عرض مشاركة واحدة

قديم 21-07-09, 06:58 PM

  رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
المنتصر
مشرف عام

الصورة الرمزية المنتصر

إحصائية العضو





المنتصر غير متواجد حالياً

رسالتي للجميع

افتراضي قراءة فى كتاب جندى امريكى



 



قراءة فى كتاب جندي أميـركي



فرانكس يروي قصة يوم الهجوم ومخاض الوصول لقرار الحرب والـ1634 ساعة


في عملية تحرير العراق هيأنا قوة تعادل نصف القوة التي هزمت الجيش العراقي في عام 1991


الهدف: أن لا تتوقف عند نهر الفرات وإنما المضي في الطريق بأكمله الى بغداد وما وراء ذلك



المقدمة.
يأتي الجنرال تومي فرانكس لينضم كاسم ورقم أساسي في تاريخ السياسة الأميركية عامة، وأدائها العسكري خاصة. وتشفع له سيرته الذاتية للوصول لمثل هذا التقييم، فيما يشفع له معها الموقع الذي تقلده والمهام التي أوكلت اليه. والى ذلك، فإذا كانت ذاكرة التاريخ الأميركي الحديث قد حجزت بطاقات مضيئة فيها لنورمان شوارتسكوف الذي قاد عملية عاصفة الصحراء، التي ألحقت الهزيمة بصدام حسين في 1991، وقد شارك فيها تومي فرانكس، مثلما حفظت مكانة أكبر لكوان باول قائد هيئة الأركان أيام تلك المعارك، فحري بتلك الذاكرة أن تحتفظ بمساحات أكبر لرجل تولى المهام العسكرية وقيادتها وتنفيذها في الحقبة التالية مباشرة لأحداث 11 سبتمبر (أيلول) بكل استحقاقاتها المعروفة، وعلى رأسها قضية الحرب ضد الإرهاب وفق الرؤية الأميركية. وهنا تحفظ سيرة الجنرال فرانكس قيادته وإدارته لعمليات تحرير أفغانستان من نظام طالبان في أكتوبر 2001 بعملية الحرية الدائمة enduringfreedomمن موقع مسؤوليته عن العمليات العسكرية الأميركية في 25 دولة بدءا من أفريقيا ومرورا بآسيا الوسطى ونهاية بالشرق الأوسط. ثم قيادته لعملية حرية العراقiraqi freedom في مارس .2003 الشرق الأوسط تقدم لقارئها حلقات من كتاب (جندي أميركي) للجنرال فرانكس الذي ألفه بالاشتراك مع مالكولم ماكونيل ونشرته له دار ريجانسبوكس في مطلع أغسطس (آب).

والكتاب يقع في نحو 567 صفحة من القطع المتوسط، ويضم بين دفتيه أربعة أجزاء، جاء الجزء الأول منها بعنوان (جذور عميقة) وقد خصصه الجنرال لتاريخ حياته ومنظومة القيم التي ورثها عن بيئته وأسرته ومجتمعه، فيما حمل الجزء الثاني عنوان (جندي محترف) وخصصه لطبيعة الجيش الأميركي ومهامه، مشيرا الى أنه ومع توليه لمهامه أصبح ذلك الجيش جيشا جديدا أو متجددا. أما الجزء الثالث فقد حمل عنوان (قائد الجيش) وهو من أكثر فصول الكتاب إثارة، وقد حمل في فصوله الثلاثة وصفا دقيقا للمحيط الجغرافي الذي اضطلع بإدارة العمليات فيه وحمل الفصل اسم (جوار خطر)، فيما حمل الفصلان اللاحقان اسمي (نوع جديد من الحرب ونصر تاريخي)، ويختتم بالجزء الرابع الذي خصــصه لمفاهيمه للحرب والقتال وخطة حرية العراق واختلاف التحالف الذي قاده عن سائر التحالفات السابقة.

