الموضوع: كتاب- قصة حربين
عرض مشاركة واحدة

قديم 18-01-10, 07:31 PM

  رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
المنتصر
مشرف عام

الصورة الرمزية المنتصر

إحصائية العضو





المنتصر غير متواجد حالياً

رسالتي للجميع

افتراضي كتاب- قصة حربين



 

كتاب- قصة حربين- : شاهد على حربي العراق يقدم تفاصيل ما دار في الكواليس

تأليف: ريتشارد هاس ـ عرض ومناقشة : مصطفى عبدالرازق

يجمع هذا الكتاب بين جانبين بالغي الأهمية في تناوله لموضوعه وهما الذكريات والتحليل الشامل لقصة حربي العراق اللتين كان المؤلف ريتشارد هاس أحد الذين لعبوا دورا ملموسا في صنع السياسة الخارجية الأميركية شاهدا بشكل أو بآخر عليهما.

في الأولى كان شاهدا عن قرب، وفي الثانية عن بعد رغم حضوره واقترابه من الأشخاص القائمين على صنع القرار بحكم إطلاعه الوثيق على الأحداث والاستعدادات للحربين مع العراق في عام 1991 وعام 2003 ما يجعل الكتاب بمثابة وثيقة هامة بشأن خلفيات وكواليس ما دار خلال الحربين. ففي حرب العراق الأولى ـ أو الخليج بمعنى أحرى ـ كان موجودا في قلب الأحداث وشارك بدلوه في صنع الكثير من جوانبها، أما في الثانية ورغم أن منطق التطور يفرض اقترابه أكثر، إلا أنه كان لم يكن يحظى بالمكانة التي حظي بها خلال حكم بوش الأب. وهو ما يمكن تفسيره بالطابع الذي وسم كلا الإدارتين.. الأولى، بغض النظر عن أي تحفظات على سياساتها، كانت أقرب إلى الحمائم، أما الثانية فقد كانت تضم كافة أنواع الصقور، ما أدى إلى تهميش دور المؤلف ريتشارد هاس بل ورئيسه في ذلك الوقت كولين باول وزير الخارجية.

للوهلة الأولى يلمح المرء لدى قراءته المذكرات امتدادا لتلك التي قدمها من قبل سكوت ماكليلان المستشار الصحفي للرئيس بوش الابن والذي قدم استقالته من منصبه وقدم تفاصيل ما جرى في كتابه «ما الذي حدث في البيت الأبيض» وقدمنا له مراجعة على صفحات «البيان».

وكذلك الكتاب الذي قدمه من قبل اليستر كامبل مستشار بلير الإعلامي، حول «سنوات بلير» وقدمنا له مراجعة هنا أيضا، وهي كلها مذكرات تصب في خانة الكشف عن الأبعاد الحقيقية لعملية غزو العراق، والأخطاء التي شابت تلك العملية، والأخطاء الهائلة والتلفيقات التي وجهتها الإدارة الأميركية للنظام العراقي لتحقيق أهداف كبرى خاصة بها ثبت عدم منطقيتها.

وإذا كانت حربا العراق قد أشبعتا بحثا على مدى السنوات الماضية في ضوء التأثيرات الهائلة التي نجمت عنهما سواء على صعيد النظام الدولي أو على صعيد المنطقة أو حتى الأطراف الرئيسية فيها ـ الولايات المتحدة والعراق ـ فإن خصوصية مذكرات هاس تأتي من أنها تقدم جوانب بالغة الخصوصية يمكن أن تساعدنا في فهم مسار الأحداث والغوص في عقول الشخصيات التي كانت على رأس دائرة اتخاذ القرار في الولايات المتحدة على نحو ما سنلمسه في تناولنا للكتاب.

تشابهات شكلية.
وتتمثل المهمة الأساسية التي يعمل المؤلف على تحقيقها من خلال كتابه في التأكيد على أنه إذا كانت الحربان اللتان يتناولهما يجمعهما أنهما بين طرفين رئيسيين هما الولايات المتحدة والعراق.
وأنه كان على رأس الحكم في الولايات المتحدة رئيس اسمه جورج بوش ـ أب وابن ـ وفي العراق صدام، فإنه رغم هذه التشابهات فإن النهج الذي تم التعاطي به مع الحربين بالغ الاختلاف، الأمر الذي يعكس حسبما يرى فلسفة إدارتين يبدو من سياق استعراضه للأحداث دون كثير اجتهاد أنه يميل إلى الأولى التي يراها تعبر عن فكره وعما يجب أن تسير عليه بلاده إذا أرادت الحفاظ على مكانتها الدولية.

