عرض مشاركة واحدة

قديم 23-02-10, 11:25 AM

  رقم المشاركة : 13
معلومات العضو
البارزانى
Guest

إحصائية العضو



رسالتي للجميع

افتراضي



 

ز. مستوى الطيارين والأطقم الفنية


بالرغم من امتلاك إسرائيل لأعداد كبيرة من الطائرات، فإنها كانت دائماً تخطط لمضاعفة المجهود الجوي لسلاحها الجوي، وذلك بزيادة أعداد الطيارين المدربين، تدريباً جيداً، على مهام العمليات، وقد وصلت نسبة الطيارين إلى الطائرات، قبل حرب أكتوبر 1973، إلى ثلاثة طيارين لكل طائرتين، وسبب هذه الزيادة هو تدفق أعداد كبيرة من الطيارين المتطوعين المحترفين اليهود، من الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا، ممن يحملون الجنسية المزدوجة، بالإضافة إلى الأطقم الفنية عالية الكفاءة، حيث يمكن، بمساعدتها، مضاعفة الطلعات اليومية للطائرة الواحدة.


وفي مجال التدريب، اهتمت إسرائيل بتدريب الطيارين على مهام القتال المختلفة، حيث توافرت لها خبرات القتال، من ميادين القتال في فيتنام، ومن خلال حرب الاستنزاف، حيث واجهت نفس أسلحة الدفاع الجوي الروسية، التي استخدمتها فيتنام.


ح. التمركز الآمن


نتيجة لاحتلال القوات الإسرائيلية لسيناء، توافر لإسرائيل عمق إستراتيجي كبير، يصعب معه وصول الطائرات المصرية، قصيرة المدى، إلى قواعد التمركز الرئيسية داخل إسرائيل.
ط. استعواض الخسائر والدعم الخارجي


يستند السلاح الجوي الإسرائيلي، على دعم أمريكي مطلق، حيث يتم استعواض أي خسائر في الطائرات من دون مقابل، ويتم التزود بالأسلحة والمعدات الإلكترونية، بمجرد الحاجة إليها.
هذا بالإضافة إلى وجود الكثير من الخبراء المتخصصين والعلماء، للمساهمة في التخطيط لأعمال السلاح الجوي الإسرائيلي، والعمل على حل أي مشاكل فنية أو تكتيكية، قد تظهر في أثناء العمليات.


ى. الأساليب والتكتيكات


اتبعت طائرات القتال لسلاح الجو الإسرائيلي، الأساليب والتكتيكات التالية:


(1) الاقتراب على ارتفاعات منخفضة، ومنخفضة جداً.
(2) استخدام الإعاقة الرادارية واللاسلكية، بكثافة شديدة.
(3) استخدام الصواريخ الموجهة جو/ أرض، وبقية أسلحة الهجوم الجوي الحديثة، ومحاولة إطلاقها من خارج مناطق القتال.
(4) استخدام أسلوب المشاغلة من اتجاه، ثم الهجوم على ارتفاع منخفض من اتجاه آخر.
(5) استخدام الطائرات، الموجهة من دون طيار، بغرض المشاغلة واستنزاف الصواريخ.
(6) استخدام القنابل ذات الأوزان الثقيلة ألف، وألفي رطل، مع استخدام النابالم، فقد استخدمته في أثناء حرب الاستنزاف.


ك. الدعم الخارجي في مجال المعلومات والاستطلاع


مما لا شك فيه، أن السلاح الجوي الإسرائيلي، على رغم الإمكانيات الكبيرة، التي حصل عليها، فإنه استفاد، بصفة رئيسية، من مصادر المعلومات والاستطلاع الأمريكية، سواء من طلعات طائرات الاستطلاع الإستراتيجية، من نوع sr-71، أو من معلومات الأقمار الصناعية، التي كانت توفر له معلومات فورية، عن أوضاع القوات العربية على مختلف جبهات القتال، وكذا في العمق.


3. التطور في الدفاع الجوي المصري قبل حرب أكتوبر 1973


استكملت منظومة الدفاع الجوي المصري تطورها؛ استعداداً لمعركة التحرير، بعد أن نجحت في غرس أقوى شبكة دفاع جوي، كثافة وتطوراً، وتوقف التهديد الجوي الإسرائيلي لأهداف في العمق المصري اعتباراً من 18 أبريل 1970.


