عرض مشاركة واحدة

قديم 01-03-09, 05:00 PM

  رقم المشاركة : 7
معلومات العضو
البارزانى
Guest

إحصائية العضو



رسالتي للجميع

افتراضي



 

الاطار العام لبناء قوة الدفاع
من حسن حظ الجميع أن افتتاح المدار الحكومية في البحرين قد بدأ مبكرا فى مطلع هذا القرن حيث مضى على ذلك اكثر من ستين سنة، مما ساعد في توفير الكفاءات العلمية والمثقفة في البلاد، ويعتبر ذلك عاملا مهما وأساسيا عند إنشاء أى ركن أو جهلز يحتاج لهُ الوطن، وعندما فكرنا في تأسيس قوتنا العسكرية أتجهت أنظارنا الى هذه القاعدة العريضة المثقفة فوجدناها الانطلاقةالصحيحة لتكوين جهازنا الدفاعي الحديث، دون أى خوف أو تردد على استيعاب ما سنجلبهُ من اسلحة ومعدات وتجهيزات حديثة، وكانت ثقتنا كبيرة بأبناء البحرين والأعزاء وعياً ونظاماً وانضباطاً، وهذا ما شجعنا عندما باشرنا بناء القوة على جلب أحدث الأسلحة الخفيفة لاستخدامها بعد التدريب عليها ولاستخدام الاسلحة المتوسطة والثقيلة بعد ذلك. لقد أجتهدنا كثيرا ولانزال نجتهد فى الحصول على أحدث الأسلحة والمعدات الأكثر ملاءمة للعمليات الحربية التقليدية والخاصة، ويمكن القول أن توفر الشباب المثقف في بلدنا قد سهل علينا إنجاز المهمة الى حد كبير، ونرى أن من واجبنا الآن أن نزيدهم علما ومعرفة وأن نوفر لهم القيادة التى يستحقونها كونهم أهلا لأرفع مستوى من المعاملة.
من المؤسف حقا أن كثيرا من الناس لايعرفون معنى الدفاع الا في بعض المناسبات. فهناك فئات تعتقد أن الدفاع عن الوطن هو صد أى اعتداء خارجي، وهناك فئات أخرى تعتقد أن الدفاع عن الوطن هو مايمكن أن يحققوه من مكاسب مادية في جو يسوده أى نوع من الاستقرار، وآخرون يعتقدون أن التطرف والاستعانة بالقوى الخارجية مهما كان لونها هو دفاع عن الوطن.
ويمكنني ان أذكر الكثير من الأمثلة والتى قد تكون مخالفة لبعض الآراء ولكنني سأختصر ذلك بذكر معنى الدفاع عن الوطن كما أفهمهُ (الا وهو عن كلما ورثناه من قيم وتقاليد وأرض وفرت لنا الخير، ونظام من مبادئه الإيمان بالله واحترام الانسان وتقوية الوحده الوطنية) أما التفريط أو التنازل عن القيم الاصليه واستبدالها بعادات مستوردة وأفكار غريبة لهو في اعتقادى استعمار فكري خطير يؤدى الى الفوضى والضياع ... ونحن في قوة الدفاع نفتخر كل الفخر حينما نردد مؤمنين شعارنا (الله..الوطن.. الأمير).
الأهداف والمبادئ
لم نفكر كثيرا في مناقشة أحتياجنا لقوة الدفاع فجميعا كنا مقتنعين بضرورة وجودها، ومدركين بأنه قد آن الأوان للبدء بتأسيسها، وهذا كان من أبرز أسباب النجاح فى سرعة إنجاز تأسيسنا لها بعد أن صدر المرسوم الأميري السامي الذى الذى يحدد الأهداف والمبادىء المبينة تالياً لقوة الدفاع :
*الحفاظ على استقلال البلاد وصيانة أمنها وسيادتها ضمن حدودها الأقليمية والتصدى لأى عدوان أجنبي يقع عليها.
*مساندة قوى الامن الداخلى ومساعدتها في ضمان الاستقرار والأمن في البلاد عندما تدعو الحاجة الى ذلك.
*التعاون العربي العسكرى المشترك.
تتكون قوة الدفاع من قوات نظامية متطورة تواكب متطلبات العصر الدفاعية.
لقد أتبعنا في عملية التأسيس سياسة الاعتماد على النفس بقدر الامكان، والتعاون مع الاشقاء والأصدقاء لبناء القوة تدريجيا، كان التحدى كبيرا ولكن العزم والتصميم ولله الحمد كانا بالمستوى المطلوب وأنا هنا في هذه المحاولة أسجل ما مر عليّ وعلى كل من ساعدني من رجالنا الصابرين البواسل في تحقيق الحلم الكبير إلى واقع نعتز به ونفخر به على الدوام، فالانجازأكبر بكثير مما يكتب أو يقال، وما هذه الا بداية نحو التطور والمستقبل المشرق الذى سيحقق بعزم الرجال الأقوياء الأفياء، إخواني في السلاح الذين أستمد منهم بعد الله الطاقة والعزيمة لنعمل معا، وهدفنا كما أسلفنا هو رد بعض ما علينا تجاه وطننا الغالي بالعمل والتضحية والفداء.
الاسس التى روعيت في عملية البناء
لتنظيم ما سبق ذكره فقد أتخذنا القرارات المتعلقة بايجاد الصيغة القانونية الأنظمة العسكرية الازمة لكي يعرف كل فرد ماله من حقوق وما عليه من واجبات، وقد وضعت الواجبات وكذلك الصلاحيات والتحديدات ضمن مختلف القوانين الخاصة بقوة الدفاع الى جانب الانظمة الثابته للتشكيلات والقيادات بصورة واضحة تعرف كل فرد بواجبة، وعلى مدى الصلاحية المخولة لكل مسئول بالمراكز القيادية والادارية.إذ أن تنفيذ وتطبيق القوانين والأنظمة تمكن كل فرد من تحمل مسئوليته وتنفيذ واجباته دون لبس أو غموض، وهي العامل الاساسي الذى ينظم العلاقه بين الافراد من مرؤوسين ورؤساء، وعندما نعمل بموجبة بتفادى التعامل بأسلوب السيطرة المركزية، ولتنظيم كيفية أداء الخدمة العسكرية فقد صدر قانون قوة الدفاع قبل تجنيد الدفعة الاولى والذى خول القائد العام وضع نظام وطريقة التجنيد، وأوضح وحدد مالرجال القوة من حقوق وما عليهم من واجبات، ثم صدر بعد ذلك قانون خاص لخدمة الضباط لتنظيم شئونهم من انتخاب وتدريب ودورات وتعليم وترقيه مع شروطها، ونقل واعارة واحالة على التقاعد، وما عليهم من واجبات، وتبع ذلك قانون خدمة الافراد لتنظيم شئون الافراد من حيث التجنيد والخدمة والاعمال والحقوق والواجبات، وقد روعيه في وضع القوانين والانظمة مبدأ المرونة لتكون قابله للتطوير والتناسب مع ظروف المستقبل.
