عرض مشاركة واحدة

قديم 14-10-10, 10:41 AM

  رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
المقاتل
مشرف قسم التدريب

الصورة الرمزية المقاتل

إحصائية العضو





المقاتل غير متواجد حالياً

رسالتي للجميع

افتراضي



 

أوغلو:البحث عن طريق وسط الظلام
ليس مستغربا أن يكون الدكتور داوود أوغلو صاحب الحل الجديد لهذه المعادلة القديمة، فهو ينتمي لعائلة محافظة لم تنقطع عن التراث الإسلامي، و يملك تكوينا متينا في الثقافة الغربية سمح له بالاستفادة من أدوات النظر العلمية التي تجعله قادرا على تكوين نظرة كلية وعميقة لحركة تركيا داخل عالم مضطرب.


وهو رمز لهذه القوى التي تقود تركيا حاليا، ويشاطرها حساسيتها المتشكلة من ثلاثية : النزعة المحافظة اجتماعيا والديمقراطية سياسيا والليبرالية اقتصاديا، فتاريخ أوغلو الشخصي يجمع بين هذا الثالوث الذي بات يعرف بيمين الوسط في المجتمع التركي، وهو القوة التي يرتكز عليها حزب العدالة والتنمية الحاكم حاليا.

ومن مصلحة هذه القوة الجديدة أن تتصالح تاريخيا مع ميراثها التاريخي، فالأتراك تزايد عداءهم للسياسات الغربية، ولا بد من مراعاة هذه المشاعر للفوز بالانتخابات، ثم إن القوى الاجتماعية الناشئة التي تتكون من رجال الأعمال الجدد، ويستند إليها حزب العدالة و التنمية، تجد مصلحتها في أن تتراجع هيمنة الجيش، المعادي التقليدي للميراث الشرقي، على الدولة، كي ترتفع الحواجز مع دول الجوار العربي الإسلامي فتزدهر الأعمال.

أوغلو ينتمي إلى هذه القوى الجديدة التي أفرزتها تركيا للرد على المأزق الذي وصلت إليه التجربة الكمالية، ويملك الحساسية والعبقرية التي جعلته يلقي نظرة شاملة وعميقة على تجربة بلاده، فاستنتج أنها بصدد شوط جديد يختلف عن الأشواط السابقة، وأنها لن تفوز فيه إلا إذا وضعت مصالحها أولا في حركتها الدولية، وذلك بانتهاج سياسة خارجية مستقلة ومتعددة المحاور، وتكون صاحبة المبادرة والقرار في شؤونها.

هذه هي خلاصة نظرية الدكتور أوغلو، وهي المعنى العميق لنظرية المركز، وتحوّل تركيا إلى قوة إقليمية تراهن على سياسة الاستقرار لمضاعفة مردود مواردها الوطنية.

أوراق تركيا في لعبة القيادة الإقليمية
يرى أوغلو أن بيد تركيا حاليا الأوراق التي تحقق بها هذه الخيار، فتركيا بلد مركزي، جغرافيا لأنه يتوسط عدة مناطق كبرى، آسيا والشرق الأوسط وأوربا، وإفريقيا عبر المتوسط، والقوقاز، والبلقان، وعدة بحور، فيمكنها بسهولة المرور إلى مناطق متعددة ورئيسية في رحلة البحث عن مصالحها.

وهي بلد مركزي تاريخيا لأنها جمعت تنوعات كثيرة من البشر، يختلفون في أجناسهم ولغاتهم ودياناتهم، فهي صورة مصغرة عن محيطها، وإذا تمكنت من تحقيق التعايش بين مكوناتها الداخلية فإنها بالتالي تجعل منهم أرضيات لاستقرار المكونات البشرية المحيطة بها في الجوار.

