عرض مشاركة واحدة

قديم 11-01-24, 07:41 AM

  رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
الباسل
المديــر العـــام

الصورة الرمزية الباسل

إحصائية العضو





الباسل غير متواجد حالياً

رسالتي للجميع

افتراضي الصهيوني بنيامين نتنياهو - رئيس وزراء إسرائيل



 

بقّال تل أبيب

بنيامين نتنياهو، المقاتل التاجر، يعشق الصورة، ويقدس الدعاية، وتلاحقه تُهم الفساد، وُلد مع إسرائيل، وعاش حلمها، فأيهما يأفل أولًا؟
نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

عبد القدوس الهاشمي

الجزيرة نت

9/1/2024

ليلة السابع من أكتوبر/تشرين الأول، منتجع الباندا على سفح جبل الشيخ، في مستوطنة نيفي أطيف في الجولان المحتل، رياح الخريف في الخارج تدق نوافذ الجناح الفاخر المخصص لرئيس الوزراء الإسرائيلي، الذي تسلل ليلا في غفلة من المتظاهرين حول الفندق، وتكنس معها أوراق الشجر المتعجّلة في السقوط، وبقايا منشورات متظاهرين إسرائيليين كانوا يقفون قبل أيام حول الفندق للاحتجاج على التعديلات القضائية التي يقاتل لإقرارها، والتي من شأنها أن تقوض سلطة المحكمة العليا لصالحه، ولينغّصوا عليه إجازته، تماما كما فعلوا قبل شهرين في أغسطس/آب.
شيء ما كان يؤرّق نوم الرجل السبعينيّ سوى صفير الرياح في الخارج، وأوجاع الظهر التي أصابته من جلوسه على كرسي رئاسة الوزراء لسبعة عشر عاما متقطعة، فكلما أغمض نتنياهو عينه أفزعته ستّ عيون تحدجه بسخط وخيبة، عيون يعرف أصحابها، فهذا الشابُ العابسُ أخوه يوناتان، وذاك الشيخ الفاني ذو الحاجب الكثيف الذي أربى على المئة أبوه بن صهيون، وذلك القصير المتحفّز زئيف جابوتنسكي زعيم الصهيونيّة التصحيحية والأبُ الروحي لحزب الليكود. ولكن ما سبب سخطهم وقد كرّس حياته للسير على خطاهم؟ يُغالب بنيامين الأرق حتى يصرعه النوم، ليستيقظ على اتصالات أجهزته.
لقد اختُرق السياج العازل مع قطاع غزة، وانقطعت الاتصالات بكتيبتها، ولا يُعرف مصير عشرات الجنود ومئات المستوطنين في مستوطنات جنوب دولة الاحتلال التي تُعرف بغلاف غزة. سيعرف الرجل سريعا أن عشرات من جنوده قد أُسروا، وأن أضعافهم قُتلوا على أيدي نخبة كتائب عز الدين القسام، الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية حماس، ولم يلبث طويلا إلى أن أدرك السر الحقيقي لأرقه، ونظرات الخيبة التي رآها بين صحوه ومنامه. لقد سقط "الجدار الحديديّ" الذي عاش أبوه من أجله، وقُتل أخوه في سبيله، وأنفق خمسة عقودٍ وهو يحوطه ويرعاه، ولكن لم تكن هذه بداية القصة.

ميلاد الدولة ومهد بنيامين

عام واحد فصل بين الميلادين ليربط مصير الدولة بمصير الرجل
نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة
عائلة بن صهيون نتنياهو في عام 1952 ويظهر في الصورة بنيامين (يسار) وأخوه يوناتان بالإضافة إلى أبيه وأمه (الموقع الرسمي لبنيامين نتنياهو)