أما نظام التجنيد فلا أزال أذكر النقاش الذى دار حوله، نظرا لأن هناك نظامين للتجنيد هما:نظام خدمة العلم (مايسمى بالتجنيد الاجباري) ونظام خدمة المتطوعين، لقد طرح الموضوع للناقش برئاسة صاحب السموالأمير المعظم، وأخذنا نسأل عض الدول التى جربت الاسلوبين عن النظام الأفضل وأتفقنا أخيرا – وبقناعه تامه – على أن الأخذ بنظام خدمة المتطوعين هو الأنسب وذلك لأسباب كثيره أمها عدم وجود أو توفر المحترفين لتدريب الأعداد الكبيره في ما لو اخذنا بنظام خدمة العلم، هذا بالاضافة الى الروح التى يتحلى بها المتطوع، حيث أن رغبته فى احتراف الجنديه هي الدافع الأساسي لستمراريته في الخدمة التى تمكنه من إجادة آختصاصه بكفاءه ومهاره ولكن هذا لايعنى بأننا لا نفكر بالأسلوبين معا، وسيتم ذلك عندما تدعو الضرورة. وهكذا كانت البدايات الأولى تطوعية وقد لاقينا نجاحا منقطع النظير في سرعة بناء قوة الدفاع فدفعنا طموحنا الى التوسع في كافة مجالات الدفاع والاخذ بأحدث ما أنتج من الاسلحة للتدريب عليها.
ونحن في البحرين لا يمكننا مطلقا أن نفكر بإعداد أنفسنا بكل ما نمتلكه من قوى نفسية وإقتصادية وإجتماعية وسياسية وعسكرية للعزلة عن مجتمعنا في الخليج والوطن العربي الكبير، ففي عصرنا هذا لايمكن لأى قوة كانت أن تعتمد كليا على نفسها، فالحاجة للعمق والساحات الواسعة ضرورة لابد من توفيرها، والعالم أصبح صغيرا بفعل مدى الاسلحة الحيدثه وسرعة الاتصالات والتنقل ولذلك كان علينا الارتباط مع أوخوتنا في الخليج بإستراتيجية موحده والالتزام مع بقية الدول العربية في هذا الشان. هناك صعاب لا يخلو منها أى عمل كبيراً كان أم صغيرا، ولو لاها لما وجدنا التحديات المطلوبه إلا أننا وبالتعاون مع إخواننا نأمل أن نواجه هذه المصاعب ونتغلب عليها لنحقق الأهداف المنشودة. أما على المستوى الداخلي فإن كل فرد منا يثق بنفسه وقدرته وما يملكه من إمكانات ولا يشك في دورة، وسنتمكن من توفير ما نحتاجه لمواجهة كافة الاحتمالات، وفي مختلف الظروف في المستقبل القريب بإذن الله.
لقد كان مستوى الافراد العلمي هو الذى ساعدهم على استيعاب العلم العسكرى الحديث كل في مجال اختصاصه وعمله، ويرتكز هذا العلم على مبادئ وأسس ومافاهيم وتجارب كثيره مسجله في آلاف المجلدات والكتب، ويمكن تبسيط أى علم فى كلمتين هما؛ ومن ثم تدريبه وتمرينه ليصبح ماهرا في تنفيذ تلك المعرفة عمليا، ويتضمن العلم العسكرى المبادئ الاساسية للحرب وهي :
الهدف
الهجوم (الروح التعرضيه)
البساطه
وحدة القيادة.
الحشد.
الاقتصاد بالجهد
المناوره
المفاجأه
الأمن
ولا مجال هنا لشرح هذه المبادئ، الا انه بستخدامنا لها على احسن وجه، ولمبادئ المراحل الرئيسية المنبثقة عنها في كل عملية عسكرية نكون قد حققنا الغايه المنشودة من الاستيعاب العلم العسكرى، ويمكن تطبيق أي مبدأ من مبادئ الحرب هذه بعدة أساليب، فالمبادئ واحده وتنفيذ العمليات الحربية هو غيرالمتشابه، وهذا هو البذاع. وبختصار فان العلم العسكرى هو أحسن وأفضل استخداماً لمبادئ الحرب. إن العلم العسكري لايخلو من مواضيع أخرى يتشوق إلى معرفتها كل أنسان، وعلى سبيل المثال فإن موضوع تكوين شخصية القائد يؤدي الى إفادة الفرد في بيته ومجتمعيه أثناء الخدمة الفعلية وبعدها.