وأخيرا فقيمة هذا الكتاب تكمن في أن الجنرال فرانكس قد تحدث أخيرا أو خرج عن صمته الذي دفع الإعلام الأميركي الى وصفه بالشريك الصــامت أو الهادئ silent partner، ليكشف عــن خــفايا أحداث كثيرة لم يكن طرفا فيها فحسب، وإنما في قلبها أيضا. ونقدر هنا أن كتابه يكتسب أهمية تاريخية كونه أول الغيث في التأريخ لأحداث لا تزال ساخنة في منطقتنا فيما لا تزال تداعياتها تســير بيننا كل يوم.

الزمان: 19مارس 2003

* كنت أميل في جلستي على الكرسي الجلدي الى أمام، وأنا أراقب شاشة الفيديو الفارغة. وبعد ومضة توقف استقطبت غرفة متابعة الأوضاع في البيت الأبيض الانتباه.

كان الرئيس جورج دبليو بوش يجلس بين نائب الرئيس ديك تشيني ووزير الخارجية كولن باول في رأس الطاولة. وجلس الأعضاء الخمسة الآخرون لمجلس الأمن القومي على الجانبين، في مواجهة الشاشة التي ظهرت عليها صورتنا كما ظهرت صورتهم هنا.

كانت بدلات الرجال السوداء أنيقة. وكانت الدكتورة كوندوليزا رايس ترتدي سترة بسيطة. لقد كان بوسعهم أن يكونوا مجلس ادارة شركة، ولكن الموضوع في المؤتمر ـ الاجتماع المصور الذي جمعنا لم يكن الربح أو الخسارة ، وإنما الحرب.

الى ذلك، ولو كان الرئيس قد اعطاني الأوامر، فإن آلافا من جنود التحالف وأفراد المارينز كانوا سيشنون هجوما عبر الحدود العراقية في غضون ساعات. وستقوم مئات الطائرات الحربية الأميركية والبريطانية والأسترالية بدعم القوات البرية.

توجهت بالسؤال: «هل يمكنكم أن تسمعوني سيادة الرئيس؟» جاءت الإجابة: «أجل بوسعنا ذلك يا تومي. نستطيع ان نسمعك بوضوح. هنا يوجد مجلس الأمن القومي».

وبدأت: «سيدي، أود أن أبدأ بمقدمة موجزة عن قادتنا العسكريين ثم أتركهم يعطونكم تقريرا سريعا عن الوضع. سأبدأ بالجنرال بوز موسلي.

أدرت رأسي الى جهة اليسار. كان بوز يرتدي بدلة سلاح الجو الأميركي الصحراوية ويضع رتبته ذات النجمات الثلاث على كتفيه. وبجانبه على طاولتنا البيضاوية نائب المارشال في سلاح الجو الملكي غلين توربي الذي يقود ملاحي الجو البريطانيين في قوات التحالف. وكان قائد المجموعة جيف براون، القائد من سلاح الجو الأسترالي، يجلس الى يميني.

قال بوز: «قيادتنا على أتم استعداد سيدي الرئيس. وقوات التحالف جاهزة. وطائرات سلاح الجو تحلق في أجواء العراق الآن. سيدي الرئيس لدينا افضل الأفراد في العالم من حيث التدريب والتجهيز والدوافع، ونحن على أتم استعداد لتنفيذ هذه المهمة».

كان التوتر يبدو على الجالسين في الطرف الآخر. ومن الجلي أن كولن باول كان متعبا. وربما الى الحد الذي كنت أنا أشعر به. وكان رئيسي المباشر وزير الدفاع دونالد رامسفيلد هادئا ومستغرقا في التفكير. وبجانبه كان يجلس جنرال سلاح الجو ديك مايرز، رئيس هيئة الأركان المشتركة، وقد بدا بملامح كئيبة. وجلس مدير وكالة المخابرات المركزية جورج تينيت عبر الطاولة، مصغيا بانتباه. كانوا يدركون خطورة اللحظة.

كانت بغداد الهدف النهائي لقواتنا. وكانت مهمتها إلحاق الهزيمة بالعدو والاطاحة بواحد من أخطر الأنظمة الدكتاتورية في العالم وأكثرها قمعا، ذلك هو نظام البعث الذي يقوده صدام حسين.