يخرج الطبيب من غرفة الولادة وهو يخلع قفازيه، يمازح الممرضة: "هل رأيت آذانا بهذا الحجم من قبل؟"، تتساءل الممرضة: "هل يمكنه أن يطير بهما؟"، يضع الطبيب أصبعه على فمه: "إشش، تلك الآذان يمكن أن تلتقط أصواتنا من هنا!"، وتنفجر ضحكة في ممر أحد مشافي تل أبيب في الثالث والعشرين من أكتوبر/تشرين الأول عام 1949، أو لعل هذا ما حصل. تسجل الممرضة اسم المولود: بنيامين نتنياهو، مواطن إسرائيلي. سيكبر الطفل ليصبح أول رئيس وزراء لإسرائيل يُولد فيها بعد قيامها، كان الكيان يكبره بعام وخمسة أشهر فقط. هذا التقارب الزمني تجذّر في وعي الصبي على مدى السنوات حتى راح يتخيّل أن مصيره معقود بمصير قرينه.
حين بلغ الصبي 4 أعوام، وضعت أمه أخاه الأصغر عيدو، فأصبح بنيامين الابن الأوسط، وانتقلت العائلة إلى منزل كبير في قلب مدينة القدس. كان بيتا عربيا جميلا، يتكون من ست غرف، وأرضيّاته مزيّنة بخطوط أرمنيّة نُقشت بيدِ نقّاش ماهر. وككل بيت عربيّ أصابته النكبة، اجتهدت مؤسسات الدولة الجديدة لكيلا يُعرف ملّاكه الحقيقيون إلى اليوم.
كل الأطفال يركضون وكأن العالم ملعبهم، وحدهم المحتلون يتحركون بخُطى خائفة. لم تكن الأرض قد لانت لهم بعد، فكان عليهم التحرك بحذر كمَن سرق منزلا للتوّ ولم يُخرِج جميع أصحابه منه. يتذكر بنيامين كيف أن أمه، التي كانت تناديه "بيبي"، كانت تُجلسهم وهم أطفال وترسم لهم الحدود المسموح لهم بالحركة فيها لتجنب أماكن الخطر في المدينة. سيعيش الطفل من بعد مهووسا بتوسيع الخطوط التي رسمتها أمه، ويُهندس توسع المستوطنات وضم الأراضي.
تفركُ الأم يديها من بقايا المطبخ، وتسرع إلى مصدر تصايح الأطفال وهم يلعبون، ترفع الأمُ يدها وتصفع ابنها الأوسط بنيامين صفعة مدوية لن ينساها، حتى يكتب عنها بعد ستة عقود في مذكراته، كان عليه أن يلعب مع أصحابه في صمت، حتى لا يشتت انتباه أستاذ التاريخ المُكِب في مكتبه على إعداد موائد فكريّة لأبنائه. عاش والده بن صهيون في فقاعته المنفصلة مع التاريخ اليهودي، كان في شكٍّ دائم من بقاء إسرائيل لفترة طويلة، وعاش نصف قرن وهو يشعر بالقلق من الهلاك الوشيك.
نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

نتنياهو (يمين)، يجلس مع صديق له عند مدخل منزل عائلته في القدس عام 1967. (غيتي)

كانت قوانين البيت صارمة للغاية، فلم يكن يُسمح للأصدقاء بالوجود في المنزل بين الساعة الثانية والرابعة بعد الظهر، فهو الوقت المخصص للواجبات المنزلية والقراءة، وهو أيضا الوقت الوحيد الذي يحظى فيه الأولاد باهتمام والدهم. يتذكر بنيامين كيف كان والده يتولى مذاكرته مادة التاريخ.
يبدو الأب في ذكريات ابنه وأقاربه معلما لا والدا، فذكرياتهم معه تدور حول حديثه عن خلاصاته للتاريخ، لا حول الجلوس على طرف السرير والتربيت على الأطفال في ليالي الحُمّى، ولا حول صباحات السير إلى المدرسة والتلويح بالأيدي، أو اللعب في المساء في باحة المنزل، يقول دان نتنياهو ابن عمهم: "لقد كان آل نتنياهو يعبدون أباهم، كان كالمنارة لهم". بقيت تلك المنارة ترشدهم ولا تسمح طبيعتها الصخرية بأن ترسو لديها مراكبُهم، حتى في أوقات راحته واشتعال جذوة الأبوّة لملاعبة أطفاله، كان يبسط رقعة الشطرنج ويطارحهم لعبته.
سيستبطنُ الفتى قواعد الشطرنج حين يكبر؛ حيث لا يسعك التوقف عن اللعب حتى تضم كل مساحات خصمك إليك، وإذا تهاونت وأبقيت له بيدقا واحدا، فقد يأتي ليقتلعك من الرقعة. يحدثنا بنيامين عن بعض خلاصات أبيه التي أدار عليها حياته السياسيّة من بعد: "إذا نجح خصومك في تصوير قضيتك على أنها غير عادلة، فسوف يقوّضون موقفك تدريجيا، لا يهم إذا كانت قضيتك أخلاقية أو لا، عليك أن تقدمها بصورة عادلة، فأعظم المعتدين في التاريخ صوّروا أنفسهم على أنهم عادلون وأن الظالمين كانوا ضحاياهم!". نُقِشَت هذه النصيحة في وعي الفتى، فعاش عمره بالدعاية وللدعاية.
سيُعدي بنيامين كل مَن يقتربُ منه أو يعملُ معه بعدوى الدعاية، فمثلا، بعد أيام من يوم السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، والحربُ مستعرة بين المقاومة والإسرائيليين، وأهالي الأسرى يملؤون ساحات تل أبيب هتافا مطالبين الحكومة بقبول عرض القسّام، في صفقة تبادل جميع الأسرى الفلسطينيين مقابل جميع الأسرى الإسرائيليين، سُرب لصحيفة "يديعوت أحرنوت" محتوى مكالمة دارت بين المكلّف بتنسيق الجهود الدعائية الدولية في حكومة نتنياهو، وبين الرئيس التنفيذي لشركة أميركية هي من أكبر شركات العلاقات في العالم، كان المسؤول الإسرائيلي يسأل عن كيفية شراء الحسابات الوهميّة في منصة "إكس"!