يواجه المسئولون مشاق كثيره لتكوين القاده، وعلينا أن نكرر المحاولات في هذا الشأن، وللنجاح في ذلك راعينا كمسئولين أن نكون دائما في مستوى المسئولية : وبهذا الإسلوب نجد ان الرئيس والمرؤوس يتساعدنا في معاياه تكوين صفاتهما القيادية، انه لمن الصعب تحليل وتعريف فن القيادة بكلمات، غير اننا نستطيع القول بانه مثل الكهرباء يمكن شرح قوة تأثيرها أكثر من عملية تفاعلها الطبيعي، وهذا ما ينطبق على الصفة القيادية، فالقائد المتفهم للطبيعة البشرية، والذى يمتلك الشخصية البارزة، ويتوفر لديه من الخبرة الفنية والمعرفة اكثر من غيره يكون له النصيب الأوفر من النجاح والاحترام والتقدير من قبل رؤسائه ومرؤوسيه، أن الشعور بالمسئولية هو من الصفات الأساسية للقائد الصالح، وحسب معرفتي فإن الرجل المسئول هو يبدأ بمعرفة نفسه والايمان بكيانه المنمثل في عائلته الصغيرة واسرته الكبيرة، وكذلك إيمانه بجميع المؤسسات التي أنشئت من أجل خدمته، وبعد ذلك يبدأ عامل الغيرة على المصلحة العامة يتفاعل مع كل ماهو جزء منه، وبالتالي يصبح هذا الانسان بغير حاجة الى كثرة التوجيهات والمراقبة، وهكذا يشعر بالمسئولية، وقد أجملها الرسول الكريم بالحديث الشريف : كلكم راعٍ وكلكم مسئول عن رعيته.. وفيه تتبدى أهمية القيادة في أيه رتبة، وعظّم شأن القائد كبيرا كان أم صغيرا. وقد راعينا في تأسيس القوة أن نبدأ (بالقائد) الذى يجب أن يتحلى بالصفات الآتية :
تطبيق الحزم والعدل والانضباط في مختلف أساليب التعامل مع وحدته.
إعطاء الفرصة للقادة المرؤوسين للقيام بواجباتهم القيادية.
تحديد الاهداف بوضوح وواقعية ضمن مواعيد محددة.
إصدار الاوامر بطابع عسكرى، ومراقبة تقدم العمل، وارشاد المنفذين الذين يحتاجون الى ذلك، واسناد المرؤوسين الاكفاء، وتبديل دون المستوى.
توفير الظروف لكل القادة بحيث يتناسب ذلك مع طموح وامكانيات كل منهم. تشجيع المهارات والمبادرات الخاصة، والاعتراف بالاعمال البارزة، ومنح الامتيازات التى تتلاءم والانجازات، وتقدير المتفوقين.
الاهتمام برفاهية الافراد ومعاملتهم كمسئولين لهم حقوقهم وعليهم واجباتهم، وخلق الثقة المتبادلة بين الجميع في وحدته.
تزويد القادة الذين بأمرته بالمعلومات اللازمة، واطلاعهم على سير الامور وحثهم على تحسين ثقافتهم العامة بالاضافة الى العلوم العسكرية.
لقد راعينا عند تأسيس القوة أن ندرب ونهيء اصحاب المهن والحرف من بين أبناء البلاد، حيث أصبحت الكفاءات المهنية تشكل عنصرا هاما وحيويا في تسيير مختلف أنواع المصانع والورش، وبما أن حاجة قوة الدفاع لمثل هذه المهن كبيرة نسبياً ومتنوعة فقد باشرنا بتأهيل وتدريب عدد لا بأس به من الافراد، وذلك للاستفادة منهم خلال الخدمة، وبذلك نكون قد أسهمنا مع بقية المعاهد الاخرى في عملية تأهيل الكوادر المهنية والفنية التى تحتاجها البلاد.
تعتبر قوة الدفاع مجتمعا مكملا لمجتمع البحرين وغير منفصلة عنه، وقد نظرنا الى هذا العامل الاساسي والهام بعين الاعتبار منذ أن بدأ التفكير في تأسيس الجهاز الدفاعي، حيث أن شباب البحرين هم الذين يشكلون لبجزء الاكبر من جميع عناصر قوة الدفاع، ولهذا فإن إدامة الاتصال بالقاعدة أمر مفروغ منه على المستوى الفردى، أما على المستوى المنظم فقد وضعت قيادة القوة سياستها لتحقيق إدامة الاتصال مستعينة بوسائل كثيرة منها، المساهمة في الاعياد القومية بالاستعراضات والاحتفالات العسكرية، وكذلك المشاركة مع الاندية الرياضية على الرغم من أن معظم الجيوش لاتسمح لمرتباتها أن تشترك أو ترتبط بأية اندية غير عسكرية، ومع ذلك فإننا نشجع منتسبي قوة الدفاع لادامة أرتباطهم مع أنديتهم دعماً منا لهذه الاندية، وحرصا على عدم إضعافها لثقتنا الكبيرة بها حيث نعتبرها سنداً هاماً لقوة دفاعنا، وينتج عن هذه المشاركة أحساس المواطنين بالفخر والاعتزاز بأبنائهم وبالروح الرياضية التى يتحلى بها الجميع، وليس غريبا أن نرى رئيس (كابتن) إحدى الفرق الرياضية برتبة عريف بينما قلب الهجوم فى فريقه برتبة ملازم كذلك فإن قوة الدفاع تديم الاتصال بالقاعدة عن طريق القاء المحاضرات وتبادل المحاضرين والزيارات التى يتم خلالها تبادل المعلومات وتزويد المواطنين بالثقافة العسكرية اللازمة، ومن الأسس التى وضعت لإدامة الاتصال بالمجتمع إسهام قوة الدفاع مع مختلف الوزارات والمؤسسات العامة في كل مايعود بالخير على الوطن والمواطنين كالاشتراك بمكافحة الاوبئة والامراض وغير ذلك من الامور التى تقع ضمن الامكانيات المتوفرة، وأملنا كبير بالاستمرار والاتصال الدائم مع قاعدتنا العريضة وفي نختلف المجالات الاجتماعية والثقافية والرياضية وغيرها.
ماتقدم ذكره يعتبر الأسس الأولية التى روعيت لتشكيل نواة الجهاز الدفاعي (الحرس الوطني) آنذاك، (قوة الدفاع) فيما بعد، وسينتج من المراس والخبرة في العمل أسس أضافية جديدة نعتمد عليها لتطوير قوة دفاعنا والارتقاء بها الى المستقبل الأفضل الذى نرضاه لها، وعلينا وباجتهاد الحريصين منا أن نشجع التي يقع على كاهلها تنفيذ هذا العمل المشرف الذى سيكون التعامل به معتمدا على الانسان البحريني النبيل الذى وهب نفسه فداء للوطن مقدما روحه لخدمته والذود عن حياضه، فالقيادة الحكيمة هي تلك التى تخرج من المحن بأقل الخسائر.


