عرض مشاركة واحدة

قديم 20-08-09, 07:58 PM

  رقم المشاركة : 4
معلومات العضو
المنتصر
مشرف عام

الصورة الرمزية المنتصر

إحصائية العضو





المنتصر غير متواجد حالياً

رسالتي للجميع

افتراضي



 

دراسة تاريخية في أزمة القيادة



إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله .. أما بعد .
تعرضنا في الحلقات السابقة لرؤية تاريخية لأزمة القيادة الربانية في الأمة الإسلامية مرورًا بقراءة في فكر قائد رباني ثم تكلمنا عن إعداد القائد الرباني ثم تكلمنا عن صناعة العملاء وهذه الحلقة إن شاء الله سنتكلم فيها عن عرض تاريخي لخاتمة ونهاية العديد من القادة الربانيين على يد أعداء الإسلام والحاقدين من أصحاب الأهواء والمصالح الدنيوية الزائلة فيما يمثل اغتيالاً لحلم هذه الأمة بالتقدم واستعادة مركزها الطبيعي في قيادة البشرية وسيادة الأمم، فإن الناظر بعين الاعتبار لمصارع هؤلاء القادة العظام يعلم علم اليقين أنه ما حرى لهم إنما يقع في إطار مخطط عالمي للقضاء على الإسلام وأهله حتى أننا لنلمح >لك جديًا من كلامهم وتكاتفهم على اختلاف أهوائهم ضد أحلام المسلمين حرج المستشرق البريطاني [مونتجومري وات] في حديث له لجريدة التايمز اللندنية فقال [إذا وجد القائد المناسب الذي يتكلم الكلام المناسب عن الإسلام فإن من الممكن لهذا الدين أن يظهر كإحدى القوى السياسية العظمى في العالم مرة أخرى] وفي ورقة الغزو الفكري التي وضع لبتها الأولى الملك الفرنسي لويس التاسع بعد هزيمته النكراء على يد المسلمين أوصى فيها [عدم تمكين البلاد الإسلامية من أن يقوم بها حاكم صالح] وأوصى أيضًا: [بالعمل على إفساد أنظمة الحكم في البلاد الإسلامية بالرشوة والفساد والنساء حتى تنفصل القاعدة عن القمة] .
وقال المستشرق الصهيوني [برنارد لويس] تحت عنوان [عودة الإسلام] [إن غياب القيادة العصرية المثقفة القيادة التي تخدم الإسلام بما يقتضيه العصر من علم وتنظيم إن غياب هذه القيادة قد قيدت حركة الإسلام كقوة منتصرة، ومنع غياب هذه القيادات الحركات الإسلامية من أن تكون منافسًا خطيرًا على السلطة في العالم الإسلامي لكن هذه الحركات يمكن أن تتحول إلى قوى سياسية هائلة إذا تهيأ لها هذا النوع من القيادة].
وهاكم لمحات من خاتمة بعض هؤلاء القادة الربانيين وعند الرد يتضح الخبر .

الخليفة أبو بكر الصديق :
ربما يتعجب الكثيرون عندما يعرفون أن أبا بكر الصديق قد مات مسمومًا ذلك، لأن المشهور عندهم أنه مات بالحمى، ولكن الرواية الصحيحة التي رواها ابن سعد والحاكم بسند صحيح عن ابن شهاب أنه قال: [أن أبا بكر والحارث بن كلدة [طيب العرب كانا يأكلان خزيرة [نوع من الطعام المطبوخ يقطع فيه اللحم والدقيق] أهديت إليه من قبل اليهود ، فقال الحارث لأبي بكر : [ارفع يدك يا خليفة رسول الله، والله إن فيها لسمّ وأنا وأنت نموت في يوم واحد فرفع يده فلم يزالا عليلين حتى ماتا في يوم واحد عند انقضاء السنة] وتعضد تلك الرواية رواية أخرى عند الحاكم أيضًا بسند صحيح أن الإمام الشعبي قال: [ماذا نتوقع من هذه الدنيا الدَّنية وقد سُمَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم وسُمَّ أبو بكر ؟ والجاني هنا هم اليهود عليهم لعائن الله المتتابعة .

