عرض مشاركة واحدة

قديم 23-02-10, 11:15 AM

  رقم المشاركة : 5
معلومات العضو
البارزانى
Guest

إحصائية العضو



رسالتي للجميع

افتراضي



 

المبحث الثاني








الدفاع الجوي المصري عقب الحرب العالمية الثانية، حتى حرب 1956




الموقف السياسي والعسكري بالمنطقة عقب الحرب العالمية الثانية
لم يكد العالم ينتهي من مأساة الحرب العالمية الثانية، حتى مهدت دول الحلفاء المنتصرة لظروف إقامة دولة يهودية في فلسطين، مكافأة لليهود على ما قدموه، من مساعدات لهم، خلال الحرب. وبذلك انتقلت بؤرة الصراع إلى منطقة الشرق الأوسط، ودخلت الدول العربية في صراع شاق ومرير، بدأ منذ نهاية هذه الحرب، وامتد حتى يومنا هذا.


بدأ التمهيد للوجود الصهيوني، في قلب الأمة العربية، بوعد بلفور الشهير، ثم تجسد هذا التمهيد في شكل حقيقة واقعة، باتخاذ الجمعية العامة للأمم المتحدة، قرارها الرقم 181، في 29 نوفمبر 1947، القاضي بإنهاء الانتداب البريطاني على فلسطين، وتقسيمها. وأعقب هذا القرار إعلان بريطانيا إنهاء انتدابها، اعتباراً من 14 مايو 1948، الذي استغله اليهود، في إعلان دولة إسرائيل في الأراضي، التي شملها قرار التقسيم.


ورداً على هذا الموقف، قررت الدول العربية حشد جيوشها؛ لتحرير فلسطين من العصابات الصهيونية، ولكن هذا القرار جاء متأخراً، بعد أن استعد اليهود لهذا اليوم، بالإعداد الجيد لقواتهم وتجميعها؛ لمهاجمة أي تدخل عربي، بجانب تمهيد المسرح العالمي لتأييدهم.


ساهمت مصر بجزء من جيشها، ضمن القوات العربية المشكلة لتحرير فلسطين، وتكونت القوات المصرية، في البداية من مجموعة لواء مشاة، ومعه بعض الوحدات المدرعة والمعاونة، علاوة على بعض المتطوعين، وتم تجميعها كلها بمدينة العريش، ومع استمرار الحرب، دعمت هذه القوات؛ لتصل إلى ما يوازي حجم فرقة مشاة.


1. موقف القوات الجوية الإسرائيلية


أ. قبل إنشاء دولة إسرائيل


(1) بدأ الاهتمام بالطيران ليكون وسيلة للدفاع، عن المجتمع اليهودي في فلسطين، بإنشاء ناد للطيران "نادي الطيران الإسرائيلي"، عام 1935، قام بتأسيسه تسعة طياريين، من حركة هاموشير هاتسعير "الحارس الشاب"، بعد أن تدربوا، في كل من فرنسا والاتحاد السوفيتي، وأمكن لهذا النادي تدريب نحو 264 فرداً على الطيران الشراعي، خلال الفترة بين عام 1937 و1943.


(2) خلال الحرب العالمية الثانية، تطوع مئات اليهود، رجالاً ونساء، للعمل فنيين، في سلاح الطيران، البريطاني وتدرب عدد قليل منهم على الطيران.


(3) بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية، بدأت المنظمات العسكرية السرية، في الاهتمام بالطيران، فاعتمدت منظمة "الهاجاناه" مبالغ كثيرة؛ لتحويل نادي الطيران الإسرائيلي، وتم إجراء إحصائية، تبين منها، أن هناك حوالي 200 يهودي، في فلسطين، مدربين على قيادة الطائرات، اختير منهم 35 ليكنوا نواة لسلاح الطيران، فتم إرسالهم، في بعثات، إلى تشيكوسلوفاكيا وإيطاليا للتدريب.


ب. فترة إعلان إنشاء إسرائيل، وخلال الجولة الأولى


(1) قبل انتهاء الانتداب البريطاني على فلسطين، قامت بريطانيا بتسليم اليهود 20 طائرة من نوع أوستر.
(2) في نهاية شهر مايو 1948، صدر الأمر بإنشاء قوات الدفاع الإسرائيلية، مكونة من ثلاثة أفرع رئيسية، هي القوات البرية، والقوات البحرية، والسلاح الجوي، وتم تعيين أهارون ريميز، أول قائد لهذا السلاح، وإدراكاً لأهمية الطيران في الحروب الحديثة، نتيجة الخبرة المستفادة من الحرب العالمية الثانية، أولت إسرائيل سلاح الطيران اهتماماً خاصاً، لأهميته في تحقيق إستراتيجيتها العسكرية، المبنية على التوسع.


