الموضوع: أيام في العراق
عرض مشاركة واحدة

قديم 29-03-09, 07:29 AM

  رقم المشاركة : 14
معلومات العضو
البارزانى
Guest

إحصائية العضو



رسالتي للجميع

افتراضي



 

أيام في العراق (الحلقة الاخيرة) الأكراد.. حجر التوازن
طالباني: أعتز بكرديتي وعراقيتي هي الأولى > بارزاني: نريد اثبات ولادة عراق جديد
نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلةابنية تجارية ترتفع وسط أربيل عاصمة اقليم كردستان ضمن الخطط الاستثمارية الجديدة («الشرق الاوسط»)
هولير (اربيل ): معد فياض
سلسلة الجبال في اقليم كردستان التي نراها في قمة خريطة العراق، تبدو وكأنها تاج يتربع فوق رأس البلد الذي تمده ذراعاه، دجلة والفرات، بالماء الوفير على طول وعرض اراض خصبة، بينما تسترخي اراضيه في الجنوب عند تخوم الخليج العربي.
ان ما يعطي تميز العراق، ومنذ ان وجد، هو تنوعه الجغرافي والحضاري، وايضا تنوعه القومي والديني والمذهبي، هذا التنوع المنسوج بعناية الهية مباركة ليس من السهل تمزيقه، هذا ما اثبتته احداث قرون من الانجاز الحضاري.
لنتأمل خريطة العراق مرة اخرى، سنجد ان الجبال التي تشكل تاج العراق تنفتح بطبيعتها على داخل البلد، بينما تنغلق وتدير ظهرها للاخرين وتتحول الى حصن منيع لحماية الجميع، أكرادا وعربا وكافة الاطياف الاثنية والدينية، وكأنها تبعث رسالة مفادها ان سلاسل جبال زغاروست وحمرين وقنديل وغارا ومقلوب وهندرين وأزمر وكويجا وبيرة مكرون (بالكاف المشددة)، هي ايضا تشكل درعا حاميا للبلد الذي سكنه الاكراد منذ اكثر من ستة الاف عام، قبل وصول العرب مع الفتوحات الاسلامية الى العراق بما يزيد عن اربعة الاف عام.
«الشرق الاوسط» تختتم ايامها في العراق بزيارة الى اقليم كردستان الآمن، الذي يتقدم اقتصاديا ومعماريا وثقافيا باطراد.
يسألني صحافي عربي، غير عراقي، التقيته صدفة في جلسة شاي في فندق اربيل انترناشيونال، الذي يزدحم عادة بالوفود والمستثمرين، عن سبب عدم تحدث بعض الاكراد في اقليم كردستان اللغة العربية، اعيد عليه السؤال بصورة معكوسة فأساله عن سبب عدم تحدث العرب العراقيين اللغة الكردية وهم (الاكراد ) شركاء في هذا الوطن. وعندما لم يجد زميلي الصحافي أية اجابة، استطردت شارحا له القليل من الحقائق وباختصار عن الاكراد، الذين يتصور بعض العرب انهم جاءوا من مكان بعيد واستقروا في العراق منافسين العرب في ارضهم، حيث يستغرب كثيرا، زميلي الصحافي، عندما يعرف ان العكس هو الصحيح، فهذه ارض كردية منذ الاف السنوات والعرب هم من جاء لينافسوهم عليها. ومنذ تأسيس اول حكومة عراقية حديثة، بعد 1921 والاكراد يتعرضون لمختلف اشكال الحروب والقتل والاضطهاد من قبل حكومات العراق، أي حكومات بلادهم، التي كانت تصفهم بـ(العصاة) و(المتمردين) و(الانفصاليين )، مع ان كل ما اراده الملا مصطفى بارزاني، احد ابرز قادة حركات التحرر الوطني في القرن العشرين، هو الحصول على حقوق شعبه القومية فوق ارضهم كردستان العراق. والرجل الذي يبجله الشعب الكردي اليوم، لانه كان السبب في ان يرفعوا علم كردستان فوق اراضيهم عاش ومات متقشفا ومنفيا، حتى انني عندما