قوة الدفاع ودورها العربي خلال حرب رمضان 1973
ان ماجرى فى خليجنا العربي عامة وفي البحرين خاصة يكاد يكون خافيا على كثير من ابناء امتنا العربية، فقد كان لقوة دفاع البحرين دور فى حرب رمضان المجيدة عام 1393هـ، 1973م، وذلك بموجب قرارات مجلس الدفاع المشترك بالجامعة العربية، حيث انيط بقواتنا مهمة اسناد المعركة من خلال ارتباطها بالقوات السعودية الشقيقة حال اشتراكها بالقتال على الجبهة الشرقية من ساحة العمليات (الاردن)، او على اية جبهة اخرى تحت إمرة القيادة المشتركة وبناء على ذلك قمنا بتشكيل اول مجموعة قتال للإشتراك فى هذا الواجب المقدس.
واضافة لدورنا العسكري فقد كان لدولة البحرين دورها بالتضامن مع بقية الدول الشقيقة فى تخفيض انتاج النفط ومنعه عن الدول التى تساند العدو، هذا عدا عن إسهام البحرين اميرا وحكومة وشعبا بالمشاركة الفعلية بالمجهود المادى والمعنوى، تلك هى حقائق ساطعة وظاهرة للعيان، ومن وراء تلك الفعاليات كانت الفضائل المعنوية و الروحية التى ترقى الى مستوى السمو و التألق، ذلك هو حديث الذكريات، نسجله للتاريخ و للاجيال القادمة لتستلهمه وتستنير به من اجل المستقبل المشرق و الغد المأمول.
ونعود بالذكريات للوراء وبالتحديد لعام 1967م، حيث كنت يومها طالبا بالكلية العسكرية بالمملكة المتحدة. فى ذلك الوقت كنت شابا يمتلئ وجدانى بالحماس والغيرة على الكرامة و العزة والمجد العربي، و من ضمن آمالى الكبيرة عندئذ ان ارى اشقائنا وهم يحتفلون بالنصر في شوارع و ميادين قدسنا الشريفة، وربما كانت هذه المشاعر والامانى التي داعبت خيالى والهبت حماسى منذ الصغر احد اسباب التحاقى بالكلية العسكرية و لكن حدث ما لم يكن بالحسبان، حيث فوجئنا بنكسة عام 1967، و شاهدت من خلال اجهزة التلفزيون البريطانى عرضا عسكريا بالقدس الشريف ولكن لعدونا.. وكانت المرارة والحسرة تحزّ بنفسى اثناء الدراسة وبعدها.
وبعد ان تخرجت وباشرت مسئولياتى فى خدمة البحرين اصبحت اتطلع الى اليوم الذى يتضامن ويتعاون فيه كل العرب لتحرير الاراضى المغتصبة، وكنت على يقين من ان هذه الهزيمة لابد وان تجعل كل عربى يشعر بالمسئولية لتحقيق هذا الواجب المقدس رغم كل التحديات، والحق اقول بأن هذا الموضوع كان يشغلنى يوميا، حيث كنا فى قيادة القوة نفكر ونقيّم بأستمرار اسباب تَلك الهزيمة، وكيفية استعادة ماسلبه اعداء هذه الامة التى تميز ماضيها عبر العصور بالتاريخ العسكرى الخالد، وسجل قادتها الافذاذ ادوارا مشرفة فى ادارة المعارك.
وجاءت حرب رمضان 1393هـ (اكتوبر) 1973م لتؤكد قناعتنا بالمعاني والقيم التى عرفتها مختلف شعوب العالم عن هذه الامة عبر تاريخها المجيد، وسجل المقاتل العربى صفحة شرف جديدة وبعقلية متطورة، واضاف ببطولته ومهارته مبادئ جديدة على العلم العسكرى واثره فى الدروس المستفادة، واسقط جميع الادعاءات الباطلة التى ارادت الصهيونية الصاقها به بعد هزيمة حزيران 1967م، ولقن العدو درسا لن ينساه، وسوف يظل العمل الكبير الذى انجزه المقاتل العربى موضوعا للدراسة والالهام لامتنا العربية الخالدة.
وعندما بدأت تلك الحرب كانت قوة دفاعنا حديثة التشكيل متواضعة الحجم محدودة الامكانيات، وبالرغم من ذلك فقد كنا نستطلع ونطمح لان نقوم ببعض الواجب نحو امتنا، وكان هذا الهدف من اساسيات تشكيل هذه القوة، وعندما حانت الفرصة قمنا بتشكيل مجموعة القتال الاولى التى شملت الكتيبة الاولى وعناصر الاسناد اللازمة، وكان لهذا الحدث اهمية كبرى حيث إنه كان اول اختبار فعلي لقدرات قوتنا الفتية، وقامت هذه المجموعة بتطبيق مختلف التمارين التعبوية استعداداً للواجب، وبعد صدور قرار مجلس الدفاع المشترك كما سبق وذكرت كانت مجموعة القتال الاولى على اهبة الاستعداد للحركة بعد ان اكملت جميع التحضيرات اللازمة للانتقال الى الاراضى السعودية، ومنها الى ساحة العمليات.
بهذا التصميم، وبهذه الروح المعنوية العالية وجدت كل التجاوب من زملائى حين كنت اجتمع بهم في معسكر الكتيبة الاولى انتظارا لامر الحركة للمساهمة في ميدان الشرف، لقد كان موقفا مؤثرا وحاسما بالنسبة لنا، ولا يفوتني ان ابين ان اعمارنا وقتئذ قادة وجنودا لم تكن تتجاوز الثلاثين عاما، وبينما كنت اشارك في إحدى جلسات مجلس الوزراء وصل امر الحركة، وكانت لحظة تاريخية مازلت اذكرها واعتز بها واصدرت الامر لقائد مجموعة القتال للحركة، وبموجب الخطة كان الوقت المقرر للوصول الى ميدان القتال ما بين (48 – 72) ساعة، و بينما كانت مجموعة القتال في اماكن التجمع صدرت لنا التعليمات بالتوقف عن الحركة، حيث تم وقف اطلاق النار وتوقفت الحرب.
ان ماتم انجازه من فعاليات لقوة الدفاع خلال حرب رمضان من حيث التجميع و التدريب و الاستعداد والروح المعنوية العالية قد فاق في فائدته وحجمه عمر هذه القوة الفتية التي لم تتجاوز حينذاك الخمس سنوات، اما بالنسبة لي شخصيا فقد كان لمشاركتنا بالاستعداد لخوض المعركة و البطولة التي ابداها المقاتلون العرب نوعا من الدواء للجرح الذي خلفته نكسة حزيران 1967، وفي هذا المجال يطيب لي ان انوه بجهود اخي و زميلي رئيس هيئة الاركان اللواء الركن خليفة بن احمد آل خليفة، الذي كان يقود مجموعة القتال الاولى حينذاك وكان برتبة (رائد) والذي تحمل مسئولية الاعداد و التحضير وكان على اتم الاستعداد مع ضباطه وجنوده للتضحية والفداء في سبيل الدفاع عن الشرف و الكرامة، و كان له دور فعال في اجتماعات مجلس الدفاع المشترك، والتنسيق فيما بيننا ووزارة الدفاع بالمملكة العربية السعودية الشقيقة.

