عرض مشاركة واحدة

قديم 25-08-10, 11:20 AM

  رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
الأدميرال
مشرف منتدى القوات البحرية

الصورة الرمزية الأدميرال

إحصائية العضو





الأدميرال غير متواجد حالياً

رسالتي للجميع

افتراضي إستراتيجية إسرائيل إزاء إيران وحزب الله



 

إستراتيجية إسرائيل إزاء إيران وحزب الله


نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة



عدنان أبو عامر
شهدت المنطقة تطورات متسارعة خلال الأسابيع والأشهر الأخيرة، وتشير معظمها إلى أن تحركاً عسكرياً إسرائيلياً ما، قد تشهده الأجواء والسواحل والأراضي المجاورة، وغالباً ما ستكون وجهته إحدى الساحات التالية: غزة، لبنان، إيران. وطالما أنه لن يكون للحرب المتوقعة على الجبهة الأولى تلك التبعات الميدانية الإقليمية، فضلاً عن الدولية، فإن الحديث سيقتصر هنا على الاحتمالات الواردة في الجبهتين المتبقيتين.

علماً بأن التركيز الإسرائيلي منذ إعلان فوز اليمين في الانتخابات البرلمانية، بقي منصباً - وما زال- على الملف النووي الإيراني. وفي ظل تنامي المؤشرات الميدانية الأخيرة، والتحركات السياسية، واللقاءات المكوكية، السرية منها والعلنية، فقد بات من الواضح أن توجهاً إسرائيلياً ما يعد لإيران ولبنان، وأن المنطقة حبلى بتطورات قد تبدو "دراماتيكية"، لا يعلم أحد عقباها، فكيف سيبدو الأمر؟

حرب اللاخيار
شهدت الآونة الأخيرة تغيرا في طريقة تناول إسرائيل لما بات يعرف بـ"المسألة الإيرانية"، فبعد أن كانت تعتبرها "مشكلة عالمية"، لن تتصرف حيالها بشكل أحادي، أصبحت مؤخراً تلمح إلى أنها حرة الحركة ضدها، وهو تطور أخذ ينمو شيئاً فشيئاً، بما يحيل إلى صورة تظهر تل أبيب في نهاية الطاف، كما لو أنها مطالبة باتخاذ خطوة عسكرية ضد إيران، ولو بصورة منفردة.

علماً بأن أي عمل عسكري ضد إيران سيكون من أهدافه الأساسية تحسين القدرة الردعية لإسرائيل، في ضوء تراجع مستواها منذ سنوات في أعقاب الانسحاب من لبنان وتنفيذ خطة فك الارتباط عن غزة، وفي ضوء إخفاقها في الحربين الأخيرتين 2006، 2009. ومن المؤكد أن تل أبيب لن تتوانى عن استحضار شعارات "الحرب التي فُرضت علينا" و"حرب اللاخيار" وأن "الحرب من أجل بقائنا ذاته".

ووفقاً لأحدث تقرير أعد بتعاون مشترك بين شعبة التحليل في جهاز الاستخبارات العسكرية "أمان" ومركز الأبحاث التابع له(1) فإن الموضوع الإيراني يقف على رأس التحديات السبعة التي تواجه إسرائيل هذا العام، متوقعاً أن يبقى الخيار العسكري مطروحاً بجدية في أروقة صنع القرار، الأمر الذي يتطلب دعم خطط استعدادات الجيش ليكون جاهزاً للحظة المواجهة، ورفع مستوى التنسيق الإستراتيجي مع واشنطن، والتحذير من القيام بأي هجوم عسكري بشكل منفرد.


وهناك مؤشرات إسرائيلية تشهدها المداولات الحكومية، وتصريحات المسئولين، والاستنفار الاستخباراتي عبر تجميع معلومات شديدة الدقة عن إيران ومنشآتها، فضلاً عن الاحتياطات الداخلية التي تتخذها بصورة لا سابق لها مثل توزيع الأقنعة الواقية، وتوفير الملاجئ وتجهيزها.
ولعل التصريح الأكثر وضوحاً جاء على لسان رئيس لجنة الخارجية والأمن في للكنيست "تساحي هنغبي" خلال ندوة المعهد الأميركي لدراسات الأمن القومي في نيويورك حين اعتبر أن عام 2010 هو عام الحسم لإسرائيل فيما يتعلق بالمنشآت النووية الإيرانية، لأن إدارة "أوباما" لن تقدم على شن هجوم وقائي(2).

وتحضيراً لهذا الخيار، أجرت الجبهة الداخلية تمرينات لتشغيل صفارات الإنذار وفحص قدرات قوات الطوارئ في حالات القصف الصاروخي، وتلقت سلطة الإطفائية سيارات إضافية بشكل مفاجئ، ووصلت الطواقم العاملة أوامر تلزمهم بإلغاء إجازاتهم خلال الأشهر الأربعة المقبلة، واستمر سلاح الجوّ في التدريبات على قصف مواقع بعيدة المدى، وأجرى تدريباً لتزويد طائرات "إف 16" بالوقود في الجوّ.