الأم محور العائلة

وُلدت يهودية في القدس لتصبح قلب إحدى أهم عائلات إسرائيل
نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة
"تسيلا" والدة نتنياهو (موقع جني للأنساب)

كانت أمه تسيلا هي التي تولت مسؤولية التربية، وكانت حسب قول بيبي: "محور عائلتنا والسلطة النهائية فيها". لقد أحبت زوجها وعرفت همومه وقدراته، فاختارت أن تكرس حياتها له، كانت تقول: "أنا متزوجة من عبقري، ولكن حتى العبقري يحتاج إلى مَن يغسل له جواربه".
في نيويورك، عام 1944، تزوج بن صهيون تسيلا الفتاة المتعلّمة الحاصلة على درجات علمية في القدس ولندن. كانت امرأة واسعة الحيلة، حسنة التدبير، جيّدة الرأي، وكان في استطاعتها أن تشق طريقها في الحياة مستقلة بنفسها. كانت تتمتع بشخصية منفتحة، ولها جاذبية اجتماعية -على الضد من زوجها- وحافظت على اتصال طوال حياتها مع دائرة واسعة من الأصدقاء. ومع ذلك، منذ زواجهما في كنيس راديو سيتي، قررت تسيلا الانتقال إلى المقعد الخلفي، وتسليم القيادة لزوجها المهووس بالتاريخ.
في ذلك العام، أُجريت الانتخابات الرئاسية الأميركية، ولأول مرة مارست المنظمات الصهيونية، وعلى رأسها بن صهيون، ضغوطا للتأثير على برامج الأحزاب. كانت الضغوط تهدف إلى إجبار إدارة ما بعد الحرب في بريطانيا على الوفاء بالوعد الذي قطعه وزير الخارجية البريطاني إبان الحرب العالمية الأولى، آرثر جيمس بلفور، من خلال منح دولة لليهود في فلسطين.
نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

في أسفار أبيهم كانت تسيلا تأخذ أطفالها الثلاثة يوناتان وبنيامين وعيدو ليقضوا أوقات الصيف عند أخوالهم آل سيغال في بتاح تكفا، التي كانت أول مستوطنة صهيونية يسكنها اليهود في سبعينيات القرن التاسع عشر بعد أن اشتروا أراضي من فلسطينيي قرية ملبّس العربية. كانت تسيلا من السيدات "اللاتي يستيقظن في الخامسة للمساعدة في حلب الأبقار، وفي المساء يرتدين الكعب العالي". سيحصل بنيامين هناك في لعبه مع أبناء خؤولته على لقب "بيبي" الذي سيصحبه طوال حياته، إذ جاءه هذا اللقب من اسم ابن خاله الأكبر، بنيامين رون، الذي كانت أخته الصغرى تلاحقه وتناديه "بي بي". منذ تلك اللحظة، أصبح هذا اللقب عالقا في العائلة وانتقل إليه وإلى أقربائه الذين يحملون اسم بنيامين. سيُعرف بنيامين بهذا الاسم، وسيناديه به اليمين واليسار، وأصدقاؤه وأعداؤه.
حاخام ومؤرخ وسياسيّ..
هي قصةُ إسرائيل هي قصة آل نتنياهو؛ أسطورة يرويها الحاخام الجد (ناتان)، ويعمل المؤرخ الأب (بن صهيون) على تحويل الأسطورة إلى مقولة سياسيّة، وينشِّئ عليها أبناءه، فيكبر الجنديُّ المقاتل في سبيلها (يوناتان)، والسياسيُّ المتصرفُ في تدبيرها (بنيامين)

في المؤتمر الصهيوني الثامن الذي انعقد في لاهاي الهولندية عام 1907، يقوم ناتان ميليكوفسكي، وهو حاخامٌ زمِّيت من روسيا البيضاء، كثُّ اللحية كثيفها، انحسرَ شعره عن جبهته إلى منتصف رأسه، غائر العينين، أخرجه التأثّر بثيودور هرتزل، زعيم الحركة الصهيونية الذي رحل قبل ثلاثة أعوام، من تدريس التوراة في كُنُس بولندا إلى التبشير بالحركة في حواضر الدنيا، فطاف العالم من الصين إلى الولايات المتحدة مبشرا بالصهيونية. كان من أشد الناس حماسة لمشروع الدولة اليهودية في فلسطين، وبلغت به حماسته أنه فرض في بيته التكلم باللغة العبرية التي لم تكن متداولة بين اليهود في ذلك الوقت. قام ناتان ميليكوفسكي، الذي قد دَرِب على الخطابة بعد مئات الخطب التي نثرها على يهود العالم، خطيبا في المؤتمر داعيا لضبط ردّاد البوصلة نحو فلسطين، واتهم الصهاينة المؤيدين لمشروع تأسيس دولة يهودية في أوغندا بـ"خيانة كل الأجيال". يحتفظ رئيس الوزراء الإسرائيلي بصورة لجدّه، الذي غيّر اسمه لاحقا لنتنياهو، وهو يخطب في المؤتمر.
نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

