الموضوع: كتاب- قصة حربين
عرض مشاركة واحدة

قديم 18-01-10, 07:42 PM

  رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
المنتصر
مشرف عام

الصورة الرمزية المنتصر

إحصائية العضو





المنتصر غير متواجد حالياً

رسالتي للجميع

افتراضي



 

كواليس ما بين الحربين


يحاول المؤلف في سرده لكواليس ما جرى قبل الحربين أن يوحي لنا بأنه لم ييأس من رد كوندي وأن تصوره قام على أساس محاولة اقتناص أي فرصة مع مسؤول آخر يتجاوز كوندي لإقناعه بموقفه بما قد يلقي بتأثيره على مسيرة الأحداث.

غير أنه فيما يبدو محاولة للتبرير يقول هاس أن ما بدا من صمت من جانبه فيما بعد كان يعكس رؤية أخرى له تتمثل في أنه لم يكن رافضا تماما للحرب وإنما كان موقفه يتراوح بين 60% معارضة، و 40% تأييد، وقد يكون ذلك محاولة لتبرير عدم الاستقالة حيث أن السؤال الطبيعي الذي قد يطرحه الكثيرون في معرض التعليق على رواية المؤلف: إذا كان الأمر كذلك على حسب ما يصوره فلماذا واصل عمله مع إدارة بوش الإبن؟.
وبعبارته فإن معارضته للحرب لم تكن قوية بسبب معلوماته التي استقاها من الاستخبارات بأن العراق يمتلك أسلحة بيولوجية وكيماوية. كما كان يعتقد أنه إذا كان لا مفر من الذهاب إلى الحرب، فإن ذلك يجب أن يتم على ذات القاعدة التي جرت عليها حرب الخليج الأولى، والتي قامت على أساس تأييد دولي وداخلي وقوات كافية وخطط جيدة.

ويضيف أنه لو كان يعلم ما تم معرفته فيما بعد من أن العراق لم يكن يملك أسلحة دمار شامل، وأن التدخل سيتم بشكل يفتقد الكفاءة في إدارة العملية، فإنه لم يكن سوى ليعارض الحرب.
إثر هذا اللقاء كان له لقاء آخر مع كولين باول وزير الخارجية وقد بدا سلسا، معربا عن تشككه بأن الأشياء قد ذهبت بعيدا وأن الأمر لا يتجاوز أن تكون كوندي بالغت بعض الشيء أو أن هاس أساء قراءة مواقف صديقته، حسبما كان يصف وضع كوندي بالنسبة لهاس.
غير أن ا
لأحداث أبت إلا أن تثبت خطأ رؤية باول، وأنه على ما يبدو كان مغيبا عن مطبخ صنع القرار، الأمر الذي ثبت فعليا فيما بعد حتى يمكن وصفه بأنه كان كـ «الشاهد الذي لم ير شيئا»، حيث تمت كل الأمور في حضوره وخلال توليه مهام وزارة الخارجية دون أن يدري بالكثير منها، الأمر الذي انتهى باستقالته من الوزارة مع بدء بوش حقبة رئاسته الثانية.

يوضح هاس الصورة قائلا أنه بعد نحو شهر، وخلال لقاء عشاء في البيت الأبيض حضره الرئيس وكوندي كانت القضية الرئيسية المطروحة على المائدة ليست ما إذا كان سيتم الذهاب إلى الحرب أم لان بل كيف سيتحقق ذلك؟ هل يجب على الولايات المتحدة خوض الحرب قبل التوجه لمجلس الأمن؟ وماذا بشأن الكونجرس؟ وفي النهاية بدا أن هذه قضايا مهمة ولكنها تحتل مرتبة ثانية.. أي أن الحرب كانت قادمة لا محالة! فالقرار الأساسي بالذهاب إلى الحرب ضد صدام في العراق قد تم اتخاذه بالفعل من قبل الرئيس وإدارته.