دور المملكة العربية السعودية
عندما اتذكر واحاول وضع جميع العوامل التي ادت الى بناء كيان عسكري محترم و مقتدر نسبيا يبرز امامي دور المملكة العربية السعودية الشقيقة و هو دور جليل. ان ما قامت به المملكة تجاه البحرين بشكل عام وقوة الدفاع بصورة خاصة لا يأتي الا ضمن روح الاسرة الواحدة.
اما بداية هذا التعاون فكان يوم زيارة اخي صاحب السمو الملكي الامير سلطان بن عبدالعزيز وزير الدفاع والطيران و المفتش العام و النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء بالمملكة العربية السعودية الى البحرين بعد انتهاء حرب رمضان (اكتوبر) عام 1973م حيث قام بهذه الزيارة المباركة دون ترتيب مسبق و ابدى تقديره لقوة دفاع البحرين على مابذلته من جهود في استعدادنا لخوض معركة المصيرالتي تقوم بها امتنا العربية ضد العدو الصهيوني الغاشم. وتفضل سموه فابدى استعداد المملكة للمساهمة في بناء قوة دفاع البحرين و تطويرها بناء على توجيهات له بهذا الشأن من جلالة المغفور له الملك فيصل بن عبدالعزيز طيب الله ثراه واعرب سموه عن بالغ اعتزازه بقوة الدفاع وبالروح المعنوية العالية التي تتميز بها، وبادرنا مشكورا بالسؤال عن القوة بقوله: ماهي احتياجاتكم في القوة؟ لقد كانت المفاجأة سارة لهذه المبادرة الكريمة خاصة و ان قوة الدفاع في اول مسيرتها وكانت اجابتنا على السؤال ان اطلعنا سموه على الخطة التي كنا قد اعددناها لبناء قوة الدفاع و تطويرها والتي سميناها (الخطة الخمسية الاولى). ومن هنا بدأت الانطلاقة الرائدة في بناء قوة الدفاع بناء متكاملا والتي احتاجت الى الصبر و المثابرة.
و بدأت ثمار ذلك التعاون تؤتي اكلها، تلك الثمار التي شملت تزويدنا بالمعدات بالاضافة الى تعميق العلاقات في مجال التشاور و تبادل الآراء فيما يعود بالنفع على البلدين الشقيقين واقولها باعتزاز ان ما تم يعتبر نموذجا رائعا للعلاقات الاخوية كما يجب ان تكون مثلها بين الاخوة العرب. وبالاخص دول مجلس التعاون الخليجي والشكر لله تعالى و لقائدنا الاعلى، ثم للقيادة السعودية الحكيمة وعلى رأسها المغفور لهما الملك فيصل والملك خالد طيب الله ثراهما، ولمن أكمل مسيرة التعاون بكل فخر واعتزاز صاحب الجلالة الملك فهد بن عبدالعزيز آل سعود.
وفي هذا المجال اود ان يعرف الجميع بأن هدفنا هو التعاون مع جميع اشقائنا في منطقة الخليج، وسنسعى جاهدين مع اخواننا لتحقيق كل ما نصبو اليه من تنسيق شامل و تعاون فعال في مجالات التنظيم والتسليح والتدريب وفي مختلف الشئون الدفاعية الاخرى حتى نصل الى الغاية المنشودة الا وهي الدفاع عن خليجنا العربي وعن الوطن العربي الكبير مستنيرين في ذلك الى توجيهات أميرنا المفدى ضمن استراتيجية موحدة.