وبعدئذ، وبينما كنت أنظر الى الشاشة، كان بوسعي رؤية الرئيس بوش يتكلم، ولكنني لم أعد أستطيع الآن ان أسمع كلماته. ومن الواضح أنه كان هناك خلل في الاتصال الصوتي عبر الأقمار الصناعية. وكنت آمل أن لا يكون هذا تكهنا أو نذيرا. وتحدث الرئيس ثانية، ولكن الصورة كانت ساكنة. وقد لوح رامسفيلد بيده، مشيرا باصبعه الى أذنه ومتفوها بشيء ما. ثم انحنى بوز وأغلق مفتاحا في لوحة مفاتيحي السوداء.

وكنت قد قطعت الصوت على نحو غير مقصود. وقلت بلهجة نادمة «سيدي الوزير، وجدت هذا الشيء على جهازي. أستطيع ان أتحدث اليك بوضوح وصوت عال الآن».

وكانت غلطتي قد أزالت التوتر. وترددت أصداء الضحكات في غرفة المتابعة بالبيت الأبيض. وقال الرئيس مبتسما «لا تقلق تومي. لم نفقد الثقة. ولحسن الحظ نتعامل مع طيارين يجلسون الى جوارك».

وتغيرت لهجته. وأصبحت كلماته محددة، فقال: ايها «الجنرال»، موجها حديثه الى بوز موسلي «هل لديك كل شيء تحتاجه لتحقيق النصر؟» ـ «بكل تأكيد سيدي».

واستمر الرئيس «سعيد بالاستراتيجية»؟

ـ ورد بوز «تماما».

وكانت استراتيجيتنا لهزيمة صدام وتحرير العراق متضمنة في خطة عمل معقدة وطموحة اعددتها انا وطاقمي طوال عدة شهور مع دون رامسفليد. خطة عمل مميزة في التاريخ العسكري. وخلال عملية عاصفة الصحراء التي اخرجت العراقيين من الكويت، نشر التحالف 560 ألف جندي في 14 فرقة. ولم تبدأ الحرب البرية الا بعد حملة جوية مكثفة لمدة خمسة اسابيع على اهداف العدو، فيما سأتولى أنا وفي عملية حرية العراق، قيادة قوة من نصف تلك القوات التي هزمت الجيش العراقي في عام 1991. (قوتي هذه مكونة من 5 فرق مجهزة بأقل من نصف المدرعات والمدفعية). ولكن لن نتوقف عند نهر الفرات. فقد خططنا للمضي في الطريق بأكمله الى بغداد وما وراء ذلك. وطبقاً لاستراتيجيتنا، فالعمليات الجوية الحاسمة ستبدأ بعدما تبدأ القوات البرية عملياتها.

ويعتبر ذلك مخاطرة محسوبة. ولكن خلال خدمة امتدت 38 سنة كجندي، تعلمت الفرق بين المخاطرة والمقامرة.

وعقب ذلك قدمت الجنرال دافيد مكيرنان قائد القوة البرية في الكويت. «سيادة الرئيس لدينا 170 ألف جندي مشاة ومارينز أميركي وبريطاني وأسترالي على أهبة الاستعداد».

وقال الرئيس «فخورون بالبريطانيين والاستراليين».

واستطرد دافيد «ونحن نتحدث الان، نتحرك الى مواقع هجومية متقدمة على الحدود الكويتية. وإمكانياتنا اللوجستية في مكانها لاستمرار عملياتنا الى اقصى درجة شمالا والى اقصى وقت نحتاجه».

وسأل جورج بوش «جنرال، هل لديك كل شيء تحتاجه لتحقيق الفوز»؟

ـ «نعم سيدي».

ـ «تشعر بالرضى عن الاستراتيجية»؟

ـ «نعم سيدي».

ثم جاء بعد ذلك دور قائد القوة البحرية نائب الادميرال تيم كيتينغ، في البحرين. ووصف قوته المكونة من 149 سفينة ـ 60 من قوات التحالف ـ المنتشرة في شرق البحر المتوسط والبحر الاحمر والخليج العربي، وهو اسطول يتكون من 5 حاملات طائرات «على استعداد للتنفيذ سيادة الرئيس».