باول لا يعلم شيئا.
ويبدو من رواية المؤلف أنه لم يكن وحده من غير المقتنعين بالحرب وأن رئيسه باول كان على قناعة كبيرة بذلك رغم ما كان يشير إلى غير هذا الأمر خلال متابعة تطورات تلك الفترة وقتها.
وإذا كان باول في الاجتماع المشار إليه بدا كمن لا يعلم شيئا فإنه بعد أن اتضحت الأمور حرص على توضيح الصورة للرئيس بوش وعلى ذلك أخبره في مرحلة متقدمة وإثر ما بدا من رفض العراق الرضوخ للضغوط الدولية المفروضة عليه أنه يوجد فرصة الحصول على قرار ثان من مجلس الأمن وزيادة الضغط الدولي بشكل يمكن أن يقود صدام إلى التراجع وفي النهاية تنفيذ كل المطالب المعروضة عليه، وفي مثل هذه الحالة سيكون على الولايات المتحدة أن تقبل ببقاء صدام في الحكم، وتقنع نفسها بنظام غير من سلوكه، بدلا من تغيير النظام.

كما أن باول حذر الرئيس من أن الحرب لن تكون سهلة وأن وضع الولايات المتحدة سيكون صعبا في العراق حيث ستجد نفسها محتلة له لبعض الوقت وليس قوة محررة. كان تقدير المؤلف أن بوش يتصور أن باول يبالغ بشأن تكلفة الحرب والنتائج على الرغم من أن من المحتمل أنه اعتقد أن تنبؤات باول دقيقة ولكن الثمن ما زال يستحق الدفع ويحقق النتائج المتوقعة.
بدا أن التوجه للحرب أصبح مؤكدا كذلك من خلال تقرير مسؤول بالاستخبارات البريطانية كان قد قام بزيارة للولايات المتحدة للقاء مسؤولين أميركيين على خلفية الموضوع.

وقد كشف التقرير الذي أعده أنه لمس تحولا واضحا في الاتجاه. فالعمل العسكري على ما لمس الآن أصبح محتما، فبوش يريد الإطاحة بصدام عبر العمل العسكري مبررا ذلك بتهم دعمه للإرهاب وأسلحة الدمار الشامل.

بل يشير هاس إلى أن ما كشف عنه التقرير أكثر خزيا في ضوء الأحداث اللاحقة. فـ «الاستخبارات والحقائق يتم توجيهها حسب اتجاه السياسة. إن مجلس الأمن القومي ليس لديه صبر بشأن مسار الأمم المتحدة. لا يوجد سوى مناقشات محدودة في واشنطن بشأن ما بعد العمل العسكري».

غير أنه يوضح أن ذلك لا يعني بأي حال أن قرارا رسميا أتخذ بأي حال في صيف 2002 واحتفظ به في السر. بدلا من ذلك فإن الرئيس بحلول يوليو وصل إلى نتيجة مفادها أنه من الضروري والمرغوب فيه أن يتم الإطاحة بصدام، وأنه على هذا الأساس أعد القيام بما هو ضروري لتحقيق ذلك.

وقد كان ذلك يعني التيقن من أن استخدام القوة العسكرية أصبح ضروريا من قبل الولايات المتحدة، وأن الحصول على موافقة الأمم المتحدة أو الكونجرس أصبح أمرا مرغوبا به وليس أساسيا. ورغم أن القرار الرسمي بالذهاب إلى الحرب لن يتم اتخاذه خلال ستة شهور لاحقة، كان الرئيس والدائرة المحيطة به وصلوا مع منتصف 2002 سياسيا ونفسيا إلى نقطة اللاعودة بشأن خوض الحرب.

تهيئة المسرح الدولي.
ولعله مما هيأ المسرح تماما للحرب قرار مجلس الأمن رقم 1441 في 8 نوفمبر والذي اعتبر أن العراق انتهك التزاماته بشأن قرارات الأمم المتحدة معطيا العراق فرصة أخيرة للانصياع لهذه القرارات مع دعوات لنزع سلاحه وتحذير العراق من أنه سيواجه عواقب وخيمة إذا واصل عدم الالتزام بالقرارات الدولية.

