عرض مشاركة واحدة

قديم 18-03-22, 04:31 PM

  رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
الباسل
المديــر العـــام

الصورة الرمزية الباسل

إحصائية العضو





الباسل غير متواجد حالياً

رسالتي للجميع

افتراضي ميخائيل غورباتشوف - الرئيس السابق للاتحاد السوفياتي



 

"جنة غورباتشوف".. رجل غيّر العالم فأحبه الغرب وكرهه الروس


نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

رجل عجوز تجاوز الـ90 من عمره يعيش الأيام الأخيرة من حياته وحيدا في منزل بارد فارغ إلا من بعض مساعديه في ضواحي العاصمة الروسية موسكو. هذا العجوز هو الرئيس السابق للاتحاد السوفياتي ميخائيل غورباتشوف.
وقد بثت قناة "الجزيرة الوثائقية" فيلما يلخص حياة رجل غيّر العالم في القرن العشرين، وتميزت الفترة القصيرة التي قضاها غورباتشوف في السلطة كآخر رئيس للاتحاد السوفياتي (من 2 مارس/آذار 1990 إلى 25 ديسمبر/كانون الأول 1991) بانهيار هذه الإمبراطورية، وكان مهندس عصر ما عُرف بالغلاسنوست (الانفتاح) والبيرسترويكا (إعادة الإعمار)، وهذه السياسات أعطت مواطني الاتحاد السوفياتي حرية الحصول على المعلومات.

وخلال فترته القصيرة أيضا، هُدم جدار برلين، وانفجرت منشأة تشرنوبل النووية في أوكرانيا وأخفي خبر تدميرها، كما خرج مواطنون يطالبون بالاستقلال في دول البلطيق فأطلق النار عليهم، وقتلت الدبابات المتظاهرين السلميين في باكو (عاصمة أذربيجان)، لتنهار الإمبراطورية السوفياتية في ظل حكمه، ويُحمّله شعبه المسؤولية كاملة عن الانهيار، وهذا ما جعله وحيدا، والأهم أنه مكروه من قسم كبير من شعبه إن لم نقل السواد الأعظم، ومحبوب من الغرب الذي يعتبره بطلا.


إن لم أكن أنا فمن.. وإن لم يكن الآن فمتى؟
يقول محبو غورباتشوف إنه غيّر البلاد والعالم والتاريخ بأسره إلى الأبد، مستشهدين بعبارته المشهورة: إن لم أكن أنا فمن؟ وإن لم يكن الآن فمتى؟
ويعتبرون أنه نفذ إصلاحات في بلاده انعكست إيجابا على العالم الذي أصبح أكثر أمانا وسلاما ومكانا أفضل للعيش، ووجه حكومته نحو الانفتاح وسمح بالحريات في بلاده، وأنه أحد أهم شخصيات القرن العشرين.
ويقر غورباتشوف أنه شارف على الموت وتراجعت صحته كثيرا، لكنه يؤكد أنه إنسان حر ويستطيع التعبير عما يدور في ذهنه ويكتب عن مواضيع مختلفة بكل حرية، ولكنه يستدرك ليقول إن هناك بعض الصحف مؤخرا رفضت نشر كتاباته بذريعة أن "زمن غورباتشوف انتهى، فأُجيبهم إنها البداية فحسب".
وتابع: "يجب أن تحظى كل الدول بفرصة للحرية والتنوع"، مؤكدا أن الحرية صفة أصيلة في الأمة الروسية، ولكن هناك من عطلها ووجهها إلى العنف بين أفراد الشعب.
نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

