عرض مشاركة واحدة

قديم 14-07-09, 08:55 PM

  رقم المشاركة : 9
معلومات العضو
المنتصر
مشرف عام

الصورة الرمزية المنتصر

إحصائية العضو





المنتصر غير متواجد حالياً

رسالتي للجميع

افتراضي



 



صومال الأمل والتحدي



يعتبر المحللون سيطرة المحاكم الشرعية على العاصمة الصومالية مقديشو تحولا مهما في الساحة السياسية الصومالية وأنه قد يكون بداية طي مرحلة مؤلمة ومليئة بالألام والمصائب من التاريخ الحديث للأمة الصومالية، شريطة استغلال الأطراف المعنية هذا التغير لما فيه صلاح البلاد. ويرى آخرون بأنها ربما تكون بداية موجة جديدة من الصراعات والاقتتال الأهلي؛ وفي هذه الكرة قد يكون الصراع أقسى وأسوأ من سابقاتها بسبب دخول عنصر أيديولجي ديني جديد في الصراع القبلي الصومالى .



هذه هي المرة الأولى في تاريخ الصومال القديم والحديث التي يوظف فيها العامل الديني لحسم صراع أهلي بين القبائل بينماعادة كان يتم توظيف الدين لتوحيد صفوف القبائل وتعبئتهم لمواجهة عدو أجنبي خارجي.

ويرى المراقبون أن قادة المحاكم يحتاجون إلى شخصية حكيمة تعرف متي تحارب ومتي تفاوض ومتي تلقي السلاح لبناء الوطن. لأن النصر العسكري للمحاكم في حاجة إلى تعزيزه من خلال انتصار سياسي بإعداد برنامج وطني شامل تشارك فيه جميع القوى الفاعلة في المجتمع ومن خلاله يتم إعادة الأمن والاستقرار إلى العاصمة التي أصبحت بؤرة التوتر والفوضى في البلاد .

ويؤكد التاريخ أن جميع الثورات التي قام بها شعب الصومال منذ الكفاح الوطني من أجل الاستقلال كانت تنتصر عسكريا ولكنها تفشل سياسيا . وكان آخرها الانتفاضة الشعبية ضد الديكتاتور السابق سياد بري وما تلاه من فشل سياسي مريع ما زلنا نشهد تداعياته المرة حتي يومنا هذا . والخطأ التاريخي نفسه قد تعيده المحاكم إذا لم تنتبه إلى أهمية إعداد خطة مشروع سياسي يكون بمثابة بوصلة لجميع تصرفاتها.



هناك إشكالية أخرى تتمثل في بنية اتحاد المحاكم الذي يتألف من تيارات شتي من شرائح المجتمع المتنوعة بما فيها جماعات إسلامية مختلفة التصور ورجال أعمال وفئات من المجتمع المدني إضافة إلى زعماء حرب بعضهم لا يزال يحتل مناطق من جنوب البلاد. جميع هذه التيارات تتفق على التخلص من نفوذ لوردات الحرب إلا أنهم يختلفون في الرؤى والأفكار والأهداف فيما سوى ذلك من استراتيجيات. والتحدي الحقيقي الأكبر يكمن في إيجاد صيغة مشتركة بين جميع هذه التيارات للعمل معا من خلال خطة مشروع تتفق فيها جميع الأطراف .

وتعد المفاوضات التي بدأها الطرفان الحكومة الانتقالية واتحاد المحاكم تعتبر بداية طيبة وخطوة أولى في الاتجاه الصحيح. حيث يبدو واضحا أن الطرفان في حاجة إلى بعضهم البعض ولا يستغني أحدهما عن الأخر. فالحكومة رغم ما يبدو عليها من الهشاشة والضعف إلا أنها تحظى باعتراف المجتمع الدولي وتتمتع بقدر من الشرعية باعتبارها نتيجة مؤتمر مصالحة وطنية استمر عامين بدعم دولي وإقليمي. وكذلك المحاكم على الرغم من عضلاتها العسكرية التي لا تقهر ولا تبارى في الوقت الحالي في الساحة السياسية الصومالية إلا أنها فى حاجة إلى غطاء شرعي معترف به ومقبول من المجتمع الدولي. وهكذا الطرفان يتكاملان ولكن قبل ذلك كله لابد من بناء الثقة بين الطرفين وذلك من خلال خلق مناخ يسوده الإخلاص وحسن نية وتبديد الشكوك والمخاوف التي يتبادلها الطرفان عبر وسائل الإعلام .

إن المبادرة العربية الأخيرة مهمة جدا رغم أنها جاءت متأخرة وبعد غياب شبه كامل عن الأزمة الصومالية. فالوساطة العربية تكتسب أهميتها بكونها تحظى بثقة واحترام جميع الأطراف وهو ما لا تتمتع به أي جهة أخرى إقليمية أو دولية بحيث تتهم بعض الأطراف بانحيازها إلى طرف ضد الطرف الآخر.



ثم إن هناك تحديات خارجية أهمها إزالة المخاوف التي أبداها المجتمع الدولي تجاه الانتصارات العسكرية للمحاكم. وفي هذا السياق تعتبر الرسالة التصالحية التي بعث بها الشيخ شريف إلي مكاتب هيئات البعثات الدبلوماسية في نيروبي والمنظمات الإقليمية والدولية ومكتب العلاقات العامة لوزارة الخارجية الأمريكية ـ تعتبر خطوة مهمة تنبئ عن مرونة سياسية يتمتع بها الشيخ حيث شرح فيها سياسات وأهداف الاتحاد مؤكدا على كونها حركة محلية لأغراض وطنية لا علاقة لها بالإرهاب ودعا إلى فتح حوار مع جميع الأطراف. كان ذلك موقفا حضاريا وأخلاقيا لاقى ترحيبا دوليا واسعا لكن ما ينتظره العالم هو تطبيق هذه الوعود على أرض الواقع .



وأخيرا، فإن الصومال الآن في مفترق طرق ومنعطف مهم وخطير، وكل شيء يعتمد على السياسات التي تنتهجها الأطراف الصومالية. إذا غلب صوت العقل على العاطفة وعلت مصلحة الأمة على المصالح الأخرى الآنية عندها ستكون الأزمة الصومالية في طريقها إلى الحل، أما إذا أعيدت نفس الأخطاء التي ارتكبت خلال السنوات الستة عشر الماضية حيث غلبت الأنانانية والعشائرية فعندها تسير الأمور إلى مسارات أخرى يصعب التنبؤ بعواقبها الوخيمة.

 

 


المنتصر

يقول احد القادة القدماء وهويخاطب جنوده . ( اذا لم تكونوا مستعدين للقتال من أجل ما تروه عزيزاً عليكم , فسوف يأخذه أحد ما عاجلا أو اَجلا , واذا كنتم تفضلوا السلام على الحرية فسوف تخسرونهما معاً , واذا كنتم تفضلوا الراحة والرخاء والسلام على العدل والحرية فسوف تخسروهما جميعا ) .

   

رد مع اقتباس