الخطة الخمسية الاولى
تمهيد
وقعت حرب رمضان (اكتوبر) عام 1973م بين العرب واسرائيل، وكان على قوة دفاع البحرين ان تشارك في هذه الحرب الى جانب القوات العربية المتواجدة على الجبهة الشرقية، وبينما كانت القوة تستعد لمغادرة البحرين تم التوصل لاتفاقية وقف القتال بين القوات العربية و قوات العدو الصهيوني، و طلب منا ارجاء الحركة الى ان يتبلور الموقف على جبهات القتال.
برزت لدينا على ضوء المهمة التي كان علينا القيام بها الحاجة الملحة لتطوير قوة الدفاع ورفع مستواها من نواة صغيرة محدودة الامكانيات الى قوة متكاملة التسليح والتنظيم لمختلف الصنوف والتركيز على زيادة قدرتها القتالية وفعاليتها ليتسنى لها تنفيذ المهام التي تكلف بها بكفاءة عالية. وقد باشرنا على الفور، وضع خطة خمسية طموحة بعد ان عرفنا النواقص ووقفنا على الاحتياجات اللازمة لهذه الغاية.
وفي تلك الاثناء تفضل سمو الامير سلمان بن عبدالعزيز بزيارته الكريمة الى البحرين كما اسلفنا، وابدى سموه استعداد المملكة للمساهمة بمشروع تطوير قوة الدفاع.