ميخائيل غورباتشوف.. آخر رئيس للاتحاد السوفياتي قبل انهياره في 1991

ويوافق غورباتشوف مخرج الفيلم في أن الذين يؤيدون الديمقراطية أُبعدوا أو أعدموا أو أجبروا على مغادرة روسيا التي عادت إلى عصر عدم الحرية.
ويعتبر غورباتشوف نفسه اشتراكيا، وما زال يرى لينين -مؤسس الحزب الشيوعي الروسي الذي نفذ ثورة أكتوبر/تشرين الأول عام 1917 وأنشأ الاتحاد السوفياتي- ملهمه.
وأكد أن "الاشتراكية وجهة نظر راسخة، وكلما وجد الناسُ آفاقا جديدة في الحياة واعتادوا عليها تزداد حاجتهم للاشتراكية، لكن البعض يرى أنني دمرت الاشتراكية. أذكر أنني كتبت بحث التخرج من المرحلة الثانوية ونلت عليه أعلى الدرجات، لم أختر موضوعا أدبيا بل اخترت أحد المواضيع الحرة بعنوان "ستالين.. مجدنا العسكري وشبابنا ورسالتنا" وهي وجهة نظري".
وتابع "كنت شخصا ذا ثقافة عالية وحس بالمسؤولية، وعندما أصبحت أمينا عاما للحزب تعرفت على المواد والمستندات وكشفت أمرا فظيعا حول كل قوائم الإعدامات التي نفذت عبر عشرات السنوات؛ القوائم التي تضم مئات الأشخاص، وهذه المواد كانت مخيفة على المستويين الإنساني والحزبي".


"أنا الاشتراكي الوحيد"
وفي رد على سؤال إذا كان ستالين اشتراكيا، أجاب أنه "كان أكثر ميلا للسلطوية، والآن يناصر ستالين الملايين من الناس، مشددا على أنه الوحيد الذي كان اشتراكيا".
ورغم كبره في السن، يرفض غورباتشوف المساعدة التي يقدمها له مساعده، ويحاول أن يتحامل على نفسه كي يقف ويسير ويجلس، ولهذا فقد وضع مصعدا داخل منزله ليساعده في الصعود والنزول.
فقد ساهم بعض الأصدقاء في تركيب هذا المصعد لغورباتشوف عندما علموا أنه يحتاج لساعة كاملة للصعود إلى غرفة نومه في الطابق العلوي، فعندما تخلى غورباتشوف عن زعامة الإمبراطورية السوفياتية القوية، لم يكن يملك سوى شقة متواضعة في موسكو.
وبعد استقالة غورباتشوف طواعية من رئاسة الاتحاد السوفياتي، حصلت الدول السوفياتية السابقة على فرصة التحول إلى دول مستقلة.
نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

يعيش الرئيس غورباتشوف في منزل منحته إياه الدولة ما دام "على قيد الحياة"

وقد سارع قادة الحزب في تلك الجمهوريات والذين كانوا يتبعون غورباتشوف إلى انتهاز الفرصة فنصّبوا أنفسهم قادة لتلك الدول، وما زال بعضهم يحكم بلدانهم إلى يومنا هذا، حتى إن بعضهم نقل السلطة إلى أبنائه وراثة. وعام 1991 وخلال انهيار الاتحاد السوفياتي، قدم هؤلاء الرؤساء لغورباتشوف المنزل الذي يعيش فيه حاليا، على أن يستخدمه مؤقتا.
وعن هذا المنزل يقول غورباتشوف إن الدولة منحته له ما دام "على قيد الحياة"، وواصل أن الأمور ليست سيئة بالنسبة لوضعه، فعبارة "ما دمت على قيد الحياة" تعني له الكثير منذ أن منحوه هذا المنزل. وكان بوريس يلتسين كما يقول منحه يومين أو ثلاثة أيام فقط ليغادر مكتبه في الكرملين وبالتالي السلطة.
ويكشف أنه وجميع من حوله وأقاربه عاشوا ويعيشون على الأموال التي كسبها من إلقاء المحاضرات هنا وهناك، حتى إنه في إحدى المرات عاد إلى المنزل وبحوزته حقوق تأليف بقيمة 400 ألف دولار، وكانت تلك حالة واحدة لم تتكرر، وكانت هناك الكثير من الحالات الأدنى قيمة.


