عرض مشاركة واحدة

قديم 15-09-09, 01:12 PM

  رقم المشاركة : 12
معلومات العضو
البارزانى
Guest

إحصائية العضو



رسالتي للجميع

افتراضي



 

الخطة

وبديهي أن العناصر الثلاثة السابقة للحرب لا قيمة لها ما لم تتوظف في النهاية في خطة عسكرية مناسبة زمانا ومكانا.
وحين يضع القائد خطته، فإنه يبدأ أولا بالإجابة على الأسئلة التالية:
- ما هو الهدف المطلوب بالضبط؟
- أفي طاقة قواتي أن تحقق هذا الهدف؟
- ما هو الأسلوب المناسب لتحقيق هذا الهدف؟

- ماهي أبعاد معركة المفاوضات ومتطلباتها بعد أن تننهي المعركة العسكرية وإلى أن تنتهي الحرب؟
والإجابة على هذه الأسئلة هي المفتاح الصحيح لأي خطة عسكرية، وأما التفصيلات التقليدية من مثل: طريق التقدم والمناورة، والهيئات الحاكمة المطلوب الإستيلاء عليها فليست إلا تقليدا ينشغل به القادة النمطيون لا المبدعون، فالأخيرون يهتمون فقط بالتصور لهم للخطة، وأما مثل هذه التفصيلات الفنية، فإنهم يتركونها للأركان العامة التي أحسنوا اختيارها من قبل.
وتخضع الإجابة على هذه الأسئلة السابقة لأسس دقيقة، نشير فيما يلي إلى طرف منها:

أولا - الهدف:
وهدف الحرب تضعه الحكومات الآن، ويشترك في وضعه كل أو جل أعضائها، وسواء منهم من كان مدنيا أو عسكريا. ولا غرابة في ذلك، وقد استقر منذ زمن أن الحرب ليست إلا سياسة كلماتها الطلقات، ومفاوضاتها العمليات.

وتعمد الحكومات قبل وضع الهدف المرجو من الحرب إلى تقييم الوضع السياسي بشكل دقيق، مقدرة فيه جوانب القوة والضعف لديها ولدى عدوها، قاصدة بذلك أن تتجاوز مثالب سياستها نسبيا في مواجهة هذا العدو، وذلك حتى تضمن لنفسها وضعا سياسيا قويا، فبضمانة هذا الوضع السياسي القوي، ومع بديهية التأثير المتبادل بين الوسائل السياسية والوسائل العسكرية، سوف تضمن الحكومات لنفسها وضعا حربيا قويا بالتالي.

وكلما كان الهدف العسكري متلائما مع النوايا السياسية، كان هدفا مثاليا، يعبر اختياره عن فطنة تبشر بالنجاح على أرض العمليات.
وكلما زاد اعتماد العدو على الوسائل العسكرية لخدمة معركته السياسية ضدنا، زاد بالتالي حجم الجهد العسكري المطلوب تحقيقه، والعكس صحيح تماما، ولهذا ليس أمامنا إذا كانت سياسة العدو عسكرية في أسسها وتوسيعة عدوانية في أهدافها، إلا أن ننزع منه وسيلته العسكرية باعتبارها مركز الثقل في وسائله السياسية.

وأما كيف يتحقق حرمان العدو من سلاح القوة العسكرية؟ فدون ذلك طرق متعددة:
أولاها: تدمير قوات العدو بإنزال درجة مناسبة من الخسائر بها، ثم تشتيت البقية الباقية منها إلى حيث تصبح عديمة الفاعلية والقيمة.
وثانيهما: إقناع العدو بعدم فاعلية قواته في المحافظة على أهدافه السياسية، فإذا كان العدو يعتقد –مثلا - أن حصونه العسكرية تحقق له الأمن والاستقرار، فإن الاستيلاء على بعض من هذه الحصون يعد هدفا مثاليا في هذه الحالة، ولمن شاء يتدبر مثلا تطبيقيا لذلك فأمامه معركة أكتوبر سنة 1973.

وغني عن الذكر أن بين الطريقتين الأولى والثانية مساحة هامشية مغطاة - ولاشك –ببدائل عدة، يتوقف الالتقاء منها على الظروف الواقعية لكل حالة.

وأما ثالثة هذه الطرق، فتتحقق بالاكتفاء بإحراج قوات العدو، واستغلال هذا الإحراج في تليين موقفه السياسي. وتلجأ الحكومات في سبيل تحقيق ذلك إلى وسائل عدة قد يكتفي فيها بالمظاهرات العسكرية، أو المضايقات البحرية، وقد يزاد على ذلك قليلا بالاستيلاء على شريط من الأرض لا أهمية له.

والحق أن هذه الأعمال وإن كانت عسكرية، وتدخل في زمرة أعمال الحرب، إلا أن الأساس الوحيد لإقحامها في الدراسة الفلسفية لاستراتيجية الحسم هو التحمل والاستطراد، إذ أنها في الأصل داخلة في وسائل استراتيجية الردع لا الحسم، تلك الاستراتيجية التي تستهدف إرهاب العدو لمنعه من التفكير في الحرب، وهي تخرج عن نطاق دراستنا هنا، لأننا نتحدث عن خطة الحرب بافتراض أننا مضطرون للقتال بالفعل.

 

 


   

رد مع اقتباس