وسأل بوش مرة اخرى «هل لديك كل ما تحتاجه»؟

ـ «نعم لدينا سيدي».

وتراجع الرئيس بوش بمقعده الى الخلف وابتسم. «سأتوقف عن السؤال عن الخطة بما انكم انتم الذين اعددتموها».

وسمعت ضحكات عبر مؤتمر الاتصالات. فالرئيس يتمتع بقدرات القائد الطبيعية لاراحة مرؤسيه.

وانتقلت الى قائد قوات المارينز الجنرل ايرل هالستون، وهو في البحرين ايضا، الذي يقود قوة متابعة التطورات، فاكد أن «المعنويات عالية». ثم اضاف ان قواته «على استعداد للرد على أي حادثة» تتعلق بالاسلحة البيولوجية والكيماوية».

وعبر مسرح العمليات كان الشباب والشابات يضعون السترات الواقية قبل ان يضعوا باقي معدات المعارك. وكانت أحدث المعلومات الاستخبارية لدينا تشير الى ان الوحدات العراقية على الجبهة وفرق الحرس الجمهوري مسلحة بغازات الاعصاب وغاز الخردل، ومن المحتمل، باسلحة مجهزة بمادة الجمرة الخبيثة وسموم البلوتونيوم.

ولم يتمكن ايرل هالستون، ولا أنا، من تأكيد مصداقية هذه المعلومات الاستخبارية الى ان دخلنا العراق. الا اننا شاهدنا العراقيين يتدربون على العمل وسط بيئة اسلحة دمار شامل، وتشير الاتصالات التي تم التنصت عليها الى قلقهم من «الكيماويات والسموم». وبما ان العراقيين يعرفون عدم وجود اسلحة دمار شامل لدينا، فاعتقد ان تلك الاستعدادات تعني انهم سيستخدمونها.

لم يساورني شك في ان اسلحة الدمار الشامل ستستخدم ضد قواتنا في الايام المقبلة. فالعدو يملك المدفعية والصواريخ اللازمة لإطلاق هذا النوع من الاسلحة. وتطلب واجبي كقائد للقيادة المركزية للقوات الاميركية ان اكون متأكدا من أن قواتنا التي ستصدر اليها التعليمات بالقتال محمية من أي خطر يشكله العدو.

ليس ثمة شك في انني كنت مسرورا ازاء تكوين فريق عمل «ايرل هيلستون» للرد على أي خطر يتعلق بأسلحة الدمار الشامل تواجهه القوات الاميركية.

تعاملت بصورة جادة للغاية مع مسؤوليتي المتمثلة في توفير اعلى درجة من الحماية لأبنائنا وهم ينفذون المهمة المناط بهم انجازها. وكنت على علم بأنه ومهما كانت درجة استعداد الوحدات العسكرية المختلفة، فإن بعضا من هؤلاء الشباب الشجعان سيقتل، وسيجرح آخرون بالطبع، وهذا جانب من الحرب يغفله في الغالب من ليست لديهم تجربة قتالية.

تعلمت اول دروس الواقع القاسي للحرب خلال عملي مراقب مدفعية في حقول الارز ومستنقعات المانجروف في دلتا ميكونغ بفيتنام قبل 35 عاما. فعندما يشق جنودنا وقوات مشاة البحرية الليلة طريقهم عبر كثبان الرمال على الحدود العراقية صوب حقول الالغام المظلمة، سيكونون على استعداد للتضحية بأرواحهم عقب التعليمات التي ستصدر من قياداتهم العسكرية ببدء العمليات.

وما زلت أشعر، حتى بعد هذه السنوات الطويلة من الخدمة في الجيش ، بالدهشة ازاء هذا الوضع. أي عندما أكون جالسا داخل مركز القيادة المكيف الهواء في قطر أجول بنظري على الخرائط الرقمية على الجدران، لكنني سأكون أيضا على متن دبابات أبرامز او مركبات برادلي القتالية، فدار في ذهني انني سأختنق بفعل الغبار وابخرة الديزل القاتمة واستنشق رائحة عرق الخوف.

واصلت تقديم قادتي العسكريين عبر شبكة الاتصال بالفيديو في مختلف المواقع بالمنطقة.