الخليفة عمر بن الخطاب :
وقصة قتلة شهيرة ومعروفة للجميع ولكن الغير معلوم لمعظم الناس أن قتله رضي الله عنه كان مؤامرة عالمية اشترك فيها معتلون الأعداء الإسلام على اختلاف أهوائهم فلم يكن أبو لؤلؤة المجوسي وحده الجاني بل كان معه جناة آخرون ورد ذكرهم في روايات الطبري وغيره فأغفل الناس ذكرهم وركزوا جل اهتمامهم للمجوسي اللعين فبعد جناية اغتيال الفاروق تقدم الصحابي الجليل عبد الرحمن بن أبي بكر وشهد أنه قد رأى كلاً من [الهرمزان] وكان ملكًا على منطقة الأهواز التي فتحها المسلمون أيام عمر ووقع الهرمزان أسيرًا فاستبقاه عمر بالمدينة وتظاهر الهرمزان بالإسلام وشك الناس في نفاقه ورأى معه [جفينة] النصراني من نصارى الحيرة أرسله سعد بن أبي وقاص ليعلم الصبيان بالمدينة، وكان معهما المجوسي اللعين أبو لؤلؤة المجوسي، وكان الثلاثة يتساورون فلما اقترب منهم عبد الرحمن بن أبي بكر ارتبكوا ثم سقط منهم خنجرًا له نصلين وشهد عبد الرحمن أنه نفس الخنجر الذي طعن به الفاروق عمر .
وهناك رواية صحيحة عند الطبري أن كعب الأحبار جاء للفاروق قبل طعنه بثلاثة أيام وقال له : [اعهد يا أمير المؤمنين فإنك ميت بعد ثلاث] وعمر لا يشتكي مرضًا ولا وجعًا ثم جاء بعد ذلك، وقال له اعهد، فقد بقي يومين ثم جاءه بعد ذلك، وقال له اعهد فإنك ميت غدًا، والفاروق متعجب من ذلك ويسأل كعب الحبار عن مصدر هذا الخبر فيرده إلى الكتب التي بين يديه من أخبار الأولين، وهذه الرواية توضح أن كعب الأحبار وأصله يهودي وأسلم في عهد عمر كان على علم بموعد قتل الفاروق وبالتحديد الدقيق ورد ذلك الخبر للتي بين يديه أمر لا يقبله العقل والشرع .
والخلاصة أن قتل عمر كان مؤامرة اشترك فيها المشركون والنصارى والمنافقون ولربما اليهود أيضًا إن كان لكعب علاقة بالأمر ورواية الطبرى تجعله موضعًا للاتهام وبقوة .

الخليفة عثمان بن عفان :
يعتبر قتل الخليفة عثمان أول فتنة وقفت في الأمة الإسلامية وأول سيف يسلط على دماء المسلمين وأعقبها فتنًا كثيرة وصراعات بين المسلمين ظلت آثارها السيئة معقدة مئات السنين، ولكن الثوار الأغبياء السفهاء تحركوا وخرجوا بفعل الدعايات والوشايات الباطلة التي روجها اليهودي الخبيث المنتسب للإسلام زورًا ابن سبأ اليهودي اليمني الصنعاني المشهور بابن السوداء الذي استغل طمع الطامعين وحقد الحاقدين وطلاب المناصب ونسج من أهوائهم مخططًا شيطانيًا كانت ثمرته الفتنة مقتل الخليفة عثمان واختلاف الأمة من بعده يقتل بعضهم بعضًا .
والخلاصة أن قتل عثمان كان عبارة عن مؤامرة ثم تنفيذها على أيدي الحاقدين والجهلة السفهاء بتدبير شيطاني من اليهود عليهم لعائن الله المتتابعة .