وبمفهوم المخالفة، يبدو حنق المؤلف على إدارة بوش وسياساتها بشكل عال، يكاد يصل حد الغيظ، والدرجة التي يعلن معها توقف قدرته على فهم الأسس التي بنت عليها قراراتها.

في محاولة لشرح أساس الفكرة التي يقوم عليها كتابه يقول هاس إن هناك عدة أسس يمكن انطلاقا منها توصيف الحروب، فهناك الحرب الأهلية ، وحرب التحرير الوطني، والحروب العالمية، وكذلك الحروب الباردة، والحروب الدفاعية، وحروب الاستنزاف.. وعلى هذا النحو يمكن تقديم تصنيفات مختلفة للحروب.

هنا يقترح منظور آخر لتوصيف الحروب يقوم على أساس النظر إليها باعتبار صعوبة تجنبها، وفي هذه الحالة فإنها تعد من أفعال الضرورة. أو العكس تماما، بشكل يعكس الاختيار عندما تكون السياسات الأخرى متاحة ولكن ينظر إليها باعتبارها غير مرحب بها.

وفي محاولة للتأصيل لهذين المفهومين غاص هاس في التاريخ حتى أنه يشير إلى أن التمييز بين الحرب وما إذا كانت ضرورية أم اختيارية يعود إلى الفيلسوف اليهودي موسى بن ميمون الذي نوه إلى ذلك قبل نحو ثمانية قرون.

ويضيف أن التاريخ يقدم لنا العديد من الأمثلة على نوعي الحروب التي يشير إليها، فأي قائمة للحروب الحديثة التي تمثل حرب الضرورة من المنظور الأميركي ستتضمن الحربين العالميتين الأولى والثانية الحرب الكورية. بينما أن حروب الاختيار التي خاضتها الولايات المتحدة تتمثل في حرب فيتنام، والبوسنة، كوسوفو، وقبل نحو قرن مضى الحرب الأميركية الأسبانية.

حروب الاختيار والضرورة.
وهنا يقرر أن هذا التمييز لا يقتصر على الحالة الأميركية بل أنه تمييز عام مستشهدا بما ذهب إليه مناحم بيغين من قبل بتقديم مثل هذا التمييز، ففي حديث له عام 1982 خلال العدوان الإسرائيلي على لبنان أشار إلى أن إسرائيل شنت من وجهة نظره ثلاث حروب ضرورية: 1947 ـ 1949 من أجل ما يصفه المؤلف نقلا عن حديث بيغين بالاستقلال (فيما هو في الحقيقة حرب من أجل ابتلاع فلسطين من أصحابها الأصليين، لتأسيس دولة إسرائيل .
ـ وتعد تلك الإشارة من الأمثلة التي تشير إلى تبني صناع السياسة والرأي الغربيين الطروحات الإسرائيلية) وحرب الاستنزاف بينها وبين مصر في نهاية الستينات في شبه جزيرة سيناء، وحرب أكتوبر.

فيما وصف بيغين العدوان الثلاثي على مصر الذي تآمرت فيه إسرائيل مع بريطانيا وفرنسا بأنها كانت حرب اختيار. ودعما لفكرته يشير المؤلف إلى أن التقرير الصادر عن التحقيق الرسمي بشأن تورط الحكومة البريطانية في غزو العراق عام 2003 وصف ذلك التورط بأنه حرب اختيار وليس حرب ضرورة.

هنا وفي محاولة لتحديد أكثر للمصطلحين اللذين اختارهما لعنوان الكتاب، والذي فضلنا عنوانه الفرعي باعتباره أكثر دلالة على نحو ما فعل كذلك زبغينو بريجنسكي في مقالته التي كتبها تعليقا على الكتاب في مجلة «فورين آفيرز» العدد قبل الماضي،، يقول هاس إن ما يسمى حرب الضرورة أنها تمثل دفاعا عن النفس من ناحية، وتتضمن مصالح قومية كبرى، وغياب أي خيارات أو بدائل أخرى لاستخدام القوة.

أما حرب الاختيار فهي تتضمن المصالح غير الحيوية للدولة مع وجود خيارات أخرى قابلة للتطبيق من اجل تحقيق هذه المصالح. ورغم ذلك يقر المؤلف بأن التمييز الكامل بينهما يعتبر إلى حد ما صعبا وينطلق من اعتبارات تتعلق بموقف الشخص الذي يقوم على النظر للحرب، وكذلك على رؤية السياسيين.