وبرزت قيمة وتأثير شبكة الصواريخ غرب القناة، عندما تعمدت إسرائيل تحدي هذه الشبكة في شهري يونيه ويوليه 1970، ونتج عن ذلك تدمير وإصابة نحو 18 طائرة فانتوم وسكاي هوك، وكان يوم 30 يونيه 1970، هو يوم الفخر والمجد لقوات الدفاع الجوي، وما زالت تحتفل به مصر وقوات الدفاع الجوي. وشمل التطور الاتجاهات الآتية:
أ. الحجم


كان حجم الصواريخ المضادة للطائرات، في حرب 1967 وبداية حرب الاستنزاف، حوالي 25 كتيبة، لا تستطيع في أحسن الأحوال إلا مواجهة 10%، من طائرات الهجمة الجوية الإسرائيلية. وقبل بدء الحرب، كان حجم صواريخ الدفاع الجوي قد ارتفع لأكثر من أربعة أضعاف، كما ارتفع حجم وحدات الرادار والإنذار إلى أكثر من الضعف.


وكان التجميع الرئيسي، لأسلحة وأجهزة الدفاع الجوي، مركزاً في منطقة القناة، من القنطرة غرب حتى ميناء الأدبية جنوب السويس، وبعمق 30 كم غرب القناة، حيث احتلت أكثر من 45 كتيبة صواريخ سام 2 وسام 3، بالإضافة إلى كتائب المدفعية المضادة للطائرات، المختلفة العيار وكتائب المدفعية 23مم الرباعية "الشيلكا"، وكتائب سام 7، وكتائب رادار، وكتائب مراقبة بالنظر، تدار عملياتها المشتركة مع القوات الجوية، من خلال مركز عمليات مشترك.


كما أنشأت لها غرفة عمليات، على محور منفصل في منطقة بورسعيد الدفاعية، ولكنه مرتبط بشبكة الدفاع الجوي، في نظام الإنذار والتوجيه، لقيادة عناصر الدفاع الجوي عن بورسعيد. هذا بالإضافة إلى أسلحة الدفاع الجوي المخصصة للتشكيلات البرية، والتي تدخل ضمن تنظيم فرق المشاة، والفرق الميكانيكية، والفرق المدرعة، والتي تضم المدافع 23مم الثنائية، والرباعية الموجهة رادارياً، من نوع "شيلكا"، وصواريخ سام 7، والمدفعية المضادة للطائرات 57 مم الموجهة رادارياً، و57 مم الذاتي الحركة مع الفرق المدرعة.


وأضيف إليها فيما بعد صواريخ سام 6 ذاتية الحركة، التي تم توزيعها على قوات الجيشين الثاني والثالث. كما استقرت وحدات الدفاع الجوي عن عمق الدولة، في كل من القاهرة، والإسكندرية، وأسوان، وباقي العمق المصري، الممتد طولاً وعرضاً.


ومما لاشك فيه، أن هذه الطفرة الهائلة، في حجم ونوعية الدفاع الجوي المصري، وبعد حساب قدرات الأفرع الرئيسية الأخرى للقوات المسلحة، بين مصر وإسرائيل، نجد أن ميزان القوى كان قد تحول لصالح مصر، عام70/1971، وكان هذا راجعاً إلى إقامة هذه الشبكة الكبيرة للدفاع الجوي وتأثيرها المباشر على أقوى أسلحة إسرائيل، المتمثلة في القوات الجوية.


ب. النوعية


حدث تطور كبير في نوعية أسلحة الدفاع الجوي، أهمها:
(1) رفع الكفاءة القتالية والفنية لكتائب الصواريخ سام 2؛ لتحسين قدراتها على الاشتباك مع الأهداف المنخفضة، وتحت ظروف استخدام العدو للإعاقة الرادارية وأسلحة الخمد، وزيادة قدراتها على المناورة.


(2) انضمام أنواع جديدة من الصواريخ، أكثر تطورا، مثل سام 3، وسام 6، وسام 7؛ للتعامل مع الطيران المنخفض.


(3) وفي المدفعية المضادة للطائرات، دخل إلى الخدمة نظام "الشيلكا"، عيار 23مم الرباعي والمجنزر والموجه رادارياً، كذلك تم إدخال تعديلات لرفع كفاءة المدافع 57 مم .


(4) دخلت، لأول مرة، أنظمة روسية جديدة للقيادة والسيطرة الآلية، وبالرغم من عدم تطور هذه الأنظمة، فإنها حققت بعض الفوائد، أهمها أنها كانت البداية للتعامل مع نظم القيادة الآلية فيما بعد.
ج. الاستطلاع والإنذار


(1) في الرادار، دخل الخدمة أجهزة حديثة، مثل ب -15، ب -14، ب -11، ب -35، التي حسنت، إلى حد كبير، القدرة على كشف الأهداف المنخفضة والعالية، وكذا دقة الإحداثيات، مما ساعد على رفع كفاءة توجيه الطائرات، وأضاف إمكانيات كبيرة للحقل الراداري.