المؤتمر الثامن يعد أحد أهم المؤتمرات الصهيونية في هولندا (المتحف اليهودي ومركز التسامح، موسكو روسيا)

كان المؤتمر الصهيوني الثامن الذي شارك فيه ناتان ميليكوفسكي من أهم المؤتمرات التي عقدتها الحركة الصهيونية في تاريخها، ففيه أُقرت اللغة العبرية لغة رسمية للحركة الصهيونية، واتُّفق على تأسيس شركة لاستغلال أرض فلسطين وتوطين اليهود فيها، وكذلك شارك فيه، لأول مرة، وفد من أربعة أشخاص جاءوا من فلسطين ليمثلوا ما سمّوه "أرض إسرائيل" (إريتز يسرائيل).
لم يكن ناتان ميلكوفيسكي ليتخلى عن الحلم الصهيوني أو يتفهّم واقعيّة هرتزل في خياره لأوغندا، فقد كان رجلا مسبوكا من نبوءات التوراة، وأحلام الصهيونية، وهو الذي قال مرة ليهود نيويورك: "ما دام بقي يهودي واحد، حتى لو كان يهوديا واحدا فقط، فإن أرض إسرائيل لديها أمل وفرصة. إن أي مستوطنة صغيرة أو كبيرة، غنية أو فقيرة، في أرض الآباء، هي المكان الذي سيولد فيه الشعب اليهودي من جديد ويصبح أمة عظيمة". لقد كان ناتان ينظر إلى يهود أوروبا المهاجرين إلى أميركا بازدراء، ويراهم في أرض "نجسة"، وهو شعورٌ سيتسلل إلى أحفاده في احتقار اليهود الأميركيين، خاصة يوناتان وبنيامين.
نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة
وُلد ميليكوفسكي 1880 -كسائر شيوخ الصهيونية أوروبيا- في ليتوانيا، وتعلم في مدرسة دينية في بولندا، وبلغ مرتبة الحاخامية وهو ابن 18 سنة، وحين بلغ التاسعة والعشرين تزوج سارة لوري، وهي فتاة ليتوانية جمعهما العمل في جمعية محبي صهيون. استقر الزوجان في وارسو البولندية، حيث أصبح ميليكوفسكي مدرسا للغة العبرية، وفي عام 1910، وُلد ابنهما الأول بن صهيون. وبعدها بعشر سنوات، في 1920، سينتقل ناتان بأسرته إلى فلسطين في عهد الانتداب، ويستوطن الجليل، ويعمل مديرا لمدرسة "ڤيلكوميتز"، على مرتفعات الجليل بالقرب من صفد، وهي أول مدرسة عبرية في فلسطين. وحين اكتهل وضعفت حماسته للخطب، نشط في تدبيج المقالات داعيا للاستيطان وعبرَنَةِ الجليل، وبحثا عن انسجام الداعي والدعوة قرر التخلي عن اسمه الروسي، فصار يوقع مقالاته باسم "نتنياهو"، وهو اسمٌ انتقشَه من قصص التوراة، وصار لقبا لذريته من بعده.
لم تبدُ أرض الأحلام للحاخام الزمّيت بيئة هانئة، فقد وجد نفسه وسط نخبة من العلمانيين الصهاينة الذين لا يؤمنون بإله، ولا يصدقون شيئا من الوصايا ولا الحكايا التوراتية سوى أحقيّتهم في تلك الأرض، ولغربته الدينيّة لم يلقَ تقديرا لدى النخبة السياسيّة، فعاشَ محدود التأثير. وحين سنحت له فرصة المشاركة السياسيّة، قام محاميا مع ابنه البِكر عن المتطرفين المتهمين بقتل حاييم أرلزوروف، رئيس الشعبة السياسية في الوكالة اليهودية عام 1933، ولم يُحكم عليهم بشيء لنقص عدد الشهود. كان هذا هو العمل السياسي الوحيد الذي جمعه وابنه بن صهيون.
نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة
كان مشروع دولة يهودية في شرق أفريقيا على مساحة من دولتي أوغندا وكينيا الحاليتين جذابا لبعض الصهاينة المتقدمين، اقترحه وزير المستعمرات البريطانية جوزيف تشامبرلين على ثيودور هرتزل، واقتنع به هرتزل، الذي كان يرغب أولا في إقامة دولة لليهود قرب فلسطين، في سيناء أو قبرص أو العريش المصرية. لاحقا قدم هرتزل خطة أوغندا للمؤتمر الصهيوني السادس عام 1903، لكنه قوبل بمعارضة تعاظمت لصالح تأسيس دولة في فلسطين. يمكنك في الخريطة السابقة أن ترى أسماء المستوطنات والمدن التي أسستها دولة الاحتلال لاحقا في فلسطين، مثل تل أبيب.
وفي ليلِ الحاخام المنبوذ، لمع نجمُ فيلاديمير جابوتنسكي، أحد أهم منظري الصهيونية، فاتخذه هاديا. كان جابوتنسكي ملحدا ولكن بحماسة مؤمن، فلامست جذريّتُه الثوريّة وإيمانُه بأرض إسرائيل الكبرى الممتدة على طرفَيْ نهر الأردن هوى في قلب الحاخام، فاقترب منه ومن تياره التصحيحي الذي كان يتبنى موقفا أكثر عنفا من الفلسطينيين، وسياسة أكثر جذرية من تلك التي يتبناها التيار الصهيوني العام، ويدعو لاتخاذ خطوات مثل تأسيس فيلق يهودي في الحامية البريطانية في فلسطين، ولاستيطان أوسع لليهود هناك، بدلا من الهجرات المحدودة والمجدولة أو الجهود الدبلوماسية وشراء الأراضي.
وبهذا الاقتراب كان نتنياهو الجد قد هيّأ لابنه الأسباب ليصبح راوية لأفكار جابوتنسكي، الذي غيّر اسمه كذلك إلى زئيف، ويعني "الذئب" بالعبرية. ولكن اقتراب الحاخام من التصحيحيين لم يجعله واحدا منهم، يقول المؤرخ ومحرر الموسوعة اليهودية يوسف كلوزنر: "لم يكن الحاخام ميليكوفسكي حزبيا تصحيحيا، بل كان صهيونيا صِرفا، ويكفيه ذلك. فقد أُعجب بجابوتنسكي ورأى فيه مقاتلا شجاعا من أجل خلاص اليهود، وداعما لتحقيق الهدف القومي كاملا".
نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

