عرض مشاركة واحدة

قديم 11-11-09, 04:20 PM

  رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
البارزانى
Guest

إحصائية العضو



رسالتي للجميع

افتراضي



 

أولاً : خصائص استراتيجية الردع الغربية

إذا كانت استراتيجية الردع الأمريكية والغربية تتميز بخصائص إيجابية يعرفها العسكريون بلا شك، فإنني سأترك الحديث فيها لأصحاب التخصص، وسوف أقصر حديثي على الجوانب السلبية لتلك الاستراتيجية فقط على النحو التالي:

1. أنها استراتيجية تؤدي إلى سباق التسلح(10) الذي يعاني منه العالم اليوم، نتيجة لفقدان الثقة بينها وبين الأمم، وذلك لانتشار المطامع الأمريكية، وسيادة منطق القوة لتحقيق مصالحها بأساليب لا أخلاقية، والدليل على ذلك تلك الحرب الغاشمة التي شنّتها أمريكا على العراق بحجة وجود أسلحة دمار شامل، وهي حجة واهية رخيصة لم تثبت صحتها حتى الآن، مما جعل العراق يشكِّل خطراً على أمريكا ومصالحها في الشرق الأوسط كما يرى الرئيس (بوش)، وإن كانت استراتيجية الردع الأمريكية قد نجحت إبّان الحرب الباردة بينها وبين الاتحاد السوفيتي، حيث حفظت توازن القوى ونجح كل منهما في امتلاك الضربة الأولى الهجومية والضربة الثانية في الرد عليها (11) أقول إن نجاح استراتيجية الردع آنذاك كان محصوراً في عدم استخدام السلاح النووي أو الهيدروجيني، وظل كل منهما يهاب الآخر خوفاً من الدمار الشامل الذي سيحلّ بهما. ولكن من مساوئ تلك الاستراتيجية أنها سمحت بالاشتباكات والحروب بالأسلحة الأخرى (12)، مما أدى إلى تخزين السلاح بكميات رهيبة في ترسانات بعض الدول، حتى الصغري منها، كما لعبت السياسة الدولية دوراً كبيراً في سباق شراء الأسلحة من الدول الكبرى، مما أدى إلى اختلال موازين القوى العسكرية في بعض المواقع مثل: محاولة أمريكا تسليح إسرائيل بأحدث الآلات الحربية، والسماح لها باستخدام أسلحة الدمار الشامل، وصناعة الرؤوس النووية بحجة توازن القوى في الشرق الأوسط.

وإذا كان من المعروف أن هناك أكثر من عشرين دولة صغرى قد توصل بعضها إلى صناعة القنبلة الذرية والبعض الآخر يحاول الخروج على الرقابة الدولية ومحاولة تصنيع ذلك السلاح، بحيث أصبح هذا الأمر مهدِّداً للأمن العالمي، فإنما كان مبعثه هو عدم الثقة والكره الشديدين لأمريكا، ولعل ما نسمعه اليوم عن مشكلة (كوريا الشمالية)، وتهديد أمريكا لها بسبب مفاعلها الذري يُعدُّ دليلاً على ما نقول، ولقد سارعت أمريكا اليوم بانتشار قواتها على الحدود الفاصلة بين الكوريتين استعداداً لضرب كوريا الشمالية.
ومن مساوئ استراتيجية الردع الأمريكية، أنها استراتيجية حرب تفضل أسلوب الحرب واستخدام القوة، على حين أن استراتيجية الردع هي تهديد بالطاقة الكامنة فقط(13).

لذا فإن تفوّق أمريكا الساحق في الأسلحة بأنواعها المختلفة قد أغراها باستخدام تلك القوة في الحرب والعدوان على الشعوب، ويُعدّ هذا غاية من غايات تلك الاستراتيجية التي مزّقت نياط قلوبنا ونحن نشاهد عدوانها على الشعب العراقي بالقنابل العنقودية، والقنابل الثقيلة، والصواريخ التي اندلعت من البحرية الأمريكية، كل هذا على دولة صغري فهي حرب غير متكافئة، وكان من الممكن لو أنها تملك نظرية ردع سليمة أن تحقق أهدافها بدون خوض تلك الحرب القذرة.

ومن مساوئ استراتيجية الردع الأمريكية أيضاً أنها لم توفق مطلقاً بين الغاية والوسيلة، لأنه من المعروف أنه إذا سلمت الأهداف وحسنت الوسيلة، فإن هذا يؤدي إلى اقتصاد تام في القوة، حيث يمتنع نشوب القتال. ولك أن تقدّر تكاليف الحرب العراقية الأخيرة التي قدّرت بأكثر من تسعين مليار دولار سوف تُحصَّل من عائدات البترول العراقي، ويُعدّ هذا هدفاً هزيلاً في ذاته. وإذا نظرنا إلى الأهداف الأمريكية بجملتها نجدها أهدافاً خبيثة والوسائل قذرة كما قلنا، حيث كان الهدف غير المرئي هو القضاء على الإسلام وحضارته في عقر داره، واستبدال الثقافة العربية الإسلامية بثقافة أمريكية غربية علمانية تُفقد الإنسان العربي هويته وخصوصيته التي ساهم الإسلام في بنائها، فهي تريد إنساناً مغموراً سلبياً يدب الوهن في نفسه فاقداً للصفات الإنسانية.

ومن هنا، شرعت في الضغط لتغيير مناهج التعليم في البلدان العربية بمناهج أخرى تخدم الثقافة الأمريكية ومصالحها المفقودة، لذا فهي تركّز على محاولة محو وإزالة كل ما يتصل بالإسلام لغةً، وديانةً، وتاريخاً، مثل حذفها لكثير من تواريخ الصحابة، وشطب عقيدة الجهاد في سبيل الله من كتب الدين، كما قامت بإغلاق الجمعيات الإسلامية، وتجميد أموالها، وكذلك عملت على إغلاق المعاهد العلمية الدينية في (اليمن)، كما أمرت بإغلاق بعض المعاهد الدينية والجمعيات العاملة في تعليم الدين الإسلامي في (باكستان)، كل ذلك لخلق شرق أوسط جديد يخضع للهيمنة الأمريكية الصهيونية، وتمكين إسرائيل وجعلها اليد الطولى في منطقة الشرق الأوسط بأكملها، ومن الأهداف الخبيثة ما سمعناه عن لسان الرئيس الأمريكي السابق (بوش) في مؤتمره الذي عقده في (العقبة) أثناء حديثه عن السلام، حيث أطلق مصطلحاً جديداً على دولة إسرائيل: "إنه ينبغي إقامة دولة للفلسطينيين تعيش جنباً إلى جنب مع الدولة اليهودية"، فماذا يقصد بالدولة اليهودية، وأن هذا المصطلح في حد ذاته يعطِّل مشروع السلام ويمنع عودة اللاجئين إلى ديارهم، ويمكِّن تلك الدولة العنصرية من الاتساع والتمايز على حساب دول المنطقة، هذه بعض مساويء استراتيجية الردع الأمريكية والتي يعانيها العالم اليوم ويصطلي بنارها العرب والمسلمون، وفي اعتقادي أن تلك الاستراتيجية الغاشمة ستؤدي بأصحابها إلى الهلاك والدمار، فإن العالم لم يعد يتحمّل تلك العربدة الصهيونية الأمريكية والتي تلعب بالشرعية الدولية وبمقدرات الأمم والشعوب.

 

 


   

رد مع اقتباس