عرض مشاركة واحدة

قديم 18-07-09, 05:38 PM

  رقم المشاركة : 12
معلومات العضو
المنتصر
مشرف عام

الصورة الرمزية المنتصر

إحصائية العضو





المنتصر غير متواجد حالياً

رسالتي للجميع

افتراضي



 

مضمون الاتفاق




تتمحور الاتفاقية الجديدة حول وقف إطلاق النار الذي سيكون ساري المفعول في 5 نوفمبر الجاري 2008، على أن تقوم القوات الإثيوبية ابتداء من 21 نوفمبر ببدء المرحلة الأولى من الانسحاب من مواقعها في مدينتي مقديشو وبلدوين (330 كم شمال غرب مقديشو قرب الحدود الصومالية الإثيوبية)، وسوف تستلم 10 آلاف من أفراد الشرطة من الحكومة والتحالف مسئولية الأمن، كما ستحل قوات الاتحاد الإفريقي الموجودة حاليا في الصومال (3000 فرد من أوغندا وبروندي) المواقع التي تنسحب منها القوات الإثيوبية.

وقد أعلنت الأطراف الصومالية الموقعة أنها سوف تعقد في الأيام المقبلة مزيدا من اللقاءات للاتفاق على بعض القضايا والأمور التفصيلية والقضايا السياسية العالقة، وطالبوا مجلس الأمن الدولي باستصدار قرار بهذا الشأن.

ومن ناحية أخرى لم يسفر الاجتماع التشاوري الذي عقد في أعقاب التوصل لهذا الاتفاق مباشرة بين مجلس وزراء منظمة إيجاد والحكومة الصومالية في نيروبي سوى الدعوة إلى استكمال نشر القوات الإفريقية ودعم السلام في الصومال ودعوة المجتمع الدولي للوفاء بالتزاماته تجاه الصومال، دون أن يناقش سبل تطوير الاتفاقية وتثبيت وقف إطلاق النار وانسحاب القوات الإثيوبية وكيفية التعامل مع حركة شباب المجاهدين وجعلها تنخرط في العملية السلمية.

مضمون الاتفاقية الحالية إذن لا يخرج عن كونه إعادة تأكيد للاتفاقية المبدئية السابقة التي تم التوصل إليها في الجولة السابقة من المفاوضات في جيبوتي في يونيو وأغسطس الماضيين، والتي تضمنت أيضا وقف إطلاق النار وانسحاب القوات الإثيوبية في غضون 120 يوما من سريان وقف إطلاق النار وإيفاد قوات دولية إلى الصومال.

والشيء الذي قد يكون جديدا هو تحديد الفترة الزمنية التي يكون فيها وقف إطلاق النار ساري المفعول وكذلك جدولة الانسحاب الإثيوبي وتحديد المدة التي يكتمل فيها الانسحاب الكامل من البـلاد.

وكما هو واضح من الاتفاقية فإن الأولوية الآن للقضايا الأمنية وتأجيل القضايا السياسية في المراحل اللاحقة، فالجانب السياسي مرهون بمدى نجاح وتنفيذ الخطوات الأمنية التي تم الاتفاق عليها، وكانت قضية الانسحاب الإثيوبي، أو على الأقل الإعلان عن موعد بدايته ونهايته وتقديم ضمانات بهذا الشأن من قبل المجتمع الدولي، أهم قضية تمسك بها تحالف المعارضة كشرط مسبق للخوض في أي مفاوضات.


فرص النجاح وتحديات التنفيذ.


لم يكن التوصل إلى اتفاقية بين الأطراف الصومالية منذ 18 عاما أمرا صعبا، إنما كان المحك هو عدم تنفيذ هذه الاتفاقيات وصنع سلام حقيقي، وعلى ضوء هذه الحقيقة يمكن القول إن هناك قليلا من الفرص وكثيرا من التحديات أمام الاتفاقية الجديدة.

ومن العوامل التي قد توفر فرصا لتلك الاتفاقية رغبة الشعب الصومالي في السلام والاستقرار، وهو الشعب الذي عانى من ويلات الحرب الأهلية في البلاد أكثر من 18 عاما، والتي تطورت إلى حرب مصالح إقليمية ودولية خلفت نتائج مدمرة للغاية على حياة المواطن الصومالي، وخلفت قتلا وتشريدا ونزوحا مع موجات الجفاف والمجاعة والحصار البحري الذي يفرضه القراصنة وتأثيرات أزمة الغذاء العالمية والصيد البحري الجائر في المياه ودفن النفايات السامة في البلاد.

أما ثاني الفرص، فهو انسحاب القوات الإثيوبية فعليا من الصومال؛ لأن هذا الانسحاب سيسحب البساط من تحت أقدام معارضي الاتفاقية، وسيزيد ذلك مصداقية الجناح الذي يقوده الشيخ شريف وحصوله على تأييد واسع من الجماهير، وقد يقتنع بعض المعارضين بالانضمام للاتفاقية في المراحل اللاحقة.

أما ثالث هذه الفرص، فيتوقف على التزام المجتمع الدولي بالوفاء بالتزاماته، إذ لا تستطيع الأطراف الصومالية الموقعة وحدها تنفيذ ما تم الاتفاق عليه، وإنما تحتاج إلى دعم دولي وإقليمي، سياسي ومالي، بل عسكري كبير، خصوصا في مرحلة بناء الثقة بين الطرفين وتثبيت وقف إطلاق النار ودمج الميليشيات المختلفة وتشكيل المؤسسات، وغير ذلك من متطلبات المرحلة الانتقالية.

