عرض مشاركة واحدة

قديم 23-02-10, 11:14 AM

  رقم المشاركة : 4
معلومات العضو
البارزانى
Guest

إحصائية العضو



رسالتي للجميع

افتراضي



 

3. بدايات المدفعية المضادة للطائرات في الجيش المصري


بمقتضى معاهدة 1936، تعهدت بريطانيا بالقيام بتطوير الجيش المصري، وإعادة تسليحه، وهذا الإعداد لم يكن حباً في مصر، بقدر ما كان لمصلحة بريطانيا، في المقام الأول، ليكون هذا الجيش قادراً، بدرجة ما، على معاونة القوات البريطانية، في الحرب المنتظرة والوشيكة، بعد وصول هتلر إلى مستشارية ألمانيا.


ولعل المدفعية المضادة للطائرات، والتي كان يفتقدها الجيش المصري، تمثل لبريطانيا أهم سلاح يتطلبه الموقف، وقد كان فعلاً السلاح الوحيد، الذي اشترك بإيجابية وفاعلية كبيرة في الحرب العالمية الثانية، وقدم للإنجليز أكبر العون والمساعدة، في الدفاع عن القوات البريطانية، الموجودة على الأرض المصرية، ومرت عملية البناء بالمراحل التالية:
أ. إعداد وتدريب كوادر المدفعية المضادة للطائرات
بعودة أول بعثة من ضباط المدفعية من إنجلترا، بعد إتمام دراستهم بكلية وول وتش Wool watch للمدفعية، والتدريب على المدافع المضادة للطائرات، ومعداتها، وأجهزتها، جرى تعيينهم بجناح المدفعية المضادة للطائرات، ليقوموا بالتدريس لفرق الضباط الأصاغر، وشاركهم في التدريب، بعض الضباط وضباط الصف المستشارين، من البعثة العسكرية الإنجليزية، التي عينت للإشراف على الجيش المصري، وتزويده بالأسلحة الحديثة.


وقد حرصت القيادة المصرية، على انتقاء الضباط، وروعي، في اختيارهم، أن يكونوا من أوائل الكلية الحربية الملكية "شعبة علوم"، ومن خريجي الكليات الجامعية، حتى يمكنهم استيعاب دراسة الأجهزة والمعدات الفنية.


كما انضم، إلى هذه الفرق، عدد من الضباط الممتازين، من سلاح المدفعية الملكي، من الرتب الأعلى ليشغلوا الوظائف القيادية، في الوحدات الجديدة، واستكمال هيكلها التنظيمي. هذا وقد عُقد العديد من الفرق التعليمية، جرى خلالها تدريس
المواد الآتية:


(1) علم فن المدفعية المضادة للطائرات.
(2) التدريب على المدافع الثابتة عيار ثلاث بوصات، والمتحركة، والمدافع الخفيفة، عيار 40 مم بوفرز المقطورة.
(3) الأجهزة والمعدات الخاصة بقيادة النيران، وهي الحاسب الميكانيكي "بريديكتور"، وآلة تقدير الارتفاع والمسافة، وأجهزة التسديد البيضاوية، وفي نهاية كل فرقة، كانت تجري رماية تدريبية، على هدف على شكل الكم، مقطور بواسطة طائرة.
ب. إعداد كوادر الأنوار الكاشفة


دخلت الأنوار الكاشفة، ضمن تسليح الجيش المصري، مع دخول المدفعية المضادة للطائرات، عام 1937، وكانت تتبع سلاح المهندسين العسكريين الملكي. وعقدت الفرقة الأولى أنوار كاشفة لعدد من المهندسين العسكريين، بواسطة ضباط معلمين من البعثة العسكرية البريطانية.


وفي عام 1938، تقرر نقل الأنوار الكاشفة، إلى سلاح المدفعية الملكي، بعد تشكيل جناح الأنوار الكاشفة، بمدرسة ومركز تدريب المدفعية، ليكون السلاح المكمل للمدفعية المضادة للطائرات، لكي تكتشف وتضيء الأهداف الجوية ليلاً، لتتمكن وحدات المدفعية من الاشتباك معها.


وعُقدت فرق دراسية، جرى خلالها دراسة الصوت والضوء، وأساسيات الكهرباء، على مستوى إعدادي كلية العلوم، وكذا ميكانيكا السيارات، والمولدات الكهربية، والمصابيح، التي هي مصدر الضوء الباعث، واستخدام محددات الصوت، وكيفية التقاط الأهداف، وتتبعها، وإضاءتها، وكيفية اكتشاف الأعطال وإصلاحها.