ومن موقع ميداني صحراوي على مقربة من الحدود السعودية مع العراق ابلغ الجنرال ديل ديلي، قائد وحدات القوات الخاصة (القوة 20)، الرئيس بوش بأن جنوده «على استعداد للذهاب للحرب مجددا».

الى ذلك، كانت القوات الخاصة التي يقودها الجنرال ديلي قد قادت القتال في افغانستان في اكتوبر (تشرين الاول) 2001 بعد اقل من شهر من هجمات 11 سبتمبر (أيلول) 2001 . وفي تلك الحرب هزمت القيادة المركزية وحلفاؤها الافغان نظام حركة طالبان ودمرت خلال 76 يوما الملاذ الذي كان يأوي تنظيم «القاعدة». والآن تتجه القيادة المركزية الى الحرب للمرة الثانية خلال اقل من عامين.

نظرت، في الوقت الذي كان يؤكد فيه القادة العسكريون استعدادهم لخوض الحرب، الى شعار القيادة العسكرية المركزية على جدار غرفة الاتصال ، ولاحظت ان المنطقة التي تقع تحت مسؤوليتنا تشتمل على 25 دولة تنتشر من القارة الافريقية عبر الجزيرة العربية وإيران والعراق وافغانستان وباكستان باتجاه منطقة آسيا الوسطى السوفياتية سابقا ، الى حدود قرغيزستان مع الصين. يعيش في هذه المنطقة المضطربة نصف مليار نسمة غالبيتهم من الشباب الذي يعاني الفقر ويشعر بالغضب تجاه محنته. فالحرب ظلت تعصف على مدى عقود بهذه المنطقة التي تحوز نسبة 65 بالمائة من احتياطي العالم من النفط والغاز الطبيعي.

ما زالت اتذكر نصيحة سلفي الجنرال توني زيني قبل ان اتسلم مسؤولية القيادة في يوليو (تموز) 2000 . قال لي زيني: «توم... مهمتك ستكون مركزة على رعاية السلام والاستقرار والأمن. إلا ان المنطقة تغلي بفعل الاضراب القبلي والعرقي والكره الديني وتعتبر ارضا خصبة للارهاب. اذا شاركت الولايات المتحدة في حرب رئيسية مقبلة، فإنها ستكون في هذه المنطقة من العالم. هذه منطقة خطيرة».

عند نهاية تقارير القادة تحدثت مرة اخرى بروية وتأن مدركا اهمية اللحظة التاريخية.

ابلغت الرئيس بأن القوات على استعداد وأن ساعة الهجوم هي التاسعة مساء بتوقيت العراق والسادسة مساء بتوقيت غرينيتش والواحدة بتوقيت الساحل الشرقي للولايات المتحدة.

التفت الرئيس بوش نحوي وقال: «حسنا... من اجل السلام في العالم ومن اجل امن بلدنا وأمن بقية العالم الحر»، ثم توقف فيما كنا نحن نستمع باهتمام بالغ وواصل حديثه: «ومن اجل حرية الشعب العراقي، أصدر الآن التعليمات اللازمة لوزير الدفاع دونالد رامسفيلد لتنفيذ عملية حرية العراق».

وأضاف الرئيس قائلا: «تومي... بارك الله في القوات الاميركية».

تلاشت مسافة السبعة آلاف ميل التي تفصل بيني والبيت الابيض.

اجبت الرئيس بوش قائلا: «بارك الله في أميركا».

اديت التحية للقائد العام، الذي رد بدوره التحية.

امتلأ الشارع بآليات تزويد الدبابات بالوقود وبدأت تظهر أصوات إقلاع طائرات الاستطلاع.

توقفت وأنا على سلم طائرتي. فالرئيس قد ابلغني تعليماته بشن الحرب. القوات كانت على اتم استعداد، إلا ان السؤال الذي كان في ذهني هو: «هل أنا على استعداد؟».

كنت في ذلك الوقت اشاهد طائرة ضخمة رمادية اللون على المدرج وهي في طريقها الى الإقلاع.... ذلك المنظر جعلني اشعر بثقة عميقة. ولكن للغرابة لم افكر في سنوات أخرى عندما كنت ضابطا قائدا، او في التربية العسكرية التي تلقيتها خلال عملي في السلك العسكري.

