عرض مشاركة واحدة

قديم 25-08-10, 10:46 AM

  رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
الأدميرال
مشرف منتدى القوات البحرية

الصورة الرمزية الأدميرال

إحصائية العضو





الأدميرال غير متواجد حالياً

رسالتي للجميع

افتراضي



 

البيئة الإستراتيجية شرق الأوسطية
تطرح المواجهة القادمة المفترضة تساؤلات حول الحدود الجغرافية التي قد تصل إليها الحرب؛ مما يجعل من الصعوبة إجراء توصيف ميداني حقيقي لطبيعة المواجهة القادمة دون "تشريح" البيئة الإقليمية لعمل الجيش الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية المحتلة والجنوب اللبناني، وغيرها من الساحات المرشح لأن "يدخلها" في أية مواجهة مفترضة، خاصة في ضوء الاعتقاد الإسرائيلي بـ"تشابك" الساحات الإقليمية، بدءً بطهران ومرورًا بدمشق وبيروت، وانتهاءً بغزة. وهنا تطرح الدراسة بعض الأفكار العملياتية ذات الصلة بهذه البيئة، ومنها:
  1. تواجد ميداني مكثف لقوات الجيش في المناطق، للالتحام بصورة مكثفة بالعناصر المعادية، والبحث عن جميع الطرق التي قد تمكِّن الجيش من الانتشار الفعلي لتنفيذ "العمليات الجراحية الموضعية" المطلوبة.
  2. الحيلولة دون فتح أكثر من جبهة عسكرية في آنٍ واحد معًا، رغم الاعتقاد الإسرائيلي الشائع بأن القوى المستهدِفة لها ستسعى لـ"نجدة" بعضها البعض إذا ما استُهدِف أيٌّ منها، (وقد يكون اجتماع دمشق الأخير الذي ضم الرئيسين السوري والإيراني وزعيم حزب الله جزءًا مما حذرت منه الدراسة).
  3. ضرورة "تحديث" بنك الأهداف لضربها وقتما لزمت الحاجة؛ وذلك في ضوء الإخفاقات الأمنية والاستخبارية التي كشفت عنها حربا لبنان وغزة، واعتماد الجيش فيهما على معلومات قديمة غير محدَّثة.
  4. تفعيل عمل الوحدات الخاصة لتكون جاهزة ومتأهبة للتحرك على كلا الجبهتين:
    1. التنسيق العملياتي، والتشبيك اللازم مع مختلف الوحدات والألوية ذات العلاقة في أية عملية متوقَّعة.
    2. تنفيذ العمليات "التكتيكية" بالتزامن التام مع العمليات "بعيدة المدى" المخطط لها سلفًا.
وفي سياق فهم البيئة الإستراتيجية للشرق الأوسط تدعو الدراسة إلى الاستفادة من التجربة الأميركية في العراق؛ حيث تقول نصًّا :
"وكما استفاد الأمريكان فعليًّا من الإسرائيليين خلال عملية "السور الواقي" في الضفة الغربية عام 2003؛ فقد استفادت تل أبيب من تجربة واشنطن العسكرية في بغداد، التي تحولت عمليًّا إلى "نموذج" واقعي تطبيقي لحروب العصابات ومواجهات الاستنزاف، ويمكن نقل التجربة الأمريكية إلى مدن الضفة الغربية في أية مواجهة مفترضة مع حركة حماس هناك".

ملاحظات وتوصيات
خرجت الدراسة بعدد من الملاحظات الدقيقة، سياسية وأمنية وعسكرية، يمكن إجمالها في الآتي:
  1. تشير التحضيرات الجارية على قدمٍ وساق في غزة وجنوب لبنان إلى أن قوى المقاومة فيهما بدأت الاستعداد منذ أمد لمواجهة السيناريو المتوقع القادم في المواجهة المفتَرَضة مع إسرائيل، في ضوء الواقع الميداني الجديد، وطبيعة "الروح الجديدة" التي استلهمها الجيش الإسرائيلي في السنوات الأخيرة.


    وهو ما تؤكده تقارير استخبارية ومتابعات عسكرية على مدار الساعة؛ حيث يبدو أن هذه المنظمات تقوم بتطبيق التوصيات التي تخرج بها لجانها الفنية من الحروب السابقة، بما يتلاءم مع الواقع الميداني الذي سيشهد المواجهة المقبلة، ما يُحتِّم على قيادة الجيش وضع إجابات حقيقية عملياتية.

  2. كشفت الحربان الأخيرتان في لبنان وغزة العديد من مواطن الضعف في إستراتيجية الأمن القومي الإسرائيلي؛ حيث ركزت منظمتا حزب الله وحماس مواردهما العسكرية على مهاجمة الجبهة الداخلية، في حين اعتبرتها إسرائيل ثانوية من حيث الأهمية ولم تعرها اهتماما كافيا، وإن كانت الجبهة الداخلية في حرب غزة أفضل استعدادا من سابقتها.


