عرض مشاركة واحدة

قديم 14-07-09, 08:58 PM

  رقم المشاركة : 10
معلومات العضو
المنتصر
مشرف عام

الصورة الرمزية المنتصر

إحصائية العضو





المنتصر غير متواجد حالياً

رسالتي للجميع

افتراضي



 

الصومال يوسع دائرة الشرق الأوسط الأمريكي الجديد


من عجائب السياسة أن كل محاولات المحافظين المسيحيين الجدد المتطرفين في إدارة أمريكا للسيطرة على مناطق العالم المختلفة تفشل بعوامل لا قبل لهم بها ولا توقع لمسارها .. ففي الوقت الذي كانوا يستعدون فيه لتغيير نظام حكم عدوهم اللدود في أمريكا الجنوبية (كوبا) ويتهيؤون لمرحلة ما بعد كاسترو، ظهر لهم زعيم جنوبي جديد معادي لخطط الهيمنة الأمريكية في فنزويلا هو هوجو شافيز الذي يتحول تدريجيا إلى كاسترو فنزويلا .



وفي الوقت الذي سعوا فيه لتفصيل ثوب جديد لشرق أوسط خال من المقاومة والإسلاميين، ظهر لهم المقاومون في العراق وحماس في فلسطين، وأصبحت خطط الشرق الأوسط الجديد المخصص ليتبوأ فيه الصهاينة مكانة القيادة نوع من الحلم في ذهن مريديه .

وضمن سلسلة الفشل الأمريكية هذه جاءت سيطرة الإسلاميين على مزيد من المناطق في الصومال وتحول البلاد إلى دول تديرها قوات المحاكم الإسلامية لتخرق ثوب الشرق الأوسط الأمريكي الجديد وتغير من خريطة المنطقة إستراتيجيا بما يضر بالمصالح الأمريكية .

ففي غضون مدة قصيرة لا تتعدى شهرين وسع الإسلاميون من نطاق سيطرتهم علي الصومال وأصبحوا يستولون على المدن واحدة تلو الأخرى وبدون قتال في أحيان كثيرة، حيث يسلم لهم المسؤولون السابقون والقبائل أسلحتهم وعتادهم، وفي غضون مدة قصيرة أصبحوا هم الحاكم الفعلي في البلاد مقابل حكومة ورئيس دولة معزول قرب الحدود الإثيوبية .

ومع أن هذه السيطرة التي ارتضاها غالبية الصوماليين عن طيب خاطر جاءت لرغبة الجميع في نوع من الاستقرار والهدوء بعد فترات طويلة من الحروب التي تسبب فيها أمراء الحرب الذين تمولهم الولايات المتحدة لضمان أن يظل الصومال مواليا لها، فقد أغضبت هذه السيطرة للإسلاميين، الولايات المتحدة وأنصارها من دول الجوار خصوصا إثيوبيا التي تحارب الصومال منذ قرون بسبب الصراع التقليدي القديم بين الجارتين، بسبب الخشية من تأثير تصاعد نفوذ الإسلاميين في الصومال على الأقلية المسلمة في إثيوبيا .

ولهذا لم يكن مستغربا أن يحدث تنسيق أمريكي – إثيوبي عاجل من أجل التحرك لحصار هذه السيطرة الإسلامية في الصومال، أو تدخل قوات أثيوبية إلى الصومال وتحذر المحاكم الصومالية من التقدم نحو مدينة بيداوا التي يتحصن بها الرئيس الصومالي وحكومته، أو يجري على نطاق واسع تشويه صورة المحاكم الإسلامية وتصويرها علي أنها طالبان أخرى وأن زعيمها "إرهابي"، بهدف حشد المعارضين الصوماليين ضدها .

أيضا لم يكن مستغربا أن يقدم العشرات من أعضاء الحكومة الصومالية استقالتهم خلال الأسابيع الماضية إلى (رئيس الوزراء) علي محمد جيدي لأنه – حسب قولهم – "مدعوم من القوات الإثيوبية" المنتشرة في الصومال لحماية الحكومة من تقدم الميليشيات الإسلامية التي سيطرت على مقديشو وعدد من المناطق جنوب الصومال ، كما أن الحكومة الصومالية الانتقالية التي تشكلت عام 2004 عاجزة عن فرض النظام وهي لا تسيطر إلا على منطقة بيداوة حيث اتخذت مقرا لها .