روسيٌ وزوجته أوكرانية.. ووالدٌ روسي وأم أوكرانية
يتحدث غورباتشوف عن زوجته رايسا فيقول "لم نفترق عن بعضنا أبدا، كنا دائما يدا بيد معا، فمن المدهش أن تسير الأمور على هذا النحو، اتهموني بالخضوع لزوجتي ولم أرفض ذلك الاتهام بل إنني أيدته، هكذا أردت أن تكون الأمور، ففي ذلك مديح ومساندة لها، عندما بدأت في العيش مع رايسا، قمت بالتحري عنها، كنا نعتقد أن والدتها روسية وكان والدها أوكرانيا، وهذا يشبه عائلتي، فوالدي كان روسيا ووالدتي أوكرانية".
وتابع "أعدم جدها لوالدتها، وتفرقت العائلة بأكملها في مختلف أنحاء البلاد وقلت لها: أتعلمين ما الذي فاجأني؟ أنك لست روسية بل أوكرانية، ولهذا أصبحت الآن أتفهم سبب سلوكك الخبيث أحيانا".
نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

غورباتشوف وزوجته رايسا التي رحلت سنة 1999

ومضى يقول إن "جدي لوالدتي حكم عليه بالإعدام رميا بالرصاص، كان مسؤولا عن مزرعة تعاونية أسسها بنفسه، فاستدعاه مساعد النائب العام المحلي وقال له إن الأمر لا يستدعي الإعدام لأنك لم ترتكب أي جريمة على الإطلاق وأفرج عنه بعد قضائه 14 شهرا في السجن وتعرض لكافة أشكال التعذيب وكسرت يداه، وأنا أعتقد أن سبب إعدامه هو تمسكه بالتروتسكية (تيار شيوعي وضع على يد ليون تروتسكي، وكان الاختلاف الرئيسي بين تروتسكي وجوزيف ستالين على ثلاث نقاط رئيسية حيث ترى التروتسكية أن الثورة الاشتراكية يجب أن تكون أممية وأن تنتقل إلى العالم كافة وليس في بلد واحد).
ولكن لماذا أصر على التمسك بهذا التيار؟ يسأل غورباتشوف، ثم يصف مشهد اجتماع المقربين من جد زوجته لدى عودته من السجن وما قاله لهم: "أخبركم حتى تعلموا ولا حاجة لإخبار أحد: لا تلوموا جوزيف ستالين".
وخلال سنوات حكم ستالين للاتحاد السوفياتي (1922-1952)، قُتل أكثر من 10 ملايين شخص أو أرسلوا إلى معسكرات الأعمال الشاقة.


رحلة الصعود.. من عضوية الحزب الشيوعي إلى قمة الهرم
يعود غورباتشوف بالذاكرة لبداية التحاقه بالحزب الشيوعي السوفياتي، ويقول "انضممت إلى الحزب عندما كنت في الصف العاشر، كانت عائلتي مسرورة، وكانت أسعد عندما علمت أنني سأكمل دراستي، فقد أرسلت أوراقي ولم يصلني الرد طوال أسبوعين، لتأتي بعدها الموافقة على الانضمام للحزب والإقامة بسكن الطلاب في كلية الحقوق بجامعة موسكو الحكومية".
وتابع "عندما غادرت منزلي كنت سعيدا بالانتقال إلى موسكو، وحين ودعت عائلتي رأيت جدي بانتيلي -الذي كان حُكم عليه سابقا بالإعدام- واقفا عند نافذة غرفته يبكي، لا أستطيع نسيان ذلك حتى اليوم".
وخلال تصوير الفيلم، نُقل غورباتشوف إلى المستشفى ليبقى تحت رعاية الأطباء على مدار الساعة، وبعد خروجه من المستشفى رتب موعدا في مؤسسته لاستكمال تصوير الفيلم.
وبعد أن كان الكرملين مقرا لمؤسسته، حصل غورباتشوف على موقع لإحدى مؤسسات الحزب المنحل، لكنه أُخذ منه، وعندها قرر غورباتشوف أن يشيد بنفسه مبنى يكون مقرا للمؤسسة. أما اليوم وحتى تبقى المؤسسة قائمة، فلا بد من تأجير جزء كبير من المبنى، ولم يبق لمؤسسة غورباتشوف سوى جناح واحد فقط من مبناها.
نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