وهي في مركز الصراع بين قوى دولية كبرى على مصالح حيوية، مثل صراع أمريكا في أفغانستان، وأمريكا بالعراق، وأمريكا على سوريا، وأمريكا وروسيا في القوقاز، وأمريكا وإيران، و بين الغرب والصين في منطقة الخليج ، وغير ذلك من الصراعات المحتدمة بالمنطقة، ولا يمكن لأية قوة أن تتجاهل الدور التركي في أي ترتيب تريده للمنطقة، فلا يمكن لأمريكا مثلا أن تنسحب من العراق دون ترتيبات توافق عليها تركيا، ولا يمكن لروسيا أن تتحرك في القوقاز دون تفاهم مع تركيا، ولا يمكن لأوربا أن تؤمن ظهرها من الشرق وتحصل على تدفق الطاقة إلى أسواقها وبيوتها دون تركيا.

ولما كانت هذه المنطقة هامة جدا للعالم وتتعرض في نفس الوقت لعوامل تهز استقرارها باستمرار فإن تركيا وجدت أن أهم دور يمكن أن تقوم به في المرحلة القادمة هو الاستقرار والتعاون، وهذه السياسة يعبر عنها أوغلو بسياسة صفر مشاكل بداخل تركيا وبالجوار القريب ، خاصة مع العالم العربي ومنطقة القوقاز، ثم الجوار البعيد فالأبعد، وهي جزء من سياسة القوة الناعمة التي تقدمها أنقرة على القوة الصلبة أو القوة العسكرية.

ولما كانت تركيا تقدم التعاون على الصراع فإنها تبحث دائما على المشترك مع الأطراف الأخرى، وهنا يأتي دور الإسلام، فهو ميراث مشترك مع الدول العربية والإسلامية، ولا يعتبره أوغلو شرعية جديدة من أجل استرداد السلطنة العثمانية، فتركيا لا تزال تراهن في المقام الأول على الحلف الغربي، وتريد أن ترتقي من قوة إقليمية تتحكم في جوارها إلى قوة عالمية تقتسم مع الكبار القرار الدولي.

ويعبر أوغلو على مواصلته نهج كمال أتاتورك في التحالف مع الغرب حين يقول إن اتجاه تركيا نحو الشرق سيعجل بانضمامها للغرب، ويشبه الأمر بالقوس التي كلما شددتها للوراء، نحو الشرق، كلما ذهب السهم بعيدا إلى الأمام، أي نحو الغرب.

وأغلو لا يعرض رؤيته كانقطاع في مسار تركيا بل كاستمرار لنفس الخط الإستراتيجي الأسبق الذي سطّره اتاتورك، ويخطئ من يبحث في كتابه عن إدانة كلية للفترات السابقة، أو انقلاب على اتجاهها الأكبر، ولا يدعي أغلو لنفسه من إضافة إلا أن تستفيد تركيا من الوضع الحالي لتعاظم مردود مواردها في سعيها المستمر نحو المشاركة في القيادة العالمية؛ فأغلو قومي مثل مؤسس الدولة التركية، ولكنه يثري قوميته بأبعاد أخرى تعظّم من فرص تركيا في تحقيق مصالحها، ومن يعتقد أنه أممي إسلامي يقدم مصالح أخرى على مصالح بلده لن يجد في الكتاب ما يسعف فرضياته.

السياسة التركية الجديدة: حصاد وفير وتحديات في الأفق
يعدد أوغلو نجاحات هذه السياسة الجديدة، فيتحدث عن التدخل في العراق لملاحقة المتمردين الأكراد، ويقول بأنه وجد القبول من جميع الأطراف؛ وأن تركيا حصلت من المكاسب والاهتمام من أوربا في السنوات الأخيرة ما لم تحصل عليه في عشرات السنوات السابقة.

ويمكننا، بالطبع، أن نعدد المكاسب الناجمة عن هذه السياسة، فلقد كان اعتراض تركيا على تعيين الدنماركي، اندرس فوغ راسموسن، على رأس قيادة الحلف الأطلسي، لموقفه المدافع عن الرسومات المسيئة للرسول، عليه السلام، نجاحا كبيرا حصلت بفضله على غلق محطة إعلامية للمتمردين الأكراد تبث من الدنمارك، ومنصبا قياديا هاما في الحلف الأطلسي، وتنازلات أخرى قدمتها الإدارة الأمريكية.