4. التشكيل الأول للمدفعية المضادة للطائرات بصفته فرعاً من سلاح المدفعية المصرية
تكونت النواة الأولى للمدفعية المضادة للطائرات، في مصر عام 1938، بتشكيل أول بطارية مدفعية مضادة للطائرات، يعاونها قسم أنوار كاشفة. وفي أكتوبر من العام نفسه، قُدرت مطالب الجيش المصري، من المدفعية المضادة للطائرات، للدفاع عن البلاد، بفرقة مدفعية مضادة للطائرات، قوامها 30 ضابطاً و70 صف جندي، وتتألف من أربع آلايات مدفعية مضادة للطائرات، وآلاي خفيف، وكتيبتين أنوار كاشفة، ومجموعة دفاع ساحلي، بالإضافة إلى تسعة أسراب، من المقاتلات والقاذفات، وجرى تشكيل الوحدات على النحو التالي:
أ. التشكيل الأول للمدفعية المضادة للطائرات


(1) شُكِل الآلاي الأول عام 1938، من ثلاث بطاريات مدفعية وسط.
(2) شُكِل الآلاي الثاني عام 1939، من بطاريتي مدفعية وسط.
(3) شُكِل الآلاي الأول خفيف من بطاريتين، كل منهما من ثلاثة تروبات.
(4) آلايان أنوار كاشفة، بالإضافة إلى تروب متحرك أنوار كاشفة.
(5) في عام 1940، استكمل الآلاي الثاني مدفعية مضادة للطائرات، ليكون من ثلاث بطاريات.
ب. التسليح
(1) الآلاي الوسط ويشمل تسليحه


(أ) مدافع ثلاث بوصات الثابتة Static.
(ب) أجهزة حاسبات ميكانيكية "بريدكتور".
(ج) آلات تقدير الارتفاع والمسافة.
(د) تلسكوبات المراقبة ونظارات ميدان.
(هـ) أجهزة تسديد بيضاوي.


(2) الآلاي الخفيف ويشمل تسليحه
رشاشات فردية ماركة لويس بإجمالي 24 رشاشاً.
(3) الأنوار الكاشفة


بانتهاء الفرق الدراسية للأنوار الكاشفة، عام 1938-1939، شُكِل كل من الآلاي الأول والثاني أنوار كاشفة، ويتكون كل منهما من ثلاث بطاريات، بكل منها ثلاثة ترةبات، ويضم تسليح التروب الآتي:


(أ) ستة بواعث أنوار كاشفة.
(ب) ستة محددات صوت.
(ج) ستة مولدات قوى، ماركة ليستر.
ج. الاستطلاع


كانت وسائل الاستطلاع عن الأهداف الجوية، قبل وفي بداية الحرب العالمية الثانية، تعتمد على الرؤية بالنظر بواسطة المراقبين الجويين، باستخدام التلسكوبات، ونظارات الميدان المكبرة، علاوة على استخدام حاسة السمع.


ونظراً لانخفاض سرعة الطائرات، في هذا الوقت، فإن هذه الوسائل كانت توفر زمناً معقولاً للإنذار، يسمح لوحدات المدفعية المضادة للطائرات، برفع أوضاع استعدادها، والاشتباك مع هذه الطائرات. وفي أثناء الحرب العالمية الثانية، ظهرت أجهزة الرادار، لأول مرة في التاريخ، وتقرر استخدامها، وسيلة فعالة من وسائل الإنذار المبكر، لاكتشاف الأهداف المعادية على مسافات بعيدة.


وفي عام 1941، زُوِدَّت قيادة الدفاع البريطانية في مصر، بجهازي رادار إنذار مبكر، وقام بالعمل عليهما أطقم إنجليزية وأحيطت بالسرية التامة.


تمركز الجهاز الأول، بمنطقة السلسلة بالإسكندرية، وكان يقوم باكتشاف الأهداف الجوية، وتتبعها، والإبلاغ عنها، لمركز عمليات المجموعة المضادة للطائرات، والقوات الجوية.


وتمركز الجهاز الثاني، في القاهرة، وتصب معلوماته وبلاغاته، في مركز عمليات المجموعة الثانية بحي الزمالك، والتي تبلغها بدورها لمواقع المدفعية المضادة للطائرات، والقوات الجوية.


د. وسائل الدفاع الجوي السلبي


وهي وسائل مساعدة، تعمل على تضليل طائرات العدو، عن طريق الإخفاء والتمويه، بواسطة الشباك، وبإنشاء مواقع هيكلية مشابهة للمواقع الحقيقية، وأهم هذه الوسائل:


(1) البالونات


وهي عبارة عن بالونات ضخمة من المطاط، تملأ بغاز الهيدروجين، وترفع وتخفض، عن طريق سلك من المعدن القوي، بواسطة رافعة يدوية، وكانت ترفع ليلاً حول المطارات والمواني وغيرها من الأهداف الحيوية، مما يكون عائقاً أمام الطائرات المغيرة فتصطدم بالسلك وتسقط أو يجبرها على الارتفاع لتكون في متناول نيران المدفعية.
(2) ستائر الدخان


وهي عبارة عن ستائر كثيفة من الدخان، تُنتج من طريق مولدات، موزعة حول الأهداف المدافع عنها، لإخفائها عن أعين الطيارين، حتى لا يمكنهم التسديد الجيد عليها.