الخليفة علي بن أبي طالب :
كان مقتل علي بن أبي طالب ثمرة من ثمرات الفتنة المشؤومة التي عصفت بالأمة الإسلامية بعد مقتل عثمان وما جرى من قتال بالجمل وصفين حيث أفرزت تلك الفتنة ظاهرة وفرقة الخوارج التي تنبأ بها سيد الخلق صلى الله عليه وسلم، وكانت أول فرقة منحرفة تظهر في دين الإسلام وتتصف بالغلو والتنطع والتشدد في الدين مع الجهل التام بهذا الدين مما دفعهم لاستحلال أموال ودماء المسلمين وزاد الشيطان في إضلالهم حتى كفروا جماهير الصحابة وعلى رأسهم عثمان وعلي رضي الله عنهما، وكان قادة تلك الفرقة من الثائرين الأغبياء على عثمان من قبل واستطاع علي وجنده أن يسحقوا تلك الطائفة في معركة النهروان سنة 38 هـ مما أشعل النار في قلوب الحاقدين الجهلة حتى عملوا على قتل الخليفة علي بن أبي طالب وتم لهم ذلك على يد أشقاهم عبد الرحمن بن ملجم سنة 40 هـ .

الخليفة عمر بن عبد العزيز :
كان عهد عمر بن عبد العزيز إيذانًا بانقلاب إسلامي جديد وبعث بعثه الله عز وجل ليجدد لهذه الأمة أم ردينها بعدما أوشك على الاندراس على رأس مائة سنة كما صح بذلك الحديث، وكان الناس وقتها على دين ملوكهم فكان للوليد بن عبد الملك يحب العمران والبناء والتشييد فكان الرجل يلقي أخاه فيسأله هل بنيت اليوم شيئًا هل عمرت شيئًا، وكان سليمان بن عبد الملك يحب النكاح والطعام فيقول الرجل لأخيه هل تزوجت هل أولمت ؟ فلما جاء عهد عمر بن عبد العزيز كان الرجل يلقى أخاه فيقول له هل صمت اليوم .. بكم تصدقت .. هل صليت الليلة شيئًا؟ فقاد عمر الناس لانقلاب في حياتهم من الدنيا إلى الآخرة، ونشر العدل ونصر الحق والسنة وقمع الباطل والبدعة وعم الخير على الناس حتى استغنى الجميع بما في ذلك الحيوانات في مراعيها والوحوش في البرية حتى قيل أن الذئب كان يرعى مع الغنم، ولكن هذه الصفات لم تكن لتعجب أعداء الإسلام وأهل الباطل من عبّاد الدنيا ومرتزقة المناصب فعملوا على التخلص منه سريعًا فلم يمض بالخلافة سوى عامين وبضعة أشهر حتى دسوا له السم في الطعام بعد أن رشوا غلامه الجاحد نظير ألف دينار فقط، والعجيب أن عمر بن عبد العزيز يعرفه ويطلع على أمره بعد أن شعر بالسم يجري في جسده، ولكن لم ينتقم منه بل عفي عنه وأطلق سراحه .