إشكاليات المسار العسكري

بالرغم من المعلومات المتوفرة حول إعلان إسرائيل بأن كل الخيارات مفتوحة في التعامل مع إيران، بما فيها العسكري، وأجواء التهديد والحرب التي تخيم على المنطقة، إلا أن عدداً من الاعتبارات ترتقي لأن تسمى "إشكاليات وعقبات" تحيط بهذا التوجه، من أهمها:
  1. تعقيد الموقف الأميركي، واستنزاف الجيش في أفغانستان والعراق، إضافة إلى ما قد يثيره أي تحرك عسكري إسرائيلي لحفيظة الدول والشعوب العربية والإسلامية ضد تل أبيب وواشنطن، كما سيمنح طهران فرصة جديدة على الصعيدين السياسي والأيديولوجي لكسب الرأي العام.

  2. التسبب بموقف روسي مناهض للضربة، ما قد يسهم في إفشال الجهود الدبلوماسية والعقوبات الاقتصادية المفروضة على إيران، والتي تريدها الولايات المتحدة أكثر صرامة.

  3. يختتم الرئيس الأمريكي "باراك أوباما" عامه الأول في البيت الأبيض، وهو يبدو من الناحية العملية كـ"بطة عرجاء"، لن يكون باستطاعته اتخاذ مواقف وقرارات لها تبعات إستراتيجية بعيدة المدى، فضلاً عن أن اسم "إيران" بحد ذاته، عالق في الذاكرة الأمريكية، بإخفاقات كبيرة، ويكفي التذكير بالمحاولة الفاشلة لتحرير الرهائن الأميركيين، وفضيحة "إيران غيت"، وهي حوادث تضع "حواجز نفسية" أمام المستوى السياسي الأميركي للوصول إلى مرحلة العملية العسكرية.

  4. إمكانية نجاح العملية العسكرية تشوبها الكثير من الشكوك، لأنها ستقع وإيران لديها المعلومات والتقديرات بقربها، ومن المتوقع أن تتخذ أجهزتها الأمنية خطوات لإحباط أي هجوم مكثف وفاعل ضد منشآتها النووية، وبالتالي فمن الصعب تقدير طبيعة الأهداف والنتائج الناجمة عن هذه الضربة، على الأقل في ضوء هذا الاستعداد الكبير الذي تبديه.

  5. امتلاك إيران لقدرات عسكرية مادية وبشرية كبيرة، ولها النفوذ والقدرة على تحريك أكثر من ساحة، فقد توجه ضرباتها للقوات الأمريكية المتواجدة في الخليج ودوله عبر منظومتها الصاروخية، ولها القدرة على تجييش الجمهور "الشيعي" في العراق ضد القوات الأميركية التي تعاني أصلاً من المقاومة السنية، ولها النفوذ والتأثير على حزب الله، الذي لا يخفي قدرته على استهداف إسرائيل، ما سيؤدي لإشعال المنطقة.
وفي محاضرة أحيطت بأجواء من التكتم والسرية، أبدى الجنرال احتياط "غيورا آيلاند" -رئيس مجلس الأمن القومي الإسرائيلي السابق، وأحد أهم واضعي الإستراتيجية الإسرائيلية الحالية- عدم حماسه تجاه الخيار العسكري، بسبب المحاذير التي يطرحها، ومنها:
  • لن تستطيع إسرائيل تجاهل انتقادات حلفائها، واتهامها بالدولة الهوجاء المتسرعة، تهدد الاستقرار الإقليمي، وتزعزع ركائز الاقتصاد الدولي وسط الأزمة المالية الخانقة، لتصبح منعزلة، إضافة للعزلة الحالية القائمة، وسيتدهور اقتصاد دول عديدة بسبب ما سيسمى لاحقاً "المغامرة الإسرائيلية".
  • رغم تنامي فرص الخيار العسكري في حال عدم تمكن واشنطن من بلورة الائتلاف الدولي المعادي لطهران لتنفيذ العقوبات بشكل حازم، أو ألا يظهر الواقع الدولي نية للقيام بعمل بسبب مقولة "كل لنفسه"، هنا بالذات لن تكون الكثير من الخيارات أمام تل أبيب، وستعتمد الخيار العسكري لانحسار الحيز السياسي.
وينصح صناع الإستراتيجيات في إسرائيل دوائر القرار في مكتبي رئيس الحكومة ووزير الدفاع في تل أبيب بالإجابة عن جملة من الأسئلة "الملغومة" قبل إعطاء الضوء الأخضر لطياري سلاح الجو بضرب المنشآت النووية الإيرانية، والأسئلة في هذا المجال كثيرة ومتنوعة.


ولئن استحضرت المؤسسة العسكرية عدداً من السيناريوهات المتمثلة بـ: ضربات جوية، عمليات كوماندوز، زعزعة الاستقرار الأمني بطريقة ما، فإن التعقيدات ستكون في مرحلة ما بعد انطلاق الشرارة، وأن أي حرب مقبلة لن تكون سريعة، بل ستمتد لفترة طويلة، وستترك تداعياتها الدراماتيكية على المنطقة.

إن ما تقدم من إشكالات حاضرة في التفكير الإستراتيجي الإسرائيلي، مما يجعل من إمكانيات القيام بالضربة العسكرية محدوداً، وربما يقتصر على التلويح به دون تنفيذه، ومع ذلك، من المهم الإشارة إلى أن تلك الإشكاليات، لا تنفي كلياً أو قطعياً إمكانية القيام بتوجيه الضربة المحدودة للمنشآت النووية، وتحمّل العواقب بحدّها الأدنى.

 

 


 

   

رد مع اقتباس