زرت قريته الاصلية بارزان، كنت اتصور اني سأجد هناك قصورا فخمة وشوارع فارهة له او لنجله مسعود بارزاني رئيس اقليم كردستان او لحفيديه نيجرفان بارزاني رئيس حكومة الاقليم او مسرور بارزاني القيادي في الحزب الديمقراطي الكردستاني، لكنني وجدتها واحدة من اجمل قرى كردستان بفضل طبيعتها الساحرة، فهي محمية طبيعية للنباتات والحيوانات، اذ تحرم عادات وتقاليد البارزانيين قطع الاشجار وصيد الحيوانات. اما بيوتها وشوارعها فهي اعتيادية حالها حال اية قرية كردية اخرى. وقبر زعيم الثورة الكردية ملا مصطفى بارزاني يكاد لا يرى، فقد سوي بالارض وليست هناك اية دلالة سوى صخرة اعتيادية كتب عليها اسمه كيفما شاء، والى جانبه قبر نجله ادريس بارزاني احد شهداء الثورة الكردية. ولم يعرف عن القائد بارزاني انه ترك قصورا او اموالا سواء في كردستان او خارجها.
هناك في بارزان حيث يجري على مقربة من القرية نهر الزاب، يتدفق بقوة بين الصخور في منظر نادرا ما تراه في طبيعة بكر في بقعة اخرى من العالم العالية، متحديا كل مصاعب الطبيعة من اجل ان يمنح الحياة للاخرين.
الاكراد المتهمون باستمرار بتخطيطهم للانفصال عن العراق هم في الحقيقة أكثر من يعمل من اجل المحافظة على قوة انتمائهم للعراق وعلى وحدة العراق. سياسيا الاكراد هم حجر التوازن في العملية السياسية في البلد، وحسب سياسي عراقي بارز أكد لي انه لولا مشاركة القادة السياسيين الاكراد في العملية السياسية لكانت الاوضاع قد ساءت اكثر.
والقادة السياسيون الاكراد بدءا برئيس الجمهورية جلال طالباني والى جانبه رئيس اقليم كردستان العراق ونائب رئيس الحكومة برهم صالح تحولت مكاتبهم وبيوتهم الى ورش للقاءات والاجتماعات بين القادة السياسيين العرب من السنة والشيعة، من اجل تحقيق مصالحة وطنية حقيقية، في الوقت الذي يدعو في نجيرفان بارزاني رئيس حكومة الاقليم الى الاستفادة من تجربة كردستان العراق في حل المشاكل الامنية واعمار البلد.
وهذا ما تؤكده تصريحات القادة الاكراد، يقول الرئيس العراقي جلال طالباني زعيم الاتحاد الوطني الكردستاني: «صحيح انا كردي واعتز بكرديتي وعراقيتي، ولكن الآن انا مسؤول عراقي وعراقيتي هي الاولى، وهي الواجب الذي يفرض علي القيام بالواجبات الاخرى. لذلك عندما قبلت هذه المسؤولية بشرط ان اكون دائما مع الجميع وللجميع وعامل خير، وانا اواصل ان شاء الله هذا الدور ولن اتخلى عن هذا الدور، لانه دور وطني وضروري لخدمة العراق جميعا لخدمة العرب والكرد والشيعة والسنة والتركمان وجميع العراقيين».
ويوضح رئيس اقليم كردستان مسعود بارزاني زعيم الحزب الديمقراطي الكردستاني لـ«الشرق الاوسط»، قائلا «الحقيقة نحن نود ان نثبت ان الوضع الجديد في العراق هو ولادة عراق جديد ويمكن الان وبالفعل للكردي ان يتبوأ اي منصب وهو ليس مواطنا من الدرجة الثانية او الثالثة، كما كان ينظر اليه في السابق. والكرد مستعدون للمساهمة في تقديم اي خدمة للعراق».