وما يلفت الأنظار – وسيكون له دور حاسم في مواجهة المخطط الأمريكي لشرق أوسط وإفريقيا جديدة موالية للغرب – أن الإسلاميين وسعوا نطاق سيطرتهم في وسط الصومال بعد استسلام ميليشيات محلية لم تقاومهم بل تعهدت بمساعدتهم على فرض الشريعة في هذا البلد الذي يشهد حربا أهلية منذ العام 1991 .

حيث سلمت ميليشيات تابعة لقبيلة (هوية) وهي أبرز قبيلة صومالية 50 آلية على الأقل كلها مجهزة بأسلحة رشاشة إلى المجلس الإسلامي الأعلى في الصومال في مدينة أدادو بمنطقة جالجود (وسط)، وهو ما عده (زعيم المجلس الإسلامي الأعلى) الشيخ حسن ضاهر أويس تطورا هاما يعكس رغبة الصوماليين في عودة الهدوء والاستقرار، ورغبتهم في أن تحكمهم الشريعة الإسلامية .

وقد أدت سلسلة الانتصارات لأن يسيطر الإسلاميون على العاصمة الصومالية وعلى جزء كبير من جنوب البلاد وجزء من وسط البلاد، كما بسطت المحاكم سيطرتها على منطقة (موجود) شمال منطقة جالجود حيث وضعت حدا لأعمال القرصنة في مرفأ مدينة هراديري الواقعة على بعد 300 كلم شمال مقديشو.

وأزعج هذا بالطبع إثيوبيا التي أرسلت قواتها داخل حدود الصومال لتحمي الحكومة الصومالية الموالية لها في بيداوة، والتي تعهدت لاحقا "بسحق" مليشيا المحاكم الإسلامية الصومالية القوية بعدما هددت المحاكم الإسلامية بشن الجهاد ضد قوات أديس أبابا لاتهامها بإرسال قوات لحماية الحكومة الصومالية الانتقالية الضعيفة حيث كشف شهود عيان توغل للقوات الإثيوبية في مدينة صومالية ثانية قريبة من بيداوة مقر الحكومة الانتقالية لحمايتها من أي تقدم للإسلاميين نحو المدينة .



وكان زعيم الإسلاميين الصوماليين الشيخ حسن ضاهر أويس قد دعا الصوماليين إلى "الجهاد" ضد إثيوبيا متهما جيشها "باجتياح" الصومال التي تشهد حربا أهلية منذ 1991، وخرج سكان مقديشو لدعم الشيخ أويس وإدانة التحرك الإثيوبي الذي وصفه بعضهم بأنه عمل استفزازي متعمد خصوصا أن هناك محاولات لإجراء محادثات سلام بين الإسلاميين والحكومة واتفاق هدنة واعتراف متبادل تم توقيعه في الخرطوم في 22 يونيو الماضي .

ويبدو أن التحرك الإثيوبي ونشر قوات في المنطقة الحدودية داخل الصومال (250 جندي وفق الصوماليين) جاء بغرض استعراض العضلات وترهيب المحاكم من الزحف تجاه بيدواة خاصة أن سيطرة قوات المحاكم تهدد قوة إثيوبيا الإقليمية في المنطقة من جهة وتهدد في الوقت نفسه الأمن الإثيوبي بسبب الخشية من أن يشجع هذا الأقلية الإسلامية علي زيادة مطالبها ، كما أن هذا يهدد بدوره المصالح الأمريكية في المنطقة المتوافقة مع المصالح الإثيوبية .

ولهذا قال الشيخ أحمد (زعيم المحاكم) من مقديشو التي بسطت المحاكم الشرعية سلطتها عليها الشهر الماضي ووسعت نفوذها إلى جزء من الصومال "سنقاتل ونموت دفاعا عن الصومال أمام العدوان الإثيوبي"، بعدما قالت إثيوبيا أنها ستدافع عن الحكومة الانتقالية إذا هاجمتها المحاكم الشرعية التي تتهمها مثل الولايات المتحدة بإيواء متطرفين بمن فيهم عناصر مطلوبين من تنظيم القاعدة .



ويبدو أن الخطر الأكبر الذي تشكله قوات المحاكم الإسلامية – بخلاف الميليشيات السابقة – هو أنها تعتبر بمثابة كيان سياسي قوي وليس مجرد قوات تحارب من الشباب خصوصا بعد اختيار الشيخ حسن ضاهر أويس- الذي تصفه أمريكا بأنه "إرهابي دولي" - رئيسا لمجلس المحاكم الشرعية في الصومال وتحول التنظيم الذي بات يسيطر على قسم من البلاد إلى كيان سياسي له برلمان خاص به ورئيس يحكم قسم كبير من أرض الصومال .

