين العلم والمجتمع من علاقة وطيدة.

 

 


 

الباسل

يتولى القادة العسكريون مهمة الدفاع عن الوطن ، ففي أوقات الحرب تقع على عاتقهم مسؤولية إحراز النصر المؤزر أو التسبب في الهزيمة ، وفي أوقات السلم يتحمّلون عبء إنجاز المهام العسكرية المختلفة ، ولذا يتعيّن على هؤلاء القادة تطوير الجوانب القيادية لديهم من خلال الانضباط والدراسة والتزوّد بالمعارف المختلفة بشكل منتظم ، واستغلال كافة الفرص المتاحة ، ولاسيما أن الحياة العسكرية اليومية حبلى بالفرص أمام القادة الذين يسعون لتطوير أنفسهم وتنمية مهاراتهم القيادية والفكرية

   

رد مع اقتباس