كان القرار حسب هاس طموحا فيما يطلبه، ولكنه كان في الوقت ذاته غامضا فيما يتعلق بالخطوات التي ستتبعه، إذا لم تتحقق هذه المطالب، فلم يحدد القرار مسألة ما إذا كان يجيز استخدام القوة أم لا أو أن قرارا آخر يجب أن يصدر في هذا الشأن؟. كل ما بدا واضحا أن هناك ضغطا دوليا هائلا على العراق لكي يراجع سياسته القائمة على مقاومة التفتيش الدولي لأسلحته المزعومة أو برنامجه التسلحي المزعوم، الأمر الذي يعتبره هاس عزز موقف إدارة بوش بشن الحرب.

ومع دخول عام 2003 - يقول المؤلف - أصبح العراق القضية المهيمنة على المسرح الدولي والداخلي في الولايات المتحدة. ورغم ذلك فقد كتب مذكرة إلى رئيسه كولين باول يؤكد له فيها أن الوقت لم يفت لإثناء الإدارة عن الحرب.

وأن البديل عن ذلك مجموعة من الإجراءات يمكن أن تحقق أهداف الإدارة ومن بينها سلسلة مفتوحة لا منتهية من إجراءات التفتيش القوية، تشديد العقوبات من خلال إقناع سوريا والأردن وتركيا بالسيطرة على الحدود بشكل يحول دون عمليات التهريب والتجارة خارج إطار المنظمة الدولية، وتدشين خطة دبلوماسية تستهدف حشد الجهود لتغيير النظام، مع التلويح في الوقت ذاته بالقوة العسكرية إذا لم يقم صدام بالتعاون المطلوب مع لجان التفتيش.

ولأن ما طرحه المؤلف كان يبدو في تصوره غير مقبول وقد يثير المشاكل فقد حرص على تسليم هذه النقاط لباول بنفسه دون إرسالها حتى لا تقع في أيدي أحد. لقد كان بوش يريد القضاء على عدو بالغ العداء للولايات المتحدة وربما كان يريد إكمال المهمة التي لم ينهها والده.

وعزز مستشاروه ذلك الاعتقاد فـ «بول وولفوفيتز» كان واضحا في رؤيته بأن العراق يشكل فرصة استراتيجية رئيسية.. من أجل تحقيق التغيير الثوري للعالم إلى الأفضل، حسب مزاعمه. وعلى ذلك انطلقت العمليات بعد شهور وبالتحديد في مارس في حرب ثانية ضد العراق خلال أقل من عقد. إنها الحرب ـ حسب توصيف هاس ـ التي تعتبر أكثر الحروب افتقادا للتوافق بشأنها، وأكثر الحروب إفتقادا للشعبية، والأكثر كلفة في التاريخ الأميركي.

بعد استعراضه على نحو ما قدمنا لأبعاد ومسيرة الحربين اللتين خاضتهما بلاده ضد العراق، وإزاء ما يبدو من قناعته بالأولى ومعارضته للثانية يبدو أن السؤال الذي يفرض نفسه بإلحاح على المؤلف هو: لماذا بدا الرئيس بوش الابن مشدودا بهذا الشكل إلى العراق؟ من خلال ما رآه هاس وما سمعه يوضح لنا أن قرارات بوش لم تكن، كما يحاول البعض أن يزعم، نتيجة نقص في المعلومات الاستخبارية أو بسبب سيطرة نائبه أو بعض مستشاريه عليه.

وحسب هاس إن بوش ذكى وأكثر ذكاء مما يعتقد الكثير من الناس، كما أنه أيضا لديه القدرة على قراءة الناس على ذات النحو الذي يمكن لك أن تتوقعه من شخص تقدم للترشيح للرئاسة ونجح في الفوز بها.

لقد كان خطأه أنه كان يقفز سريعا إلى النتائج. كما أنه غالبا ما يعتبر تغيير وجهة النظر علامة ضعف. ما يعبر المؤلف عن دهشته منه هو ذلك الارتياح المريب الذي كان يحياه بوش بشأن قراره غزو العراق.

كانت قد مرت ثلاثة أسابيع على الحرب، وكان بوش يبدو حسبما يذكر المؤلف، إثر عودته من قمة في أيرلندا الشمالية في حالة سلام داخلي مع نفسه بشأن القرار. في الوقت ذاته الذي كان المؤلف فيه في حالة استفزاز من تلك الحالة وكيف أن الرئيس يبدو غير مهتم بكل تلك التعقيدات التي توقعها المؤلف وغيره بشأن غزو العراق.

