عرض مشاركة واحدة

قديم 19-02-09, 11:04 AM

  رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
الباسل
المديــر العـــام

الصورة الرمزية الباسل

إحصائية العضو





الباسل غير متواجد حالياً

رسالتي للجميع

افتراضي



 

الإستخبارات خلال فترتي ما قبل الإسلام وفي ظل الإسلام

4. لم تكن عناية العرب في الجاهلية بالمخابرات وجمع المعلومات عن الأعداء بمستوى الأمم السابقة وذلك لافتقار العرب ـ خاصة في الحجاز ـ إلى حكومة مركزية منظمة إلا أنه رغم ذلك فهناك معلومات متناثرة تدل على أنهم لم يغفلوا هذا الجانب كلية فقد عمد الجاهليون إلى استخدام العيون للتجسس على العدو حيث كانوا يرسلونهم في صور تجار أو مسافرين أو على هيئة سرايا صغيرة تقتص آثار العدو وتسأل من تراه من المسافرين ، وكذلك عرفوا ما يسمى بالنذر العريان والذي كان يزودهم بمعلومات سابقة عن الغزاة لديارهم بل نجد أن بعض القبائل أمثال هوازن وثقيف وقريش وبني حنيفة تجند جواسيس لها بعد البعثة النبوية للحصول على معلومات سابقة عن تحركات الرسول صلى الله عليه وسلم ، وعندما أشرق الإسلام بأنواره على البشرية اعتنت الدولة الإسلامية عناية فائقة بجمع المعلومات عن أعدائها سواء في الداخل أو الخارج ويتضح ذلك من خلال ما خلفه الأجداد من تراث في سياسة الحروب ونصائح الملوك التي ركز مؤلفوها إلى العناية بأمر المخابرات وأهمية الحصول على المعلومات السابقة .

5. لقد أكدت تقاليد الحروب الإسلامية على مدى أهمية العمليات الإستخباراتية وذلك من خلال جميع الحروب والمعارك الإسلامية ، واتخذت العمليات الإستخباراتية آنذاك أشكالا متعددة ومختلفة اعتمادا على تجارب الأمم السابقة واحتياج الدولة الإسلامية لتلك العمليات لتتمكن من جمع المعلومات المطلوبة والتي بدورها كان لها الأثر الواضح في حسم المعارك الإسلامية ، ولقد أضاء لنا القرآن الكريم في أكثر من آية ما يفيد بأهمية الإستخبارات ومن ذلك ما ذكر في حادثة الهدهد في عهد نبينا سليمان عليه السلام عندما تفقد سيدنا سليمان مجموعة الطيور فلم يجد الهدهد فتوعد بذبحه ، قال تعالى ( فمكث غير بعيد فقال أحطت بما لم تحط به وجئتك من سبإ بنبإ يقين ) (سورة النمل الآية : 22) .

6. تؤكد الخبرات المكتسبة من التاريخ السياسي والعسكري مدى أهمية الإستخبارات ففي العصر الإسلامي كان المسلمون يجمعون المعلومات عن المشركين حيث تحلل وتفسر تلك المعلومات وخير دليل على ذلك هو حصول الرسول صلى الله عليه وسلم على معلومات من أسير تفيد بأن المشركين ينحرون من الإبل من9 إلى 10 فكان الإستنتاج هو أن عددهم من 900 إلى 1000 فرد ، ولقد تنبه كثير من الفقهاء والمؤرخين إلى أهمية المخابرات الداخلية وضرورة معرفة ولي الأمر لما يدور في مملكته فأخذوا يوجهون النصائح للعناية بهذا الجانب الهام ، فهذا الجاحظ في كتابه ( التاج ) يعد من أعظم خصال الملك تفقد ولي الأمر لأحوال الرعية في كل حين وهذا طبعا لا يتأتى إلا من خلال بثه للعيون في وسط الرعية وإبلاغه بما يدور وما يستجد من أمور لها تأثير على أمن الدولة ، وقد اقترح الإمام الجويني ـ رحمه الله ـ على أولياء الأمور لتحقيق هذه الغاية أن ينتخب ولي الأمر مجموعة من أهل التقى والورع تضم إلى جهاز مخابراته ليكونوا رقباء على الرعية ويقدموا له صورة متكاملة وصادقة عما يحدث في أوساطها .

7. لقد كان قادة الجيوش الإسلامية يدركون بأن السفراء عيون الأعداء يأتون بصورة شرعية لنقل الرسائل والمفاوضات وفي نفس الوقت يحاولون جمع أكبر قدر ممكن من المعلومات عن أعدائهم لذا كانوا يحرصون عند مجيء السفراء من الأعداء أن يتعمدوا إظهار قوة المسلمين عن طريق إنزالهم في قلب المعسكرات الإسلامية حيث يكثر الجند ، كذلك كانوا يتعمدون إظهار السرور وعدم الإكتراث من العدو لينقل السفراء ما يشاهدونه من قوة المسلمين فيحدث ذلك أثرا سلبيا على معنويات الأعداء ، وفي المقابل كانت الدولة الإسلامية تحرص أن يكون سفراؤها على قدر كبير من الذكاء والعلم وسرعة البديهة وقوة الذاكرة والقدرة الفائقة على ضبط النفس وحفظ الأسرار وقدرة استرجاع المعلومات التي حصلوا عليها خلال إقامتهم في البلدان التي أوفدوا إليها وكانت الدولة الإسلامية تأخذ بتقارير سفرائها في رسم خططها السياسية والعسكرية من أجل إحباط كل عدوان مرتقب من جيرانها أو أعدائها .

 

 


الباسل

يتولى القادة العسكريون مهمة الدفاع عن الوطن ، ففي أوقات الحرب تقع على عاتقهم مسؤولية إحراز النصر المؤزر أو التسبب في الهزيمة ، وفي أوقات السلم يتحمّلون عبء إنجاز المهام العسكرية المختلفة ، ولذا يتعيّن على هؤلاء القادة تطوير الجوانب القيادية لديهم من خلال الانضباط والدراسة والتزوّد بالمعارف المختلفة بشكل منتظم ، واستغلال كافة الفرص المتاحة ، ولاسيما أن الحياة العسكرية اليومية حبلى بالفرص أمام القادة الذين يسعون لتطوير أنفسهم وتنمية مهاراتهم القيادية والفكرية

   

رد مع اقتباس