(2) إقامة سلسلة طويلة من نقاط المراقبة الجوية بالنظر، على حدود وسواحل مصر، لاكتشاف الطيران المنخفض جداً والتبليغ عنه، وكذا تغطية المناطق والثغرات، غير المغطاة رادارياً.


(3) ربط وحدات الإنذار بالرادار وسلاسل نقاط المراقبة الجوية بالنظر، بمراكز القيادة المشتركة، من طريق شبكة متكاملة من المواصلات الإشارية الخطية، واللاسلكية، ومتعددة القنوات، محصنة جيداً، ضد أعمال التصنت والإعاقة بأنواعها، مما أدى إلى وصول بلاغات الإنذار إلى الوحدات المستفيدة بأقل زمن تأخير.


د. التجهيز الهندسي والإخفاء


استكملت التحصينات الهندسية، وخصصت لجميع الوحدات مواقع قتال رئيسية وتبادلية محصنة، وأنشئت عشرات المواقع الهيكلية المتداخلة، وغير المتداخلة، مع المواقع الحقيقية، وهذه المواقع الهيكلية، كان لها دور كبير في امتصاص الكثير من ضربات العدو الجوية.


هـ. القيادة والسيطرة وتنظيم التعاون


كان، من أهم عناصر تطوير منظومة الدفاع، اكتمال مراكز القيادة المشتركة، التي تجمع بين عناصر الدفاع الجوي الثلاثة، المقاتلات، ووحدات الرادار، ووحدات الصواريخ والمدفعية، وأصبح هذا الأسلوب هو السائد في القيادة والسيطرة، مما أزال الكثير من السلبيات السابقة.
ووفرت هذه المراكز المشتركة رسم صورة حقيقية للموقف الجوي، على جميع الارتفاعات، أمام القادة المناوبين، مما مكنهم من تقدير المواقف، بدقة، وتنفيذ خطط تنظيم التعاون، بين المقاتلات ووسائل الدفاع الجوي، بنجاح كبير، وربما للمرة الأولى، يتم تخصيص المهام للمقاتلات والصواريخ بالمناطق، بل داخل المنطقة الواحدة لتحقيق الاستفادة الكاملة من إمكانيات وطاقات كل العناصر؛ لصد ضربات العدو الجوية.




المبحث السادس

الدفاع الجوي المصري يخوض حرب أكتوبر 1973





تمكنت القوات المسلحة المصرية، من الحصول على استعواض الأسلحة والمعدات، التي فُقدت في معركة يونيه 1967، ومعارك الاستنزاف، والإمداد بأسلحة جديدة ومتطورة وحديثة، تمت تجربتها ميدانياً، لصالح مصر والاتحاد السوفيتي، بناءً على خبرة ميدان فيتنام، وميدان الشرق الأوسط. وبذا انتقلت مصر، عبر حرب الاستنزاف، إلى استخدام الجيل الجديد من التسليح المتطور، الذي وافق الاتحاد السوفيتي على إمداد مصر به، في أثناء زيارة الرئيس جمال عبدالناصر عام 1970، مثل سام -6، وسام -7، والمدافع 23مم الرباعية الموجهة رادارياً، والطائرة الميج 25.


وقد أطلق بعض المحللين على حرب أكتوبر 1973 اسم "الحرب المرآة"، أي أنها صورة لما حدث في حرب 1967، ولكن بمباغتة مصرية عربية، وعلى رغم أن الدروس المستفادة من الجولات العربية ـ الإسرائيلية السابقة مكررة تقريباً، وتصور الحقيقة إلى حد بعيد، فإن الحال قد اختلف بالنسبة إلى نتائج حرب 1967، وذلك بسبب قسوة الهزيمة وتعنت الجانب الإسرائيلي وصلفه.


وبالنسبة إلى الدفاع الجوي المصري، فقد بُذلت الجهود المتواصلة، وكان الإصرار على بناء منظومة متكاملة للدفاع الجوي، تستطيع أن تواجه، وبندية، القوة الجوية الإسرائيلية.


أولاً: التخطيط لعمليات الدفاع الجوي في حرب أكتوبر 1973


تشكل، في قيادة الدفاع الجوي، جهاز خاص للعملية الهجومية، وبدأ هذا الجهاز يعمل، بالتنسيق مع باقي أجهزة التخطيط، في القيادة العامة للقوات المسلحة، وكان على هذا الجهاز أن يجري التقديرات والدراسات، التي تكفل للخطة النجاح المنشود، وصولاً إلى الهدف المحدد، وهو حرمان العدو من تفوقه الجوي، وتحييد قواته الجوية في مسرح القتال.


