عرض مشاركة واحدة

قديم 25-08-10, 10:42 AM

  رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
الأدميرال
مشرف منتدى القوات البحرية

الصورة الرمزية الأدميرال

إحصائية العضو





الأدميرال غير متواجد حالياً

رسالتي للجميع

افتراضي



 

قراءة قدرات العدو
تعيش الآلة الإعلامية والدوائر البحثية الإسرائيلية منذ أشهر -وبدعم من المؤسستين: الأمنية والسياسية- حالة دؤوبة من قراءة طبيعة القدرات العسكرية لكل من حزب الله وحركة حماس، سواء من جهة تنامي عدد عناصرها وتجنيد مقاتلين جدد، أو تزودها بكميات وأنواع متزايدة من الصواريخ والقذائف متنوعة المدى من جهة أخرى، وربما يرتبط ذلك بالتوجه الإسرائيلي القاضي بتوجيه "ضربات استباقية" لتلك القوى، مخافة أن تصل إلى مرحلة من القوة يصبح من الصعوبة بمكان الوصول معها إلى مرحلة الحسم.


وقد ركزت الدراسة التي بين أيدينا على عدد من المؤشرات الخاصة بالقوى المعادية لإسرائيل -وعلى رأسها منظمتا حماس وحزب الله- على النحو التالي:
  1. إن حماس ترى في محافظتها على القدرات العسكرية عنصرًا أساسيًّا في صراعها مع إسرائيل. وترى تل أبيب أن سلم الأولويات العسكري لدى الحركة يعتمد على السعي لتعزيز قوتها البشرية، من خلال تأهيل مقاتليها، وتعيين قادة ميدانيين جدد، وترميم الوحدات العسكرية عبر تجنيد المزيد من المتطوعين، وتوفير أنواع أسلحة جديدة وبكميات كبيرة، لاسيما المتميزة بقدرات نوعية كالصواريخ بعيدة المدى التي قد تهدد عمق إسرائيل، إضافة إلى محاولة إيصالها إلى قطاع غزة بكل الطرق الممكنة. وتعمل حماس على توثيق التعاون أكثر فأكثر مع إيران وحزب الله، وسوريا، للعمل على تحصيل التمويل المالي، والتدريب العسكري، والتسلح المطلوب، لتعويض ما فقدته في ميدان المعركة. كما تبذل جهدا مكثفًا لتكبيد إسرائيل "ثمنًا باهظًا" من خلال أعمال فدائية ينفذها نشطاؤها في الضفة الغربية، مع التزامها في ذلك الحذر الشديد كي تتجنب ردًّا إسرائيليًّا كبيرًا.

  2. إن تجهيزات حزب الله العسكرية والميدانية تتلخص في:
    • بناء قوة تسليحية.
    • تعويض ما فقده خلال الحرب بنسبة تُقدَّر بـ15% من مقاتليه.
    • تركيز وسائله القتالية على الصواريخ المزودة برؤوس متفجرة من النوع المطور؛ حيث تتحدث لغة الأرقام الإسرائيلية عن امتلاك الحزب ما يصل إلى 42 ألف صاروخ.
    • إجراء تدريبات تأهيلية لمقاتليه، وإخضاعهم لتدريبات ميدانية قاسية على أنماط "حروب العصابات والاستنزاف".
    • إجراء "مناورات" اختبارية لفحص مدى جاهزية الحزب لأية مواجهة افتراضية مع إسرائيل، وهو ما سجلته المعلومات الأمنية المتوفرة لدى جهاز الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية المعروف باسم "أمان" (2).

  3. تؤكد الدراسة أن حزب الله نجح في "الاحتيال" على القرار 1701 الذي يحد من حرية حركته، من خلال التمركز في المناطق السكنية المكتظة، وتخزين وسائله القتالية بين السكان، في حين تمكنت حماس من أن تجد لها "متنفسًا" تحت الأرض من خلال شبكة الأنفاق التي أقامتها، وهنا يمكن فهم سبب إعلان الجيش الإسرائيلي عن قيامه مؤخرًا بحفر أنفاق لتدريب جنوده على القتال داخلها، انطلاقًا من أن تهديد الأنفاق سيزداد في مواجهات مقبلة.
الإنذار والردع والحسم

تعتمد إسرائيل في أية مواجهة مفترضة مع قوى المقاومة لاحقًا على البعد الأمني والاستخباري، من خلال تشابك العلاقات بين مركباته الثلاث:
  1. الإنذار والتحذير من تهديدات متوقعة.
  2. توجيه الرسائل الردعية اللازمة للقوى المعادية.
  3. الوصول لمرحلة الحسم الميداني مع المنظمات في ساحة المعركة.
وتزداد خطورة هذه الأبعاد في ضوء القوة المتنامية لحركة حماس خصوصًا، وقدرتها على "التعافي" من ضربة "الرصاص المسكوب" خلال العام الأخير، وما ترسله الأجهزة الأمنية الإسرائيلية لاسيما "الشاباك" إلى مكتب رئاسة الحكومة والوزارات ذات العلاقة، بحيث يبدو كما لو أن الحرب الأخيرة على غزة لم تسفر عن انتصار كاسح لإسرائيل، وهزيمة مدوية لحماس، بل إن الشعار القائل بأن "الحرب على غزة لم تحقق أهدافها التي أعلنت من أجلها"، والذي وردَ له أكثر من معنى، يكاد يثبت المقولة الشائعة في إسرائيل عقب نهاية الحرب: " إن إسرائيل لم تنتصر، وحماس لم تنكسر".(3)