غورباتشوف في زيارة لمبنى "مؤسسة غورباتشوف" الذي شيدها بنفسه بعد أن غادر الكرملين

وكان من المهم لنا أن نفهم كيف أن شخصا ارتقى في المراتب الحزبية للنظام الشيوعي من القاع إلى القمة ونجح في الصعود إلى أعلى هرم السلطة وأن يصل إلى رئاسة لجنة أمن الدولة السوفياتية التي كانت تسيطر فعليا على الإمبراطورية الشيوعية بأسرها، والأخيرة كانت تتحكم بنصف العالم تقريبا، وكيف قرر بمفرده دون أن يسانده أعضاء الحكومة آنذاك بالبدء في تدمير ذلك النظام القائم.
فكيف استطاع رجل واحد أن يتخذ قرارا جذريا بتوجيه ضربة قاسية متجاوزا نظام جهاز الدولة برمته وأن يطلق حوارا مباشرا مع الشعب ويعرض عليه التحول الديمقراطي والحرية غير المتوقعة؟ وكيف تخلى عنه هذا الشعب دون أن يفهمه، بل وحتى خانه العديد من أفراد الشعب ولعنوه؟
ويؤكد غورباتشوف في الفيلم أنه "يجب أن ننتهي من تصوير فيلم كهذا وعلينا ألا نفسده لأنني أفقد قوتي مع مرور الوقت".


منعطف كبير.. الانتقال إلى موسكو
يتابع غورباتشوف سرده لأبرز محطات حياته السياسية بالحديث عن انتقاله لقيادة الحزب في موسكو وانتخابه مسؤولا عن إدارة الشؤون الزراعية في الحزب الشيوعي وكيف انتشر أفراد الأمن من حوله ومنحوه السكن وقدموا له غرفة في فندق وخصصوا له سيارة وحماية أمنية، ورغم كل هذا "كنت أجلس ليلا في ذلك المكتب وأفكر، ما الذي أوقعت نفسي به ولماذا؟".
وأضاف "كنت القيصر هناك في ستافروبول جنوب روسيا، حيث كانت الحياة جيدة، فلماذا فعلت ذلك بنفسي؟ وفي أحد الأيام خابرني يوري أندروبوف رئيس لجنة أمن الدولة في الاتحاد السوفياتي (المخابرات السوفياتية أو ما يعرف بـ كي جي بي) الذي تولى زعامة الاتحاد السوفياتي (من عام 1982 حتى وفاته عام 1984) بعد وفاة ليونيد بريجينيف (رئيس الاتحاد السوفياتي بين عامي 1964 و1982).
فقد طلب أندروبوف من غورباتشوف القدوم إلى مكتبه ليتحدث معه عن بريجينيف واصفا إياه بأنه "المشكلة الأساسية، وأنه طرح بنفسه موضوع تقاعده مرات عدة، وقد توصلنا إلى اتفاق واتخذنا قرارا بأن نستغله بذكاء وسيكون من الضروري وجود شخصية محورية قادرة على توحيد الصفوف".
ولفت أنه بعد هذا الاجتماع "انضممت إلى الطبقة الحاكمة في الحزب، ومن بعدها قامت الدنيا ولم تقعد".
نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

الرئيس الروسي بريجينيف الذي لم يكن مقتنعا بغورباتشوف أمينا عاما للجنة المركزية بالحزب الشيوعي