وكان هناك عدد من الحقائق، لا بد من وضعها في الاعتبار، أساساً لضمان واقعية التخطيط، وهذه الحقائق هي:


1. أن قوات الدفاع الجوي ستتحمل العبء الأكبر، في مواجهة القوات الجوية الإسرائيلية المتفوقة، بكامل قدراتها، وذلك لأن القوات الجوية المصرية، لم تكن قادرة على مواجهة القوات الجوية الإسرائيلية، لقصر مدى طائراتها على توجيه ضربة إلى قواعد تمركز السلاح الجوي الإسرائيلي، وإنزال خسائر ملموسة بطائراته، على الأرض، لتمنع جزءاً كبيراً منها من الاشتراك في المعركة.
وقد ساهم، في تخفيف هذا العبء، بدء العمليات في وقت واحد، على الجبهتين المصرية والسورية، وكذا وضع مركز الإعاقة الأرضية، في أم خشيب بسيناء، على رأس قائمة أهداف الضربة الجوية الأولى، مما ساعد على تخفيف وطأة الإعاقة الإلكترونية، على وحدات الدفاع الجوي، في أيام القتال الأولى.


2. مواجهة التحدي الكبير، المتمثل في اتساع مسرح العمليات، وذلك بوضع خطة متوازنة تحقق حماية الأهداف الحيوية بالعمق، بكثافة مناسبة، مع المناورة بالقوات والوسائل لتحقيق التركيز المطلوب في جبهة القناة. كما تم تنظيم التعاون مع القوات الجوية، لحماية المناطق والأهداف، التي لا يتوافر لها عناصر دفاع جوية قوية.


3. أن حسم نتائج المعركة الرئيسية، مع القوات الجوية الإسرائيلية، في منطقة القناة، في الساعات والأيام الأولى، يعتبر أمراً مصيرياً للقوات المسلحة، وفي هذا المجال، راعت الخطة أن يتم تدعيم الجيوش الميدانية، بأكبر قدر ممكن من وسائل الدفاع الجوي، خفيفة الحركة، على أن يتم استعواض خسائرها باستمرار على حساب العمق.


4. أن قوات الدفاع الجوي يجب أن تكون جاهزة لصد ضربة الإحباط المعادية، أو الهجمات الجوية المركزة من الأوضاع الدفاعية، ثم تتحول بسرعة إلى الأوضاع اللازمة لتحقيق مهمتها الرئيسية في وقاية القوات البرية في أثناء العملية الهجومية.


5. أن العدو سيحاول، بكل الطرق، تدمير عناصر الدفاع الجوي بالجبهة، أو إسكاتها باستخدام كل الوسائل الإلكترونية والتكتيكية والنيرانية وأسلحة الخمد، في معركة حياة أو موت، يجب أن تخرج منها قوات الدفاع الجوي قوية، قادرة على الاستمرار في القتال، وتنفيذ المهام المكلفة بها.


6. أن حجم عناصر الدفاع الجوي المتحركة ذات الفاعلية غير كاف لتغطية القوات في المرحلة النهائية للعملية، وقد راعت خطة القوات المسلحة ذلك، عندما حددت شرط تنفيذ هذه المهمة، بتوافر الظروف المناسبة، ومعنى ذلك انخفاض قدرات السلاح الجوي الإسرائيلي إلى الدرجة، التي تكفي فيها هذه العناصر. كما أن قوات الدفاع الجوي خططت لتدعيم الحماية المضادة للطائرات، في هذه المرحلة، باستخدام صواريخ الدفاع الجوي الثقيلة بأسلوب الانتقالات المتتالية.


ثانياً: إجراءات الدفاع الجوي المصري في حرب أكتوبر 1973


ولمواجهة التحديات السابقة، فإن خطة الدفاع الجوي للعملية، شملت الإجراءات الرئيسية التالية:
1. مواجهة الهجمات الجوية المعادية المتوقعة، خلال الفترة التحضيرية، بتجمعات قوية ومتماسكة ومتكاملة، من مختلف أنواع عناصر الدفاع الجوي، طبقاً للخطة الدفاعية.


2. عدم إجراء أي مناورة بقوات ووسائل الدفاع الجوي، إلا في آخر وقت ممكن، قبل بدء العملية.


3. تطبيق مبدأ الحشد في اتجاه المجهود الرئيسي، باستخدام 100% من عناصر الدفاع الجوي المتحركة، في النسق الأول للدفاع الجوي بالجبهة، و40% من الصواريخ المضادة للطائرات، و70% من وحدات المدفعية المضادة للطائرات والصواريخ الفردية سام 7.