جابوتنسكي أراد أن تكون الأولوية لتكوين قوة عسكرية رادعة لتأمين المستوطنين وألا تعطي للعرب أملا في إمكانية طردهملم يكن جابوتنسكي يعرف أنه بكتابته للمقال الذي سلّمه إلى جريدة "الفجر" التي يصدرها يهود روسيا في برلين، في الأسبوع الأول من نوفمبر/تشرين الثاني 1923، كان قد وضع عقيدةَ آل نتنياهو السياسيّة ورسم لهم مسارا فكريا تعاقبت عليه ثلاثة أجيال من أسرة هبة الله (الترجمة الحرفية لـ"نتنياهو"). مثَّلت المقالة التي نُشرت في الرابع من نوفمبر/تشرين الثاني بعنوان "الجدار الحديدي" نواة فكرة اعتنقها الجدُّ الحاخام، وأصّلها الأبُ أستاذ التاريخ، وسيحامي عنها الإخوة، ببندقية الجنديّ يوناتان، وبلسان السياسيّ بنيامين، وبقلم الأديب عيدو.
بدا جابوتنسكي واضحا جدا في مقالته، وضوح المفكّر المسلّح الذي يحمل القلم في يمينه، وفي يساره بندقيّة. كان يكتب مقالاتِه الفكريّة بصيغة البيانات العسكريّة. لقد ضجر عسكريُّ الحرف من جهود الحركة الصهيونيّة التي سيطر عليها مثقفو اليسار وتعويلهم على خداع العرب في فلسطين عن أرضهم، ومفاوضتهم لإثبات براءة نيّاتهم في مشاركة الأراضي، فكتب مقالته ليبيّن لهم جوهر الصراع، وطبيعة المشروع الاستعماري الاستيطاني الذي تحاوله الحركة: "قد نقول لهم ما نشاء عن براءة أهدافنا، ونتأنق في عباراتنا ونحلّيها بكلمات معسولة لنجعلها مستساغة، لكنهم يعرفون ما نريده، كما نعرف ما لا يريدونه.
إنهم يشعرون على الأقل بالحب الغريزي نفسه لفلسطين، كما شعر الأزتيك القدامى تجاه المكسيك القديمة". رأى جابوتنسكي أن الحركة الصهيونية تضيع وقتا ثمينا في المفاوضات، وتنشغل عن تكوين قوّة عسكريّة رادعة يمكنها تأمين المستوطنين. فـ"كل السكان الأصليين في العالم يقاومون المستعمرين ما دام توفر لهم أدنى أمل في القدرة على تخليص أنفسهم من خطر الاستعمار"، و"لا يهم على الإطلاق ما العبارات التي نستخدمها في شرح أهدافنا الاستعمارية، سواء أكانت تلك التي يستخدمها هرتزل أو السير هربرت صموئيل. يحمل الاستعمار تفسيره الخاص، التفسير الوحيد الممكن، غير القابل للتغيير، والواضح مثل ضوء النهار، لكل يهودي عادي وكل عربي عادي. فالاستعمار لا يمكن أن يكون له إلا هدف واحد، ولا يمكن لعرب فلسطين أن يقبلوا بهذا الهدف". وعليه، فالسبيل الوحيد لإنجاح هذا المشروع وضمانة استقراره تأسيس "قوة مستقلة عن السكان الأصليين خلف جدار حديدي، لا يستطيع السكان الأصليون اختراقه. هذه هي سياستنا العربية".