وفي إحدى الرحلات العائلية، كان غورباتشوف وأندروبوف في إجازة، فاشتكى غورباتشوف أن "لا أحد يفكر بمستقبل البلاد، والمكتب السياسي لا يفعل ذلك، والغابات تنتشر في بلادنا، أليس كذلك؟ إذ لا وجود للغابة دون الشجيرات الصغيرة (في إشارة إلى أن كل قادة الحزب والدولة هم من كبار السن ويغيب الشباب عن أي منصب كبير في الدولة أو الحزب)، وظل أندروبوف يتذكر هذا الموقف حتى يوم وفاته".
ويتذكر غورباتشوف أيضا كيف كان رد فعل بريجينيف على انتخابه أمينا عاما للجنة المركزية. يقول "ذهبت لإلقاء التحية على بريجينيف وشكره على ثقته ووعدته بتقديم أفضل ما عندي، لم ينظر إليّ ولم يمد يده لمصافحتي وكل ما قاله: كان كولاكوف رجلا طبيا".
وفيودور كولاكوف عضو مجلس السوفيات الأعلى للحزب الشيوعي لاتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفياتية، وبعد وفاته تولى ميخائيل غورباتشوف هذا المنصب.
ويكشف غورباتشوف أن "الوضع عشية البيرسترويكا (إعادة الإعمار) بدا وأنه سقط في مستنقع لا خروج منه أبدا وكأن كل شيء يتجه نحو الهاوية وأننا مقبلون على مأزق حرج وهذا بأبسط العبارات.. وعندما سنحت الفرصة وأعلن عن الغلاسنوست (الانفتاح) كان الأمر وكأن الناس تتنشق هواء نظيفا".


عصر غورباتشوف.. البيرسترويكا والغلاسنوست
مع وفاة أندروبوف بدأ عهد البيرسترويكا عام 1985، مع غورباتشوف الذي كان يبلغ من العمر وقتها 54 عاما والذي انتخب أمينا عاما للحزب الشيوعي، ليصبح الزعيم الفعلي للبلاد ويبدأ تنفيذ عدد من الإصلاحات.
وأوضح أن "الناس تحتاج للحرية، فمن دونها لا يمكن للإنسان أن يتطور ولن يكون قادرا على فهم ما يدور حوله ويجب أن يدرك الناس ما يحدث في بلادهم، وفي السلطة وما يحدث في الخارج وكيف يعيش الآخرون".
ولهذا "سرنا بالغلاسنوست وكان دورنا يتمثل في تطوير الانفتاح ورعايته، وينصب اهتمامنا على الأحياء ومن يعيشون على الخبز من حقول البيرسترويكا".
ويتابع أن "أوروبا انتهزت الفرصة التي وفرتُها وأيضا روسيا لأنها تعيش بسلام.. فما علينا فعله هو أن نمضي قدما حتى النهاية، ويستغرق الأمر سنوات والكثير من الجهد والمهارة، وليس الأمر بتلك السهولة".
نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

غورابتشوف.. مهندس عصر ما عُرف بالغلاسنوست (الانفتاح) والبيرسترويكا (إعادة الإعمار)

وردا على سؤال عن التحول الديمقراطي السريع والسهل في أوروبا الشرقية، وأن هذه الدول تعيش في مجتمع ديمقراطي منذ 30 عاما، أما روسيا فما زالت تنظر إلى الماضي، ويسأل غورباتشوف معد البرنامج "أنت تكتب وتنتج الأفلام الوثائقية وتعتقد أنك محروم من الديمقراطية؟"، فيجيب مخرج الفيلم "أعتقد أنني محروم من الديمقراطية، هي سادت في عهد غورباتشوف فقط وهذا كل شيء وأيضا خلال السنوات الأولى من عهد يلتسين وحتى في سنواته الأخيرة. وعندما سلم السلطة إلى بوتين انتهت الديمقراطية".
لم يُجب غورباتشوف مباشرة وأومأ برأسه، وقال "على العموم لدينا موضوع للمناقشة ولديك ما يكفي من المواضيع لفيلمك ستكسب المال، فهنيئا لك".
حاول مخرج الفيلم إحراج غورباتشوف بالقول "حتى الموقف تجاهك لم يكن واضحا، فقد كنت بطلا في أوروبا وفي نظر الدول الأوروبية، أما في روسيا فأنت لست كذلك، فشعبيتك في بلادك أقل من 1%".
فرد غورباتشوف أن "التاريخ متقلب المزاج، لا تخف أؤكد لك أن الأمر بحاجة لوقت والكثير من الصبر والمهارة، أي أن يصبح المرء أكثر ذكاء، إنها عملية ضخمة لا يمكن مقارنتها إلا بالأبدية".