الغاية من الخطة
ان روح التطوير التي استهدفناها لقوة الدفاع كانت تعتمد على ضرورة التعاون والتنسيق الاشقاء في منطقة الخليج بالدرجة الاولى، وكانت الغاية التي توخيناها من خطة التطوير ترتكز على الاسس التالية:
- رفع القدرة القتالية والادارية و الفنية لقوة الدفاع.
- تحقيق التوازن المطلوب بين جميع الاسلحة و الصنوف.
- الحصول على اسلحة و معدات حديثة و متطورة.
- وضع اسس جديدة للتدريب المتقدم وتطويره.
ركيزة التنظيم
كانت قوة دفاع البحرين تتألف في ذلك التاريخ من وحدات صغيرة متواضعة الحجم محدودة الامكانيات، الا انها وعلى الرغم من ذلك فقد كانت تتميز بروح معنوية عالية، و تتمتع بعزم و تصميم وقدرة فائقة على استيعاب المتطور والحديث من الاسلحة والمعدات، ولتحقيق الغاية المنشودة من التطوير التي اشرنا اليها آنفا فقد توصلنا الى قناعة اكيدة لاعادة النظر بتنظيم قوة الدفاع بشكل عام آخذين الحقائق التالية التي يجب ان تكون ركيزة هذا التنظيم بعين الاعتبار:
- ايجاد هيئة اركان عامة، وهيئات ركن مختصة في القيادة العامة.
- رفع مستوى وحدات القتال الرئيسية لمستوى الكتائب.
- زيادة قدرة وحدات الاسناد القتالي لتتمكن من اسناد وحدات القتال بصورة جيدة.
- زيادة قدرة وحدات الاسناد الاداري ليمكنها تقديم الخدمات الادارية المطلوبة لكافة وحدات قوة الدفاع بشكل جيد.
- رفع مستوى التسليح في قوة الدفاع من خفيف الى متوسط و ثقيل
على ضوء هذه الحقائق صدرت الاوامر بأعادة التنظيم.