ومن هنا وفي معرض التصنيف يشير المؤلف إلى أنه على أساس هذا التمييز، كان توصيفه للحرب العراقية الأولى ـ في مقال نشره في «واشنطن بوست» في 23 نوفمبر 2003 بعد تركه الإدارة - أنها تعد نموذجا للحرب الضرورية، فيما أن الحرب العراقية الثانية تعد نموذجية لحرب الاختيار. الأمر الذي أعرب بوش فيما بعد عن معارضته له مؤكدا على أن الحرب التي خاضها أو الغزو الأميركي للعراق كان حرب ضرورة.

اقترابات مختلفة للحرب.
وبعيدا عن جدل التوصيف يشير المؤلف إلى أن حربي العراق، شكلا اقترابين بالغي الاختلاف في السياسة الأميركية الخارجية. لقد عكست الأولى المدرسة الأكثر كلاسيكية، أو تقليدية .

والتي توصف في اغلب الأحوال بالواقعية، فيما اعتمدت المدرسة الثانية اقترابا أكثر طموحا وأكثر صعوبة يمكن توصيفه بالمدرسة التدخلية، ويقوم على أن الحرب تعد أداة رئيسية في سياسة الولايات المتحدة للتأثير في الظروف والدول التي تتعامل معها.
وهنا يقول إن الاختلاف بين سياسة خارجية تقوم على إدارة العلاقات بين الدول وأخرى تبحث عن تغيير طبيعة الدول بالغ الحيوية، منتهيا أن الحربين يعبران عن صراع بين نهجين في إدارة السياسة الخارجية الأميركية.

في تناوله لموضوعه وفي وصفه للطريق العاصفة المؤدي إلى الحرب، يشير المؤلف إلى مفارقة أنه لم يكن هناك شيء في تاريخ الولايات المتحدة والعراق، يشير إلى أن الدولتين يمكن لهما أن يخوضا حربين ويصبح كل منهما محور تركيز الآخر في التاريخ المعاصر.

من هذه الخلفية يستعرض قصة الروابط والعلاقات بين الدولتين على مدى العقود الأخيرة مشيرا إلى أن الاهتمام بالعراق بدأ باعتباره من مخلفات حقبة الاستعمار البريطاني في سياق الاهتمام الأميركي العام بالمنطقة.

ثم يتطرق إلى التطور الأبرز والمتعلق بالموقف الأميركي من الثورة الإيرانية وكيف عملت الولايات المتحدة على دعم العراق في حربه ضد إيران رغم القرارات الدولية بعدم تزويد أي من طرفي الحرب بالسلاح، وقد استخدم ذلك ورقة ضغط على إيران من أجل إطلاق سراح الرهائن الأميركيين الذين احتجزوا في السفارة الأميركية في طهران في بدايات الثورة.

ومن المفارقات المعروفة والتي يشير المؤلف إليها الدور الذي لعبه دونالد رامسفيلد وزير الدفاع في عهد بوش وأحد مهندسي مشروع الغزو في تطويع المشهد العراقي خلال فترة حكم ريجان آنذاك لصالح موقف بلاده حيث عمل كمبعوث الرئيس الأميركي الخاص للشرق الأوسط. وكان من بين الأفكار التي حاول رامسفيلد التسويق لها آنذاك، حسبما يشير هاس، بناء خط أنابيب يربط شمال العراق بميناء حيفا الإسرائيلي.

ومع تولي بوش الأب في يناير 1989 يقول المؤلف إنه كان من المستحيل على الكثيرين توقع الكثير من الأحداث التي جرت في عهده ومنها نهاية الحرب الباردة وتوحيد ألمانيا ونهاية العنصرية في جنوب أفريقيا..

وأخيرا اندلاع الحرب مع العراق. وازداد دور المؤلف إثر تعيينه مستشارا للسياسة الخارجية في الإدارة. وحسبما يشير فإن نحو 90 % من وقته وطاقته تركزت على قضايا الشرق الأوسط ومحاولة دفع العملية الدبلوماسية بين الإسرائيليين والفلسطينيين.

 

 


 

المنتصر

يقول احد القادة القدماء وهويخاطب جنوده . ( اذا لم تكونوا مستعدين للقتال من أجل ما تروه عزيزاً عليكم , فسوف يأخذه أحد ما عاجلا أو اَجلا , واذا كنتم تفضلوا السلام على الحرية فسوف تخسرونهما معاً , واذا كنتم تفضلوا الراحة والرخاء والسلام على العدل والحرية فسوف تخسروهما جميعا ) .

   

رد مع اقتباس