4. المحافظة على سرية ترددات الأسلحة الجديدة، ومنع إشعاعها، إلا مع بدء المعركة.
5. التركيز الشديد على حماية المعابر، بحيث تتوافر حماية لكل معبر، بقدرة صد (' قدرة الصد: هي قدرة وسائل الدفاع الجوي على منع طائرات القتال المعادية، من الوصول إلى منطقة عملها، وتنفيذ مهامها، وقدرة صد واحدة تعني منع طائرة واحدة من تنفيذ مهمتها.') لا تقل عن 12 هدفاً، في وقت واحد، طوال العملية.


6. انتقال وحدات الصواريخ، في المرحلة الأولى، إلى مواقع متقدمة غرب القناة، تحقق وقاية القوات شرق القناة، حتى عمق 15كم، على الارتفاعات المنخفضة.


7. انتقال 60 % من وحدات الصواريخ بالجبهة، إلى مواقع شرق القناة خلف الأنساق الثانية للجيوش الميدانية، عند دفعها لتنفيذ المرحلة النهائية.


8. الاحتفاظ باحتياطي قوي من عناصر الصواريخ المضادة للطائرات، حوالي 15%، يمكن له تدعيم الدفاع بالصواريخ في الجبهة، في خلال ست ساعات، بالإضافة إلى احتياطي بعيد، يشترك في القتال في خلال 24-48 ساعة.


9. إنشاء حقل راداري مستتر، في الاتجاهات، التي يحتمل فيها تقلص الحقل الأصلي.


10. توفير جميع عناصر الصمود، لنظام الدفاع الجوي بالجبهة، مع السيطرة الكاملة على الإشعاع، لمنع العدو من استخدام أسلحة الخمد المتيسرة لديه.


11. تحقيق تنظيم تعاون وثيق، مع القوات الجوية، بتوفير الدفاع عن المطارات المتقدمة، عند احتلالها، والسيطرة على أعمال قتال المقاتلات، من مراكز مشتركة، وذلك بالإضافة إلى مجموعة كبيرة أخرى من الإجراءات، لا يتسع المجال لسردها.


ثالثاً: الأزيز والهدير بعد الصمت


في تمام الساعة الثانية وخمس دقائق، من بعد ظهر السادس من أكتوبر 1973، عبرت طائرات مصر وسورية خطوط المواجهة، على جبهة قناة السويس، وجبهة الجولان، فعلى الجبهة المصرية انطلقت مائتان وخمسون طائرة مصرية، إلى عمق سيناء؛ لتنفيذ الضربة الجوية المركزة، وكانت تطير على ارتفاع منخفض جداً، يعزف أزيزها الجبار لحن القوة والعزة والفخار لمصر وللأمة العربية، وتبث في المقاتلين على الخطوط الأمامية روحاً وثابة من الأمل والثقة بالنفس.


فها هي طائراتهم تتقدم صفوفهم، بكل الجرأة والجسارة، لأول مرة في تاريخ الصراع العربي الإسرائيلي، متجهة إلى أهدافها، وكان عليها أن تحطم ثلاثة مطارات، وقاعدة جوية، وعشرة مواقع صواريخ هوك، وثلاثة مواقع قيادة وسيطرة وإعاقة إلكترونية، بالإضافة إلى محطات الرادار، ومواقع المدفعية، ومناطق الشؤون الإدارية، وحصون العدو شرقي بور فؤاد.


ومتزامناً مع الضربة الجوية، هدرت نيران أكثر من ألفي مدفع، على طول الجبهة، تصب حممها على خط بارليف، وأهداف العدو في سيناء، وكان القصف شديداً بحيث سقط على المواقع الإسرائيلية، في الدقيقة الأولى، نحو 10 آلاف و500 دانة مدفعية، بمعدل 175 دانة في الثانية الواحدة.


واستمر الطوفان، وفي حوالي الساعة السابعة وخمسين دقيقة، كان هناك نحو 80 ألف مقاتل مصري، على الضفة الشرقية للقناة، على مواجهة 170 كم.


رابعاً: حائط الصواريخ وتوفير الحماية لقوات العبور


مرت الثواني والدقائق مفعمة بالجلال والروعة، ورفرفت أعلام مصر فوق سيناء الحبيبة، وتهاوت حصون خط بارليف، واحداً بعد الآخر، وهدير المقاتلين المصريين: الله أكبر، الله أكبر، يعلو فوق كل الأصوات.


وبقدر ما كان المشهد صاخباً والمعركة محتدمة، على الضفة الشرقية للقناة، كان هناك صمت وسكون مثير، يخيمان على مواقع الدفاع الجوي، كان الجميع، على كل المستويات، وفي المواقع، في حالة تحفز غريب، فقد اتسعت حدقات العيون، وتركزت الأبصار على شاشات الرادار، وأحكم القادة وعمال اللاسلكي وضع السماعات، وأرهفت الآذان. وكان الانتظار والترقب والقلق خشية أن يتمكن الطيران الإسرائيلي من معاقلهم، في بداية اللقاء، ويحرز المبادأة.