ولم تحرم هذه الاستقلالية تركيا من احترام أمريكا بل إن الرئيس الأمريكي باراك أوباما جعل منها أول منبر يخاطب منه العالم الإسلامي.

ونجد في كتاب أوغلو المنطلقات الكبيرة التي تحدد مستقبل السياسة الخارجية التركية، فهو مثلا يتعرض للخلاف مع أمريكا بخصوص إيران، فيقول إن تركيا بلد يزدهر اقتصاديا وبحاجة إلى الطاقة التي توجد في إيران، وليس من مصلحة بلاده أن تكون جزءا في صراع يهز استقرار إيران، ويضر بمصالح تركيا الحيوية وطويلة الأمد.

وما سنشاهده بعد قراءة أوغلو هو أن الرفض لسياسة القوى الغربية بالمنطقة سيتزايد مع الحفاظ على التعاون معها، كما حدث ذلك في أفغانستان حين كانت تركيا أول من دعا إلى حل سياسي للصراع لأن الخيار العسكري لن يزيد الأوضاع إلا اضطرابا.

نظرية أوغلو لا تزال على المحك رغم النجاحات التي حققتها، فتركيا بلد يمر بمرحلة تحول تاريخي في بناء السلطة ولا يزال لم يشكل ثقافة سياسية مشتركة للدولة تشكل إجماعا على ما جاء في "العمق الإستراتيجي"، بخلاف الحال في أمريكا،مثلا، التي تجمع قواها الداخلية على ثوابت في علاقاتها الخارجية، تشكلت على أساسها لجنة بيكر هاملتون بين الجمهوريين والديمقراطيين.

وتواجه تركيا نفس المشكل الذي تواجهه أوربا في المراهنة على القوة الناعمة، وهو مشكل الاتفاق مع القوى الأخرى على أن الاستقرار في مصلحة الجميع ، ففي الواقع قد تجد قوى أخرى أن من مصلحتها تغيير الأوضاع بالقوة لأن الوضع الراهن ضار بها ولا يمكنها تغييره بالطرق السلمية.
و لا تزال السياسة التركية الجديدة لا تجد تفهما وقبولا عند القوة الغربية، فهناك سوء فهم كبير بين الجانبين، ناتج عن سنوات طويلة سابقة كانت تركيا ترد فيها دائما على الطلبات الغربية بنعم كبيرة.


وتتعارض عقيدة إسرائيل الخارجية التي تعتمد على القوة والتخويف مع السياسة الخارجية التركية التي تراهن على القوة الناعمة والتعاون وبناء الثقة، وسيتوالى التصادم بين الطرفين في المستقبل.

وتعاني هذه السياسة من غياب الشركاء الذين يمكن أن يكونوا طرفا في بناء الاستقرار، فدول العالم العربي تموج بعوامل الاضطراب، وليست شريكا موثوقا يمكن الاعتماد عليه لضمان استقرار المنطقة بسواعد أبنائها وحدهم.

المصدر:مركز الجزيرة للدراسات

 

 


المقاتل

القائد في منظور الإسلام صاحب مدرسة ورسالة يضع على رأس اهتماماته إعداد معاونيه ومرؤوسيه وتأهليهم ليكونوا قادة في المستقبل ويتعهدهم بالرعاية والتوجيه والتدريب بكل أمانة وإخلاص، وتقوم نظرية الاسلام في إعداد القادة وتأهيلهم على أساليب عديدة وهي أن يكتسب القائد صفات المقاتل وأن يتحلى بصفات القيادة وأن يشارك في التخطيط للمعارك ويتولى القيادة الفعلية لبعض المهام المحددة كما لو كان في ميدان معركة حقيقي

   

رد مع اقتباس