(3) شباك التمويه


وهي شباك تأخذ شكل الأرض، المحيطة بالمعدات المراد تغطيتها؛ لإخفائها عن الطائرات المغيرة.


(4) المواقع الهيكلية


وهي مواقع تتشابه مع المواقع الحقيقية، تصنع من مواد بسيطة، وهي تستخدم حتى الآن لتضليل الطائرات، وحدث بها تطور هائل، حتى أن بعض أنواعها أصبحت تحاكي المواقع الحقيقية.


5. التطور في ميادين القتال


أ. الحرب العالمية الثانية: 3 سبتمبر 1939


(1) أعمال القتال


اندلعت معارك الحرب العالمية الثانية، في 3 سبتمبر 1939، وسلاح المدفعية المضادة للطائرات المصرية ما زال في مهد تكوينه وتنظيمه، حيث إن هذا السلاح، بعلومه وفنونه، كان لم يزل جديداً، على المدرسة العسكرية المصرية، ويحتاج إلى نوعية متميزة، من الضباط والصف والجنود، ذات مستوى ثقافي وعلمي عال.


وأصبح من المؤكد، أن هذه الوحدات ينتظرها دور مهم، في معارك هذه الحرب الضروس، وعليها أن تتأهل للقيام بهذا الدور، في ظروف بالغة الصعوبة والتعقيد، فالسلاح المتوافر قديم، من بقايا الحرب العالمية الأولى، متمثلاً في المدافع ثلاث بوصات الثابتة، والعدائيات الجوية، المطلوب مجابهتها، حديثة ومتطورة، متمثلة في السلاح الجوي الألماني، الذي جرى تطويره بصورة كبيرة، ويمتلك أنواعاً من الطائرات القوية، من أنواع مختلفة، أهمها الطائرات "هنيكل 111"، و"جونكرز 87، 88"، و"مسر شميدت 109، 110"، بالتعاون مع السلاح الجوي الإيطالي، وكان أهم هذه الاشتباكات ما جرى، في 9 يونيه 1941، حين تمكنت فيه المدفعية المضادة للطائرات، من إسقاط طائرة استطلاع إيطالية، من نوع "سافويا 109"، وهبوط طاقمها بالمظلات فوق منطقة الدخيلة.


وكانت الإسكندرية أكثر المدن المصرية، تعرضاً للغارات، وكانت أكبر الغارات، تلك التي جرت، خلال شهر يونيه 1941، حيث اشتركت، في هذه الهجمة، أكثر من 100 طائرة، واستمرت نحو ثماني ساعات، وتسببت هذه الهجمة في إحداث خسائر كبيرة في الأرواح والممتلكات، ولكنها لم تتمكن من إصابة الأغراض العسكرية، أو المرافق المختلفة للمدينة.


وقد استبسلت المدفعية المضادة للطائرات، في التصدي للطائرات المهاجمة، وأقامت ستاراً مهلكاً من النيران، في وجه الطائرات المغيرة، مما جعل معظم قنابلها تسقط، بعيداً عن أهدافها، ولعبت وحدات الأنوار الكاشفة دوراً بطولياً، في إضاءة الأهداف المهاجمة، مما سهل لوحدات المدفعية الاشتباك بها، وتدمير العديد منها. وقد تعرضت مصر لمئات الغارات الجوية.


(2) التطور في المعدات
نتيجة للأداء العالي لوحدات المدفعية، طلبت مصر من بريطانيا تطوير التسليح، وأن يستبدل بالمدافع القديمة ثلاث بوصات، أخرى من عيار 3.7 بوصة المتحركة، وبدأ هذا التطوير في مايو 1945، حيث تقرر تسليح الوحدات بالمدافع عيار 3.7 بوصة الثابتة، التي يصل ارتفاع عملها إلى 40 ألف قدم، بدلاً من 20 ألف قدم للمدفع ثلاث بوصات، وتبلغ المسافة الأرضية نحو 16 ألف ياردة، بدلاً من 9 آلاف ياردة.


واستبدل بالحاسبات الميكانيكية، حاسبات أخرى ذات رأس حاسبة، ودخلت الخدمة آلات تقدير المسافة ماركة U.B. 7، لتناسب المدفع المتطور. وبدأ المدفع 3.7 بوصة المتحرك Mobile ماركة 2، يحل محل المدفع 3.7 بوصة الثابت Static. كما زُوِدًّت المواقع بأجهزة ربط الطابة ميكانيكياً، بدلاً من الربط اليدوي لدقة الربط، وسرعة التعمير. أما المدفعية الخفيفة، فقد طُوِرت، وفي عام 1945 دخلت الخدمة المدافع عيار 40 مم بوفرز، ذاتية الحركة.