وفي الثانية وأربعين دقيقة، انتقل صخب المعركة وضجيجها، إلى مواقع الدفاع الجوي، وتمزق الصمت. وارتطمت طائرات العدو بحائط الصواريخ، وانطلقت الصواريخ المضادة للطائرات تزأر، وهي تشق طريقها المحسوب في السماء، وخرجت الطلقات متتابعة من مواسير المدافع، وكأنها سياط متصلة الحلقات من الحديد والنار، وتهاوت الطائرات ذات النجمة السداسية الزرقاء، واحدة بعد الأخرى.


وهكذا تحقق الهدف المنشود، منذ الدقائق الأولى للمعركة، وتحطمت أسطورة التفوق الجوي الإسرائيلي.


وأثبت الدفاع الجوي أنه السلاح الأول في معركة العبور العظيم، وأن البطل الأول في هذه الملحمة التاريخية، هو المقاتل المصري، الذي طوع الصاروخ، والمدفع، والأجهزة الدقيقة لإرادته، وكانت حصيلة جهود الأبطال، هي تحييد سلاح الجو الإسرائيلي، خلال معركة العبور.


وتتابعت أيام القتال بأحداثها ومعاركها المختلفة، عبر مراحل نستعرضها كما يلي:


1. المرحلة الأولى: الفترة من 6-13 أكتوبر 1973


وهي تمثل الأيام الأولى للعملية الهجومية، التي تم فيها اقتحام قناة السويس، وإنشاء رؤوس الكباري على الضفة الشرقية للقناة وتعزيزها.


أ. أعمال قتال اليوم الأول (6 أكتوبر 1973)


(1) قام السلاح الجوي الإسرائيلي، الساعة التاسعة صباح يوم السادس من أكتوبر، بطلعة استطلاع جوي بالتصوير بقوة طائرتي فانتوم، وبعمق 20-30 كم شرق القناة، وبارتفاع 15 كم، وذلك بالإضافة إلى طلعتي استطلاع إلكتروني، قبالة الساحل الشمالي من بورسعيد، إلى مرسى مطروح، وبعمق 100 كم إلى الشمال. ويعتقد أن هذا الاستطلاع الساحلي تم بطائرات أمريكية، أقلعت من حاملة طائرات بغرب البحر الأبيض المتوسط.
(2) قام العدو، بأول رد فعل لعبور قواتنا، بضربة جوية، ابتداء من الساعة الثانية وأربعين دقيقة ظهراً، بمهاجمة القوات القائمة بالعبور، واقتربت الطائرات، على ارتفاعات منخفضة بقوة 190 طائرة.
(3) استخدم العدو، الإعاقة الإلكترونية، ولكنها لم تكن مؤثرة، نتيجة لقيام طائراتنا بتدمير مركز الإعاقة الأرضية في سيناء "أم مرجم ـ أم خشيب"، واعتمد العدو على مصادر الإعاقة من المستودعات المحمولة بطائرة الهجمة، التي لم يكن لها نفس التأثير.
(4) ركز العدو هجماته الجوية على المعابر، والقوات القائمة بالعبور مما، عرض طائراته لوسائل الدفاع الجوي، التي تمكنت من تنفيذ مهامها، في توفير حماية جوية كاملة للقوات البرية، وتمكنت من تدمير 15 طائرة إسرائيلية، وإصابة 16 طائرة أخرى.
(5) وهكذا استمرت المعارك، خلال الساعات التالية، العدو يدفع بطائراته هنا وهناك، على طول الجبهة، يبحث عن القوات، التي نجحت في اقتحام القناة، ويحاول ضربها وإعاقتها عن التقدم على الضفة الشرقية للقناة، ويسعى جاهداً لتدمير جسورها ومعابرها، ولكنه يفشل في جميع محاولاته، وتنكسر الهجمات، وتتساقط طائراته.
(6) بعد توقف الهجمات الجوية المعادية، في حوالي الساعة الخامسة مساء 6 أكتوبر، تم تحليل لنتائج أعمال القتال، الذي أوضح، بما لا يدع مجالاً للشك، أن إحراز المفاجأة واتساع القتال على مواجهة واسعة، سبب ارتباكاً شديداً للسلاح الجوي الإسرائيلي، فالطلعات الجوية مرتجلة وغير مخططة جيداً، ومجهود العدو الجوي مبعثر، ولا يتصف بالحسم والتركيز، كما أن مستوى الطيارين أقل كثيراً، مما كان عليه أثناء حرب الاستنزاف.
ولا شك أن العدو اضطر تحت وطأة المفاجأ إلى استغلال ما لديه من الطيارين، في القواعد والمطارات، ولم يسعفه الوقت، بعد، بتجميع طياريه الأكفاء ذوي الخبرة. وخلال اليوم الأول للقتال، وحتى الساعة السادسة صباح يوم 7 أكتوبر، بلغت خسائر العدو حوالي 30 طائرة، وخسر الدفاع الجوي المصري عدداً من الضباط والجنود، سقطوا شهداء في ساحة القتال، ولم يحدث أي خسائر في المعدات.
(7) نتيجة للضربات الموجعة، التي أحدثها الدفاع الجوي المصري، أصدر قائد الطيران الإسرائيلي أوامره، بعدم الاقتراب من القناة إلى مسافة لا تقل عن 15 كم، وهذا يعني هزيمة كاملة ومحققة للقوات الجوية الإسرائيلية.
(8) استمرت الجهود، خلال الساعات المتبقية، لاستكمال خطة الدفاع الجوي، عن الكباري والمعابر على القناة، ومتابعة انتقال العناصر المقرر احتلالها، بمواقعها على الضفة الشرقية؛ لإحكام حماية الكباري والمعابر، ومن جميع الاتجاهات، كذلك تنفيذ انتقالات قواعد الصواريخ لتطوير الوقاية شرق القناة، ومتابعة تنفيذ خطط الخداع والتمويه، واستعادة موقف الذخائر والصواريخ، استعداداً لصد الهجمة الجوية المنتظرة، صباح اليوم التالي للقتال.
(9) خلاصة تحليل نتائج قتال اليوم الأول، كما سجلها قائد الدفاع الجوي "إن الانتصارات، التي حققها الدفاع الجوي المصري، في الساعات الأولى من المعركة، لا تستمد قوتها من أعداد الطائرات الإسرائيلية، التي تم إسقاطها، فهذه الأعداد، بالرغم من ضخامتها، لا تؤثر بشكل حاسم على قوة الطيران الإسرائيلي، وإنما تستمد هذه الانتصارات قيمتها البالغة، من المغزى الذي يكمن وراءها، لما لها من تأثير معنوي خطير، على كلا الجانبين المتحاربين.


