عرض مشاركة واحدة

قديم 15-09-09, 01:10 PM

  رقم المشاركة : 9
معلومات العضو
البارزانى
Guest

إحصائية العضو



رسالتي للجميع

افتراضي



 

مبادئ الحركة

وتتحرك القوات في الميدان تحركات متعددة، إلا أن هذه التحركات مهما تعددت لا تخرج عن إطارين هما: التحرك للهجوم، والتحرك للدفاع.

ولكل من الهجوم والدفاع مزايا معروفة تكتيكيا، فالمهاجم يتمتع باختيار وقت ومكان المعركة، بينما المدافع يتمتع في مواجهة ذلك بميزتين رئيسيتين هما: دراسة الأرض، وتجهيزها هندسيا، وقد يتمتع المدافع إلى جوار ذلك بميزات أخرى قد لا تتوافر في كل معركة ونعني بذلك دعم الشعب، والميل الغريزي للجند نحو الوله بتراب الأرض، وكذا الموانع الطبيعية الصعبة.

هذا، وليس من الميسور الجزم مسبقا بتفوق الشكلين السابقين في المجال التكتيكي، فالفصل في ذلك ليس مطلقا ومجردا، وإنما هو يتم بناء على عوامل فنية كثيرة، يدرس القادة المهرة معطياتهم، ثم يحددون على أثرها الشكل الذي يرونه محققا أقصى القوة لقواتهم على أرض الواقع.

وعلى أية حال فسنتناول فيما يلي كلا من الدفاع والهجوم.

أولا - ا لهجوم:

وللهجوم أشكال ثابتة، ومعروفة، هي: الالتفاف، والتطويق، والاقتحام بالمواجهة.
ويتوقف اختيار الشكل المناسب منها على عوامل فنية كثيرة، أهمها: الظروف الطبوغرافية، ونظم دفاعات العدو، وأسلوبه في العمل، فضلا عن الموعد المطلوب تحقيق الهجوم فيه ليلا أم نهارا.
ويقصد بالالتفاف: التقدم على أجناب العدو ومؤخرته المباشرة، مع معاونة ذلك بهجوم تثبيتي (ثانوي) آخر على المواجهة.
ولا يختلف التطويق عن الالتفاف إلا في عمق المدى، فالتطويق لا يتم على الأجناب والمؤخرة مباشرة، وإنما يتم بعيدا عنهما، كما قد لا يكون هناك تعاون مباشر دائما بين قوات الأجناب وقوات المواجهة في مجال التطويق.

وقد يتم الالتفاف بجناح واحد على جنب واحد وهنا يسمى بالالتفاف المفرد، وقد يتم بجناح واحد على كل جنب من الجنبين وهنا يسمى بالمزدوج، كما قد يكون الالتفاف بجناحين على كل جنب من الجنبين وهنا يسمى بالمركب، ونفس الشيء تماما بالنسبة للتطويق.

وأما الاقتحام بالمواجهة فيقصد به أحد شكلين: إما الهجوم على مواجهة واسعة، وإما الهجوم على مواجهة ضيقة واختراقها ثم الاتجاه إلى خلف أجناب العدو وإلى مؤخرته، وفي هذه الحالة تكون تسميته الدقيقة هي الاختراق بالمواجهة.

ويتم اختيار الشكل الأول (الاقتحام بالمواجهة) إذا أريد إجبار العدو على توزيع مجهوده، وتضليله على اتجاه المجهود الرئيسي للضربة. بينما يتم اختيار الشكل الثاني (الاختراق بالمواجهة) في حالة ما إذا كانت أجناب العدو قوية ومحمية بدرجة مناسبة، بينما تكون دفاعات الوسط ضعيفة إما لعدم حمايتها بدرجة كافية، وإما لوقوعها بين فواصل الوحدات.

وأيا ما كان الشكل المتخذ للهجوم، فإن القادة المهرة لا يهملون فيه السرية، وإحماء القوات للقتال بحسم وعزيمة، وكذا المحافظة على القوة الدافعة للهجوم، والمبدأ الأخير ليس بالأمر الهين لما يتطلبه من استعواض مستمر لكميات في الذخيرة والعتاد تتعاظم بتعاظم مواجهة المعركة وعقمها.

وقد يلحق بالهجوم شكلان آخران يسمى أولهما بالمعركة التصادمية، وهي تنشأ من فجاءة القوات المتضادة كل منها بالأخرى. والنجاح في هذا الشكل للخصم العنيد المصمم، الذي يسرع بالفتح المناسب في تشكيل المعركة، وبعد أن يكون قد أخذ حذره واحتياطه من قبل بدفع مفارز متقدمة أثناء السير مهمتها التنبيه إلى العدو وأوضاعه فور ظهوره، ثم تعطيله حتى تسرع القوة الرئيسية بالفتح للمعركة.

وثاني هذين الشكلين يسمى بالمطاردة وتعزيز الأراضي المكتسبة، ويؤتى هذا النوع ثماره بالمحافظة المستمرة على الاتصال بفلول العدو المنسحبة، لما يعنيه هذا الاتصال من استمرار الضغط على العدو، وحرمانه من أية فرصة لتجميع قواته أو التقاط أنفاسه.

وفي الختام، يجدر التنويه إلى أن التنفيذ العملي لأي من أشكال الهجوم السابقة يصاحبه اختيارات كثيرة، سواء في نقطة الفتح للهجوم، والتي قد تكون من الاتصال القريب أو من العمق، وهذا يتوقف بدوره على طبيعة دفاعات العدو (مجهزة أو غير مجهزة)، ونوع دفاعه (ثابت - متحرك) وشكل دفاعه (خطي –صندوقي –دائري)، كما يتوقف كذلك على مسرح المعركة، هل هو صحراوي أم يقع في المدن؟ وهل أي منهما به موانع أو بدون موانع؟ وكذا تتوقف نقطة الفتح للهجوم على وقت المعركة، هل هو ليلا أم نهارا؟.

وهناك كذلك اختبارات أخرى تتعلق بنوع القوات المستخدمة لتحقيق شكل الهجوم، والغالب الآن - استجابة لمعطيات معركة الأسلحة المشتركة - أن يتم التنسيق بين كافة أنواع القوات، سواء البحرية، أم البرية، أم الجوية وبالأفرع المناسبة من كل منها بالطبع.

وبالإضافة إلى هذه الاختبارات، فهناك أيضا الاختبارات التي تتعلق بالأنساق التي تدفع للمعركة، وأسلوب دفعها.
وللهجوم الليلي اختيارات خاصة تتعلق بدرجة الصخب المسموح بها، فهل يكون صاخبا؟ وفي هذه الحالة يبدأ بالتمهيد النيراني المناسب بالأسلحة الثقيلة وبالأضاءة المناسبة، أم يكون صامتا؟ وهنا لا تستخدم نيران الأسلحة الثقيلة ولا تضاء أرض المعركة إلا بعد اكتشاف العدو للهجوم، أم يكون جامعا بين النوعين السابقين بحيث يكون صامتا/ صاخبا؟ وهنا لا يصدر القائد أوامره بصخب الهجوم إلا بعد مرور قواته، المناطق الأكثر تعرضا لنيران العدو.
وغني عن البيان أنه لا يتصور أن يبدأ الهجوم - صاخبا ثم ينقلب صامتا كما يظهر بأدنى تأمل.

 

 


   

رد مع اقتباس