لقاء غورباتشوف وريغان.. بلشفي عنيد مقابل ديناصور حقيقي
أول لقاء لغورباتشوف مع رئيس أميركي كان مع رونالد ريغان، وعن هذا الاجتماع يقول إنه "لم يسبق لي أن شعرت بالإحباط في محادثة مباشرة وصريحة مع أعلى سلطة في أميركا، فهو أول رئيس نتواصل معه وهو الشخص الأكثر عنادا، عندما التقينا في اليوم الأول كان ذلك في سويسرا وتحدثنا للمرة الأولى بمفردنا بشكل رائع بعيدا عن الوفدين المرافقين، ولم تكن البداية مبشرة، وعندما خرجت، سـألني المرافقون، كيف كان اللقاء؟ هل أفلحت مع هذا الصقر؟ قلت: حقا إنه ديناصور حقيقي".
نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

غورباتشوف "البلشفي العنيد" بحسب وصف الرئيس الأميركي رونالد ريغان له

ولكن ريغان "لم يترك كلامي من دون رد، فقد أخبروه بما قلته، وبعد أيام قليلة كانت هناك تغطية لما حدث وسئل عن انطباعه بشأن غورباتشوف، فقال: بلشفي عنيد".
ومضى يقول "ظهرت العقبات بعد ذلك في كل شيء، على سبيل المثال، عندما سافرت إلى أميركا بدأنا بالتوقيع على الأوراق ببطء واتفقنا في النهاية على أن الحرب النووية مرفوضة ولن يخرج منها أحد منتصرا، وإذا شنت أميركا هجوما سنرد، وهي كافية لتدمير العالم كله فوق رؤوسنا".


انهيار الاتحاد السوفياتي.. من المسؤول؟
وعن اتهامه بأنه المسؤول عن انهيار الاتحاد السوفياتي وأسباب عدم تطرقه لهذا الموضوع بشكل صريح، ولا عن دور البيرسترويكا والغلاسنوست والتحول الديمقراطي في هذا الانهيار.
حاول غورباتشوف تخطي السؤال وعدم الإجابة، ولكنه عاد وواجه مخرج الفيلم وقال له "هل أنا من تسبب بانهياره؟ أولا: لا يمكن أن أوافق على المزاعم بأن الاتحاد السوفياتي وقع ضحية الديمقراطية، فقد خضت معركة بلا هوادة وحاربت حتى الرمق الأخير كما يقال، والهدف كان الحفاظ على الاتحاد السوفياتي، هكذا كان موقفي، اقرأ أيا من خطاباتي السابقة، كيف لي أن أتنكر لنفسي".
نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

