عرض مشاركة واحدة

قديم 15-09-09, 01:14 PM

  رقم المشاركة : 15
معلومات العضو
البارزانى
Guest

إحصائية العضو



رسالتي للجميع

افتراضي



 

الإعداد للحرب التقليدية

تمهيد:

يعتبر الإعداد للحرب التقليدية أمرا معقدا بالمقارنة للإعداد لحرب العصابات مثلا، صحيح أن الإعداد لحرب العصابات يعتبر أمرا شاقا وخطرا إلا أن هناك فرقا كبيرا بين التعقيد والخطورة.
ويرجع التعقيد الذي يصاحب الإعداد للحرب التقليدية إلى تعدد الجوانب التي لابد من تهيئة إيقاعها لينضبط مع إيقاع الحرب التي نخطط لها. فهناك الجبهة الداخلية، والجبهة السياسية، والجبهة الإعلامية، والجبهة الاقتصادية، ولابد من إعداد كل هذه الجبهات باعتبار أنها في مجموعها تشكل الجبهة العامة للحرب التقليدية.
وسنتناول فيما يلي إعداد كل جبهة من هذه الجبهات في مبحث مستقل.

إعداد الجبهة الداخلية

والجبهة الداخلية هي ذلك الشق المدني من الدولة وينتظم في هذا الشق كافة الأفراد المدنيين الذين يعملون في الأعمال غير العسكرية. وقديما لم يكن لإعداد هؤلاء الأفراد أهمية تذكر، إذ لم يكن لهم في الحرب ناقة ولا جمل رغم أن الملوك في ذلك الوقت كانوا يمثلون السلطتين المدنية والعسكرية معا.

وقد تطور الأمر إلى النقيض من ذلك بعد انفصال السلطتين المدنية والعسكرية، خصوصا وأن السيطرة في أغلب الأحوال كانت للأولى ( المدنية ) لا للثانية (العسكرية ).
فحينما كان الملك يتولى وحده السلطتين معا، وكانت الحرب لا تقوم - في حقيقة أمرها- إلا من أجل المليك المفدى، لم يكن مهما إلا إعداد النبلاء المقربين وأتباعهم المحاربين الذين كان حشدهم يتم على أسس شخصية. وعوامل محلية قلما تجاوزتها أهداف الحرب نفسها.

وأما حين انفصلت السلطتان، وبدأت الأماني الشعبية تفرض نفسها على أهداف الحرب، فلم يعد من الممكن خوض الحروب إلا بعد إعداد الشعب لها إعدادا يؤهله لأن يكون أمينا على ظهر الطلائع العسكرية المحاربة في الميدان لتكون هذه الطلائع بدورها أمينة على أمانيه الشعبية المستهدفة من الحرب. ولهذا صار من الواجب إعداد الجبهة الداخلية وهو الأمر الذي يتحقق بثلاثة أمور هي:
1 - بلورة الأماني الشعبية.
2 - إعداد الغرف اللازمة لإدارة العمليات المدنية.
3 - تكوين فصائل المقاومة الشعبية والدفاع المدني.
ونشير فيما يلي إلى معنى كل أمر من هذه الأمور.

أولا : بلورة الأماني الشعبية
ويقصد بذلك، تحديد هذه الأماني، وتبويبها تبويبا زمنيا يتناسب والإمكانيات القائمة والمنتظرة ثم ضبط انفراج هذه الأماني ليتوازى انفراجها مع الإمكانيات المتاحة بالفعل وذلك تجنبا لإضاعة الممكن في طلب المستحيل.

فالملاحظ دوما أن الأماني الشعبية تتجاوز في حدودها العليا القدرات الواقعية للخطة التي تستلهم فيها الأماني الشعبية، ولا غرو فالأماني الشعبية تتغذى من العوامل العاطفية أكثر مما تتغذى من العوامل الواقعية، ولا ضير، فهذا أساس الأمل واستمراره لدى الشعوب. إلا أن الضير كل الضير أن نخلط بين الواقع والمأمول إذ يؤدي بنا ذلك لا إلى أن نفقد واقعنا فقط بل وإلى أن نفقد آمالنا كذلك. ولهذا يعمد القادة الملهمون إلى المكافأة بين الأماني الشعبية والقدرات الواقعية لدولتهم تجنبا للخلط بين الواقع والمأمول، أو الحقيقة وأشباه الخيال.

ثانيا: إعداد غرف العمليات المدنية
وتنقسم هذه الغرف نوعيا إلى قسمين: غرفة رئيسية ترتبط ارتباطا مباشرا بكل من قيادة القوات المسلحة والقيادة السياسية العليا. ومجموعة أخرى من الغرف بكل وزارة ومرفق، ومحافظة ومدينة، وتخضع هذه الغرف جميعا للغرفة الرئيسية الأولى بالأسلوب التدريجي المعروف.

وبالطبع يوجد لكل غرفة من هذه الغرف غرفة أخرى تبادلية تستخدم عند اللزوم.
وتقوم هذه الغرف كل في مكانها بالسيطرة على فصائل المقاومة الشعبية، وتوجيه الدفاع المدني ليستطيع حماية المنشآت الحيوية، مثل منشآت الري والصرف والمياه والمجاري والكهرباء والسكك الحديدية، فضلا عن المعاونة على استمرار هذه المنشآت فيما لو تعطلت بفعل فاعل.

ثالثا: تكوين فصائل المقاومة الشعبية والدفاع المدني
وتتكون فصائل المقاومة الشعبية ممن فاتهم أو لم يصبهم الدور الالتحاق بالقوات النظامية، حيث يلحق هؤلاء الأفراد بتنظيمات شبه عسكرية تتولى تدريبهم على أعمال المقاومة الشعبية مثل: مقاومة الهابطين بالمظلات، والكشف عن الجواسيس والعملاء، وتقدم المعاونة للقوات النظامية .

وأما فصائل الدفاع المدني فتتكون من كل القادرين على أعمال الدفاع المدني المتعلقة بإنشاء المخابئ، وإطفاء الحرائق، وإسعاف الجرحى، وقيادة المواطنين عند الغارات، بل وحتى حياكة الملابس العسكرية المطلوبة للمحاربين.

 

 


   

رد مع اقتباس