عرض مشاركة واحدة

قديم 19-05-10, 09:33 PM

  رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
البواسل
مشرف قسم العقيدة / والإستراتيجية العسكرية

الصورة الرمزية البواسل

إحصائية العضو





البواسل غير متواجد حالياً

رسالتي للجميع

افتراضي



 

رونالد رادوش
في الفترة المؤدية إلى أيار/مايو 1948، شهدت إدارة الرئيس ترومان توتراً ومعركة داخلية حامية الوطيس حول سياسة الرئيس الأمريكي في فلسطين. فقد تنافستا مجموعتان واسعتان على [إسماع صوتهما] لأذن الرئيس ترومان. فمن ناحية، كان هناك خبراء في وزارة الخارجية الأمريكية يعملون كموظفين مهنيين وهم معروفون بتعاطفهم مع القضية العربية وكانوا قد عارضوا بصورة جوهرية إقامة دولة يهودية؛ ومن ناحية ثانية كان هناك مستشاري ترومان الوثيقين في البيت الأبيض، وكثيراً منهم كانوا من اليهود الذين بدؤوا تدريجياً يعتقدون بضرورة قيام دولة يهودية في فلسطين.

وقبل قيام الأمم المتحدة بالتصويت على قرار التقسيم في أواخر عام 1947، تلقى ترومان مذكرة طويلة من اثنين من المسؤولين البارزين في وزارة الخارجية الأمريكية جادلوا فيها بأنه ينبغي وضع [أرض] فلسطين المتنازع عليها تحت سيطرة عربية حصرية. وكان لوي هندرسون رئيس قسم الشرق الأدنى في الوزارة، المعروف كمستعرب صريح وجرئ في كلامه، المحرر الأول لتلك المذكرة. وكان الثاني جورج كينان، والد ما يسمى استراتيجية الإحتواء الأمريكية تجاه الإتحاد السوفياتي. وقد اسندا قضيتهما ضد قرار التقسيم على أساس مبادئ متصوَّرة عن الأستراتيجية العالمية والأمن القومي للولايات المتحدة.

وعلى وجه التحديد، أشارا بأن الأهداف الأساسية للولايات المتحدة في الشرق الأوسط هي ذات شقين: تأمين الوصول إلى احتياطيات النفط في المملكة العربية السعودية والحفاظ على قواعد عسكرية أمريكية. ومن وجهة نظرهما، إن إنشاء دولة يهودية سيعرض هذان الهدفان للخطر، ويحفز صعود العرب المتطرفون وسيطرتهم على مقاليد الأمور. إن ذلك سيساعد بدوره على حصول الإتحاد السوفياتي موطئ قدم في المنطقة، وعلى زرع الشقاق الذي سيؤدي إلى تقسيم العراق وتركيا واليونان إلى ميادين غربية وسوفيتية -- أي بمثابة نوع من نظرية دومينو شرق أوسطية. وأخيراً، أشارا -- بصورة غريبة جداً -- بأن وجود دولة يهودية سيسبب انتشار ظاهرة معاداة السامية في الولايات المتحدة، مما سيؤدي إلى قيام المواطنين الأميركيين بالنظر إلى الأمريكيين اليهود بأنهم عامل سياسي دخيل.

وقد رد مستشاري ترومان الآخرين على مثل هذا التحليل، لا سيما كلارك كليفورد، المستشار الخاص للبيت الأبيض والشخص الذي يصف نفسه مسيحي- صهيوني. فبعد مذكرة هندرسون - كينان، وبينما كان ترومان لا يزال متذبذباً حول موقفه تجاه قرار التقسيم، كتب كليفورد في آذار/مارس 1948 مذكرة طويلة إلى الرئيس ترومان وصف فيها حجج وزارة الخارجية بأنها "مغلوطة تماماً"، وأكد بأنه يجب إجبار العرب على قبول قرار التقسيم. ومضى إلى القول بأنه تم الإعلان عن قرار التقسيم كمعبراً عن سياسة الولايات المتحدة، وإذا ما تراجعت واشنطن، سوف تُعامل أمريكا باحتقار. وخلص إلى القول بأنه يجب أن لا تكون هناك "أية مماطلة من أجل استرضاء العرب".

وفي 12 أيار/مايو 1948، وصلت هذه المعركة الداخلية إلى مواجهة حاسمة عندما عقد ترومان اجتماعاً مع كبار مستشاريه في المكتب البيضاوي. وقدمت وزارة الخارجية، التي مثلها وزير الخارجية جورج مارشال، حجتها ضد إقامة دولة يهودية. وكانت معارضة الجنرال مارشال عسكرية تماماً: فقد اعتقد بأنه ليس باستطاعة اليهود أبداً أن يهزموا الجيوش العربية الغازية. وقد أدى العرض الذي قدمه المستشار كليفورد لصالح إقامة دولة يهودية إلى غضب الجنرال مارشال وفزعه، مما دفع البعض إلى التشكك بأن وزير الخارجية سيقوم بالتفنيد علناً [بما قاله] الرئيس عندما قرر ترومان دعم إقامة الدولة اليهودية. ولكن الجنرال مارشال أعطى تأكيده للرئيس الأمريكي بأنه سيدعمه ويُبقي معارضته شخصية. وعلى الرغم من أن آراء مستشاري الرئيس ترومان الوثيقين هي التي سادت في نهاية المطاف، كان من الصعب على ترومان تجاهل تحذيرات وزارة الخارجية وإقرار سياسته الخاصة حول فلسطين -- وهو الشخص الذي أصبح رئيساً "بمحض الصدفة" والتزم بتنفيذ سياسات سلفه. ولم يترك له الرئيس السابق فرانكلين ديلانو روزفلت، أي مبادئ توجيهية حول هذا الموضوع. وبعد قراره، استمر ترومان بالقول بأنه اتخذ الاختيار الصحيح من الناحية الأخلاقية والسياسية، وأنه قد فعل ذلك في سياق الحفاظ على الأمن الوطني الحقيقي للولايات المتحدة.

 

 


البواسل

ليس القوي من يكسب الحرب دائما
وإنما الضعيف من يخسر السلام دائما

   

رد مع اقتباس