    ورغم تكليف قيادة ما يُعرف بـ"الجبهة الداخلية" التي تضم: البلديات، والسلطات المحلية، وقيادة الشرطة، والدفاع المدني، بالاستعداد لأي مواجهة مفترضة، ومنحها كافة الموارد المادية والبشرية اللازمة، إلا أن هناك توافقًا إسرائيليًّا واسعًا على أن "النجاح النسبي" في هذه الساحة لا يشير بعدُ إلى استعدادها لحرب شاملة، ويعود السبب في ذلك إلى المجال الضيّق للمساحة، وللسكان الذين كانوا عرضة لهجمات حزب الله وحماس
    (5).

  3. لا يخفى على صانع القرار العسكري الإسرائيلي أن جبهتي لبنان وغزة مختلفتان في التضاريس والطبوغرافيا، ومع ذلك فإن كلا التنظيمين المتواجدين فيهما درَسَا وقائع الحربين الأخيرتين كما فعل الجيش الإسرائيلي، وهو ما وجد ترجمته العملية في السلوك العسكري لحركة حماس في غزة التي استفادت من حرب لبنان الأخيرة، والشيء ذاته لحزب الله الذي استفاد كثيرًا من عملية "الرصاص المسكوب"، وهو ما سيجد ترجمته الميدانية في الحرب القادمة.

  4. تقرأ الأوساط البحثية والسياسية جيدًا طبيعة "الكوابح" التي تمنع منظمتي حماس وحزب الله من المبادرة إلى توجيه ضربات لإسرائيل؛ وذلك خشيةً من رد إسرائيلي قاسٍ ومؤلم، وكذلك خوفًا من إسقاط حكم الأولى في غزة، و"تأليب" الرأي العام الداخلي على الثانية في لبنان. وفي ضوء هذا المشهد ترى إسرائيل أنها قوى "مرتدعة" حاليًا نظرًا لعوامل داخلية بالدرجة الأولى، لكن ذلك قد يتغير بصورة دراماتيكية تحت أية انعطافة غير متوقعة.
في المقابل، تقدم الدراسة عددًا من التوصيات في مختلف الاتجاهات، على النحو التالي:
  1. لابد من "ضمان القدرة النارية الإسرائيلية" على خوض الحرب في ثلاثة اتجاهات: لبنان وسوريا وغزة، في آن واحد معًا، باعتبار أنه يجب النظر إلى هذه المسارات كقطاعات جبهة واحدة، ويُتوقع أن تنتقل الحرب المشتعلة من أحدها إلى القطاعات الأخرى في أية لحظة، مع ما يتطلبه ذلك من "تأمين الطاقة العسكرية" اللازمة لإنهاء الحرب والفوز بها في أيام معدودات، لا تتجاوز عدد أصابع اليد الواحدة لأسباب مختلفة أشار إليها -ذات مرة- رئيس الوزراء الأسبق "دافيد بن غوريون" في قوله المختصر الذي أوردته الدراسة: "إسرائيل الصُّغرى لا تحتمل حروبًا طويلة كبرى، ولهذا، فنحن نعمل من أجل قيام إسرائيل الكبرى".

  2. العمل على الحيلولة دون تلاشي الشعار الإسرائيلي القائل بأن الجيش الإسرائيلي هو "الأكثر أخلاقية في العالم"، والدفع بأوساط نافذة في تل أبيب للمطالبة باتخاذ إجراءات ميدانية من شأنها تقديم "كشف حساب" يومي لكل ما قد يتورط به الجيش من انتهاكات بحق الفلسطينيين واللبنانيين في المواجهة المفترضة (لأن الحرب القادمة -وفق الدراسة- ستكون "مدمرة" وفق أرجح التقديرات، وما زال التخوف من تبعات تقرير "غولدستون" يأخذ مفاعيله لدى الإسرائيليين، ومن هذه الإجراءات المقتَرَحة:
    • إعداد تقارير ميدانية فورية عن كل حادث، تتضمن ملابسات استهداف المدنيين، ولا بد لقيادة الجيش من فحص ومتابعة ومراقبة أي حادث ذي إشكاليات ميدانية.
    • ضرورة خروج مسؤول إسرائيلي بارز، سواء في المستوى العسكري أو السياسي، والتعبير صراحة عن أسفه لوقوع مثل هذا الحادث، والإعلان عن تشكيل لجنة تحقيق داخلية سريعة.
    • الاعتراف بأي خطأ، إذا ما ثبت ارتكابه من قِبَل الطاقم الميداني، وتقديم المسؤولين عنه للمحاكمة، إذا ما تطلب الأمر(6).