وهنا يمكن الحديث عن منحى أكثر إثارة ومحاكاة للواقع، بعقد الدراسة مقارنة حية ومباشرة بين ظروف المقاومتين العراقية والفلسطينية، ضد الاحتلالين الأمريكي والإسرائيلي، من خلال القواسم المشتركة التالية:
  1. استخدام حروب الاستنزاف ضد قوات الجيش العسكرية.
  2. تفعيل سلاح القنَّاصة، في المناطق السكنية والمفتوحة.
  3. إطلاق النار من مبانٍ مزدحمة، وعلى مفترقات الطرق العامة الرئيسة.
  4. إطلاق قذائف الهاون والصواريخ مختلفة المدى بصورة مكثفة.
  5. "الانتحاريون" الذين يستهدفون المواقع العسكرية والحواجز الميدانية.
  6. استخدام السيارات المفخخة في عمليات معقدة.
  7. محاولات اختطاف الجنود وموظفي المنظمات الحكومية.
تحسين ظروف المواجهة

وفي مجالٍ ذي صلة، يضع الباحثون الإسرائيليون "توصيات ومقترحات" لـ"تحسين" ظروف المواجهة القادمة من وجهة نظر إسرائيل، ومن أهمها:
  1. "تكثيف النار، وتوسيع رقعتها ضد العدو"؛ بحيث يتم توجيه ضربات موجعة ومؤلمة "للعدو"، من خلال المس والإضرار بكل مكونات قوته السياسية والعسكرية، والوصول معه إلى مرحلة "الإبادة الكاملة"؛، بحيث لا تتكرر أخطاء حربي لبنان وغزة، وجعله يفكر ألف مرة قبل أن يقرر الدخول مع إسرائيل في مواجهة جديدة.
  2. الاستفادة من "الكارثة الإعلامية والسياسية" التي ألمَّت بإسرائيل عقب تقرير "غولدستون"، ومطالبة الجيش بأن يقوم أولاً بعملية "إخلاء" كاملة لمناطق القتال المتوقعة، وعدم منح الفرصة للمقاتلين أن يقاتلوا بين المناطق السكنية، وهو ما من شأنه تحقيق هدفين مهمين، هما:
    1. توجيه ضربات قاتلة للعدو منفردًا.
    2. تجنُّب الوقوع في شَرَك "استدراج الجيش" لارتكاب جرائم حرب بحق المدنيين.
  3. التقليل قدر الإمكان من الأضرار والخسائر التي قد تلحق بإسرائيل، دولة ومجتمعًا، وتوفير قدر أكبر من الحماية والرعاية للجبهة الداخلية من خلال:
    • توفير ملاجئ محصنَّة للإسرائيليين قبل إصدار قرار المواجهة، والتأكد من جاهزيتها الكاملة، بدلاً من الدخول في حالة فوضى عارمة أساءت لصورة إسرائيل عالميًّا،؛ حيث بدا مواطنوها "يهربون" من صواريخ حماس وحزب الله بصورة مهينة للدولة.
    • العمل على "اختصار زمن المعركة"؛ لأن إطالتها يخدم العدو: عسكريًّا وإعلاميًّا وسياسيًّا، وهنا يبدو من المجدي التفكير مليًّا بالتوصية الأولى المتعلقة بـ"تكثيف النار، وتوسيع رقعتها ضد العدو".
كما يدعو التقرير لاستبعاد مسألة "الحسم العسكري" من النقاش؛ حيث يقول: "يجب على كل الحوارات التي تشهدها المحافل السياسية والأمنية والعسكرية في إسرائيل حول طبيعة الحرب القادمة أن تحذف من نقاشاتها فرضية "الانتصار الحاسم"؛ لأنها باتت من فرضيات الماضي في ظل التهديدات المستجدة على الساحة شرق الأوسطية، بفعل تواجد منظمات المقاومة"(4)
وهنا يمكن الخروج من الدراسة باستنتاج يؤكد أن القناعة الإسرائيلية التي باتت سائدة في العديد من المحافل الأمنية والعسكرية والسياسية هي أنه لا يمكن حسم المعركة أو تحقيق انتصار حاسم على حماس وحزب الله بالضربة القاضية.
ويمكن في هذا السياق الإشارة إلى انصراف بعض الجنرالات العسكريين الإسرائيليين البارزين إلى إعداد دراسات عملياتية تقدم وصفات سحرية لمسألة الحسم النهائي، ومنهم: "غيورا آيلاند، ويوسي كوبرفاسر، ويعقوب عميدرور".

وإلى حين "إنضاج" هذه الوصفة، ستبقى المواجهات المفترضة بين إسرائيل من جهة، وحزب الله وحماس من جهة أخرى، تراوح مكانها، بين كرٍّ وفرٍّ، وفعل ورد فعل، وعملية وانتقام، على الأقل هكذا تفكر العقلية الإسرائيلية اليوم.

 

 


   

رد مع اقتباس