هل كان غورباتشوف المسؤول عن انهيار الاتحاد السوفييتي؟

وعن أسباب حب شعوب دول لاتفيا وإستونيا وليتوانيا لغورباتشوف لأنهم حصلوا على حريتهم بفضله، وأن هذه الحرية كانت أحد أسباب انهيار الاتحاد السوفياتي، يؤكد أنه "لا يعتقد، إنها أمور متناقضة، إما أن تعمل على المحافظة على الاتحاد السوفياتي أو تمنح اللاتفيين حقهم في أن يحبونك لأنك دمرته.. هذان أمران متناقضان".
ويشير إلى أن هناك من قال إنني "اضطررت لإطلاق النار على الناس المطالبين بالحرية والاستقلال وأنا لم أصدر أي قرار لمواجهة الناس بالرصاص، أعتقد أنني فعلت الصواب، هناك من يريد تحميلي مسؤولية إطلاق النار في فيلنيوس (عاصمة ليتوانيا)، حتى يقدمونني للمحاكمة".
ويتابع أنه "لن يسمح لأي كان بأن يختلق الأكاذيب ثم يحملني مسؤولية أكاذيبه لتتحقق خطة شخص ما".
وعن الخطأ الذي يرغب في تكراره، يقول "كنت واثقا جدا من نفسي وهذه الثقة الزائدة تحولت إلى غرور، فالجميع يقولون: أخطاء غورباتشوف، ارحموني، لا يوجد إنسان يتمتع بالموهبة والقدرات الكافية للتنافس مع الرب أو ممثليه المعتمدين. وهذا يحدث للجميع، فالمرء ينجح في أمور كثيرة ويفشل في أخرى".


غورباتشوف أم يلتسين.. من المتسبب بالانهيار الكامل؟
ورغم أن التمرد والانقلاب الذي نُفذ عليه من أقرب مساعديه كان يخطط له أمام ناظريه، لم يكتشفه أو يحاسِب من خطط له واكتفى بالقول "هذا يعني أنني ضعيف، إذ لم أقطع رأس أحد، لكنني لست نادما على عدم استخدام أساليب أسلافي حتى لينين".
وفي تلك الفترة، تألفت لجنة الدولة لحالة الطوارئ من المسؤولين المقربين من غورباتشوف والذين حاولوا الانقلاب عليه صيف 1991، وبعد 4 أشهر من فشل هذه المحاولة الانقلابية انهار الاتحاد السوفياتي.
ورغم امتلاك غورباتشوف لمقاليد السلطة وتحكمه بكل الأجهزة فإنه لم يعط الأوامر لمواجهة الانقلاب الذي نفذه مساعده والمقربون منه بقيادة بوريس يلتسين.
ويروي غورباتشوف كيف كان يلتسين يشرب نصف دلو من الخمر ثم يذهب لقضاء حاجته خلف عجلات الطائرة.
ويلتسين هو رئيس جمهورية الاتحاد الروسي، وكان وقع معاهدتين مع روسيا البيضاء (بيلاروسيا) وأوكرانيا للانفصال عن الاتحاد السوفياتي وتحولت هذه الوثيقة إلى ذريعة لانهيار الاتحاد وكانت سببا في استقالة غورباتشوف.
وأوضح غورباتشوف أنه "طُلب مني محاسبته وإبعاده، لكني لم أفعل ذلك.. كنت أملك كل الحقوق والدوافع وكانت لدي السلطة بالتأكيد، لكنني لست من هذا النوع، لو فعلت ذلك لدخلت في صراع مع نفسي. وقد فوجئ الجميع وأقرب الناس مني بأنني اخترت المسامحة، فربما يكون هذا مناسبا لقيصر ولكن ليس بالتأكيد للأمين العام للجنة المركزية".
نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

لقاء جمع بين الرئيسين الروسيين غير الصديقين غورباتشوف ويلتسين

ويكشف غورباتشوف أنه "عندما وصل بوريس يلتسين إلى السلطة، أمهلني 3 أيام للمغادرة، وفي اليوم التالي ورغم أننا كنا اتفقنا على موعد محدد، حضر في الصباح الباكر مع مرافقيه وتناولوا زجاجة من الويسكي، وعندما اتصلت قيل لي إنهم يحتفلون الآن في مكتبك، وهذا يشير إلى طبيعة المرء الوقحة، كان أحمقا ومجنونا.. دستور عام 1993 كان يشبهه قلبا وقالبا لأنه دستور استبدادي".
وقد أصر غورباتشوف على أنه لم يستخدم الجيش للمحافظة على سلطته، وأوضح "حاربت حتى آخر رمق وفعلت كل ما بوسعي فعله لكن الكثير من الأحداث كانت تقع في وقت واحد، ولعب المتشددون دورا بالطبع وأضعف ذلك موقفي وكان لصالح أولئك السفلة".
ورفض مقولة أن يكون هو ويلتسين ديمقراطيين ومحررين وأيضا خائنين ومتسببين بدمار الاتحاد السوفياتي، وأكد أن "الفرق كبير بيننا، لا توجد مسؤولية مباشرة، إذ ظننت أن بوسعي منع ذلك، لكن الانهيار كان حتميا، كان ينبغي إبعاد يلتسين من موقعه، فقد كان من الواضح أنه متقلب وحائر".
وختم حديثه برفض الإجابة المباشرة عما إذا كان يلتسين هو سبب انهيار الاتحاد السوفياتي.


