عرض مشاركة واحدة

قديم 15-09-09, 01:16 PM

  رقم المشاركة : 17
معلومات العضو
البارزانى
Guest

إحصائية العضو



رسالتي للجميع

افتراضي



 

إعداد الجبهة الإعلامية

والتأكيد على أهمية هذه الجبهة وأنها أحد ركائز الحرب الناجحة، قد صار من نافلة القول الآن.

وأول الطريق لإعداد هذه الجبهة هو إعداد الكوادر الإعلامية الحرفية، فهذه الكوادر المؤهلة والواعية هي العنصر الحي الذي يحيل الأجهزة والسياسات الإعلامية إلى واقع حي مثر.
ثم يأتي بعد ذلك دور الأجهزة الإعلامية، وهي على نوعين رئيسيين: أجهزة الكلمة المقروءة، وأجهزة الكلمة المسموعة.
ويتم التعبير عن الكلمة المقروءة بوسائل عدة تنقلب من البسيط إلى المركب حين ننتقل من حيز النشرات والكتيبات إلى حيز الكتب والصحف والمجلات المحلية والعالمية.

وأما التعبير عن الكلمة المسموعة فيتم بطرق عدة من مثل: الإذاعة، مرئية وغير مرئية، والأفلام التسجيلية التي تبثها قوافل الاستعلامات مصحوبة بشرح سياسي واف، والندوات والمحاضرات واللقاءات السياسية التي تنظمها وسائل الثقافة الجماهيرية والتثقيف السياسي، وأخيرا فهناك المسرح السياسي أو الوطني الذي يتعاظم دوره في زمن الحرب خصوصا إذا كان مرتكزا على أصول دينية كالمسرح الإسلامي في مصر وبعض البلاد الإسلامية.

وتعتبر هذه الأجهزة المختلفة وسيلة مماثلة للأجهزة الديبلوماسية ولكن في المجال الإعلامي، فإنه إذا كان مجال الديبلوماسية هو الأشخاص الرسميون وأصحاب القرار فإن مجال الأجهزة الإعلامية هو قطاعات الرأي العام والمراكز المؤثرة على صناع القرار، فالمعنى واحد وإن اختلف المجال.

ولا قيمة لهذه الأجهزة ما لم تتبع سياسة إعلامية ناجحة، لا تلتزم، إن التزمت، إلا بالواقعية، وعرض الحقائق، فلم يعد ممكنا إخفاء الحقيقة الآن كما أن الناس لم يعودوا يقبلون التلون بأذواق النفعيين الذين يجيدون فن الإعلان لا الإعلام.

وحين تقوم الدولة على استكفاء الكوادر الإعلامية، والأجهزة التعبيرية، والسياسات السليمة، فإنها تضمن لمقاتليها، إذ يحاربون، ظهرا محميا من الإشاعات الفتاكة والآراء الهدامة التي تبثها أجهزة الحرب النفسية المعادية طوال فترة الحرب.

في الحرب النووية

تمهيد

يرى بعض المحللين أن الحرب النووية لا تعد حربا بالمعنى الفلسفي للحرب، ويصدرون في ذلك عن أن الحرب عمل منظم بطبيعته، بينما الحرب النووية ليست إلا نوعا من الفوضى ليس إلا.

ولعل مما يؤيد هذا الرأي، أن الأساس الفكري لاستخدام الأسلحة النووية الشاملة - فيما لو استخدمت - لن يكون إلا الجنون في حالة الهجوم، أو التشفي والانتقام في حالة الرد بالهجوم المضاد. إذ لا يعقل أن يكون استخدام مثل هذه الأسلحة نوعا من السياسة بوسائل أخرى!!..

ولا يخل بهذا الرأي ظهور الأسلحة النووية التكتيكية، إذ ما زلنا ننظر بعين الشك والريبة إلى إمكانية استخدام هذه الأسلحة بأسلوب العمليات التقليدية (هجوم ويلحق به المعارك التصادمية والمطاردة والتعزيز، ودفاع ويلحق به القتال داخل الحصار والقتال بقصد التخلص والارتداد لإعادة التجميع)، وقنبلتا هيروشيما ونجازاكي أصدق شاهد على ما نقول.

كما لا يثنينا عن تأييد هذا الرأي، ما تعارفت عليه الجيوش الحديثة من تدريب قواتها على أساليب الوقاية من الأسلحة النووية، إذ غاية ما نسلم به مع هذه الأدلة المناهضة هو اعتبار الحرب النووية - خصوصا في صورتها الشاملة - نوعا من الحرب التهديدية ليس إلا.

ولعل تأييدنا لمن ينكرون على الصدام النووي صفة الحرب، هو الذي دفعنا إلى دراسة هذه الحرب - إذا جاز تسميتها حربا- في فصل خاص نكتفي فيه بالإشارة إلى المبدأين اللذين يحكمان هذه الحرب، ألا وهما الصدقية، والقدرة على توجيه الضربة الثانية.
ونتناول فيما يلي كلا من هذين المبدأين:

أولا : مبدأ القابلية للتصديق
وأساس هذا المبدأ ما ذكرناه من أن الحرب النووية ليست إلا حربا تهديدية تخاض بالتهديد الجدي لا بالتنفيذ الفعلي. ولهذا فلا يتصور أن تحسم هذه الحرب إلا بأسلوب واحد هو إقناع العدو- ليس فقط بامتلاكنا للمتفجرات النووية - وإنما كذلك بامتلاكنا للوسائط اللازمة لنقل هذه المتفجرات إلى الأهداف المختارة، ولن يتحقق هذا الاقتناع لدى العدو إلا إذا كانت الشواهد كلها تدل على صدق ما نهدد به. فعند هذا القدر من التصديق تحسم الحرب، وتؤتي ثمارها المرجوة، بالرغم من أنها ستبقى في إطارها المرجو لها ألا وهو إطار اللاتنفيذ.