الخليفة العباسي المهتدي بالله :
إذا كان عمر بن العزيز هو درة الخلافة الأموية فإن الخليفة المهتدي بالله هو درة الخلافة العباسية ونظيره في العباسيين ولكن لم تساعده الأيام والظروف في تحقيق الحلم المنشود، وكان ورعًا متعبًا عادلاً قويًا في أمر الله بطلاً شجاعًا، ولكنه لم يجد ناصرًا ولا معينًا تولى في فترة مضطربة كان الأتراك يسيطرون على مقاليد الأمور يعزلون ويقتلون ويخلعون الخلفاء كما يحلو لهم وأهانوا الخلافة والخلفاء لأقصى حد ممكن، فتولى المهتدي بالله وفي نيته إصلاح الأمة والتخلص من الأتراك سبب البلايا كلها التي أحاطت بالأمة والخلافة فبدأ في التقليل من نفوذهم وإصلاح شأن الخلافة فبدأ بنفسه فكان من الزاهدين يلبس الصوف ويأكل الملح والزيت أيام رمضان، وطرح الملاهي وحرَّم الغناء وقسم أصحاب السلطان عن الظلم وشدد إشرافه على أمر الدواوين يجلس بنفسه أمام الكتَّاب للحساب وبنى دارًا سماها دار العدل للنظر في المظالم، ونفى المبتدعة والفاسقين من بغداد، وكان يحب أهل السنة والعلم حتى أنه في يوم قال لصاحبه [رحم الله أحمد بن حنبل والله لو جاز لي أن أتبرأ من أبي لتبرأت منه] وكان أبوه الخليفة الواثق من أشد الناس قولاً ببدعة خلق القرآن وقتل من أجلها أحمد بن نصر الخزاعي وفتن كثيرًا من الناس.
وبعد ذلك أراد المهتدي بالله أن يتخلص من الأتراك الذين أهانوا الخلفاء، ولكنه لم يجد من يقف معه ويؤيده، فتكاتف الأتراك عليه حتى قتلوه شر قتلة بعصر خصيتيه ولم يكن قد أكمل عامًا واحدًا في الخلافة، وقد عدَّه كثير من أهل العلم ضمن الخلفاء الراشدين .

الخليفة العباسي المسترشد بالله :
إذا كان المهتدي بالله في عصر سيطر الأتراك فيه على الأمور ولم يجد ناصرًا ولا معينًا فإن المسترشد بالله كان في عصر لم يبق فيه للخلافة معنى ولا سلطان إلا على بغداد وما حولها فقط وباقي جسد الأمة مقطع تحت إمرة المتسلطين والمتغلبين من الأمراء والملوك، وكان عهد المسترشد بالله هو عهد سيطرة السلاجقة على مقاليد الأمور، كان المسترشد ذا همة عالية وشهامة زائدة وإقدام ورأى وهيبة شديدة ضبط أمور الخلافة ورتبها أحسن ترتيب وشيد أركان الشريعة وأحيا سننها، وكان بطلاً شجاعًا يخوض الحروب بنفسه ولم يكن الخلفاء قبله يفعلون ذلك وكان في أول أمره تنسك ولبس الصوف وانفرد في بيته للعبادة ثم صار خليفة من أشجع الخلفاء .
خرج لقتال سلطان السلاجقة مسعود بنفسه ولكن غدر به أكثر جنده فظفر به مسعود وأخذه أسيرًا فأرسل السلطان سنجر عم مسعود يأمره بالإفراج عنه فورًا ففعل ذلك، ولكن كانت هناك مؤامرة تحاك في الخفاء ضد هذا الخليفة البطل الذي زادت شجاعته إلى الحد الذي أقلق مضاجع أعداء الإسلام وعلى رأسهم فرقة الباطنية الملحدة الكافرة التي يهمها أن يبقى وضع المسلمين في اندحار واقتتال فيما بينهم فعملوا على التخلص من هذه الخليفة الذي بدا للعيان أنه سيعيد المجد المفقود للأمة فقامت مجموعة من الباطنية بالتخفي في زي الجند وعددهم سبعة عشر ودخلوا في جيش مسعود، وانتهزوا غفلة الناس ودخلوا على المسترشد خيمته وقتلوه ومزقوا جسده إلى أشلاء مما يدل على مدى حقدهم وبغضهم للإسلام، ولما وصل الخبر إلى الناس ببغداد على البكاء والنحيب، وخرج العامة حفاة مخرّقين الثياب، والجميع يبكي ويندب الخليفة البطل وكأنهم يبكون حكمهم الذي ضاع وأملهم الذي راح .