التنفيذ
في بداية عام 1974 بوشر بنتفيذ الخطة الخمسية الاولى لتطوير قوة الدفاع حسبما هو مقرر، وسارت الامور بعد ذلك كما هو مخطط لها، حيث استطاعت القوة و رغم كل الصعوبات التي واجهتها ان تحقق الكثير من هذه الخطة الخطة. ان السبب الرئيسي لهذا النجاح كان بفضل الجهود الكبيرة والحماس المتواصل والعمل الدائب المستمر الذي بذل الجميع لاستيعاب التنظيم الجديد من كافة جوانبه، فلقد تمكنت قيادة القوة وبصورة تدعو الى الاعتزاز من اعداد و تهيئة الكوادر اللازمة لاستخدام الاسلحة والمعدات التي تضمنتها الخطة قبل وصول هذه الاسلحة والمعدات، وهذا ماسهل امر استيعابها السريع وحال دون خزنها في المستودعات، و نتيجة لذلك كنا دائما نلح على ضرورة الاسراع في الحصول على السلاح، ولقد عانينا الكثيرلاجتياز العقبات التي اعترضت سبيلنا لتنفيذ الخطة وكانت هناك امور متعددة خارجة عن إرادتنا وتحد من اندفاعنا ومنها:
تأخر وصول السلاح والمعدات المطلوبة.
تحكم الدول الصانعة للسلاح والمعدات في مواعيد التسليم.
نقص الاعتمادات المالية لبعض البرامج والمشاريع.
كانت الدروس المستفادة التي تعلمناها من خلال تنفيذ هذه الخطة على درجة من الاهمية، ادت الى مراعاتنا لها عند تنفيذ الخطة الخمسية الثانية الى حد كبير مما حقق لنا افضل النتائج. ولا يفوتنا الأشادة بأمر كان من افضل ما حققته قوة الدفاع في تلك الفترة الا وهو القيام بمناورة مشتركة مع القوات المسلحة السعودية الشقيقة للوقوف على المستوى الذي وصلت اليه القوة تعبويا واداريا وفنيا، وجاءت النتائج لتؤكد لنا نجاحنا في مهمتنا.
صدى الخطة محليا و عربيا
لاقت خطة التطوير صدى واسعا في المنطقة بشكل عام، اذ تناولتها الكثير من الجهات بالتحليل والدراسة. فعلى الصعيد المحلي تم بحث ومناقشة الموضوع بصوره شاملة لمعرفة الغايات والاهداف والتطلعات، و الوقوف على الاعباء الاقتصادية والمالية التي ستتحملها الدولة وتتأثر بها نتيجة لذلك. وقد توصل المسئولون في نهاية الامر الى تبني مشروع خطة التطويربمجمله بعد ان ترسخت لديهم القناعات بضرورة تطوير القوة ليتسنى لها القيام
بواجباتها الرئيسية في الدفاع عن الوطن وصيانة امنه و استقلاله، كما تبين لهم الدور الهام لقوة الدفاع في دعم مشاريع التنمية للدولة حيث تعتبر القوة رافداً مهماً لتزويدها بالكوادر المهنية والفنية المؤهلة مما يساعد على دفع عجلة التقدم في ا لبلاد بصورة ملموسة بالاضافة لما تقدمه القوة من مساعدات في مختلف المجالات كمكافحة الاوبئة والامراض وحملات النظافة وتنظيف السواحل من التلوث وعمليات الاغاثة والانقاذ وامور كثيرة لا يتسع المجال لذكرها.
اما على صعيد المنطقة فقد اعربت بعض الدول الشقيقة عن تأييدها الكامل ومباركتها لخطة التطوير التي كانت ترى انها ستمكن قوة دفاع البحرين من دعم ومساندة القوات المسلحة العربية في منطقة الخليج و مشاركتها بفعالية لتأمين الحماية والاستقرار والامن لدولها انطلاقاً من الروابط الدينية والقومية والتاريخية التي تؤلف بينها، ووحدة الهدف والمصير والاخطار المحيطة بها.

 

 


   

رد مع اقتباس