بينما يؤكد نائب رئيس الحكومة العراقية الدكتور برهم صالح نائب رئيس الاتحاد الوطني الكردستاني مسؤولية الوجود الكردي في بغداد، قائلا ان «الوجود الكردي في بغداد مهم ويجب ان يقرأ بدلالاته السياسية والتاريخية المهمة، القيادات الكردية ترى العراق وطنا لكل المكونات العراقية، نريد ان نكون جزءا من عملية بناء وطن آمن خال من مآسي الانفال والتطهير العرقي، وما الى ذلك من تجليات الاضطهاد، وأمامنا في ذلك مسؤولية كبيرة، نعم نحن متمسكون بحقوق الشعب الكردي ونرى ان العراق اذا اراد ان يكون آمنا مع نفسه فيجب ان يحافظ على هذه الحقوق وان يكون الاكراد قوة مضافة للحفاظ على البلد، وجزءا من قوته، وان قوة العراق لا شك في انها ستكون قوة للكرد».
ويتمسك رئيس حكومة اقليم كردستان بانتماء الاقليم للعراق قائلا: «نحن جزء من العراق والمعاناة التي نراها اليوم في بغداد والمدن العراقية الاخرى هي محل أسفنا، ويهمنا ان تنتهي ونعتبرها جزءا من معاناتنا نحن. بلا شك ان إقليم كردستان هو جزء من العراق وكل القضايا مترابطة مع بعضها ضمن هذا الوطن».
كلما ذهبت الى هولير (الاسم الاصلي والتاريخي لعاصمة اقليم كردستان اربيل)، فوجئت بالتغييرات الحاصلة في هذه المدينة، لا اتحدث فقط عن ورش العمل التي تعمل ليل نهار، والتي حولت اقليم كردستان بمحافظاته الثلاث، هولير (اربيل) والسليمانية ودهوك الى واحدة من كبريات ورش البناء في المنطقة، حيث الابراج ترتفع والمجمعات السكنية تنتشر والاسواق تزرع بين الاحياء، بل انطلق في تقييمي من منظار علمي واقتصادي واجتماعي بحت.
والتقييم العلمي يقاس بعدد المؤسسات العلمية التدريسية والاساتذة والطلبة الذين يدرسون في هذه الجامعات والكليات والمعاهد. وحسب حديث الدكتور ادريس هادي وزير التعليم العالي في الاقليم لـ«الشرق الاوسط» في مكتبه باربيل، فان «جامعة واحدة كانت موجودة في المنطقة قبل عام 1991، أي عندما كان الاقليم تحت سيطرة نظام صدام حسين، وقبل الانتفاضة التي ادت الى شبه استقلال الاقليم وانفصاله عن الدولة المركزية، حتى تحرير العراق من النظام السابق في ابريل (نيسان) 2003، اما اليوم وبعد 11 عاما من الانفصال توجد 6 جامعات حكومية و3 كليات تقنية و15 معهدا تقنيا، و53 الف طالب وطالبة يدرسون في 350 قسما علميا على يد 4 الاف استاذ جامعي من حملة شهادتي الدكتوراه والماجستير». ويضيف الدكتور هادي قائلا ان «هذه الجامعات موزعة على كافة محافظات اقليم كردستان، ففي اربيل توجد جامعات: صلاح الدين، وجامعة هولير الطبية وجامعة كردستان، اما في كويسنجق فهناك الجامعة التي تحمل اسم المدينة الاصلي وهي جامعة كويا، اما في محافظة السليمانية، ثاني اكبر محافظات الاقليم، فهناك جامعة السليمانية، وتقع جامعة دهوك في مدينة دهوك».
ويوضح وزير التعليم العالي في حكومة اقليم كردستان قائلا: «يتم حاليا افتتاح جامعة اهلية راقية وهي الجامعة الاميركية في السليمانية على غرار الجامعة الاميركية في بيروت او في القاهرة، وهي اول جامعة من نوعها في العراق».
ويؤكد الدكتور هادي ان حكومة الاقليم وحسب قانون الاستثمار تشجع كثيرا على الاستثمار في مجال التعليم العالي ووفق قانون وتعليمات علمية ورقابية ومعايير علمية، وبالفعل هناك عدد من الجهات تريد رخصا لفتح جامعات اهلية والطلبات قيد الدراسة».