(3) ركزت إسرائيل على تدعيم سلاح طيرانها بالطيارين المتطوعين، من أوروبا وأمريكا وجنوب أفريقيا، من خلال تجنيدهم بواسطة الوكالة اليهودية، حتى بلغ عدد الطيارين حوالي 40 طياراً من ذوي خبرة القتال في الحرب العالمية الثانية، ولزيادة عدد الطيارين، تم تجنيد طيارين جدد من يهود فلسطين؛ لتدريبهم وصقلهم تحت إشراف الطيارين المتطوعين، من الدول الخارجية، ولم يقتصر الأمر على ذلك، بل قامت إسرائيل بشراء كل ما تستطيع شراءه من طائرات لمواجهة إعلان الدول العربية الحرب عليها.


(4) قُدر حجم سلاح الطيران الإسرائيلي، عند نشوب القتال، بثلاثة أسراب من الطائرات الخفيفة، من طراز "سبيت فاير ـ اللانكستر"، بجانب طائرات "الأوستر"، التي حصلت عليها من بريطانيا، بعد أن تم تعديلها للعمل، قاذفة قنابل، وسُميت هذه الأسراب بسرب الجليل، وسرب تل أبيب، وسرب النقب.
(5) بالرغم من اهتمام إسرائيل بسلاح الطيران، لم يكن له أي دور، مؤثر وفعال خلال المراحل الأولى للحرب، نظراً للتفوق العربي. ولكن باستغلال فترات الهدنة، وعلى ضوء القيود المفروضة، على توريد السلاح للأطراف المتحاربة، أمكن لإسرائيل تدعيم سلاحها الجوي بطائرات حديثة، من نوع مسر شميت الألمانية، وB-17 الأمريكية، التي كانت تسمى بالقلعة الطائرة، علاوة على وصول طياريين متطوعين جدد إليها، مما زاد من الدور، الذي لعبه الطيران، خلال المراحل التالية للحرب.


ج. أبرز أعمال قتال الطيران الإسرائيلي خلال هذه الجولة


بالرغم من عدم وجود إستراتيجية جدية واضحة لإسرائيل، خلال هذه الجولة، فإن الطيران الإسرائيلي، لعب دوراً هاماً وفعالاً، خاصة في أعمال المعاونة القريبة للقوات، في مسرح العمليات، التي كان أبرزها الآتي:
(1) توجيه هجمات جديدة إلى منطقة غزة، ومطار العريش، وتحقيق السيطرة الجوية المحلية المحدودة، فوق مسرح العمليات.


(2) التمهيد النيراني بالطيران، ضد القوات المتمركزة في بئر سبع، لمدة أربع ليال متتالية، قبل الهجوم البري والاستيلاء عليها.


(3) توجيه هجمات جوية بقاذفات القنابل، ضد القوات البرية المصرية، في منطقة العوجة، مما أدى إلى سقوطها في أيدي القوات الإسرائيلية.


2. حرب فلسطين 1948


يعتبر عام 1917، بداية مرحلة حاسمة للعمل الصهيوني في فلسطين، وقد نهض بهذا العمل، جيل من الإرهابيين، اعتنق أسلوباً جديداً في سلب الأرض، تحت شعار "السور والبرج"، تعبيراً عن اغتصاب الأرض بالقوة، ثم الانغلاق داخلها والدفاع عنها.


وانتهى الأمر عام 1947، بصدور قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة، بتقسيم فلسطين، واستغلت إسرائيل الفراغ، الذي أعقب انتهاء الحرب العالمية الثانية، ونفذت هدفها، وهو فرض الدولة اليهودية، بالقوة المسلحة، في فلسطين. وبدأ الصراع العربي الإسرائيلي، بحشد الجيوش العربية لتحرير فلسطين، ودخول الحرب يوم 15 مايو 1948، أي في اليوم التالي لانتهاء الانتداب البريطاني على فلسطين. وشاركت مصر بقواتها، التي كانت تضم وحدات من المدفعية المضادة للطائرات.