ومن فرط دهشته وفيما يشير إلى غياب أي قناعة لديه بمبررات الغزو يطرح المؤلف سؤلا افتراضيا مؤداه: لو لم تكن هناك أحداث سبتمبر، فهل كان يمكن للإدارة أن تقدم على غزو العراق؟ ورغم تأكيده على أن مثل هذه الأسئلة من الصعب الإجابة عليها بثقة، إلا أنه يوضح أمرين متباينين أولهما أنه قبل الأحداث كان هناك حديث عن العراق في الإدارة غير أنه لم يكن ثمة دلائل على أن له وضعا خاصا.

غير أن أحداث سبتمبر غيرت توجه الإدارة بشكل كبير فبدت كما لو كانت بمثابة مطرقة تبحث عن مسمار، وقد أصبح العراق المسمار.

مفارقة ما بعد الحرب الباردة.
يشير المؤلف إلى أن القليلين كان يمكن لهم توقع أن يتم اختزال السياسة الخارجية الأميركية في الفترة بالغة الحيوية التي تبعت انتهاء الحرب الباردة إلى مجرد دورانها في إطار حربين مع العراق مقدما في هذا الإطار ما يمكن اعتباره رؤية مقارنة للحربين تفسر موقفه.

ويضيف أن تقديره أن حرب العراق الأولى لم تكن فقط حرب ضرورة ولكنها ناجحة بكل المعايير. لقد كانت ضرورية لأسباب رمزية وإستراتيجية. إن الفشل في رد الغزو العراقي للكويت كان يمكن أن يمثل سابقة خطيرة في عصر ما بعد الحرب الباردة، بشكل يجعل من ذلك العصر عصر الفوضى ويتسم بالأخطار على عكس ما كانت عليه الأمور من قبل.

كما أن عدم الفعل كذلك كان يمكن أن يؤسس للسيطرة العراقية على الكويت ومن المحتمل سيطرته على المنطقة وإمدادات النفط وتزويد العراق بالوقت والفرصة لتطوير أسلحة نووية.

غير أن المؤلف وفي معرض الدفاع عن موقف بلاده الذي لقي رفضا كبيرا على مستويات عدة إزاء ما حكمه من معايير مزدوجة يذكر أن هذه الإشارة لا ينبغي فهمها على أنها تعني أن الطاقة كانت الدافع الرئيسي وراء موقف الولايات المتحدة وأنها كانت تسعى وراء هدف تجاري أو السيطرة على الموارد العراقية.
وفي محاولة لإقناعنا بموقفه يستدعي هاس غزو أفغانستان أن بلاده ذهبت إلى الحرب بعد 11 سبتمبر ضد أفغانستان والتي أشير إليها باعتبارها حرب ضرورة ـ رغم عدم وجود مصادر طاقة، الأمر ذاته ينطبق على التدخل في الصومال والبوسنة وكوسوفو والتي تعتبر حرب اختيار.

إن الحكم بأن الحرب الأولى على العراق كانت ناجحة ينبع من حقيقة أن أهداف الحرب قد تحققت ـ دحر العدوان العراقي، واستعادة السلطة في الكويت إلى الحكومة الشرعية. لقد تحقق الهدفان بتكلفة إنسانية واقتصادية وعسكرية محدودة بالنسبة للولايات المتحدة وبحماس داخلي ودولي يعزز الحكم ان الولايات المتحدة خاضت حربا ناجحة. ويبدو هنا قدر من المغالطة من المؤلف قد يبررها أنه يدافع هنا عن السياسة الرسمية لبلاده التي كان طرفا فيها.

 

 


المنتصر

يقول احد القادة القدماء وهويخاطب جنوده . ( اذا لم تكونوا مستعدين للقتال من أجل ما تروه عزيزاً عليكم , فسوف يأخذه أحد ما عاجلا أو اَجلا , واذا كنتم تفضلوا السلام على الحرية فسوف تخسرونهما معاً , واذا كنتم تفضلوا الراحة والرخاء والسلام على العدل والحرية فسوف تخسروهما جميعا ) .

   

رد مع اقتباس