ثانيا: مبدأ القدرة على الضربة التالية
وإذا اعتبرنا أن المبدأ الأول « القابلية للتصديق » هو أساس الهجوم في الحرب النووية، فإن هذا المبدأ « اعتقاد العدو بقدرتنا على توجيه الضربة التالية » هو أساس الدفاع في هذه الحرب.
فالمبدأ المكافئ للمبدأ الأول، يتحقق بإحساس العدو بقدرتنا على رد ضربته بضربة مماثلة في القوة ومضادة في الاتجاه. فعند هذا القدر من القناعة يتحقق التوازن المطلوب للرعب النووي لدى الطرفين، وتخرج بالتالي الوسائل النووية من حلبة التأثير في الصراع السياسي بينهما.

خاتمة

وبعد.. فقد كانت تلك رسالتنا عن المبادئ العامة للحوب التقليدية، وقد توخينا فيها التأصيل مادام مفيدا، والإيجاز مادام كافيا. كما كان حسبنا من هذه الرسالة أن نحيط إحاطة ثقافية بالقواعد الأصولية للحروب وكيفية الإعداد لها، ولهذا فقد راعينا في هذه الإحاطة الثقافية اجتناب التفصيلات الفنية إلا بالقدر الذي نحتاجه لشرح قاعدة أصولية، بل لقد استبعدنا - أحيانا - بعض النظريات الأساسية ما دامت ستجرنا إلى تفصيلات تزيد عن حاجة هذه الدراسة كثيرا، وكان من هذا الذي استبعدناه ما يلي:

1 - نظريات الأمن، وقد استبعدناها عند الحديث عن الحرب التقليدية، نظرا لتعدد هذه النظريات واحتياجها لدراسة خاصة مستقلة توضح النظريات المختلفة للأمن من مثل: نظرية الضمانات الدولية، نظرية الاعتماد على الحلفاء الأقوياء، نظرية الحدود الآمنة، نظرية القوة الرادعة.

2 - الاستراتيجيات المختلفة للعمليات الفعلية من مثل: إستراتيجية المناورة المباشرة، والتي تعتمد على البدء بالتمهيد النيراني المدمر، ثم التقدم لاكتساح الدفاعات مع التوقف بعد إقامة رؤوس الكبارى، وبعد كل استيلاء على خط دفاعي لتأمين الأوضاع، وصد وتدمير الضربات المضادة في مناطق قتل محددة سلفا، ثم تطوير الهجوم لمرحلة تالية، وهكذا.

ويقابل هذه الاستراتيجية استراتيجية الاقتراب غير المباشر التي تعتمد على اختراق قطاعات محدودة بثلاثي (الطائرة - الدبابة - المشاة الميكانيكية)، وتطوير هذا الخرق في العمق التعبوي بقطع خطوط المواصلات، وبث الاضطراب في القيادات الخلفية، ومراكز الشئون الإدارية.

وإلى جوار هاتين الاستراتيجيتين هناك استراتيجية السلاح الحاسم، والتي تعتمد على سلاح معين بصفة أساسية في حسم المعركة، وقد كان هذا السلاح الحاسم في أول الأمر هو السلاح البحري، ثم حل محله فيما بعد السلاح الجوي، وبالاعتماد على هذا السلاح يتم دفع الخطوط الجوية دائما للأمام، ثم تتولى هذه الخطوط بدورها التمهيد لاستيلاء القوات الأخرى على الخطوط التالية، ثم تبدأ عملية دفع جديدة للخط الجوي، وهكذا.

3 - ومن ناحية أخرى فقد استبعدنا بعض التفريعات الفنية، من مثل عناصر الصدم والسيطرة والشئون الفنية في التكتيك، ومن مثل كيفية التجهيز الفني لمسرح العمليات سواء في جانبه الإيجابي المتمثل في تجهيز المسرح لخدمة قواتنا، أو في جانبه السلبي المتمثل في إعداد الوسائل الكفيلة بالحيلولة دون استفادة العدو من تجهيزاته لمسرح العمليات، ومن مثل أنواع الأسلحة النووية وأنواع الوسائط الحاملة لها سواء في الهجوم أو في الشبكات المضادة.

وقد كان أساس استبعادنا لهذه التفريعات الفنية هو احتياجها لدراسة تفصيلية تجاوز الغرض المنشود، فضلا عن أنها تفوق طاقتنا في الوقت الحاضر، وإن كان أملنا كبيرا في العودة لهذه التفريعات بدراسة تفصيلية إن لم يكفنا غيرنا مشقة الكتابة فيها بالطبع.

وبقيت كلمة أخيرة.. أننا مطالبون بالأخذ بكل أسباب القوة، ولكننا مطالبون كذلك بأن نستيقن بأن النصر من عند الله.
أقول ذلك مهما ظن الدهريون أنهم قادرون على ما يريدون.
{وهو الذي في السماء إله وفي الأرض إله}
صدق الله العظيم

 

 


   

رد مع اقتباس