أ. وحدات المدفعية المضادة للطائرات، التي اشتركت في عمليات 1948
(1) بطاريتان وسط 3.7 بوصة متحركة.
(2) بطارية وسط ثلاث بوصات ثابتة.
(3) بطارية أنوار كاشفة.
ب. المهام


(1) الدفاع عن المدن الرئيسية بسيناء،وفلسطين، ومنها العريش، ورفح، وغزة، والمجدل، والفالوجا.
(2) توفير الحماية للقوات البرية، في أثناء العمليات.
(3) تدمير الأهداف الثابتة، والدشم، والمستعمرات، وكذا الأهداف المتحركة، كالدبابات، والعربات، والجنود.
(4) الضرب على الأهداف البحرية.
(5) تقوم الأنوار الكاشفة بإضاءة الأهداف الجوية، ليلاً، وإضاءة أرض المعركة.
ج. الاستطلاع والإنذار في فلسطين
لم تتوافر أي وسائل لاستطلاع العدو الجوي، أو الإنذار عنه، سوى المراقبين الجويين، من أفراد أطقم المدافع، على مستوى التروب المضاد للطائرات، وذلك باستخدام التلسكوبات، ونظارات الميدان المكبرة، إضافة إلى التنصت السمعي.
د. القيادة والسيطرة في فلسطين
كانت القيادة لا مركزية على مستوى التروب، ويجري الاشتباك على مسؤولية قائد التروب، طبقاً لظروف العمليات، حيث كانت الوحدات، إما متحركة مع القوات البرية المهاجمة، أو ثابتة للدفاع عن المدن.


هـ. الدفاع الجوي عن الدولة خلال حرب 1948


لم تضع القيادة المصرية، في اعتبارها، قيام العدو الإسرائيلي بالإغارة، على أهداف في عمق الدولة، وأغفلت امتلاكه لعدد من قاذفات القنابل، من نوع ب - 17 "القلاع الطائرة"، التي تمكنت إحداها، من الوصول إلى القاهرة، وقامت بالإغارة على منطقة عابدين، في وسط العاصمة، فأوقعت بعض الإصابات بالأهالي، وأحدثت الذعر بينهم.
وكان ذلك نتيجة للقصور في وسائل الإنذار، بل انعدامها تقريباً، مما عرض وحدات المدفعية المضادة للطائرات المكلفة بالدفاع عن القاهرة للمفاجأة.
(1) المهام
(أ) كُلف اللواء الأول المضاد للطائرات، بالدفاع عن القاهرة والأهداف الحيوية فيها، خاصة قصر عابدين، وقصر القبة، من مركز القيادة في الزمالك.
(ب) كُلف اللواء الثاني المضاد للطائرات، بالدفاع عن الإسكندرية والأهداف الحيوية فيها، خاصة الميناء، وقصر المنتزه، وقصر رأس التين.
(ج) كًلف اللواء الثالث المضاد للطائرات، بالدفاع عن الإسماعيلية، وكوبري الفردان.
(2) القيادة والسيطرة
تمت السيطرة على أعمال قتال الوحدات، مركزياً، من مركز عمليات اللواء بكل منطقة، حيث تصل الأوامر والبلاغات، إلى التروبات بالمواقع الدفاعية المحتلة، وكذا الإنذار عن العدو الجوي، وتخصيص الأهداف، والاشتباك معها، عن طريق ضابط عظيم العمليات المضادة للطائرات، المنوب بكل مركز قيادة.
وقد قامت وحدات المدفعية المضادة للطائرات، بدور مهم في حرب 1948، حيث تصدت للطائرات الإسرائيلية، بقوة وتأثير، مما أحبط معظم الهجمات الجوية، وتمكنت من إسقاط عدد من الطائرات الإسرائيلية.
كما قامت هذه الوحدات بتقديم معاونة للقوات البرية، حيث بدأ استخدامها، بصفة مدفعية مضادة للدبابات، ومدفعية ميدان لقصف الدشم المحصنة، وقد كان لها دور كبير في سقوط الكثير من المستعمرات الصهيونية في يد القوات المصرية، قبل أن تتحول نتائج المعارك لصالح اليهود.