على أن أكبر تحديات قابلية تنفيذ الاتفاقية على أرض الواقع إنما تأتي من الفصائل الإسلامية المسلحة المعارضة لها، وأهمها: تحالف إعادة تحرير الصومال - جناح أسمرة، وحركة شباب المجاهدين، والجبهة الإسلامية، ومجموعات أخرى ذات مرجعيات قبلية، فإذا ما تعاونت هذه المجموعات فيما بينها، فسيكون لديها القدرة على إبطال مفعول الاتفاقية.

فجناح أسمرة من التحالف بقيادة الشيخ حسن طاهر أويس أعلن سابقا رفضه للمفاوضات منذ الجولة الأولى، وشكك في وساطة الأمم المتحدة باعتبارها طرفا غير محايد من القضية الصومالية، وشدد على أهمية مواصلة القتال لحين إجبار إثيوبيا على إعلان هزيمتها في الصومال وانسحابها دون شروط أو اتفاق معها.

وتعارض كذلك حركة شباب المجاهدين المفاوضات من حيث المبدأ، وهي حركة جهادية ترى أن مهمتها هي مواصلة الجهاد ليس لتحرير الصومال فقط، بل لتحرير العالم الإسلامي من الهيمنة الأمريكية، ورغم قلة خبرة الحركة العسكرية في الميدان مقارنة بالتحالف، فإنها تتميز بالتنظيم العسكري المحكم والتدريب العالي لأفرادها، وتتفوق على المجموعات الأخرى من ناحية العمليات العسكرية غير المباشرة كالتفجيرات عن بعد والاغتيالات، وغير ذلك من الوسائل العسكرية غير التقليدية.

وهناك الجبهة الإسلامية التي تشكلت في العام الماضي وتمثل الجناح العسكري لحركة الاعتصام (الاتحاد الإسلامي سابقا)، وكانت حركة الاتحاد الإسلامي أولى الجماعات الإسلامية المسلحة التي شكلت معسكرات منذ أوائل التسعينيات، وخاضت معارك طاحنة مع بعض الجبهات المسلحة التي سيطرت على البلاد بعد سقوط الحكومة المركزية في الصومال عام 1991، وبعد الهزائم التي منيت بها الحركة عدلت نهجها وقامت بتفكيك المعسكرات وانخرطت بالنهج السلمي الدعوي، وشارك بعض أعضائها في تشكيل مجلس المحاكم الإسلامية، وبعد الإطاحة بالمحاكم في نهاية عام 2006 شكلت الحركة الجناح العسكري تحت اسم الجبهة الإسلامية، وأعلنت الجبهة من جانبها رفض الاتفاقية ومواصلتها للقتال.

وهناك مجموعات أخرى لديها مرجعيات قبلية تتمتع بتأييد بعض عشائر الهوية التي تضررت من الاحتلال الإثيوبي وفقدت الكثير من النفوذ الذي كانت تتمتع به في السابق، وتسعى حاليا إلى استعادة مكانتها السياسية والاقتصادية والعسكرية في البلاد.

أما إثيوبيا القوة الإقليمية المتنفذة في الصومال، وحتى إذا ما انسحبت منه عسكريا، فإن ذلك لا يعني أنها ستترك الصومال وشأنه، بل ستواصل لعب دورها الإقليمي السياسي والعسكري، وسوف تستغل التناقضات السياسية والأيديولوجية الموجودة في الساحة للحفاظ على مصالحها التي تتناقض مع المصالح الصومالية.

وتبقى العقبة الأخيرة على طريق السلام في الصومال التعقيدات الداخلية التقليدية التي حالت دون التوصل إلى حلول للمعضلة الصومالية طيلة سنوات الحرب الأهلية، وأولها الحساسيات بين القبائل والصراع على السلطة والجهل وغير ذلك من المشكلات.

أخيرا.. ورغم كثرة العقبات فإن الأزمة الصومالية ليست أمرا ميؤسا منه، فإذا ما خلصت نوايا الطرفين الموقعين على الاتفاقية وقاما بتنفيذ التزاماتها على أرض الواقع، وانسحبت القوات الإثيوبية فعليا من البلاد، فإن هناك إمكانية لإقناع الأطراف المعارضة بالانضمام إلى عملية المصالحة والسلام، وهذا ما تم في معظم البلاد الإفريقية التي خرجت من الحروب الأهلية، إذ إنه من المستحيل توقيع اتفاقية شاملة تضم جميع الفرقاء مرة واحدة، والمهم هو البداية الصحيحة وبذل المجهود اللازم وطول النفس.

ولكن إذا لم تكن الأطراف الموقعة غير جادة وإذا لم يتم توفير القوات الأممية المطلوبة ولم يتم انسحاب القوات الإثيوبية، فإن مصير الاتفاقية سيكون نفس مصير عشرات الاتفاقيات التي وقعت خلال سنوات الحرب، بل ربما تساهم في تعقيد الأوضاع أكثر مما هي عليه الآن.

 

 


المنتصر

يقول احد القادة القدماء وهويخاطب جنوده . ( اذا لم تكونوا مستعدين للقتال من أجل ما تروه عزيزاً عليكم , فسوف يأخذه أحد ما عاجلا أو اَجلا , واذا كنتم تفضلوا السلام على الحرية فسوف تخسرونهما معاً , واذا كنتم تفضلوا الراحة والرخاء والسلام على العدل والحرية فسوف تخسروهما جميعا ) .

   

رد مع اقتباس