وضع جابوتنسكي هذه النظرية وهو واعٍ بالطبيعة العربية في الإباء والنضال التي مرَدَ عليها الفلسطينيون، "فما دام العرب يشعرون بأن ثمة أملا بطردنا، فسوف يرفضون التنازل عن هذا الأمل مقابل كلمة طيبة، أو خبز وزبدة، لأنهم ليسوا رعاعا، بل أمةٌ حيّة"، ولن يصل المحتل إلى أمان إلا "عندما لا يكون هناك أي أمل في التخلص منا".
توفي ناتان ميليكوفسكي في 1935 عن عمر يناهز الخامسة والخمسين. وكسائر الدعاة الذين ينشغلون بالعامة ويهملون أهل بيتهم، عاش أبناؤه التسعة حياة علمانيّة صِرفة، ومعظمهم بعيد عن إسرائيل. لكن ابنه البكر، بن صهيون، سيظل على عهد أبيه، وسيعيش بن صهيون عمره وعمر أبيه ويعمّر إلى المئة.
التقطَ الابن قلمَ أبيه ونشط في الصحافة، وكان مستودعا لأفكار جابوتنسكي الذي كان ينتج الأفكار، ثم ينشغل بن صهيون بتأصيلها تاريخيا لتخصصه في التاريخ اليهودي. كان يمينيا جذريا كأنه صفحةٌ من سفر يشوع، آمن بمشروع إسرائيل الكبرى على ضفتي نهر الأردن، وبالمجابهة المسلحة للعرب والانتداب البريطاني.

عن يمين اليمين

وكأن تطرف جابوتنسكي لم يكن كافيًا ليخطو نتنياهو الأب خطوة أبعد ضد العرب: لا دولة لهم، والأمر أُنف!
نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة
بنيامين نتنياهو (يمين) يتحدث مع والده بن صهيون نتنياهو (غيتي)

بن صهيون نتنياهو: العرب واليهود مثل عنزتين التقتا على جسر ضيّق، إحداهما مضطرة إلى القفز في النهر، ولكنهما لا تريدان الموت. ولذلك فإنها تنتطحان على الدوام، وتؤمنان بأن إحداهما ستُنهَك في نهاية المطاف وتستسلم، وعندها سيتقرر الأقوى الذي سيرغم الأضعف على القفز. إن القفز لليهود يعني ضياع الشعب اليهودي، أما بالنسبة إلى العرب فإن قفز عنزتهم يعني تضرر جزء يسير منهم
لم يؤمن بن صهيون بشيء إيمانه بصواب رأي جابوتنسكي في الصراع مع العرب، فمن الواضح أن جابوتنسكي رأى موقف العرب عنيدا جدا، وليس سهلا للتسوية والقبول كما رآه التيار الصهيوني العام. لم يتبنَّ التصحيحيون من الدبلوماسية إلا بمقدار ما يسمح بتمرير جرائم تهجير وقتل الفلسطينيين، قال جابوتنسكي إن 90% من الصهيونية تكمن في أعمال الاستيطان العنيفة من القتل والتهجير، وإن 10% فقط منها هي السياسة.
لم يقف بن صهيون عند حدود معلمه، فقد حاجج جابوتنسكي بأن الجدار الحديدي والقوة الصلبة ستكون مقدمة ليتعايش الشعبان معا في سلام. أما نتنياهو الأب، مثل ابنه من بعده، فقد آمن بأن الجدار يعني ألا تُقام دولة عربية تقاسمهم أرض فلسطين، فقال بن صهيون: "ليس ثمة شعبان هنا، وإنما هناك شعب يهودي، وسكان عرب، ولا وجود لشعب فلسطيني". وحين سُئل عن حل القضية قال: "لا حل سوى القوة والحكم العسكري القوي"، وبعبارة أخرى لا بديل عن الجدار الحديدي.
حفظ بنيامين نتنياهو هذه الكلمات عن ظهر قلب، وعندما جاء إلى السلطة أول مرة في 1996، كان سابقاه إسحاق رابين وشمعون بيريز قد تركا له على مكتب الرئاسة اتفاقية أوسلو التي تقتضي إنشاء حكم مستقل للفلسطينيين. لم يقبل ابن أبيه وتلميذ جابوتنسكي بهذه الاتفاقية، وسعى لتفريغها من محتواها، فقيام أي شكل من أشكال الاستقلال، داخل الأراضي الفلسطينية، مناقضٌ لما يؤمن به من كون الأرض الفلسطينيّة كلها لليهود. وفي سنوات حكمه سينشط الاستيطان، "إنه مثل الرجل الذي يتظاهر بالتفاوض على تقسيم البيتزا مع الاستمرار في تناولها"، كما أخبرني أفي شلايم المؤرخ اليهودي، وأستاذ التاريخ في أوكسفورد.
نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