و. الدروس المستفادة من حرب 1948


(1) اكتسبت وحدات المدفعية المضادة للطائرات كثيراً من الخبرات، في أساليب الاشتباك بالطائرات المعادية ،وكذا المعاونة الأرضية للقوات البرية.
(2) وضح، من هذه الجولة، أن إسرائيل تستعد دائماً للحرب، وتحشد وتعبئ كل القدرات العسكرية والسياسية والمعنوية لخوضها،ووجدت المدفعية المضادة للطائرات تتحمل وحدها عبء الدفاع، من دون أي مساندة جوية، حيث لم يكن سلاح الطيران المصري يمتلك أي إمكانيات قتالية تذكر، فلم يكن يضم سوى ست طائرات مقاتلة إنجليزية الصنع، طائرة استطلاع وتصوير، بالإضافة إلى خمس طائرات نقل داكوتا، بينما يضم السلاح الجوي الإسرائيلي أكثر من 150 طائرة، من مختلف الأنواع، يعمل عليها عدد كبير من الطيارين العاملين، والمتطوعين من ذوي الخبرة.
(3) أهمية توافر وسائل متطورة للاستطلاع والإنذار المبكر، لتحقيق زمن معقول للإنذار، يسمح برفع أوضاع استعداد الوحدات، حيث أدى الاعتماد على المراقبين الجويين وحدهم، إلى عدم وجود أزمنة مناسبة للإنذار، مما قلل من فاعلية وسائل الدفاع الجوي.
(4) تمت القيادة والسيطرة، لا مركزياً، في كل الأوقات، على مستوى التروبات، وذلك بسبب تعذر الاتصالات بين الوحدات، مما أعاق التعاون، وتبادل المعلومات، فيما بينها، عن العدو الجوي.


ز. إعادة التنظيم


أثرت تجربة حرب فلسطين عام 1948، في الفكر العسكري المصري، واتجهت الأنظار إلى إعادة تنظيم وتسليح الجيش، وعلى رغم الحاجة إلى زيادة حجم المدفعية المضادة للطائرات، والأنوار الكاشفة، فقد استقر الرأي، على الاكتفاء بطلب لواء واحد ثقيل، مضاد للطائرات، مكون من آلاي مضاد للطائرات، وآلاي أنوار كاشفة، إضافة إلى اللواءين الموجودين بالخدمة، كما طلب تشكيل آلاي مدفعية متوسطة عيار 57 مم، على أن يحتفظ بآلاي آخر بالمخازن لتشكيله عند الحاجة.


ح. نشأة الرادار في مصر


(1) شهدت مصر أول مولد للرادار، بحصولها من بريطانيا على جهازين للإنذار، أمريكي الصنع، من طراز AN-TP53، خلال شهر يونيه 1948. تمركزا في موقعين هما:
(أ) موقع منطقة القناة بجبل مريم.
(ب) موقع في صحراء مصر الجديدة.
(2) ببداية عام 1952، تعاقدت مصر مع فرنسا، على إنشاء أول شبكة رادارية بمصر، وهي الشبكة الفرنسية، مكونة من 12 محطة رادار "ست محطات توجيه، وست محطات إنذار"، وتم التخطيط لها لتغطية منطقة الدلتا والقناة، مع توفير تغطية محلية في الجنوب، لمنطقة خزان أسوان، من خلال تنظيمها في أربع قطاعات هي:
(أ) القطاع الشرقي: ويشمل منطقة القناة وسيناء، ويغطيه ثلاث محطات.
(ب) القطاع الغربي: ويشمل منطقة شمال الدلتا والإسكندرية، ويغطيه أربع محطات.
(ج) القطاع المركزي: ويشمل منطقة وسط الدلتا والقاهرة في بني سويف، ويغطيه ثلاث محطات.
(د) القطاع الجنوبي: ويشمل منطقة خزان أسوان، ويغطيه محطة إنذار.


ط. إنشاء أول قيادة للمدفعية المضادة للطائرات


خلال عام 1951، تقرر إنشاء أول قيادة للمدفعية المضادة للطائرات، في مصر، بقيادة اللواء/ السبكي، وكل من البكباشي/ عبدالمنعم رياض، والبكباشي/ عبدالمنعم أمين، والصاغ/ عبدالرازق حجازي، وتتبع هذه القيادة، تنظيمياً وعملياتياً، سلاح المدفعية الملكي، وتوضع تحت سيطرتها جميع وحدات المدفعية المضادة للطائرات.

 

 


   

رد مع اقتباس