الوزير العظيم نظام الملك :
أعداء الإسلام لم يهتموا فقط باغتيال كبار الأمة من القادة والخلفاء، ولكن امتدت أيديهم الفتنة لتغتال أي شخص يبدي نبوغًا ومهارة وديانة وقوة على استعادة الحق خاصة من الوزراء الذين كانوا بمثابة الذراع اليمنى للخلفاء والملوك والسلاطين وكبير هؤلاء الوزراء هو الوزير الكبير نظام الملك الحسن بن علي بن إسحاق وزير السلطان ألب أرسلان وولده ملكشاه وكان نظام الملك من أهل العلم حفظ القرآن وسمع الحديث ودرس الفقه فأنشأ المدارس ونشر العدل واستعمال الرجال الصلحاء والأقوياء في خدمة الدين وقمع أهل البدعة بشدة وطارد فرقة الباطنية المنحرفة حتى ثقل مكانه عليهم وعلى أعداء الإسلام فعملوا على اغتياله وتم لهم ذلك في 10 رمضان سنة 485 هـ على يد غلام باطني تظاهر بزي مسكين يطلب صدقة فلما همّ نظام الملك أن يعطيه صدقة طعنه الكلب طعنة قاتلة أودت بحياة هذا الوزير الكبير الذي أسدى للإسلام خدمات جليلة .

السلطان ألب أرسلان السلجوقي :
الملقب بسلطان العلماء ثاني سلاطين السلجوقية التي قضت على نفو> الشيعة والروافض بالعراق وما حولها، وكان ألب أرسلان عادلاً قويًا رحيمًا شغوفًا على الرعية خاصة الفقراء، وكان يتصدق بخمسة عشر ألف ديار في رمضان كل سنة، وكان شديد الحرص على حفظ أموال الرعايا، ولقد استطاع هذا السلطان الكبير أن يقود جيشًا مؤلفًا من عشرين ألف يجاهد فقط للانتصار الباهر على الروم سنة 463 هـ في الموقعة الأشهر [ملاذكرد] وقد جاء قائد الروم بجحافل أمثال الجبال من مختلف الأجناس روم وفرنجة وترك كفار وهو يريد استئصال الإسلام وأله والاستيلاء على بلاد العراق كلها ثم الميل على بلاد الشام ثم مصر ليعيدوا كل البلاد للكفر مرة أخرى، ولكن الله عز وجل أنزل نصره على المؤمنين وكان هذا النصر أقوى مسمار في نعش الدولة البيزنطية التي طالما حاربت المسلمين، وكان هذا الانتصار كفيلاً أن يثير أعداء الإسلام ويحرك أحقادهم ودسائسهم للتخلص من هذا الذي مرغ سمعة الروم في الوحل فلم يمض كثيرًا على هذا الانتصار حتى قتل ألب أرسلان على يد أحد الثائرين عليه دون أن تذكر كتب التاريخ دوافع هذا الثائر ولما قام بفعلته الشريرة ولكنه مخطط عالمي ينتظم في سلكه أعداء الإسلام أينما كانوا ولكيفهما كانوا .