وفي هذا الصدد فان حكومة اقليم كردستان وقفت ضد حملات تهجير العقول والكفاءات العلمية من اساتذة جامعات واطباء وبقية الكفاءات العلمية عندما عملت على انقاذ هذه الكفاءات من العمليات الارهابية التي تستهدفهم يوميا عبر تعيينهم في جامعات ومستشفيات الاقليم، مع منحهم امتيازات اضافية تشجعهم على البقاء في العراق وعدم تركه».
الدكتور فاضل خليل، العميد السابق لاكاديمية الفنون الجميلة بجامعة بغداد، والمخرج المسرحي المعروف عربيا، حيث حازت اعماله الكثير من الجوائز المسرحية العربية، التقيته في فندق انترناشيونال اربيل، قال «لقد انقذني الاخوة في اقليم كردستان من التهجير والغربة والموت على ايدي الارهابيين، بعد ان تم تهديدي عدة مرات في بغداد لكوني فنانا مسرحيا».
الغريب في قصة خليل الذي يحمل درجة استاذ (بروفيسور) هو ان وزارة التعليم العالي العراقية وجامعة بغداد، بدلا من ان تحميه من الارهابيين قامت بنقله الى جامعة في منطقة ساخنة تسيطر عليها احدى الميليشيات المسلحة، فلم يجد أي طريق لانقاذ نفسه سوى الذهاب الى كردستان التي«رحبت بي وحمتني، فانا عراقي ولا اريد ان اتغرب واترك بلدي»، على حد قوله.
عندما هبطت طائرة الخطوط الجوية العراقية في مطار اربيل الدولي شدتني ابنية واسعة وبرج عال جدا على يسار المطار، قال لي احد الاصدقاء مشيرا الى مساحات واسعة بالفعل من البناء «هذا برج وابنية مطار اربيل الدولي الذي من المحتمل ان يفتتح نهاية العام الحالي وسوف يستقبل اضخم الطائرات».
اما مساحات الارض التي تحيط بالمطار والقريبة منه فقد كانت ارض جرداء حتى قبل اقل من عام، وكانت هناك لافتات تحمل مخططات واسماء لاحياء ستقوم فوقها، لكنني دهشت عندما وجدت هذه الارض وقد تحولت الى مجمعات سكنية راقية بالفعل بنيت وفق معايير معمارية راعت جماليات العمارة المحلية بالتزاوج مع العمارة الحديثة، بل ان شركات استثمارية غربية عملت على تنويع الشكل المعماري وبناء مجمعات سكنية اوربية بحتة تشبه الى حد بعيد المجمعات السكانية الغربية مثلما في القرية البريطانية والقرية الايطالية.
«فرص الاستثمار في اقليم كردستان واسعة ومتوفرة وتمنح امتيازات اضافية للمستثمرين»، هذا ما توضحه نوروز مولود مديرة الشعبة القانونية والمالية في هيئة الاستثمار، التي أكدت ان «قانون الاستثمار الذي صادق عليه رئيس الاقليم، كما صادق عليه البرلمان الكردستاني يعد واحدا من اكثر قوانين الاستثمار تطورا في المنطقة وتشجيعا للمستثمر»، وتوضح نوروز وهي نموذج من نماذج المرأة الكردية المتطلعة لبناء بلدها العراق من خلال بناء اقليم كردستان، قائلة «قانون الاستثمار في كردستان يتيح للمستثمر الحصول على قطعة ارض بسعر رمزي مع اعفاء ضريبي وكمركي لخمس سنوات، وبإمكان المستثمر التصرف بامواله، سواء تحويلها او نقلها وما شابه ذلك».
وتشرح نوروز مجالات الاستثمار في الاقليم قائلة، «هناك تنوع في المجالات الاستثمارية، واهمها الصناعة والسياحة والزراعة والسكن وكل هذه المشاريع مهمة ومربحة، والهيئة تسهل اعمال المستثمر بدءا من تفكيره بالمشروع وحتى انجازه».