فهي، بالنسبة إلى القوات المسلحة المصرية، دليل أكيد على أن ما حدث في يونيه 1967، لم يتكرر، فلم تبق سماء مصر مجالاً حراً للطيران الإسرائيلي، يعربد فيه كما يريد، وبذلك تسنح الفرصة للجنود المشاة المصريين والدبابات المصرية، ربما لأول مرة، من مواجهة الجنود والدبابات الإسرائيلية، وهي محرومة من مساندة قواتها الجوية.


أما بالنسبة إلينا، نحن رجال الدفاع الجوي، فتعني هذه الانتصارات مزيداً من الثقة بالنفس، كنا في حاجة إليها في الساعات الأولى للمعركة. أما بالنسبة إلى الجانب الإسرائيلي، فهي تعني اهتزاز ثقة المقاتل على الأرض، والطيار في الجو، وكل الشعب في داخل إسرائيل نفسها".


ب. أبرز أعمال قتال قوات الدفاع الجوي حتى 9 أكتوبر 1973


(1) في الصباح الباكر يوم 7 أكتوبر 1973، حاول العدو تنفيذ ضربة جوية، ضد القواعد والمطارات المصرية؛ ليكرر ما فعله في حرب يونيه 1967، وقام بالاقتراب على ارتفاعات منخفضة جداً، لمهاجمة عدد من القواعد الجوية الرئيسية في الدلتا والوجه القبلي والبحر الأحمر.
(2) لم تتمكن أجهزة رادار الإنذار من اكتشاف أهداف الهجمة بسبب انخفاضها، واقترابها من اتجاهات مستورة بالجبال والهيئات الطبيعية.
(3) نجحت شبكة المراقبة الجوية بالنظر، في إنذار عناصر الصواريخ والمدفعية والقوات الجوية في الوقت المناسب.
(4) تصدت عناصر الدفاع الجوي المتكاملة، من المقاتلات، والصواريخ بأنواعها، والمدفعية بأعيرتها المختلفة، ولم تتمكن الطائرات الإسرائيلية من تحقيق هدفها، واستمر توفير الحماية لتجميع القوات في الجبهة والعمق.
(5) وكانت نصيحة أمريكا أن تحاول إسرائيل، بكل جهد، تحطيم رؤوس الكباري المصرية، خلال الساعات الأولى، من نهار السابع من أكتوبر، وأن تقوم بتوجيه ضربة قوية ضد حائط الصواريخ، مع تجنب القتال المباشر. وهذا ما حاولت إسرائيل تنفيذه يوم 7 أكتوبر، بعد أن استمعت إلى النصيحة الأمريكية، التي هي، في حقيقة الأمر، خطة أمريكية.
(6) شهد هذا اليوم معارك جوية عنيفة، اشتركت فيها أعداد كبيرة من الطائرات المصرية والإسرائيلية، واستمرت وقتاً طويلاً، لا يتوقعه الكثيرون في المعارك الجوية. ولم يقتصر عمل القوات الجوية على حماية القوات البرية ومعاونة قوات الدفاع الجوي، بل استمرت كذلك في توجيه هجماتها الجوية ضد مواقع العدو في سيناء.
(7) وفي نهاية هذا اليوم، كانت القوات الجوية والدفاع الجوي، قد أسقطت للعدو 57 طائرة، خلال يومي 6، 7 أكتوبر، منها 27 طائرة في اليوم الأول، كما خسرت القوات الجوية 21 طائرة مقاتلة، منها 15 طائرة في اليوم الأول.