الأمير المجاهد مودود :
عندما استولت جحافل الصليبيين على بلاد الشام وخاصة درتها الثمينة بيت المقدس سنة 492 هـ وكان المسلمون وقتها في حالة من التناحر والاقتتال على السلطان بين أبناء السلطان ملكشاه السلجوقي مما أذهل الناس عن العدوان الصليبي ولما استقرت الأمور قليلاً أرسل السلطان غياث الدين السلجوقي الأمير الكبير المجاهد مودود بن زنكي أمير الموصل لمحاربة الصليبيين فجمع مودود الجموع من أقاليم الجزيرة وتوجه للشام واستطاع أن يوقع بالصليبيين هزائم منكرة واستعاد منهم حصونًا كثيرة، وبذر بذرة الجهاد من جديد وتضافر المتطوعون من كل مكان لاستعادة بيت المقدس مرة أخرى، وتصاغر الصليبيون وطلبوا إمدادات من إخوانهم في أوروبا ، وكل ذلك في سنة واحدة، ولكن ماذا حدث ؟
لم تعجب أفعال وفتوحات مودود فرقة الباطنية الكافرة الفاجرة والتي كان يهمها أن يبقى الصليبيون داخل الشام ليقوم بالدعوة لمذهبهم في حرية في ظل غياب الرقابة الإسلامية في 22 ربيع أول سنة 507 هـ وكان يوم جمعة دخل مودود مسجد دمشق لأداء صلاة الجمعة فجاءه باطني مجرم بزي سائل يطلب منه شيئًا فأعطاه مودود بعض المال فلما اقترب منه ضربه بسكين فمات من ساعته رحمه الله، والعجيب المضحك المبكي في آن واحد أن ملك القدس الصليبي أرسل رسالة إلى ملك دمشق يقول فيها [إن أمة قتلت عميدها في يوم عيدها في بيت معبودها لحقيق على الله أن يبيدها].

الأمير المجاهد عماد الدين زنكي :
كان من النتائج الطيبة لاهتمام الوزير الكبير [نظام الملك] بالعلم والمدارس واستعمال الصالحين ذوي الكفاية استعمال الأمير عماد الدين زنكي بن أن سنقر على ولاية الموصل بإيعاز من القاضي بهاء الدين الشهروزوري فإن عماد الدين عن كفاية وحزم وأحدث طورًا كبيرًا في الجهاد الإسلامي والذي تبلور في أسمى صوره في عهده ولده نور الدين وخليفته صلاح الدين ولقد استطاع عماد الدين أن يوحد أقاليم الجزيرة في فترة وجيزة؛ لأن الجهاد الصحيح لا يكون إلا من صف واحد، وليس من صف ممزق وأهواء متباينة، وخاض عماد الدين معارك هائلة ضد الصليبيين وأخذ منهم حصونًا كثيرة مثل حصن الأثارب وقلعة حارم وقوي المسلمون بتلك الأعمال وتوج عماد الدين أعماله بفتح مدينة الرها سنة 539 هـ وكانت أقدس مدينة عند الصليبيين و>لك بعد حصار طويل وخدعة حربية ذكية جدًا حتى أنه قد رؤي له منامات صالحة بأن الله عز وجل قد غفر له بفتح الرها واستطاع عماد الدين أن يخلي منطقة الجزيرة [الواقعة بين الشام والعراق جهة الشمال] من حكم الصليبيين وشرهم .
ولكن ماذا جرى أثناء تلك الرحلة ؟ فجأة ودون أسباب معروفة يقتل عماد الدين وهو يحاصر قلعة [جعبر] التي تقع على نهر الفرات حيث عثر عليه قتيلاً في خيمته فمن قتله وكيف تم ذلك؟ لا أحد يعرف سوى أنه عثر عليه قتيلاً وقطعًا لا يقتل هذا الرجل الذي أعاد للإسلام كثيرًا من بلاده الأسيرة إلا عدوًا حاقدًا للإسلام وأهله .