اتجهت أفكاري في واقع الامر الى المدن الصغيرة في جنوب غربي الولايات المتحدة حيث نشأت. انها هذه البيئة ... اسرتي واصدقائي ومعتقداتي التي شكلت مجموعة القيم التي اؤمن بها مثلما شكلت شخصيتي قبل سنوات من التحاقي بالخدمة في الجيش، فرددت مع نفسي:

النجاح في الحملة العسكرية المقبلة يعتمد على الشخصية والاحساس بالهدف والغاية والقيم، قيم الشعب الاميركي والرئيس وقيمي الشخصية وقيم قواتنا، اكثر من اعتماده على القوة العسكرية الصرفة.

* الجنرال: التسريبات الصحافية اضطرتني لشتم واشنطن وبعض منسوبي البنتاغون

* رامستاين، ألمانيا: مارس (آذار) 2002.

* أظلمت الشاشة وأضاءت غرفة العمليات، ووقفت على رأس الطاولة. كانت ظهيرة متأخرة من يوم الخميس 21 مارس 2002، وكنا في نهاية يوم عمل مرهق استعرضنا فيه خيارات الموقف العراقي مع قادة القيادة الوسطى بمركز الناتو للعمليات على الجانب المقابل من «الأوتوبان» بالقرب من قاعدة رامستاين الجوية. كانت تلك هي المرة الأولى التي يجلس قادة القوات البرية والجوية والبحرية، الخاضعة لقيادتي، في مكان واحد معي لمناقشة شكل ومدى العملية العسكرية المحتملة لإسقاط نظام صدام حسين. كانت تلك الرؤية تحتوي على سبعة خطوط من العمليات وتسع شرائح تمثل مراكز الجاذبية العراقية. وقمت بتلخيص المناقشة التي دارت بيني وبين الرئيس ومجلس الأمن القومي في مزرعة كروفورد وفي البيت الأبيض. وقلت إنه إذا أعلن الرئيس الحرب فإن العملية لن تكون نسخة أخرى من حرب الخليج. سنقتحم العراق على وجه السرعة وبعنف استثنائي، وليس ببطء وتثاقل، وسنشن حربنا من أكبر عدد من الدول التي تنجح مفاوضات أميركا القائمة على الجزرة والعصا، في إقناعها بلعب ذلك الدور. وقلت:

«أعزائي: هناك لص داخل المنزل».

وكلهم يفهمون هذا التعبير المستخدم لدى القوات الخاصة: فإذا كان هناك لص بالطابق الأرضي يحمل مسدسا، فإنك لا تعود إلى فراشك لتواصل النوم. هذه مهمة عاجلة تتطلب انتباههم كاملا. نحن نريد خطة صلبة راسخة، بتخطيط جماعي يمهد لتنفيذ جماعي.

ثم قلت رافعا يدي:

«هناك نقطة أخيرة. ما ناقشناه اليوم، لن يتخطى المجموعة الجالسة الآن في هذه القاعة. هذا الأمر غير قابل للتسريب. ».

رأيت وقتها أن رسالتي وصلت وأصابت هدفها.

كان شعوري أن الجلسة كانت ناجحة جدا. فقد شعر القادة بعظم المهمة الملقاة على عواتقهم. وأعتقد أنهم استوعبوا تماما ما قلته عن العمل المشترك وعن التسريب.