وربما لهذا بدأ الاهتمام الأمريكي ينصب علي الصومال ، ولكنه عاجز في ظل توتر الأوضاع في مناطق أخرى مثل العراق ولبنان عن التركيز علي مواجهة المحاكم الإسلامية هناك، فالولايات المتحدة تلاحق زعيم المحاكم (نحو 60 عاما) منذ نوفمبر عام 2001 وقد منعته من السفر إلى أراضيها وأخضعته لعقوبات مالية بسبب علاقاته المفترضة مع زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن .

ويؤكد تقرير صدر في ديسمبر عام 2005 عن مجموعة الأزمات الدولية إن أويس كان من قادة الاتحاد الإسلامي الرئيسيين، حيث كان الاتحاد الإسلامي تنظيم جهادي تم إنشاؤه مطلع الثمانينات في الصومال لكن وجوده بات شبه معدوم منذ العام 2005. وقد شارك في الحرب الأهلية التي انطلقت عام 1991 ويعد برنامجه أن القران هو الأساس للحياة السياسية والاجتماعية .



ويشير تقرير مجموعة الأزمات إلى أن أويس هو من الوجوه الرئيسية التي أنشأت محكمة "ايفكا حلان" والتي يصفها التقرير بأنها إحدى أكثر المحاكم الإسلامية تشددا .

ويرى متخصص في شؤون الصومال بأن هذه المحاكم تحولت إلى "كيان سياسي" بإنشائها هيئتين على الأقل، حيث كانت المحاكم قبل ذلك منتظمة في (تحالف المحاكم الشرعية) الذي يرأسه الشيخ شريف شيخ أحمد المعروف باعتداله كما يصفه الغرب، ثم أنشأت المجلس الجديد للمحاكم الشرعية الذي يضم 88 عضوا من بينهم أويس ويعد بمثابة الهيئة التشريعية (البرلمان) فيما يرأس الشيخ شريف أحمد الهيئة التي تلعب دور المجلس التنفيذي .

صحيح أن المحاكم لم تتحدث عن "إقامة جمهورية إسلامية"، ولكنها تثبت أقدامها يوما بعد آخر، وهذا منبع الخطورة، خصوصا أنها تكتسب في نفس الوقت مصداقية واحترام الصوماليين وتسعى للسيطرة على المناطق وإنشاء محاكم إسلامية تعيد الاستقرار والهدوء في المدن التي تسيطر عليها .



أيضا تتعامل المحاكم الشرعية بطريقة معقولة مع الحكومة الصومالية حيث توصلت في 22 يونيو إلى اتفاق اعتراف متبادل مع الحكومة الانتقالية التي استلمت مهامها عام 2004 ولم تتوصل إلى فرض النظام، ولم تنازعها السلطة فعليا ولكنها تسعى لذلك عمليا باعتبارها القوة العسكرية الأولى الآن في الصومال وتسيطر على غالبية المدن والمواني .



فهل تنجح المحاكم – والولايات المتحدة غائبة في مستنقع العراق ولبنان – في أن تفرض نفسها على الساحة وتسيطر على الصومال كله وتفرض حكم إسلامي يهدم المخططات الأمريكية في الشرق الأوسط وإفريقيا معا، أم تتدخل واشنطن للمرة الثانية لإجهاض هذا النبت الوليد، أم تفوض الإثيوبيين لمحاربة المحاكم الإسلامية نيابة عنها ؟! وهو الأمر الذي بدا واضحا بعد بدء المفاوضات بين المحاكم الإسلامية وبين الحكومة الانتقالية والذي أتبعه انفجار سيارتان ملغومتان بالقرب من مبنى البرلمان في بيداوا، وراح ضحيته ثمانية صوماليين ادعت الحكومة الانتقالية أن تنظيم القاعدة يقف من خلفه، في حين يجمع الإسلاميون على أن الدمى الحبشية التي تحركها الأيدي الأمريكية من وراءه، فهل سينجح إسلاميو الصومال في المرور بالبلاد خلل هذا الدخن وتلك المؤامرات إلى بر الأمان، هذا ما ستنجلي عنه الأيام المقبلة .

يتبع....

 

 


المنتصر

يقول احد القادة القدماء وهويخاطب جنوده . ( اذا لم تكونوا مستعدين للقتال من أجل ما تروه عزيزاً عليكم , فسوف يأخذه أحد ما عاجلا أو اَجلا , واذا كنتم تفضلوا السلام على الحرية فسوف تخسرونهما معاً , واذا كنتم تفضلوا الراحة والرخاء والسلام على العدل والحرية فسوف تخسروهما جميعا ) .

   

رد مع اقتباس