شارون عن نتنياهو: هذا رجل لا يمكن الثقة به في 16 ديسمبر/كانون الأول 2023، سيقف نتنياهو بعد 17 عاما من الخدمة المتقطعة رئيسا للوزراء أمام الإسرائيليين مغازلا جمهوره اليمينيّ، ومتبجِّحا أمام اليسار الناقم، وقد خلع قفازات التفاوض مع الفلسطينيين ليقول مفتخرا: "كنت أنا العقبة أمام إقامة دولة فلسطينية!". كان اليسار الإسرائيلي على استعداد، ولو شكليّا، لتقديم تنازلات قد تُفضي بتأسيس دولة فلسطينية منزوعة القدرة والسلاح، لكن الرجل لم يدخر جهدا في إقصاء اليسار، وتحديد نفوذه السياسي.
في 1997، بعد عام من استلامه منصب رئاسة الوزراء، سيهمس في أذن أكبر حاخام في إسرائيل، إسحاق كدوري: "لقد نسي اليسار معنى أن تكون يهوديا". هذا الكُره لليسار له أسباب عدة، لعل أهمها ما ورثه عن والده بن صهيون، فحين أتمّ بن صهيون نتنياهو دراسته، قرعَ أبواب الجامعة العبرية ليعمل فيها، فلم يُفتح له. كان اليسار قد سيطر عليها وأغلقوا خلفهم الأبواب، ولم تتسع صدورهم لتوظيف خصم فكريّ، وهو ما ترك أثرا وثأرا في نفسه على النخبة اليسارية. وفي الوقت الذي كانت تنشط فيه الدعاية الصهيونيّة لاجتذاب يهود العالم إلى فلسطين، قرر بن صهيون الخروج، ويمم وجهه تلقاء الولايات المتحدة عام 1939، مُتحرِّفا لقتال ومُتحيِّزا إلى شيخه المنفيّ من إسرائيل، وهكذا أصبح مساعدا شخصيا وأمينا لسر جابوتنسكي لحين وفاته بعد عام قصير. وفي نيويورك نشط سياسيا مع الحركة التصحيحية، وباحثا أكاديميا ومسؤولا عن مكتب الحركة.
بعد إعلان تأسيس الدولة في عام 1948، عاد بن صهيون مع عائلته إلى إسرائيل ليستقر في القدس. وفي العام نفسه أسس مناحيم بيغن، تلميذ ووريث جابوتنسكي، حركة حيروت بوصفها حركة سياسية بعد أن ألقى السلاح عن كتفه، وحُلَّت منظمة إرغون، ثالثة ثلاث منظمات إرهابية وضعت حجر الأساس لإسرائيل بجانب منظمة شتيرن، والهاغناه. رأى بيغن في حركته امتدادا للتيار التصحيحي في الدولة الجديدة، لكنه وأنصاره لم يعطوا اعتبارا للوافد الجديد من الولايات المتحدة، ونظروا إليه بوصفه مهاجرا لم يبذل نفسه في الحرب ضد العرب، وعليه فإنه ليس مؤهلا للعمل في أجهزة الحركة، ولم يشفع له تاريخه الصحفي بأن يمارس أي دور في الصحيفة الناطقة باسم الحزب. بعد خمسة وأربعين عاما، سيتنافس الأبناء على ميراث الآباء، وسيواجه بنيامين نتنياهو بيني بيغن في منافسة على قيادة حزب الليكود 1993.