ولكن في صباح أحد أيام مايو (أيار)، وكنت حينها قد عدت إلى تامبا، أتاني مدير مكتبي للشؤون العامة، الأدميرال كريغ كويغلي، بنسخة من صحيفة «لوس أنجليس تايمز»، بها مقالة لوليات أركين، تفيض بمعلومات مسربة من مؤتمر رامستاين حول تخطيطنا للعراق. وقد وصف المصدر الذي تحدث إلى آركين، وهو من البنتاغون، تخطيطنا بأنه ساذج ومحدود الأفق. وانتقد اركين كذلك عملية التخطيط التي قال عنها إنها «مكرورة»، وانها ظهرت في فبراير (شباط) السابق. مشيرا إلى أنه استقى معلوماته من «مسؤولين كبار بوزارة الدفاع، من المدنيين الذين لا يرتبطون بأي سلاح من الأسلحة». وقد اتهم المصدر المجهول بالبنتاغون القيادة الوسطى بأنها تعاني من افتقار فاضح في الكفاءة والاستراتيجي، وأنها تجاهلت «عوامل النجاح» في عمليات عاصفة الصحراء وحملة كوسوفو الجوية والعمليات التي نفذت في أفغانستان. واحتوت المقالة على معلومات غاية في السرية تخص بعض الشعب، بما فيها خيارات الهجوم المتزامن بريا وجويا من عدة جهات. كان واضحا أن أحد الحاضرين في اجتماع رامستاين، سرب محتوى الاجتماع إلى عضو غير معروف من جماعة البنتاغون، وأن ذلك الشخص تقيأ كل شيء، منتقدا الخيارات العملياتية التي صغناها، لأنها في ما يبدو لم تتوافق مع رؤيته للأمور. وجاء في مقالة الصحيفة حرفيا:

«الخطة العراقية التي تتشكل الآن لم تطرح رسميا للحوار بين قادة كل الأسلحة».

لم أكن لأسمح لغضبي لمثل هذه الممارسات أن يؤثر في عملي بالطبع. ولكنني سأنقل لوزير الدفاع رأيي في هؤلاء الثرثارين بالبنتاغون، والذين يعرضون للخطر حياة أبناء أميركا وبناتها. وعند ظهيرة اليوم التالي قلت لرامسفيلد:

«سيادة الوزير، لو بدوت لك غاضبا، فهذا لأنني غاضب بالفعل». وشرحت له كمية المعلومات الخاصة بالشُعب المختلفة التي ظهرت في مقالة آركين. ثم قلت:

«ما أطالب به هو أن يخضع كل شخص في مكتب وزير الدفاع، وهيئة الأركان المشتركة، ممن يعرفون خطتنا، إلى اختبار البوليغراف، وأن يحاكموا إذا أتضح أنهم سربوا تلك المعلومات البالغة السرية».

أعطاني رامسفيلد فرصة لتهدئة أعصابي، ثم قال:«هذا شيء لا يصدق».وقلت له:

«سيدي الوزير، إن واشنطن هي الإناء الوحيد في هذا الكوكب الذي يسرب من قمته».

وقال وزير الدفاع:

«سأحسم هذا الأمر سيادة الجنرال».

خلال الأيام التالية عقد رامسفيلد اجتماعات «اعترافات مسيحية» مع قادة الأسلحة وموظفي مكتب وزير الدفاع، وعبرت عن خيبة أملي من حادثة التسريب لقادة القيادة الوسطى ولموظفي إدارتي. وهنا تقلصت التسريبات. ومع أن تسريبات طفيفة ظهرت من جديد، إلا أنها لم تسبب قدرا من الضرر يساوي ذلك الذي سببه أحد أراذل الناس وهو يتحدث إلى ذلك الصحافي.


ـ فرانكس: قلت لبوش إنني فهمت من رامسفيلد أنك قررت إعلان الحرب فلم يجب فيما أومأ رامسفيلد بالموافقة
طلبت قبل عامين من الحرب من أمير قطر أن يخبرني بما يمكنني أن أفعله من أجله فقال مبتسما: أرسل لي عشرة آلاف جندي أميركي فقلت له لاحقا: ربما أكون قد تأخرت ولكنك ستحصل على جنودك الأميركيين

 

 


 

المنتصر

يقول احد القادة القدماء وهويخاطب جنوده . ( اذا لم تكونوا مستعدين للقتال من أجل ما تروه عزيزاً عليكم , فسوف يأخذه أحد ما عاجلا أو اَجلا , واذا كنتم تفضلوا السلام على الحرية فسوف تخسرونهما معاً , واذا كنتم تفضلوا الراحة والرخاء والسلام على العدل والحرية فسوف تخسروهما جميعا ) .

   

رد مع اقتباس