(3) تطوير طرق الاشتباك


ظهر، خلال معارك الحرب العالمية الثانية، قصور في أجهزة التسديد، حيث تعذر اكتشاف الأهداف وتتبعها، وأمكن ابتكار طريقة الاشتباك بالغلالة Barrage، وهي تعتمد على إنتاج غلالة من النيران، تطلق على المكان المحتمل وجود الهدف فيه، أو بإنتاج غلالة وسياج حول الهدف المدافع عنه، ولها عدة أساليب:
(أ) الغلالة الخطية، وتكون حول الهدف Line Barrage.
(ب) غلالة الهدف، وتكون فوق الهدف المدافع عنه.
(ج) الغلالة الجغرافية Geographic Barrage أو غلالة المربعات، وقد استخدمت بعد دخول الرادار إلى الخدمة.


(د) الغلالة العنكبوتية Slider Barrage، وتتم باستخدام مجموعة من الجداول، حسب كثافة الهجمة، وأهمية الهدف المدافع عنه، وهي تستهلك كماً هائلاً من الذخيرة.


ب. الدروس المستفادة من الحرب العالمية الثانية


(1) كان الاستطلاع الجوي ينفذ، باستخدام طائرات، ذات قدرة على الطيران على ارتفاعات شاهقة، خارج مدى المدفعية، مثل الطائرة الألمانية "فوكوولف"، وهي نفس الفكر الحالي في الاستطلاع، من ارتفاعات عالية جداً، مثل الطائرة SR-71 الأمريكية، وطائرة الاستطلاع الروسية "فوكس بات"، مما يؤكد أهمية الصواريخ المتوسطة والبعيدة المدى، للتصدي للطائرات، التي تطير على الارتفاعات العالية.


(2) ضرب الأهداف الصغيرة Pin Point Targets، بطريقة الغطس، من الزاوية الحادة جداً، وهذا التكنيك مستخدم حتى الآن، وهذا يؤكد أهمية الرشاشات والصواريخ قصيرة المدى، من عناصر منظومة الدفاع الجوي.


(3) الاقتراب على ارتفاعات منخفضة، من اتجاه الشمس، عند مهاجمة مواقع المدفعية المضادة للطائرات، التي تعمل بالاشتباك المرئي، واستخدم الإسرائيليون هذا الأسلوب في حرب الاستنزاف على الجبهة المصرية.


(4) أسلوب الهجوم المسمى "بالهجمة النجمية" Star raid، ويعتمد على مهاجمة الهدف، من أكثر من اتجاه، في الوقت نفسه، بغرض إرباك وسائل الدفاع الجوي.


(5) مهاجمة الأهداف الحيوية، ليلاً، بعد إضاءتها بالمشاعل بواسطة القاذفات، من ارتفاعات عالية، لتفادي نيران المدفعية المضادة للطائرات.


(6) الاهتمام بالتطور العلمي، في مجالات التسليح، والذي يتطلب التزود بالعلوم الحديثة، خاصة في مجالات الإلكترونيات.


(7) الاهتمام بالاطلاع المستمر، على أحدث تطور لطائرات القتال، حتى يمكن تطوير أسلوب الاستخدام القتالي للمعدات.


(8) الحرص على وجود قاعدة فنية، قادرة على صيانة وإصلاح المعدات الفنية المعقدة.


(9) الانضباط العسكري، حيث إنه الركيزة، التي تضمن الاستخدام الصحيح للمعدات، والمحافظة عليها سليمة، كما أنه الأسلوب الأمثل لتطبيق قواعد إدارة النيران بالطريقة الصحيحة.


(10) التدريب الشاق هو الأساس لنجاح استخدام المعدات الفنية، والإلكترونية، وأن المقاتل هو العنصر الحاسم في نجاح المهام.



1 / الإجراءات الإلكترونية المضادة Electronic Counter Measures: ECM ،المضادة والإجراءات الإلكترونية للإجراءات الإلكترونية المضادة Electronic Counter Counter Measures: ECCM ، هي أحد العناصر الرئيسية للحرب الإلكترونية.


1/ نظام MTI: هو اختصار Moving Target Indicator ، أي مبين الأهداف المتحركة، وهو خاص بإظهار كسرات الأهداف الجوية من دون الأجسام البطيئة أو الثابتة، التي يتم نشرها بغرض الإعاقة وعدم إظهار الأهداف الحقيقية


[3] الآلاي يعادل فوج مدفعية، والبطارية تعادل سرية مدفعية، والتروب يعادل فصيلة مدفعية.

 

 


   

رد مع اقتباس