أب غائب وأخ حاضر

ضالة بنيامين التي وجدها في أخيه
نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة
"يوناتان نتنياهو" أو "يوني" شقيق نتنياهو الأكبر (غيتي)

فقد بيبي صورة الأب في والده، ووجدها في أخيه الأكبر يوناتان، الذي كان يكبره بنحو ثلاث سنوات، وبقي يعيش في ظله، يرى فيه الأب الحنون والقدوة العليا، والصديق الأكمل. كان يوناتان، أو يوني كما يحلو لعائلته تسميته، الغيمة التي يستظل تحتها بينامين وعيدو من شمس أبيهم الصاهرة، ويعودان إليه في خلافاتهما فيحكم بينهما ويصدران عن رأيه. لكن يوني كان يميل إلى بيبي أكثر من عيدو، كتب يوما إلى صاحبته: "لا يوجد في هذا العالم شخص أحبُّ إليَّ من بيبي، ولا أقدرَ منه على فهمي".
كان الصبي يغدو إلى المدرسة ويروح إلى الدار، ووالده لا يبرح مكتبته، كانت الطبقة السياسيّة قد لفظته، فبقي أسير بيته، فجموده وأفكاره لم تكن تناسب قيادات مباي، الحزب الحاكم في الدولة الناشئة (مباي: حزب عمال أرض إسرائيل، وهو حزب يساري اشتراكي إسرائيلي سابق تأسس في ثلاثينيات القرن الماضي بقيادة ديفيد بن غوريون. كان هذا الحزب هو القوة المسيطرة في السياسة الإسرائيلية وقتها، وسيكون نواة لحزب العمال فيما بعد). "كان يمكن لآل نتنياهو أن يكونوا من العوائل المؤسسة لإسرائيل مثل عائلة دايان ووايزمان وهرتسوغ لو كانوا أقل أدلجة وأكثر براغماتية"، بحسب أنشيل فيفر الكاتب الصهيوني ومؤلف السيرة السياسية لبنيامين نتنياهو.
نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة


جوزيف كلاوسنر كان بمنزلة مرشد لنتنياهو الأب. أخذ عنه احتقار المشارقة (الصندوق القومي اليهودي)

يمدُّ المؤرخ وأستاذ الأدب العبري يوسف كلاوسنر يد العون لرفيقه المنبوذ، وهو الذي لم يفلح في منافسة حاييم وايزمان على رئاسة إسرائيل وخسر أمامه في انتخابات عام 1949، وما عسى المرء أن يفعل حين يفشل في السياسة والتأثير، يتحول إلى مثقف أو مؤرخ يبحث عن سلطة على الأجيال اللاحقة بعد أن فاته التأثير في الجيل الذي يعيش معه. يعرض كلاوسنر وظيفة مساعد محرر للموسوعة العبرية، وإن شئت قل "المحكيّة العبرية"، على بن صهيون، فيقبلها ظنًّا منه أنه نجا من سطوة اليسار، سيترقى بن صهيون بعد أعوام ليصبح محررا للموسوعة، ويتنبه له اليسار في حرفه للرواية التاريخية لصالح مزاجه اليميني.
تطورت زمالة كلاوسنر وبن صهيون إلى صحبة وثيقة ومجلس دوري يتطارحان فيه هموم السياسة التي لم تواتهما أسبابُها، وشجونَ التاريخ اليهودي على مائدة ممتلئة بمخبوزات الشرق الأوروبي وأقداح الشاي. تلك المجالس التي شهدها الروائي والمفكر البارز عاموس عوز وكتب عنها في روايته "قصة الحب والظلام"، حيث كان يرتاد بيت يوسف كلاوسنر، ويرى بن صهيون وأبناءه هناك. يذكر عاموس ركله لواحد من أبناء بن صهيون: "لقد ركلت أحدهم ذات مرة، عندما كنت في الثالثة عشرة من عمري، بكل قوة بحذائي، لأنه كان يزحف تحت الطاولة ويفتح أربطة بنطالي ويجذب أطرافه. حتى يومنا هذا لا أعرف ما إذا كنت قد ركلت الأخ البطل [يوني] أم الأخ الذكي [بيبي]".

يتبع ...

 

 


 

الباسل

يتولى القادة العسكريون مهمة الدفاع عن الوطن ، ففي أوقات الحرب تقع على عاتقهم مسؤولية إحراز النصر المؤزر أو التسبب في الهزيمة ، وفي أوقات السلم يتحمّلون عبء إنجاز المهام العسكرية المختلفة ، ولذا يتعيّن على هؤلاء القادة تطوير الجوانب القيادية لديهم من خلال الانضباط والدراسة والتزوّد بالمعارف المختلفة بشكل منتظم ، واستغلال كافة الفرص المتاحة ، ولاسيما أن الحياة العسكرية اليومية حبلى بالفرص أمام القادة الذين يسعون لتطوير أنفسهم وتنمية مهاراتهم القيادية والفكرية

   

رد مع اقتباس