(8) استحدث العدو أسلوباً جديداً، في مهاجمة كتائب الصواريخ، وذلك بقصفها بالمدفعية ذاتية الحركة من شرق القناة، مع مهاجمتها بالطائرات في الوقت نفسه.
(9) ركز السلاح الجوي الإسرائيلي، يوم 8 أكتوبر، هجومه على بورسعيد، ودارت معارك شرسة، مع قوات الدفاع الجوي، ووصل عدد الطائرات المهاجمة إلى أكثر من 50 طائرة، وكان سبب هذا التركيز يرجع إلى اعتقاد الإسرائيليين، بأنه يتمركز، في بورسعيد، نوع من الصواريخ الإستراتيجية أرض/ أرض، يمكنها إصابة مدن إسرائيل الرئيسية، باعتبارها أقرب النقاط المصرية إلى مدن إسرائيل.
(10) واستمر الصراع، في سماء بورسعيد، بين القصف الجوي العنيف، وإصرار عناصر الدفاع الجوي بالمدينة، على التصدي للطائرات الإسرائيلية، وتكبيدها خسائر كبيرة.
(11) بدا، واضحاً، منذ الساعات الأولى من صباح 7 أكتوبر1973، أن القيادة الإسرائيلية تضع كل آمالها في قواتها الجوية، لاستعادة الموقف المتدهور لقواتها على الجبهة المصرية، وإيقاف الانهيار، الذي دهم حصون خط بارليف، في ساعات قليلة، وبعد فشل محاولات توجيه ضربات جوية إلى القواعد الجوية والمطارات في العمق، ركز السلاح الجوي الإسرائيلي، على قصف المعابر على القناة، ووسائل الدفاع الجوي عنها، ومهاجمة مواقع الرادار، لإحداث ثغرات في الحقل الراداري.
(12) وشهدت منطقة قناة السويس أعنف وأشرس الهجمات الجوية، في تاريخها الحافل، بالحلقات المتصلة من الصراع، بين القوات الجوية الإسرائيلية، وقوات الدفاع الجوي المصرية.
(13) وقد كانت قوات الدفاع الجوي تعلم أن أمامها، تحديات كبيرة، يتوقف على أدائها فيها، مصير المعركة كلها؛ لذلك حظيت خطط الدفاع الجوي عن الكباري والمعابر، بأكبر قدر من العناية والاهتمام، وحشدت لها كل الإمكانيات، التي تضمن لها النجاح المنشود.
(14) وعلى الرغم من أن التخطيط العسكري، ليس مضمون التنفيذ في الميدان، فإن النتائج الميدانية، لخطط الدفاع الجوي عن القوات، فاقت كل التوقعات، وساهمت بالقدر الأكبر في زيادة خسائر القوات الجوية الإسرائيلية، وقد كان هذا هدفاً أعم، كان على قوات الدفاع الجوي كلها، تحقيقه لهزيمة التفوق الجوي الإسرائيلي المزعوم، وتحطيم الأسطورة.
(15) تم تنفيذ الانتقالات المخططة، لكتائب الصواريخ، لتمثل مواقعها، على مسافة من 1-3 كم غرب القناة لتحقيق الوقاية لقوات نسق أول الجيوش الميدانية، في مواقعها المتقدمة شرق القناة.
(16) استمرت قوات الدفاع الجوي، في توفير الوقاية الكاملة، للقوات شرق القناة وغربها، وكذا للقواعد، والمطارات، والأهداف الحيوية، في عمق الدولة، وذلك بالتعاون مع مقاتلات القوات الجوية. ومع نهاية يوم 9 أكتوبر 1973، كانت القوات المسلحة قد أتمت تنفيذ مهمتها المباشرة،

 

 


   

رد مع اقتباس