قانون الاستثمار المشجع هذا جذب رؤوس اموال ومستثمرين محليين وعربا واجانب، فهناك مستثمرون عراقيون في مجالات الصناعة والسياحة، بينما هناك شركات سعودية تستثمر في مجال صناعة الاسمنت، وشركات لبنانية تستثمر في مجال المصارف، بينما يستثمر غربيون في مجالات بناء المجمعات السكنية. وعلى حد قول نوروز «هناك مشاريع عديدة للاستثمار مقدمة للهيئة في المجالات التعليمية انشاء جامعات اهلية، وفي المجالات الطبية انشاء مستشفيات خاصة، وفي المجال السياحي بناء مجمعات سياحية كبيرة، ونحن بصدد دراسة هذه المشاريع قبل الموافقة عليها».
فوجئت وسعدت حقيقة بالمساعدة التي تقدمها دائرة العلاقات الخارجية في رئاسة حكومة اقليم كردستان، التي يترأسها الخبير فلاح مصطفى، واقول خبير لانه، بالفعل، خبير في العلاقات الدولية والمحلية وفي ادارته لفريق من الموظفين الشباب الحاصلين جميعهم على شهادات عليا في اللغات والاقتصاد وادارة الاعمال والعلاقات والقانون، ومن جامعات من داخل كردستان وخارجه. مهمة هذه الدائرة التي تشبه الى حد كبير مهمة وزارة الخارجية، باستثناء انها تقدم خدمات اكثر مما تقدمه اية وزارة خارجية في المنطقة، وبضمنها استقبال الضيوف والصحافيين وتوفير ما يلزمهم من المعلومات التي يريدها الضيف أو الصحافي بدون ان يمدوه بمعلومة لا يحتاجها، اعني انهم لا يمررون معلومات يريدون نشرها، تسألهم فيجيبونك على قدر سؤالك، يشرحون لك الامور باختصار وبدقة وبلغة الارقام وبالاسماء فهم ينطوون على معلومات وافية ليس عن اقليم كردستان فحسب، بل عن عموم العراق والمنطقة والعالم، ويتعاملون معك بتواضع كبير ينم عن اخلاقهم العالية ويعكس اخلاقية وطيبة وكرم رئاسة الحكومة والدائرة التي يعملون فيها. وينفي مسؤول دائرة العلاقات الخارجية في حكومة اقليم كردستان ان «تكون الحكومة الاتحادية قد اشركت او تشرك ممثلا عن حكومة اقليم كردستان في وفودها الخارجية، خاصة تلك الوفود التي تتجه الى تركيا او ايران لبحث قضايا تخص الاقليم»، مشيرا الى ان «غياب ممثل عن حكومة اقليم كردستان في وفود الحكومة الاتحادية، وخاصة الى تركيا، هو غياب متعمد من قبل الحكومة الاتحادية وغياب مقصود».
ان اهم ما يميز الاوضاع في اقليم كردستان وفي جميع محافظاته، اربيل والسليمانية ودهوك، هو الاستقرار الأمني الذي يجتذب بقية العراقيين من كافة مناطق العراق للاستقرار هناك، وفي هذا الصدد يقول كريم سنجاري وزير داخلية الاقليم في حكومة اقليم كردستان لـ«الشرق الاوسط»، ان «الأمن مستقر في مناطق الإقليم منذ عام 1992، حيث قمنا بتدريب مقاتلي البيشمركة وغيرهم من الشباب ليكونوا عناصر أمن في الاساييش (الامن)، وطورنا أساليب عملنا وأجهزتنا، حيث توجد في الاقليم اكاديميات لتدريس الشرطة والجيش، يتخرج منها الشباب برتبة ضباط عسكريين وضباط شرطة، وهذه الاكاديميات متاحة لتدريس الشرطة والعسكريين من مختلف مناطق العراق»، مؤكدا أن «تعاون المواطنين معنا وإخبارهم عن أي حالة يشكون فيها وعدم وجود قاعدة شعبية للارهابيين بين الاكراد، ساهم ويساهم كثيرا في نجاح عملنا». وحول وجود العراقيين من المحافظات الجنوبية والوسط واقامتهم في اقليم كردستان، قال وزير