  3. الاعتماد أكثر فأكثر على المؤسسة الأمنية؛ حيث تسجل الدراسة أن بعض "النجاحات" التي حققتها إسرائيل في محاربتها لمنظمات المقاومة، تعود أساسًا -وبالدرجة الأولى- إلى القدرة الواضحة لعمليات الإحباط الأمنية التي قامت بها الأجهزة الأمنية -الشاباك داخل الأراضي الفلسطينية، والموساد في الخارج- والتي تمكنت من إيقاف ظاهرة العمليات الاستشهادية، ووصلت إلى بعض رموز المقاومة في الخارج.
وتوصي الدراسة هنا بتطبيق ما توصلت إليه مستويات نافذة في المؤسسة العسكرية من ضرورة أن تشهد المواجهة القادمة استهدافًا لصنَّاع القرار في المنظمات المعادية، والجهات التنفيذية العملياتية، وعائلاتهم والمدنيين الذين يحتمون بهم، والجهات التي توفر لتلك المنظمات والهيئات الدعم الاقتصادي، ما سيؤدي حتمًا إلى نتائج إيجابية بالتأكيد، وهو ما أكده وزير شؤون الاستخبارات "دان مريدور" خلال يوم دراسي نظَّمه مجلس الأمن القومي التابع لمكتب رئيس الحكومة في يناير/كانون ثاني 2009.
الدراسة أخيرًا قد تُعتبر الأكثر تفصيلاً واستشرافًا للجوانب الإستراتيجية العسكرية لدى إسرائيل إذا ما أخذ التوقيت والظروف الراهنة بعين الاعتبار، وهي تحاول أن تقدم "خارطة طريق" لصانع القرار العسكري في إسرائيل حول النهج الأكثر تفضيلاً للتعامل مع ظاهرة المقاومة في فلسطين ولبنان ونهج "حرب العصابات" الذي تعتمده حركاتها، وذلك كله في ضوء أن تل أبيب قد تكون فعلاً على مشارف مواجهة جديدة، ستكون حتمًا أكثر إيلامًا، وأفدح ثمنًا -لجميع من سيخوضها من الأطراف- من أية مواجهات سابقة(7).
_______________
باحث فلسطيني مختص بالشؤون الإسرائيلية



الهوامش
1-مركز بحثي إسرائيلي، جُل عمله موجه إلى دراسة التهديدات المحيطة بإسرائيل، والأوضاع المتغيرة في الشرق الأوسط والعالم بأسره وأثرها على إسرائيل في مختلف المجالات.
2- يمكن استنتاج ذلك من تصريحات للجنرال "عاموس يادلين" رئيس جهاز الاستخبارات العسكرية "أمان"، هآرتس 16/5/2008، وقد استندت الدراسة إلى تقرير "نيكولاس بلانفورد" المنشور في دورية "كريستيان ساينس مونيتور"، للاطلاع إضغط هنا.
3- تقرير جهاز الشاباك عن تنامي القوة العسكرية لحركة حماس بعد الحرب، بتاريخ 30/11/2008، للاطلاع إضغط هنا.
4- لإلقاء نظرات فاحصة على تطور السلوك العسكري الإسرائيلي ضد منظمات المقاومة الفلسطينية يمكن الرجوع إلى المصادر التالية: بين حربين، حاييم نادل، تل أبيب 2006. حنون برتوف، 48 عاماً و20 يوماً، تل أبيب 2002. يسرائيل تال، الأمن القومي الإسرائيلي، تل أبيب 1996. شلومو غازيت، 30 عامًا من السياسة الإسرائيلية في المناطق، تل أبيب 1999.
5- خطة "الجبهة الداخلية" للتعاطي مع تهديدات الأمن القومي الإسرائيلي، إعداد خبراء إستراتيجيين من معهد "ريئوت"، 2009. للاطلاع إضغط هنا.
6- ورقة عمل د. "روبي ساييبل" المستشار القانوني في وزارة الخارجية الإسرائيلية، حول سلوك الجيش في حرب غزة، فبراير/شباط 2009. للاطلاع إضغط هنا.
7- المحاور الواردة في الدراسة: قراءة في بناء قوة حزب الله لـ"غاي أفيعاد"، الاستخبارات وتحديات الرماية منحنية المسار لـ"أمير كوليك"، زوال مفهوم الحسم والانتصار لـ"غبريئيل سيفوني"، الجيش الإسرائيلي وكيفية مواجهته لتحديات المستقبل لـ"يوفال بيزيك"، الحرب ضد القوى الثورية.. لـ"تال طوبي"،
المصدر: مركز الجزيرة للدراسات

 

 


   

رد مع اقتباس