السلطان العثماني عبد العزيز :
تولى عبد العزيز الحكم سنة 1277 هـ والدول الأوروبية الصليبية عازمة على الضغط على الحكومة العثمانية للاستمرار في خطورات الإصلاح من وجهة نظرهم الخبيثة يعبر عنها وزير الخارجية البريطانية لورد كلارندون سنة 1281هـ فيقول [إن الطريقة الوحيدة لإصلاح أحوال العثمانيين هي بإزالتهم من على سطح الأرض كلية] مما يوضح مدى حقد الصليبيين على الدولة العثمانية، وكان عبد العزيز ذا همة وذكاء شديدين أراد أن يستفيد من خلاف دول أوروبا مع روسيا على المصالح فعمل على تقريب روسيا فخافت أوروبا فعملت على تحريك عملائها داخل الدولة العثمانية للقضاء على السلطان عبد العزيز، وكبير هؤلاء العملاء هو مدحت باشا، وكان من يهود الدونمة روجت له الدعاية الماسونية في كل مكان على أنه أبو الدستور وقام بتأسيس جمعية الاتحاد والترقي التي استطاعت أن تعزل السلطان عبد العزيز عن مكانه، ولم يكتفوا ب>لك بل قاموا بقتله بعد عزله، ولكن لماذا قتلوا السلطان عبد العزيز ؟
إصلاحات وإنجازات عبد العزيز هي التي أثارت أعداء الإسلام ضده فلقد رفض الدساتير الغربية برمتها، وتمكن من إصلاح أحوال الدولة العثمانية إلى درجة كبيرة خاصة في المجال العسكري، وحدث الجيش وزده بأحدث الأسلحة وقوى الأسطول واهتم جدًا بسلاح المدفعية حتى صارت مدافع العثمانيين يضرب بها المثل في الدقة وقام بإصلاحات واسعة في الميزانية المالية واقتصاد الدولة، وعمل على إحقاق الحق وحاكم كبار الحكام الغير مخلصين مثل خروب باشا وعاكف باشا، واستطاعت الدولة في عهده من سداد ديونا وانتظمت الأحوال المالية، كل ما سبق جعل أعداء الإسلام متمثلين في قناصل وممثلي الدول الصليبية في الدولة العثمانية يخططون ويأتي التنفيذ على يد صنيعتهم مدحت باشا الذي اعترف بالاشتراك في قتل السلطان عبد العزيز .

السلطان العثماني عبد الحميد :
ما جرى للسلطان عبد الحميد هو قمة التآمر والاغتيال لأحلام المسلمين المتمثلة في قيادة ربانية تعيد اكتشاف الأمة المسلمة من جديد وكان السلطان عبد الحميد ذا عاطفة إسلامية قوية وإرادة فولاذية في مواجهة أعداء الإسلام ذا همة وذكاء ومكر ودهاء استطاع أن يبقى في الحكم أكثر من ثلاثًا وثلاثين سنة كان فيها سدًا منيعًا أمام أطماع المتربصين بالأمة من صليبيين ويهود ومشركين وتتخلص أهم

أعمال السلطان عبد الحميد فيما يلي :
1 ـ فكرة الجامعة الإسلامية :
والتي أراد بها عبد الحميد أن يوحد صف المسلمين تحت راية الخلافة ليواجه أعداء الإسلام المتربصين بالخلافة ولإثبات أن المسلمين يمكن أن يكونوا قوة سياسية عالمية يحسب لها حسابها في مواجهة الغزو الفكري الذي اجتاح كثيرًا من أجزاء الدولة المسلمة، وتلك الأهداف أدركها أعداء الإسلام جيدًا فها هو المؤرخ البريطاني [أرنولد توينبي] يعلق على مشروع الجامعة الإسلامية بقوله [إن السلطان عبد الحميد كان يهدف من سياسته الإسلامية تجميع مسلمي العالم تحت راية واحدة وهذا لا يعني إلا هجمة مضادة يقوم بها المسلمون ضد هجمة العالم الغربي التي استهدفت عالم المسلمين ولاقتت تلك الفكرة ترحيبًا عند المخلصين من العلماء والدعاة .
2 ـ تعريب الدولة :
حاول السلطان عبد الحميد أن يقوم بتعريب الدولة العثمانية لتقوى الروابط مع الشعوب العربية التي ملئ الإنجليز والفرنسيون رؤوس أبناءها بأن العثمانيين غزاة وجهلة ومغتصبون ولا يحسنون حتى اللغة العربية.
3 ـ محاربة الأفكار الدخيلة :
قام عبد الحميد بإصلاح نظام التعليم داخل المدارس والذي قد أصبح متأثرًا بالأفكار الغربية الدخيلة ونقى مناهج التعليم من مواد التغريب والقومية والعلمنة وجعل مدارس الدولة تحت رقابته الشخصية ووجهها لخدمة الجامعة الإسلامية، وقام بمحاربة السفور والتبرج وأصدر عدة فرمانات بمنع النساء من السير في الشوارع بدون الحجاب الشرعي ومنع ارتداء النساء للنقاب المصنوع من القماش الخفيف أو الشفاف الذي يبين خطوط الوجه، ومنع الاختلاط في المدارس وأنشأ دورًا خاصة للمعلمات وأنشأ مدرسة العشائر والتي هي مدارس إسلامية في المقام الأول تهدف لإخراج جيل مسلم ملتزم مجاهد على أرفع مستوى ويكفي نظرة واحدة لمناهج وبرامج تلك المدرسة