داخلية الاقليم: «نحن نرحب بأي عراقي يقيم في الاقليم، كما ان توجيهات رئيس حكومة الإقليم نجيرفان بارزاني تشدد على استقبال اشقائنا والاهتمام بهم، فهذا جزء من بلدهم وكردستان جزء من الاراضي العراقية، وكل ما نطلبه هو وجود كفيل او ان يسجل القادمون حتى ان كانوا اكرادا اسماءهم وعناوينهم في أقرب دائرة أمنية، كي نعرف من يقيم في مدن الاقليم»، مؤكدا عدم حدوث أي مشاكل أمنية من العراقيين القادمين من المحافظات الاخرى، مشيرا الى وجود أكثر من 20 ألف عائلة عراقية عربية في أربيل وحدها.
نذهب الى السليمانية.. وللوصول الى هذه المدينة التي تبدو مثل حديقة واسعة محاطة بالجبال طرق كثيرة، هناك مطارها الدولي الذي يحتل مساحة نادرة بين سلاسلها الجبلية «أزمر» و«كويجا» و«بيرة مكرون»، كما ان هناك أكثر من طريق بري لا تستطيع ان تقارن بين أجملها. نختار الذهاب اليها عبر طريق دوكان، اطلب من السائق ان يقود السيارة بسرعة أقل لأتأمل جمال الجبال والحقول الخضراء التي تمتد على مد البصر، وهي مؤثثة بالقرى التي ترتفع فوق سطوح بيوتها الطينية الصحون اللاقطة للبث الفضائي (ستلايت).
فجأة تظهر لنا هناك في اسفل الوادي بحيرة ساحرة تعكس مياهها زرقة السماء، نراها وهي تغتسل بشعاع الشمس الغارقة فيها، تلك هي بحيرة دوكان التي تعد اجمل مصيف سياحي في السليمانية خاصة، وفي كردستان عامة، هناك اسماء لمناطق سياحية مميزة في كردستان العراق، ابرزها شلال كلي علي بك، شلالات بي خال الساحرة، مصيف جنديان، وشلالات احمد آوى، وغيرها من المناطق السياحية التي تزدحم بها طبيعة كردستان البكر.
من فوق جبل أزمر نطل على السليمانية التي تعلو بها، هي الاخرى الابنية بينما تنشط حياتها العلمية والثقافية والاجتماعية والاقتصادية .
ولعل اهم ما يجتذب الزائر لمدينة السليمانية اسواقها المزدهرة بالبضائع، اسواق تبيع الصناعات الشعبية من انسجة وصناعات جلدية، كما تشتهر بعسلها وحلوياتها المصنوعة من الفواكه المجففة.
حركة البناء في السليمانية تتصاعد، لهذا نجد ان هناك عددا كبيرا من العمال العراقيين غير الاكراد القادمين من محافظات الوسط والجنوب. نزور كلية الفنون الجميلة التابعة لجامعة السليمانية برفقة زميلي الصحافي الكردي محمد عثمان، رئيس تحرير الانصات المركزي، وهي واحدة من ابرز الصحف الالكترونية، ففي كردستان هناك العديد من الصحف الكردية والعربية، بعضها تابع لاحزاب سياسية واخرى مستقلة تكتب بحرية من دون الخوف من الحكومة، وحسبما يوضح اللواء سيف الدين احمد مدير عام الاساييش (الامن العام) حول موضوع حرية الصحافة، قائلا «هناك صحف سياسية تصدرها الاحزاب، وبعض الصحف تبدو مستقلة لكنها تصدر بدعم من الاحزاب السياسية وصحف اخرى تصدرها دور نشر او شركات او اشخاص وهذه مستقلة»، وشدد على ان «كل الصحف او الكتب التي تصدر هنا في السليمانية لا تتعرض لأية رقابة من قبل اية جهة أمنية، وهناك قوانين تكفل حق المواطن مثلما تكفل حرية الصحافة، فإذا تعرض اي مواطن للاهانة او السب او القذف والتشهير فمن حقه ان يتقدم بدعوى قضائية ضد الصحيفة ليأخذ القانون مجراه».

 

 


   

رد مع اقتباس