عرفان بالجميل.. ليس كلهم ينبذه
على الرغم من أن قسما كبيرا من الشعب الروسي يعتبره خائنا وعميلا للغرب، فإن هناك من يرى أنه فتح باب الحرية أمام الشعب الروسي للانفتاح والتعرف على حضارات الغرب.
ولهذا اجتمع مع مخرج وكاتب يريدان إنتاج مسرحية تتحدث عن غورباتشوف وزوجته عنوانها "الحب والحرية"، يسألانه عن علاقاته بزوجته، فيقول مخرج المسرحية لغورباتشوف "أنت ثالث شخص بعد والدي ووالدتي أثروا على مصيري بدرجة كبيرة، لقد غيرت مصيري وهناك مئات الملايين من أمثالي".
أما الكاتب فيؤكد أنه و"المخرج مهتمان بالرجل الذي غير العالم، فهناك لينين مثل سيئ، غيّر عصره وأحدث تغييرا جذريا ولكنه كان سلبيا، لم يكن لينين بمفرده، كان محاطا بمجموعة من الرجال لكنه هو العقل المدبر لهذه الحالة". ويوجه الحديث له قائلا "لكنك كنت رجلا واحدا هو الذي أحدث التغيير، والسؤال المطروح هو: أي نوع من الناس أنت؟".
نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

مشهد من مسرحية تتحدث عن غورباتشوف وزوجته عنوانها "الحب والحرية"

وتابع "لهذا السبب يطالع المخرج مئات الكتب عن سيرتك الذاتية وحياتك؛ من أين أتيت؟ والداك؟ والأغنية التي تحبها؟ كيف حدث ذلك فعلا؟.. لقد غيرت مسار التاريخ، غيرت الكوكب بأسره".
واليوم، يزور غورباتشوف مساعده في منزله، ويقول إنها المرة الأولى التي يلتقي به بهذه الطريقة ويزوره في منزله الذي يعيش فيه منذ 35 عاما. ويوضح "عشت 12 عاما من دون زوجة وأشعر أن هذا ليس جيدا، أسوأ شيء عندما يترك التقدم في السن أثره عليك".
وتتصل به ابنته لمعايدته في العام الجديد فيقول لها "لست بأفضل حال، ولكن هناك بعض التقدم، أفكر فيك كثيرا، إلى أين تريد أن أدعوك عندما نأخذ السلطة مرة أخرى؟".




المصدر : الجزيرة الوثائقية

 

 


 

الباسل

يتولى القادة العسكريون مهمة الدفاع عن الوطن ، ففي أوقات الحرب تقع على عاتقهم مسؤولية إحراز النصر المؤزر أو التسبب في الهزيمة ، وفي أوقات السلم يتحمّلون عبء إنجاز المهام العسكرية المختلفة ، ولذا يتعيّن على هؤلاء القادة تطوير الجوانب القيادية لديهم من خلال الانضباط والدراسة والتزوّد بالمعارف المختلفة بشكل منتظم ، واستغلال كافة الفرص المتاحة ، ولاسيما أن الحياة العسكرية اليومية حبلى بالفرص أمام القادة الذين يسعون لتطوير أنفسهم وتنمية مهاراتهم القيادية والفكرية

   

رد مع اقتباس