لمعرفة أهدافها النبيلة :
السنة الأولى : القرآن الكريم ـ اللغة العربية ـ العلوم الدينية ـ القراءة التركية ـ إملاء ـ تدريب عسكري .
السنة الثانية : القرآن الكريم ـ التجويد ـ العلوم الدينية ـ الإملاء ـ الحساب ـ تحسين الخط ـ تدريب عسكري .
السنة الثالثة : القرآن الكريم ـ التجويد ـ العلوم الدينية ـ الصرف ـ الحساب ـ الجغرافيا ـ الفرنسية ـ التدريب .

4 ـ التصدي لليهود :
وذلك الأمر من أعظم أعمال السلطان عبد الحميد والسبب الرئيسي في التآمر عليه فلقد وقف سدًا منيعًا أمام كل محاولات اليهود لدخول فلسطين والتوطن بها، وله المواقف التي تكتب بماء الذهب مع زعيم الصهيونية العالمية [هرتزل] وكان حسمه لتلك القضية مفخرة لكل مسلم في زماننا هذا الذي يبيع فيه المقدسات بأبخس الأثمان .
هذه بعض أعمال السلطان عبد الحميد التي قام بها والتي ألبت عليه أعداء الإسلام من كل حدب وصوب فتخالف عليه اليهود والصليبيون والعلمانيون والقوميون والحاقدون وأجمعوا كيدهم وأحكموا مخططهم ثم جاء التنفيذ والضربة بين الجهلاء والسفهاء الأغبياء من أعضاء جمعية الاتحاد والترقي اكتشفوا فيما بعد أنهم قد وقعوا تحت تأثير الماسونية والصهيونية فهذا أنور باشا يقول لجمال باشا وكلاهما من قادة الاتحاد والترقي [أتعرف يا جمال ما هو ديننا؟ إننا لم نعرف السلطان عبد الحميد فأصبحنا آلة بيد الصهيونية واستثمرتنا الماسونية العالمية] وقال أيوب صبري قائلاً الاتحاد بين العسكريين [لقد وقعنا في شرك اليهود عندما نفذنا رغبات اليهود عن طريق الماسونيين لقاء صفحتين من الليرات الذهبية في الوقت الذي عرض فيه اليهود ثلاثين مليون ليرة ذهبية على السلطان عبد الحميد لتنفيذ مطالبهم إلا أنه لم يقبل بذلك .


 

 


المنتصر

يقول احد القادة القدماء وهويخاطب جنوده . ( اذا لم تكونوا مستعدين للقتال من أجل ما تروه عزيزاً عليكم , فسوف يأخذه أحد ما عاجلا أو اَجلا , واذا كنتم تفضلوا السلام على الحرية فسوف تخسرونهما معاً , واذا كنتم تفضلوا الراحة والرخاء والسلام على العدل والحرية فسوف تخسروهما جميعا ) .

   

رد مع اقتباس